q

وأخيراً قررت حماس، الحركة المناهضة لإسرائيل منذ عقود، أن تنظر إلى أزمات العالم على أنها تمضي نحو مزيد من التعقيد، وأن عملية اختلاق الحلول تفرض تقديم جملة من التنازلات من قبل الجميع.. المصالح باتت متشابكة في العالم وأي تحرك باتجاه حل قضية ما يستدعي أن يجلس الجميع معاً ليفكروا في آليات التوافق والتسوية.

أجواء الحوار لحسم الصراعات الدموية في سوريا واليمن وغيرها من دول المنطقة، والاهتمام الكبير الذي تظهره الدول الكبرى المتبنية للتسويات والتوافقات، قد يكون سبباً رئيسياً في دخول حماس التي كانت حتى لوقت قريب تعتبر نفسها جزءاً من جماعة الإخوان المسلمين، وكانت تصر على محو إسرائيل من الوجود، كل ذلك يقودها إلى دخول لعبة المفاوضات والتوافقات الدولية.

رؤية حماس الحادثة، تتلخص في وثيقة سياسية جديدة صدرتها يوم الاثنين الماضي ألغت من خلالها الدعوة لتدمير إسرائيل وأعلنت أيضا فك ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، وهي خطوة تهدف من ورائها إلى تحسين علاقاتها مع دول المنطقة ومنها دول الخليج ومصر التي تصنف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية.

وتتناغم الوثيقة مع وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أطلقها خلال استقباله الرئيس الرابع لمنظمة التحريرالفلسطينية محمود عباس بأنه " قد يسافر إلى إسرائيل" في إشارة إلى إيجاد السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

دعوة للنقاش

ووصف مراقبون ومحللون الوثيقة بشكلها الحالي بـ "الجرعة" لدول الإقليم والعالم، وأنها مقدمة لتعديلات مستقبلية جديدة.

من جهته أكّد نائب رئيس حركة حماس اسماعيل هنية أنّ حركته ستجري اتصالات مع المجتمع الدولي ودول عربية لشرح الوثيقة الجديدة.

وبحسب وكالة فرانس برس، فإن هنية رد على سؤالها حول الاتصالات مع مصر والدول العربية والغربية لتسويق الوثيقة، بالقول: "بالتأكيد حماس ستجري اتصالات ولقاءات، سنكون منفتحين أمام أية إيضاحات أو استفسارات ومناقشات حول الوثيقة، بما يعزز سياسة واستراتيجية الانفتاح على الجميع".

وأوضح أنّ الوثيقة "جاءت لتعكس التطور الكبير لحماس، وأنّ حماس متمسكة بالاستراتيجيات والثوابت"، مشيراً أنّ الوثيقة " لم تأتِ بناء على طلب من أي جهة".

أهم ما جاء في الوثيقة

وتوافق حماس من خلال هذه الوثيقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1976 من دون أن تعترف بحق إسرائيل في الوجود.

لكنها ترفض في الوقت نفسه المساس بسلاحها و"بحقها" في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، على حد تعبيرها.

كما أكدت الوثيقة أن "القدس هي عاصمة فلسطين ولا تنازل عنها ولا تفريط بأي جزء منها".

وأشارت إلى أن "حق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أُخرجوا منها، أو منعوا من العودة إليها، سواء في المناطق التي احتلت عام 1948 أم عام 1967(أي كل فلسطين)، هو حقٌّ (...) غير قابل للتصرّف من أيّ جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية".

وجاء في الوثيقة أيضا أنه "لا اعترافَ بشرعية الكيان الصهيوني (...) ولا تنازل عن أي جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال.

وفيها أيضا، "لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال، وترفض حماس أي بديلٍ عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها".

رفض اسرائيلي..

لكن إسرائيل رفضت الوثيقة ووصفتها بأنها "محاولة من حماس لخداع العالم بأنها تتحول إلى جماعة أكثر اعتدالا".

وقال دافيد كيز المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "حماس تحاول خداع العالم لكنها لن تنجح".

واضاف متهماً حماس بالقول: "يبنون أنفاقا للإرهاب وأطلقوا آلاف الصواريخ على مدنيين إسرائيليين. هذه هي حماس الحقيقية".

هل تنازلت حماس؟

من جهتها قالت صحيفة تايمز إن حماس ألغت اللغة المعادية للسامية التي كانت سائدة بوثيقة 1988 التأسيسية للحركة (الميثاق) والتي كانت تتحدث عن حرب ضد اليهود.

وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين يشكون في أن الوثيقة الجديدة سينتج عنها أي تغيير كبير داخل حماس، والتي وصفتها الصحيفة بأنها "منقسمة بين الجناح العسكري المحارب والمكتب السياسي المعتدل نسبيا".

اما صحيفة غارديان فوصفت موافقة حماس على قيام دولة فلسطينية بأنها أكبر تنازل منها "لأنها تتضمن القبول بوجود دولة أخرى خارج الحدود الواردة في الوثيقة، حتى إذا لم تذكر إسرائيل صراحة".

وأضافت أن خلو الوثيقة الجديدة من إعلان حماس أنها جزء من جماعة الإخوان المسلمين سيحسن العلاقات مع مصر.

لكن محللون يعتقدون أن الوثيقة الجديدة لن تمس بالخطوط الحمراء مثل: الاعتراف بإسرائيل والقبول بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير، ونبذ العمل المسلح، والاعتراف بحدود 67، ولكن ربما يكون هناك إشارات سياسية جديدة كالقبول بحكومة ودولة شرط عدم الاعتراف بإسرائيل أو التنازل عن جزء من فلسطين.

حماس والغرب..

وتأسست حركة حماس في 1987 منبثقة من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر. وخاضت الحركة ثلاث حروب مع إسرائيل منذ 2007 ونفذت مئات الهجمات المسلحة في إسرائيل وفي أراض تحتلها إسرائيل.

ويصنف الكثير من الدول الغربية حماس منظمة إرهابية بسبب عدم نبذها العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وقبول اتفاقات السلام المؤقتة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

كما تصنف الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي حماس على أنها تنظيم إرهابي، وتعتبرها مصر تهديدا لأمنها الإقليمي. ولم يحصل تصدي حماس لمسلحي تنظيم داعش الإرهابي على أي تعاطف في الخارج.

وتتهم إسرائيل حماس بتعاونها في مجال تهريب السلاح والهجمات الإرهابية لتنظيم داعش الإرهابي في مصر.

اضف تعليق