q
بقلم جاك دتش

 

سيواجه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، خلال زيارته المرتقبة إلى المنطقة، استفحال التشنّجات بين السعودية والأردن على خلفية ما يُحكى عن قيام عمان بعزل فردَين من العائلة المالكة الأردنية مقرّبَين من الرياض.

يتوجّه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل في مسعى للحد من التشنّجات الإقليمية على خلفيّة القرار الذي اتخذته إدارة دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. غير أن بنس سيواجه أيضاً تصاعُد الاضطرابات بين السعودية والأردن، الحليفتَين المخضرمتين للولايات المتحدة.

الشهر الماضي، اضطُرّ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى الرد على الشائعات التي تحدّثت عن إقدامه على اعتقال اثنَين من أشقّائه بسبب اتصالاتهما المزعومة مع الرياض. طرأت هذه الأزمة وسط اشتداد القلق الأردني على خلفية السياسات التي ينتهجها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومنها دعمه، بحسب التقارير، لإبطال الوصاية الأردنية على المقامات الإسلامية في القدس في إطار اتفاق سلام محتمل يجري التوصل إليه بين إسرائيل والفلسطينيين بدعمٍ من الولايات المتحدة.

لقد شدّد عبدالله على أن خروج الأمير فيصل بن الحسين والأمير علي بن الحسين من القوات المسلحة الأردنية يندرج في إطار خطة تقاعدية مقرّرة منذ وقت طويل – في مسعى لضخ دم أكثر شباباً في القوّات المسلحة، وليس الهدف منه إحباط مؤامرة سعودية ما. بيد أن زيارة بنس أثارت تساؤلات حول موقف الولايات المتحدة من الخصومة بين البلدَين.

قال بروس ريدل، مدير برنامج الاستخبارات في مؤسسة بروكينغز وفي رصيده ثلاثون عاماً من العمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه): "يلفتني أن بنس سوف يُعرِّج على الأردن، في خطوة أعتقد أنها بمثابة إقرار بالشعور الذي يراود الأردنيين مؤخراً بأنهم غير محبوبين بعض الشيء، والهدف من الزيارة هو توجيه رسالة مفادها أن الأردن صديق للولايات المتحدة، ولا يجب التعامل معه بقسوة". أضاف: "لا شك في أن إدارة [ترامب] تُدرك أن السعوديين تعاملوا بتهوّر مع لبنان وقطر والأردن. يعتبر الأعضاء الأكثر عقلانية في الإدارة أنه ليس من مصلحتنا الوطنية أن يقوم حلفاؤنا بنهش بعضهم بعضاً".

ربما كان العداء الشخصي يساهم أيضاً في تأجيج التشنّجات بين السعودية والأردن، وذلك بدفعٍ من اعتزاز الملك عبدالله بخدمته العسكرية، وفق ما قال ريدل، الذي هو أيضاً كاتب عمود في موقع "المونيتور". كان الملك قائداً للقوات الخاصة الأردنية، وقد تخرّج من أكاديمية ساندهيرست للتدريب العسكري النخبوي في بريطانيا.

قال ريدل لموقع "المونيتور": "لطالما شعر بأنه جنديٌّ حقيقي، وقد تدرّبَ مع القوات الخاصة الأردنية"، مضيفاً: "يمكنني أن أتخيّل نظرته إلى الأمير السعودي المدلَّل الذي أصبح وزيراً للدفاع ويدّعي أنه كان جنرالاً بسن 29 عاماً. لا بد من أنه يجد الأمر غريباً".

إذا كان الأردن يشعر بأنه غير محبوب، فالالتزامات الأميركية في مجال التسليح في المنطقة لا توحي بذلك، نظراً إلى أن المساعدات للأردن في تصاعد مستمر في عهد ترامب. بلغت المساعدات الأمنية الأميركية للأردن خلال السنة المالية 2016 الذروة مع 921 مليون دولار، بعدما أمّن "صندوق التدريب والتجهيز العالمي" التمويل لتزويد الأردن بمروحيات "يو إيتش-60" وسواها من المعدّات، وفقاً للبيانات التي حصل عليها موقع "سيكيوريتي أسيستانس مونيتور". وقد طلبت وزارة الخارجية الأميركية تخصيص 350 مليون دولار للمساعدات العسكرية الخارجية إلى الأردن في السنة المالية 2018، في حين أن الكونغرس يطلب مبلغاً أكبر.

غير أن قرار ترامب في موضوع القدس قد يهدّد دور السعودية التي هي منذ وقت طويل بمثابة الضامِنة المالية للأردن الذي يفتقر إلى الموارد، والذي يعتمد على القروض الدولية للبقاء واقفاً على قدمَيه. في حين نأى السعوديون بأنفسهم بعض الشيء عن الجهود التي تقودها تركيا لتنظيم العالم الإسلامي في مواجهة قرار ترامب، كان العاهل الأردني واحداً من العديد من رؤساء الدول المسلمين الذين شاركوا في قمة لمنظمة التعاون الإسلامي في كانون الأول/ديسمبر، والتي تضمّن البيان الصادر عنها اعترافاً بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

يقول ثيودور كاراسيك، وهو من كبار المستشارين لدى شركة "غولف ستايت أناليتيكس" الاستشارية التي تركّز على شؤون الخليج: "تكشف هذه الأحداث والتطوّرات أن حلفاء الولايات المتحدة يواجهون أجواء أشدّ تعقيداً. فالعلاقة التي كانت تُعتبَر في السابق شديدة الإحكام، تتعرّض ربما لانتكاسة بسبب السياسة الإقليمية".

يعتقد كاراسيك أن الأردن قد يعمد إلى تقليص حجم مشاركته في العمليات العسكرية المشتركة في المنطقة، مثل جهوده الآيلة إلى دعم الحملة الجوّية التي تقودها السعودية ضد المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

فقد قال كاراسيك لموقع "المونيتور": "بات الأردن مدرِكاً لما يواجهه في الجوار. غالب الظن أنهم سينسحبون من العمليات السعودية في اليمن لتوجيه رسالة بأننا إخوة، إنما هناك حدود".

لكن البنتاغون لا يزال يرى في الأردن شريكاً أساسياً في المعركة ضد الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا، لا سيما مع طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من معاقله الآمنة في العراق وسوريا. في مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي، حضر وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس مؤتمر العقبة في الأردن، حيث ناقش القادة العرب والأفارقة استراتيجيات للقضاء على التطرّف العنفي.

للولايات المتحدة وجودٌ عسكري مهم أيضاً في البلاد، مع تمركز أكثر من 2300 جندي أميركي في الأردن. تكشف صورٌ جديدة بالأقمار الصناعية نُشِرت العام الماضي، عن وجود قاعدة عند الحدود الأردنية مع سوريا من شأنها تأمين الدعم لطائرات الـ"درون" والمروحيات والعمليات الخاصة.

يقول الخبراء إنه على ضوء الاضطرابات الناجمة عن القرار بشأن القدس، سوف يسعى بنس إلى استخدام زيارته من أجل تعزيز الروابط العسكرية الأميركية في المنطقة.

وفي هذا السياق، يقول ريدل: "لقد سدّد ترامب ضربة لاستقرار المملكة الأردنية من خلال مسألة القدس. وقيام بنس الآن بإضافة الأردن إلى جدول أعماله هو اعترافٌ بأن هناك مشكلة، وبأن الولايات المتحدة تريد إظهار الدعم للملك".

http://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق