q

بوخارست (أ ف ب) - في صفوفهم او خلف كاميرات هواتفهم الذكية، يجهد شبان رومانيون في محاربة الجهل او الحنين اللذين يحيطان بالنظام الشيوعي بعد 25 عاما على سقوط الديكتاتور السابق نيكولاي تشاوتشيسكو.

وقد عرفت رومانيا، ثاني افقر بلدان الاتحاد الاوروبي بعد بلغاريا، أحد اكثر الانظمة الشيوعية قمعية في اوروبا الشرقية مع ما تخلل ذلك من فترات اعتقال وتعذيب لسجناء سياسيين اضافة الى شح في المواد الغذائية وسلطة للرعب على مدى ما يقارب الربع قرن من حكم نيكولاي تشاوتشيسكو الذي اعدم في يوم عيد الميلاد سنة 1989 اثر انتفاضة شعبية اوقعت حوالى الف قتيل.

وقال تيدي نيكولا مخرج عمل وثائقي حديث يعرض شهادات مرتبطة بالشيوعية لشبان مولودين بعد سنة 1989، في تصريحات لوكالة فرانس برس ان "معرفة المكان الذي نتحدر منه جزء من تعليمنا الاساسي (...) وقد لاحظت ان الشبان راغبون بقوة في اجراء بحوث اذا ما اعطيناهم اداة في متناولهم".

وقد توجه لتلامذة في سبع مدن في رومانيا اصبحوا معدي هذا الوثائقي، قائلا "بما انكم لا تفترقون بتاتا عن هاتفكم المحمول، استخدموه على الاقل للقيام بأمر مهم".

وقد فاق رد فعلهم توقعاته. "ففي باكاو (شرق)، على مدى اسبوعين او ثلاثة، قام المراهقون بتصوير كل ما يمكن ان يرتبط بالشيوعية" بحسب نيكولا.

وظهرت في الوثائقي مشاهد لابنية متداعية ولافتات عائدة الى السبعينات وكهول يروون ذكرياتهم في حقبة الشيوعية على وقع خطاب لتشاوتشيسكو او اغان وطنية.

وبحسب تيدي نيكولا فإن الاحاديث مع عائلته هي التي كشفت الكثير من المستور عن المرحلة الشيوعية.

وأكد هذا المخرج المولود سنة 1989 عندما كانت سياسة الديكتاتور السابق لا تزال توقع ضحايا في رومانيا، بنبرة تمتزج فيها الجدية بالسخرية انه "مدين بحياته لتشاوتشيسكو".

وقال "الساعات الـ48 الاولى بعد ولادتي، كنت ميتا اكثر منه حيا" جراء مشكلة خلال عملية التوليد. وقد بذل الاطباء الذين رفضوا اجراء عملية قيصرية، وهي من العمليات المحظورة في تلك الفترة، قصارى جهدهم لانقاذه. وقد نجا لكنه اصيب بخزل رباعي.

وكان تشاوتشيسكو قال في احد خطاباته ان الشباب لهم الفضل في "ما انجز على صعيد النمو الاشتراكي لامتنا". لكن لسخرية القدر فإن الشباب هم الذين اسقطوا نظامه.

كما ان الشباب هم الذين ايدوا قرار وزارة التربية سنة 2008 ادخال حصة اختيارية لتدريس تاريخ الشيوعية في المدارس بالاستناد الى كتاب مدرسي اعده مركز البحوث بشأن هذه الحقبة.

وأشارت رامونا توما الخبيرة في هذا المركز الى ان "اساتذة التاريخ من فئة الشباب كانوا الاكثر حماسة عندما نظمنا دورات التدريب".

وهذه الحصة تعطى حاليا في حوالى 200 مدرسة في مختلف انحاء رومانيا كما انها من المواد المفضلة بالنسبة للتلامذة البالغة اعمارهم بين 17 و18 عاما.

وفي مدرسة يون لوكا كاراجيالي في بوخارست، يناقش ادريان دراغوسانو مع تلامذته مسألة الحنين الى النظام الشيوعي. وبحسب استطلاع للرأي اجري نهاية 2013 من جانب معهد الدراسات بشأن الحقبة الشيوعية في رومانيا، فإن نصف الرومانيين يعتقدون ان الشيوعية كانت "امرا جيدا" بالنسبة لبلادهم. وكانت الاراء المؤيدة لهذا النظام اكثر شيوعا في اوساط الاشخاص المسنين.

وأوضح دراغوسانو انه "اذا كا كان الشبان يتعلمون في المدرسة المعلومات الصحيحة بشأن العقيدة الشيوعية (...) فإنهم سيكتسبون مناعة ضد اي شكل من اشكال الدعاية السياسية التي قد تبعدهم عن مسار الديموقراطية".

وخلال زيارة الى مدينة تيميسوارا (شرق) التي تكتسب رمزية كبيرة في الانتفاضة الشعبية ضد تشاوتشيسكو، دعا الرئيس الروماني المنتخب كلاوس يوهانيس الاسبوع الماضي الى انشاء متحف للشيوعية بهدف "تثقيف ذاكرة الامة وحمايتها".

اضف تعليق