q

تعلم واشنطن جيداً أن روسيا لن تتراجع عن دعم حليفتها سوريا، وأن وزير خارجيتها وهو يمضي في طريقه للقاء نظرائه الروس يعلم أيضاً أن الثقة التي تدنت بين البلدين لن تعيدها مثل هذه الزيارات أو أي إجراءات شكلية من هذا النوع.

زيارة تليرسون الذي وصل الأربعاء إلى ورسيا لم تسهم أبداً في تغيير الموقف الروسي الداعم بقوة لنظام بشار الأسد، وربما اقتصرت ظاهراً على اتفاقات تتعلق بتجنب الطيران العسكري الروسي في سماء سوريا أي صدام مع أمريكا.

فيتو ثامن

في اجتماع مجلس الأمن دافع مندوب روسيا عبر كلمة نارية عن الحكومة السورية وبرأ ساحتها من تهمة استخدام الأسلحة الكيماوية في خان شيخون، وختمها بـ "فيتو" ضد قرار (أمريكي - بريطاني - فرنسي) يستدعي إجراء تحقيق دقيق وشامل –على حد تعبيرهم- في الهجوم الذي ثأرت له واشنطن بـ 59 صاروخاً سقط على قاعدة جوية عسكرية في سوريا من دون أن تلجأ لأي تحقيق!.

واستخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" لمنع صدور سبعة قرارات سابقة لمجلس الأمن بشأن سوريا منذ بدء الصراع السوري عام 2011 وحتى 28 فبراير/شباط 2017.

وحق النقض، أو ما يعرف بـ "الفيتو"، حق تمتلكه خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي "روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة" ويسمح لها برفض أي قرار يقدم للمجلس دون إبداء الأسباب.

صراع أمريكي روسي

وتحمل الدول الغربية الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية الهجوم الكيماوي الذي ردت عليه الإدارة الأمريكية بإطلاق صواريخ كروز على قاعدة جوية سورية، ووضع ذلك إدارة ترامب في صراع مباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ساند الأسد حليف موسكو بقوة. وينفي الأسد مسؤولية حكومته عن الهجوم الكيماوي.

وقالت الولايات المتحدة إن الضربة التي وجهتها للقاعدة الجوية السورية قرب حمص يوم الجمعة كانت استثنائية ولا تمثل تحولا في الاستراتيجية.

لكن البيت الأبيض قال أيضا إن ترامب يمكن أن يأمر بضربات أخرى إذا عاودت سوريا استخدام الأسلحة الكيماوية.

وأدانت روسيا الضربة الصاروخية الأمريكية بوصفها غير قانونية وقال بوتين إنها ستضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة.

وقالت موسكو أيضا إنها ستبقي أي قنوات اتصال عسكرية مع واشنطن مفتوحة لكنها لن تقدم أي معلومات عن طريقها.

تليرسون في أول زيارة لروسيا

وقبل ساعة من سفره إلى موسكو بعد اجتماع مجموعة السبع في إيطاليا، قال وزير الخارجية الأمريكي "إن روسيا ينبغي أن تتخلى عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد"، لكنه بدى حال وصوله في أول زيارة له إلى روسيا متصالحاً، غير أنه وفي الوقت ذاته وضع الروس أمام خيارين: إما أن تتخلوا عن حليفكم الأسد وتعودوا إلى حضن العالم، أو إنكم لن تجنوا من هذا الدعم إلا العزلة عن العالم.

وتقول رويترز: "وفور جلوس تيلرسون إلى مائدة المحادثات انتقد مسؤول روسي بارز أسلوب الخطاب الأمريكي (الفج والفظ)، في إطار تراشق بالكلمات يبدو أن توقيته اختير لتعميق الحرج أثناء أول زيارة يقوم بها عضو من إدارة ترامب".

ونقلت وكالة الإعلام الروسية الرسمية عن نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف قوله للصحفيين: "بشكل عام فإن الفجاجة والفظاظة من السمات الأساسية لأسلوب الخطاب الصادر حاليا من واشنطن. نأمل ألا يصبح هذا المكون الجوهري للسياسة الأمريكية."

روسيا ترى إن مستوى الثقة بينها وبين الولايات المتحدة تراجع بشكل كبير منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، وربما انعكس ذلك على الاستقبال البارد لوزير الخارجية الأمريكي.

الثقة تدهورت

بعد لحظات من لقاء تيلرسون بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وقال الرئيس الروسي بوتين في حديث تلفزيوني: "يمكن القول إن درجة الثقة على مستوى العمل وخصوصا على المستوى العسكري لم تتحسن بل إنها تدهورت"، مؤكداً في الوقت ذاته تأييده للرئيس السوري بشار الأسد وكرر نفيه أن تكون حكومة الأسد وراء هجوم بالغاز الأسبوع الماضي.

لكن لافروف يرى أنه رغم كم المشاكل الحالية هناك إمكانات كبيرة للعمل المشترك وأن بلاده منفتحة على ذلك ومنفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، وليس فقط الحوار بل العمل المشترك الهادف إلى تحقيق نتائج في المجالات التي تخدم مصالح البلدين، حسبما تناقلته وسائل الإعلام الروسية.

تطبيع العلاقات الأمريكية الروسية

ووفقاً لفرانس برس، فإن "الهدف أساسا من هذه الزيارة الأولى لمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية الجديدة إلى روسيا، أن ترسي الأسس لـ (تطبيع) العلاقات بين البلدين، وفق ما تعهد به الرئيس دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية".

لكن الهجوم الكيميائي على خان شيخون أعاد خلط أوراق النزاع في سوريا، ولا سيما بعدما حمل ترامب على إصدار أمر بتنفيذ ضربة صاروخية ضد القوات السورية التي تتهمها واشنطن بتنفيذ الهجوم، ما شكل تحولا في موقف الرئيس الأمريكي من النزاع في سوريا.

لغز وانزعاج

في المقابل، تعتقد روسيا أن مطالبات الغرب لها بالكف عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد تصل إلى حد إطلاق يد الإرهابيين، وأن الموقف الأمريكي تجاه سوريا ما زال لغزا بالنسبة لموسكو.

وقال المتحدث باسم بوتين "إن العودة إلى المحاولات الزائفة لحل الأزمة بتكرار أن الأسد ينبغي عليه التنحي لا تساعد في حل الأمور".

وتبدي واشنطن أنزعاجاً كبيراً من تحالف روسيا مع نظام الأسد وإيران وحزب الله اللبناني، وتساءلت على لسان وزير خارجيتها: "هل هذا تحالف طويل الأمد يخدم مصالح روسيا؟".

وقال تليرسون: "نأمل أن تخلص الحكومة الروسية إلى أنها ربطت نفسها بتحالف مع شريك غير جدير بالثقة متمثلا في بشار الأسد".

وأضاف "من الواضح لنا أن حكم عائلة الأسد يقترب من النهاية".

ويحظى الأسد بمساندة قوية من حلفائه، وقال مركز قيادة مشترك يضم قوات من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني يوم الأحد إنه سيرد على أي اعتداء جديد وإنه سيزيد دعمه للأسد.

اضف تعليق