بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى
قيام يوم الدين..
يشير القرآن الكريم إلى أواخر حياة نبي
الإسلام (ص)، المليئة بالمشاكل والمصاعب، حيث يقول: (ورأيت الناس
يدخلون في دين الله أفواجاً) النصر/ آية 2، مكث نبي الإسلام (ص)
في مكة المكرمة، مدة ثلاث عشرة سنة تقريباً بعد البعثة المباركة،
ثم هاجر بعدها إلى المدينة المنورة، إلى أن استشهد (ص) مسموماً
في مثل هذا اليوم.
في السنين الثلاث عشرة، التي لبث خلالها
النبي الأكرم (ص) في مكة، إثر بعثته الشريفة، أحصى المؤرخون
تعداد الذين دخلوا في الإسلام، بنحو مئتي شخص.
وفي المدينة المنورة طبق النبي الأكرم (ص)
الإسلام الحقيقي عملياً، وكانت النتيجة أن قال تعالى في القرآن
الكريم: (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً). خلال هذه
المدة القصيرة التي أمضاها رسول الله (ص) في المدينة، دخل عشرات
الألوف، بل مئات الألوف من الناس في الإسلام، والبعض قالوا بأكثر
من ذلك.. وأكثر ما حصل ذلك خلال السنتين أو الثلاث الأخيرة من
العمر المبارك للنبي (ص).
فكيف تحقق مثل هذا الأمر؟
إن النبي الأكرم (ص) هو أكبر وأفضل شخصية،
حتى إنه نُقل عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أنه
قال: (أنا عبدٌ من عبيد محمّد) (الكافي: ج1، ص89).
إن السنّة أو النظام والأحكام والقوانين
التي قررها نبي الإسلام (ص) للمسلمين، مثلها مثل نفس هذا النبي
(ص) فهي أفضل وأكمل القوانين والأحكام، وهي – أصلاً – يجب أن
تكون كذلك؛ يجب أن يكون هناك تناسب من حيث الأصل والسنخية، وهذا
أمرٌ حاصل.
طيلة تواجد نبي الإسلام (ص) في مكة، بعد
البعثة الشريفة، لم تخرج برامجه وتعاليمه وسياساته إلى العلن؛
فأقواله لم تطبق عملياً، أرضية التطبيق لم تكن مهيأة بعد، لم
تتوفر بيده أية خيارات؛ حتى يُعلم كيف سيتعامل هذا النبي (ص) مع
الناس:
- كيف سيتعامل مع أنصاره؟
- كيف سيتعامل مع أعدائه؟
- كيف سيتصرف بالأموال؟
- كيف سيتصرف في الحرب؟
- ماذا سيفعل بعد الحرب؟
- ما هو النظام أو البرنامج الذي سيعلنه
للناس؟
- ما هو البرنامج الملتزم به هو نفسه (ص)
عملياً؟
ولقد اتضح جميع ذلك في المدينة، وهو نفس
الأسلوب الذي طبقه الإمام أمير المؤمنين (ع)، على مدى خمس وعشرين
سنة مضت على شهادة رسول الله (ص).
اقرأوا سيرة حياة نبي الإسلام (ص)، لتلحظوا المئات
والمئات من النماذج، التي لو جمعها الإنسان وضمّها إلى
بعضها البعض، فإن أي شخص غير مسلم، ما لم يكن معانداً،
وحتى لو كان متعصباً، فسيتأثر، ويعتنق الإسلام. |
|
فإذا ما طبق، اليوم أو في أي يوم آخر،
منهج وأحكام النبي الأكرم (ص) والإمام أمير المؤمنين (ع)، في
بيوتنا، ومحال عملنا، في شركاتنا وبلداننا، لتحقق ما تحقق في
العالم قبل ألفٍ وأربعمائة عام، حيث لم يتجاوز
عدد السكــان
فـي أقطار المعمورة آنذاك البضعة
ملايين |
نسمة، لتحقق قول الله عز وجل: (ورأيت
الناس يدخلونفي دين الله أفواجاً)، وسترون أن ملايين الكفّار
سيدخلون معاً في الإسلام. وبلحاظ مستوى تعداد سكان العالم اليوم،
البالغ – كما هو معروف – أكثر من ستة مليارات نسمة، فإن عشرات
الملايين من الكفار سيصبحون مسلمين.
كيف كان منهج وأسلوب نبي الإسلام (ص)؟
في تاريخ نبي الإسلام (ص)، توجد أمثلة
ونماذج كثيرة توضح ذلك. أخي المرحوم (سماحة آية الله العظمى
الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي – قدس سره -)، كان يؤكد
تكراراً ومراراً خلال أحاديثه وكتبه، وكما سمعتم أنتم منه غير
مرة، على أن نقرأ تاريخ نبي الإسلام (ص)، لنرى ما هو، ولماذا كان
بهذه الكيفية، بحيث نرى أن القرآن الحكيم يقول: (ورأيت الناس
يدخلون في دين الله أفواجاً)؟ إنها لم تكن معجزة، بل نتيجة
طبيعية لنهج وطريقة وأسلوب نبي الإسلام (ص).
اقرأوا سيرة حياة نبي الإسلام (ص)،
لتلحظوا المئات والمئات من النماذج، التي لو جمعها الإنسان
وضمّها إلى بعضها البعض، فإن أي شخص غير مسلم، ما لم يكن معانداً،
وحتى لو كان متعصباً، فسيتأثر، ويعتنق الإسلام.
من كان أولئك الناس الذين دخلوا في دين
الإسلام، أفواجاً وجماعات، على عهد النبي الأكرم (ص)؟ عددٌ كبير
منهم كانوا من عبدة الأصنام، تاريخهم كان تاريخ عبادة الأصنام؛
الأسرة، العشيرة، الأصدقاء، الجيران، أهل المنطقة، وأهل القرية..
الجميع كانوا عبدة أصنام، فكيف اعتنق الآلاف من عباد الأصنام
الإسلام دفعةً واحدةً، حيث قال الله عز وجل عنهم: (ورأيت الناس
يدخلون في دين الله أفواجاً)؟!
كما أنّ عدداً من هؤلاء كانوا نصارى، لم
يأتوا أفراداً وآحاداً، بل إن المجتمع النصراني كانوا يأتون
جماعات وجماعات، ويعتنقون الدين الإسلامي.
ومنهم اليهود أيضاً، لا سيما أولئك الذين
كانوا داخل المدينة المنورة وفي ضواحيها، هؤلاء مثل أولئك دخلوا
في الإسلام أفواجاً وجماعات.
فماذا رأوا؟
وماذا سمعوا؟
وبماذا صدقوا واعتقدوا؟
فإذا ما وجدت اليوم مثل تلك المشاهدات،
وتلك المسموعات، ومثل تلك المعتقدات، في أية نقطة من العالم –
سواء في الغرب أو في الشرق -، لانقاد الناس إلى الإسلام بشوق
ورغبة، وأصبحوا مسلمين.
وفي نفس الوقت لتعزز ورسخ عزم واعتقاد
المسلمين، وسعوا حثيثاً في هداية الآخرين.
إن حياة النبي الأكرم (ص) تزخر بالكثير من
النماذج، اقرأوا بأنفسكم تاريخ رسول الله (ص) حتى تقوموا بأنفسكم
بعرض العشرات من النماذج.
انظروا أي نصراني أو يهودي أو مشرك أو
ملحد، تعرضون عليه هذه العشرات من النماذج، ثم لا يسلم بعد ذلك؟
سترون أنه يسلم، كما أن أي مسلم سيتعزز إيمانه، وسيكون سبباً
لهداية الآخرين، بعد الاطلاع عليها.
في رواية أنه سيأتي يوم تنعكس فيه الآية
الشريفة لتصبح (ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجاً) (بحار
الأنوار: ج24،ص219)، وهؤلاء هم الذين كانوا مسلمين، ثم يخرجون من
دين الله، وإنشاء الله لا يكون ذلك اليوم هو هذا اليوم الذي
نعيشه.
فلماذا يخرج الناس من الدين؟ ذلك لأنهم لا
يتبعون منهج النبي الأكرم (ص) ولا يعتقدون به.
من الممكن أن نتحدث، أنا وأنتم، مع نصراني
أو يهودي أو مشرك أو ملحد، حول أحكام وقوانين الإسلام الحنيف، ثم
لا يعتقد، وإذا اعتقد فسيصبح مسلماً.
فإذا أجريتم نفس ذلك المعتقد، وذات
المنهاج الذي كان في صدر الإسلام، داخل أسركم، فإن جيرانكم
وأقاربكم والذين لديكم معهم روابط أسرية، سيحصل لديهم الاعتقاد
بالتدريج؛ فحتى لو كانوا كفاراً فسيصبحون مسلمين، بل حتى لو
كانوا غير محبين لأهل البيت (ع)، فسيصبحون محبين لأهل البيت (ع)،
وحتى لو كانوا غير متدينين، فسيصبحون متدينين؛ ذلك لأن مناهج
الإسلام وأحكامه وقوانينه عظيمة ورائعة.
أقدم لكم نموذجاً واحداً من طريقة عمل
رسول الله (ص)، وقد ورد ذكره في كتب الحديث الشيعية والسنية، وفي
الصحاح الستة، وكتب تاريخ النصارى.
هذه الرواية التي سأنقلها لكم، انظروا أي
بلد في الكرة الأرضية، أي شعب، وأتباع أي دين أو مذهب، تعرضونها
عليهم ثم لا يتغيرون؟ إذا ما حصل لديهم التصديق أو الاعتقاد بها،
فسيتغيرون حتماً.
في رواية أنه في الوقت الذي كان نبي
الإسلام (ص) في المدينة المنورة، وكان يتولى سائر الأمور والشؤون،
بصفته رئيساً للحكومة، أعلن (ص): (من مات وترك مالاً فلورثته) (الكافي:
ج7، ص167) فماذا يعني ذلك؟
إن قضية (الضريبة على الإرث) متداولة
اليوم في أكثر دول العالم، بل وحتى في تلك الدول التي تدعي بأن
لديها أفضل وأرقى القوانين.
إن قانون (الضريبة على الإرث) ليس مقتصراً
على الوقت الحاضر، بل يعود إلى ما قبل الإسلام، حيث كان رائجاً
بين المشركين. ففي قوانين وأحكام اليهود والنصارى والمشركين قبل
الإسلام – والطبع لا نعني القوانين والأحكام السماوية، بل قوانين
الشرك والكفر – يُعمل بمثل هذا المرسوم، فإذا ما مات شخص وترك
مالاً، فإن رئيس الحكومة أو العشيرة، أو أي شخص يتمتع بسلطات،
يأخذ قسماً من هذه الأموال، كضريبة على الإرث.
أما في الإسلام فلا وجود لشيء اسمه (الضريبة
على الإرث) بمقتضى حديث رسول الله (ص). ويقول (ص) أيضاً: (ومن
مات وترك دَيْناً أو ضياعاً فإليَّ وعليَّ) (كنز العمال: ج11،
ص10) أي من مات ولم يترك مالاً، وكان فقيراً، وخلف أسرة لا تجد
ما تعيش به، فـ(إليَّ وعليَّ)، أي إن نفقتهم على رسول الله (ص).
وبالطبع، فإن نبي الإسلام (ص) ذهب إلى
أبعد من ذلك، وأنا أعتقد أنه لا وجود لمثل هذا القانون في أي
مكان من العالم. فحتى هذه الدول الثرية والدول التي تدعى
بالمتمدنة، ليس عندها مثل هذا القانون (من مات وترك دَيْناً أو
ضياعاً فإليَّ وعليَّ).
أفهل يوجد مثل هذا القانون، حتى في
أكثر الدول ثراءً في عالم اليوم، أن يتحمل الحاكم الأعلى
دَيْن المتوفى؟ نعم ممكن أحياناً، بعد مراجعات مضنية في
الدوائر الحكومية، أن يلحق الورثة جزء يسير من المال، ولكن
لا وجود لمثل هذا الأمر، كحالة قانونية، في مكان من العالم. |
التوصية التي كان يؤكد عليها أخي المرحوم (سماحة آية
الله العظمى السيد الإمام محمد الحسيني الشيرازي –طاب
ثراه) تكراراً ومراراً، وهي التوصية التي صدرت عن
البارئ عز وجل قبل أن يخلق البشر. |
|
وبالطبع، هناك نقطة لا بد أن نشير إليها،
وهي أنه يوجد اليوم في بعض الدول قدر من الضمان الاجتماعي.
وفي بعض الدول الغنية، هنالك قانون يتيح
للأسرة الفقيرة التي فقدت معيلها نصيباً من المال، ولكن هل
بالقدر الذي يكفي لسد رمق تلك الأسرة أم لا؟
ثم، لو فرضنا أن إحدى الدول أعلنت هذين
المطلبين:-
1- لا توجد عندنا ضريبة على الإرث.
2- إذا مات شخص وخلّف أسرة فقيرة، فنحن
نتحمل نفقتها، وإذا كان مديوناً أدينا دينه...
ألا تعتقدون أن الكثير من الناس، من سائر
نواحي الدنيا، سيتركون أوطانهم ويهاجرون إلى ذلك البلد، ليكونوا
من مواطنيه؟
ورغم أنه لا وجود اليوم لمثل هذا الأمر،
إلا أنكم تلاحظون كم من الناس، من البلدان الإسلامية وغيرها،
يهاجرون إلى الدول التي تتمتع برفاه اقتصادي وأمني نسبي، أو التي
فيها ضغوط أقل بقليل من غيرها، ومهما تكن نسبة التدين فيها.
وعلى نحو الإجمال، فإنه في الإسلام، يتعين
على إمام المسلمين، تأمين نفقة الأسر الفقيرة، إلى حدٍّ كافٍ،
وأداء ديونها.. يقول الإمام الصادق (ع): (... فعلى الإمام أن
يقضيه، فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك) (الكافي: ج1، ص407،ج7).
إن نبي الإسلام (ص) قدم هذه الهدية إلى العالم، والتي
فيها سعادة البشرية.. وذات يوم، حين يظهر صاحب العصر
والزمان ولي الله الأعظم الإمام الحجة (عج)، يتحقق
الوعد الإلهي (ليظهره على الدين كله) |
|
وبديهي أنه ليس مراد الإمام الصادق
(ع) من (إمام المسلمين) الإمام المعصوم، ذلك لأن الإمام
المعصوم لا يرتكب ذنباً، بل المقصود من الإمام في هذا
الحديث الشريف هو من بيده مقاليد الحكومة، ويملك مثل هذه
|
الإمكانات. الإسلام يطرح مثل الشخص بعنوان
المديون؛ إذ يقول الرسول الأكرم (ص): (فإليَّ وعليَّ).
هناك رواية عن الإمام الصادق (ع)، تتبع ما
قاله نبي الإسلام (ص)، وهي موجودة في كتبنا، كما أنها جزءٌ من
مفاخرنا؛ إذْ إن لدى أئمة أهل البيت (ع) أشياء، لا يملكها أحدٌ
من الناس.. غير أنه من المؤسف أن البعض منّا لا يعرف ماذا عندنا..
يقول الإمام الصادق (ع): (وما كان سببُ إسلام عامّة اليهود - أو
كثير من اليهود - إلا من بعد هذا القول من رسول الله) (الكافي:
ج1، ص407، ح4).
حينما كان رسول الله (ص) يتصدى لمهامه،
كرئيس حكومة، في المدينة المنورة، أعلن تلك الجمل المعدودة،
وطرحها كقانون، وعلى أثر هذا الإعلان، دخل الكثير من اليهود، أو
عامتهم، في الإسلام؛ ذلك لأن من طبيعة اليهود اكتناز الثروات،
فوقع في خلدهم أن الإسلام دين جيد، فاستحسنوا الدخول فيه، وكأني
بهم فكروا على هذا النحو: لأنه إذا كنّا أثرياء ومتنا، فإن رئيس
الحكومة الإسلامية هذا لن يأخذ من أموالنا شيئاً، ويرثها أبناؤنا
ونساؤنا كاملةً غير منقوصة. أما إذا كنّا فقراء ومتنا، فإنه لا
مثار للقلق في هذه الحالة أيضاً، لأن رئيس الحكومة الإسلامية
سيؤمن كفاف العيش لأسرنا، كما أنه لو متّنا وكانت علينا ديون،
فإن الدائنين لا يلاحقون أبناءنا ونساءنا، لأن هذا الشخص (نبي
الإسلام –ص-) يقول: (فإليَّ وعليَّ).
لذا، فإن اليهود الذين تحدث عنهم القرآن
الكريم بقوله: (لتجدن أشد الناس عداوةً للّذين آمنوا اليهود) (سورة
المائدة/ آية 82)، دخلوا في الإسلام آحاداً وأسر وجماعات.
حسناً، إن أولئك اليهود دخلوا في الإسلام
لأجل المال، لكن أبناءهم وذراريهم رأوا النور بين أظهر المسلمين
ونشأوا وترعرعوا في كنف الإسلام؛ ولذلك فإن عدداً من علماء
المسلمين، هم من نسل أولئك اليهود أنفسهم الذين أسلموا في ذلك
اليوم.
ما تقدم نموذجٌ واحدٌ من مئات النماذج في
التاريخ الإسلامي الصحيح.. فلو علم النصارى أن الإسلام حق وصدق،
وليس لفظاً فقط بل هو عمل أيضاً، كما هو شأن إسلام النبي الأكرم
(ص)، والإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، أفلا يصبحون
مسلمين؟ وكذلك اليهود إذا ما صدقوا بأن تلك هي حقيقة الإسلام،
أفلا يؤول أمرهم إلى أن يصبحوا مسلمين؟.
ممكن أحياناً، أن نقول لهم إن هذا هو شأن
الإسلام، ثم لا يصدقون؛ لأنهم رأوا أنّ سلوك بعض المسلمين بخلاف
ذلك تماماً.
ألا يكفي هذا النموذج وحده ليحول النصارى
والبوذيين وسائر الكفار إلى مسلمين؟
وكيف غيّر رسول الله (ص) أولئك الناس،
وصيّرهم مسلمين؛ (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً)؟
ولماذا لم يتحقق مثل هذا الأمر (دخول الناس أفواجاً في الإسلام)
خلال الثلاث عشرة سنة التي أمضاها رسول الله (ص) في مكة المكرمة
بعد البعثة الشريفة، غير أنه حصل ذلك أثناء السنوات التسع
والبضعة أشهر التي عاشها النبي (ص) في المدينة المنورة، حيث أقبل
الناس أفواجاً وجماعات على الدين الإسلامي؟
ذلك، لأن النبي الأكرم (ص) استطاع أن يعلن،
وفي الوقت عينه استطاع أن يعمل؛ إذ إن الأرضية كانت مهيأة له.
فإذا ما تهيأت نفس تلك الأرضية للجميع، في
أية منطقة من مناطق العالم، بل وحتى في قلب بلاد الكفر، وأعلنوا
هذا الأمر، وطبقوه على أرض الواقع، لتحول سكان تلك البلاد إلى
الإسلام.
السبب أنه في الماضي، حين كانت الشعوب
الكافرة تترك كفرها وتسلم، كان رسول الله (ص) أفضل إنسان، وصاحب
خير منهج... فمن ذا الذي لا يحب أن يتبع المنهاج الأفضل، أو
ينتسب إلى النظام الأمثل؟!
إن العزة والكرامة الإنسانية، والضمان
الاجتماعي في الإسلام والذي أجراه نبي الإسلام (ص) والإمام أمير
المؤمنين (ع) عملياً، لا يوجد نظير له في مكان من العالم، كما لا
وجود لأي قانون يضاهي القوانين الراقية في الإسلام.
إن أبا ذر الغفاري كان شاباً مشركاً، فما
الذي جعله يعتنق الإسلام؟
ماذا رأى حتى أصبح مسلماً، وإنساناً
مثالياً؟ وكم هي كثيرة آثاره التي بقيت خالدةً، حيث إن هناك
المئات من علماء الشيعة الكبار، هم ثمرة جهد أبي ذر –رض-. هؤلاء
رأوا وصدقوا..
نموذج آخر: لعدة سنوات كانت الحكومة – على
الظاهر – بيد الإمام أمير المؤمنين (ع)، حيث كان (ع) في الكوفة.
كانت الكوفة مدينة كبيرة، وبحسب ما أثبته
بعض المؤرخين، فإن مساحتها كانت تتجاوز الخمسمائة كيلومتر مربع،
والبعض قالوا إن مساحتها أكثر من ذلك. وكانت تمثل عاصمة الإمام
أمير المؤمنين (ع).
روي في أحوال أمير المؤمنين (ع)، أنه خلال
الأربع سنوات وبضعة أشهر، وهي مدة الحكومة الظاهرية للإمام علي
بن أبي طالب (ع)، حدث لمرة واحدة فقط، لم يذكر التاريخ غيرها،
ولا يوجد في سائر الكتب ما يشير إلى أن تلك الحادثة تكررت في
زمان حكومة الإمام علي (ع).
تقول الرواية أنه ذات يوم كان أمير
المؤمنين (ع) يجتاز في أحد شوارع الكوفة، فرأى شخصاً يتكفف.. هل
يوجد بلدٌ في العالم اليوم يخلو من المتسولين؟ لو ذهبتم إلى أغنى
بلد في العالم، لوجدتم فقراء ومتسولين.. وبالطبع، فإن الأمر
يتفاوت من بلد إلى آخر؛ فهناك بلد فيه متسولون وفقراء أكثر، وآخر
أقل.. وهكذا فأنتم تلاحظون أنه حتى في أكثر بلدان العالم تقدماً،
وفي ظل أفضل القوانين العصرية، يوجد متسولون.
الرواية تقول أنه عندما رأى الإمام أمير
المؤمنين (ع) ذلك الشخص المتسول، قال: ما هذا؟
ذلك لأنه في الإسلام لا تُعد مثل هذه
المسائل مسائل فردية، بل المسألة أنه ما معنى لوجود حالة تسول في
بلد إسلامي؟ كما أن إسلام أمير المؤمنين (ع)، يعني الإسلام
الصحيح؛ أي إسلام القول والعمل، وليس الإسلام اسماً ورسماً فقط،
كما قال رسول الله (ص): (يأتي على أمتي زمان لا يبقى من الإسلام
إلا اسمه) (بحار الأنوار: ج36، ص284).
الإمام أمير المؤمنين (ع) قال: ما هذا؟
فأجابه البعض ممن لا يعرف حقيقة الإسلام، قائلاً: هذا نصراني..
قد هَرِمَ وصار لا يقوى على العمل، فهو يتسول!!
وربما تصور أولئك البعض أن الأمر يختلف
عند الإمام أمير المؤمنين (ع)، إذا كان المتسول غير مسلم، والحال
أنه في القانون الإسلامي لا يختلف الأمر من هذه الجهة.. الناس
اليوم لا يعلمون هذه القضايا، وإذا أعلمتموهم بها، لا يصدقون،
وسيقولون: فلماذا المسلمون اليوم ليسوا على هذه الشاكلة؟
إن الإمام أمير المؤمنين لم يجر القانون
الإسلامي وحسب، كما لم يفرق بين نصراني ومسلم، كأن يقول لا شأن
لي بنصراني في بلد إسلامي، بل جعل يلوم أصحابه على ما رأى من حال
ذلك النصراني، وقال: (استعملتموه حتى إذا كبُر وعجز منعتموه) (الشيخ
الطوسي: تهذيب الأحكام، ج6،ص293).
فأي نصراني، أو أي يهودي، وأي عابد بقر،
أو عابد شمس، أو عابد بحر، أو عابد نجوم، تعرضون عليه مثل هذا
النموذج، ثم لا يتغير؟! إذا صدّق بذلك، فلا بد أن يتغير، ويؤثر
في أسرته ويجعلها تتغير..
الإسلام لا يتعلق بالآخرة فقط.
بل الإسلام يعني: سعادة الدنيا.
يعني: الأمان.
يعني: الاقتصاد السليم.
يعني: السياسة السليمة.
يعني: المجتمع السالم.
يعني: أن يكون كل شيء صحيحاً وسالماً.
ورسول الله (ص) نفسه، حينما كان في
المدينة المنورة، بل وحتى حينما كان في مكة المكرمة ولم يكن
وقتها مبسوط اليد، أعلن: (فأجيبوني تكونوا ملوكاً في الدنيا
وملوكاً في الآخرة) (بحار الأنوار: ج18، ص185، ح15)، وهو ما
مضمونه أنه تعالوا ادخلوا في الإسلام، لتجدوا سعادة الدنيا
والآخرة؛ أي تصبح الدنيا جنةً لكم، وفي الآخرة يكون مصيركم إلى
الجنة أيضاً.
وفي شأن ذلك النصراني المتكفف، أمر أمير
المؤمنين (ع) أن يُجرى له من بيت المال راتب يكفيه مع عياله.
(ورأيتَ النّاسَ يدخلون في دين الله
أفواجاً) سورة النصر/ الآية 2.
إن نبي الإسلام (ص) قدم هذه الهدية إلى
العالم، والتي فيها سعادة البشرية.. وذات يوم، حين يظهر صاحب
العصر والزمان ولي الله الأعظم الإمام الحجة (عج)، يتحقق الوعد
الإلهي (ليظهره على الدين كله) سورة الفتح/ الآية 28، وتنتشر
راية الإسلام على كل أرجاء الكرة الأرضية، ويصبح الجميع مسلمين.
هنا أقدم للأخوة توصيتين، وإنشاء الله،
سيسعون للعمل بهما:
* الأولى: التوصية التي كان يؤكد عليها
أخي المرحوم (سماحة آية الله العظمى السيد الإمام محمد الحسيني
الشيرازي –طاب ثراه-) تكراراً ومراراً، وهي التوصية التي صدرت عن
البارئ عز وجل قبل أن يخلق البشر. وفي هذا الإطار كان أخي
المرحوم يوصي على هذا النحو، أنه في شهري محرم وصفر، حيث كل واحد
منكم جهد ويجهد في إقامة مجالس العزاء، وأنواع مراسم التعزية،
والمشاركة فيها، وإنشاء الله لن يذهب من هذا الجهد المبارك، ولو
قدر رأس أبرة، سدىً؛ إذْ يقول القرآن الكريم (مثقال ذرّة) سورة
يونس /الآية 61، فحتى ما بلغ قدر ذرّة من عملكم وسعيكم هذا،
فسيكون ذخراً لكم، ويثبت في سجل حسناتكم، إنشاء الله تعالى.
وإن شاء الله تعالى، بعد انقضاء شهر صفر،
تدركون هذا التوفيق العظيم، وأرجو أن توصوا الآخرين بذلك،
وتتواصوا بينكم، وهو أن كل واحد منكم، سواء أكان ربّ أسرة ولديه
بيت، أم كان أعزباً أو ما زال فتىً يافعاً، عليه أن يخصص ساعتين
أو ساعة واحدة، أو حتى نصف ساعة، لأجل الإمام أبي عبد الله
الحسين (ع).
في منزلك الشخصي اعقد مجلساً لسيد الشهداء
(ع)، وابدأ من الصفر.
وإذا كان أحدكم فقيراً ولا يملك شيئاً،
فليعمل على النحو الذي يتناسب مع وضعه الاقتصادي، كأن يشعل شمعة
أو ينير سراجاً باسم الإمام الحسين (ع) لمدة دقائق كل أسبوع، وسط
الأفراد الذين يكونون معه في بيته.
وإذا أتيحت لكم فرصة أفضل، وحالفكم
التوفيق، فادعوا جيرانكم وأقاربكم وسائر المؤمنين لمثل هذا الأمر.
اسعوا لئلا يمضي عليكم أسبوع، دون أن يكون
في بيوتكم ذكرٌ لمصيبة الإمام الحسين (ع)؛ ففي هذا بركة الدنيا
والآخرة.
وحتى إذا كنت عضواً أو مسؤولاً لهيئة
حسينية، وينعقد، كل ليلة وكل يوم، مجلس ذكر لمصيبة أبي عبد الله
(ع) في هيئتك، فلا تدع منزلك يخلو من سراج باسم الإمام الحسين.
اسع لتحقيق هذا الأمر، ولأن يكون لك مثل هذا التوفيق الدنيوي
والآخروي.
إن مجلس ذكر أبي عبد الله الحسين (ع)، هو
رأس الخيط الذي أوصل ويوصل إلى الكثير من التوفيقات.
* الثانية:
صونوا شبابكم وفتيانكم، واعملوا على أن
يكونوا مؤمنين ومعتقدين بالله والرسول (ص) وأهل البيت (ع). ومهما
بلغوا من اعتقادهم، فاعملوا على زيادة هذا الاعتقاد لديهم. لا
أقول زيدوا أنتم من اعتقادهم، بل وفروا وسائل وأسباب ذلك.
علينا أن نعرّف الشباب والفتية على نبي
الإسلام (ص) وأهل بيته (ع)، بالنحو والكيفية التي عرفّوا بها
أنفسهم (ع)، وبالطريقة نفسها التي عرّف بها القرآن الكريم شخصية
رسول الله (ص)، وحقيقة الأئمة الأطهار (ع)، وليس عبر تلك الكلمات،
الناقصة أو المفرطة، التي تصدر من هذا الطرف أو ذاك – سواء من
طريق بعض الخطابات أو الكتابات – والتي منشؤها الكفّار والظالمون،
والتي أيضاً قصاراها أن ترفع مقام الأئمة الأطهار (ع) إلى أكثر
من الحد الواقعي، أو تهبط بها إلى ما دون ذلك، لا يجوز أن تنسبوا
حتى صفة واحدة من صفات الله عز وجل إلى الأئمة الأطهار (ع)؛
اطلعوا الشباب على حقيقة مسألة العصمة، ومسألة علم الغيب،
والمسائل التي تُعدُّ من المسلّمات والقطعيات المتعلقة بمقام
الأئمة المعصومين (ع).
يُروى أن شخصاً منحرفاً اسمه (محمد بن
مقلاص) ويكنى بأبي الخطّاب، كان يتظاهر بالإسلام، وهو في حقيقته
لم يكن مسلماً، حشر نفسه بين أصحاب الإمام الصادق (ع)، وأخذ
يتردد فيهم مدةً، وبمرور الوقت تعلّم بضع كلمات.
وبعد مضي زمان، صار يعرّف نفسه للناس على
أنه يمثل الإمام الصادق (ع)، ويطرح مسائل معينة. وذات يوم ادعى
بأن الإمام الصادق (ع) هو الله، وأنه (أبا الخطّاب) نبيّه(!!)،
فلما بلغ خبره الإمام (ع)، لعنه بشدة، وقيل لأبي الخطاب غير مرة
بأن الإمام الصادق (ع) لعنك، لكنه لم يكن يعبأ، ويقول في ذلك:
هذا أمر مصطنع، إن الإمام يريد بإنكاره تقديم المصلحة!!
فماذا يصنع الإمام الصادق مع مثل هذا
الشخص؟ الأمور لا تسير كلها بالمعجزة، بل لا بد من أن يُمتحن
الناس، وإنما تكون المعجزة على قدر إتمام الحجة، وإن نفس وجود
الإمام المعصوم (ع)، أي الإمام الصادق (ع)، هو إتمام للحجة؛ (ليهلك
من هلك عن بيّنة) سورة الأنفال/ الآية 42؛ وما لم تكن هناك (بينّة)
تكون المعجزة.
ذهب (محمد بن مقلاص) إلى مكة المكرمة
لأداء مراسم الحج، فجاء شخص إلى الإمام جعفر الصادق (ع)، وقال له:
يا بن رسول الله! ذهب ابن مقلاص إلى الحج، وعند الإحرام في
الميقات لبّى باسمك. تقول الرواية: انهمرت الدموع من عيون الإمام
الصادق (ع)، وتغيرت قسمات وجهه، ثم رفع يديه إلى السماء، وراح
يتضرّع إلى الله تعالى ويقول: إلهي! لست أنا.. أنا استغفرك..!
إلهي أنا أعتذر إليك..
حسناً، نحن نسأل هنا، ما هو ضرر فعل (محمد
بن مقلاص) على الإمام الصادق (ع)؟ أَوَ لم يقل القرآن الكريم: (ولا
تزر وازرةٌ وزر أخرى) سورة الأنعام/ آية 164؟
إن الإمام الصادق (ع) يعرف هذه الآية أفضل
مني ومنكم.. (محمد بن مقلاص) هو الذي قال ذلك القول بشأن الإمام
الصادق (ع)، والإمام (ع) نفسه لم يقل ذلك، ولم يدّع مثل ذلك
الادعاء، فلماذا – إذن – يبكي الإمام (ع)، ولماذا يضطرب (ع)؟ ثم
أوليس الله عز وجل يعلم بأن الإمام لم يقل ذلك، وهو يعلم السر
والعلن؟ كما أن الإمام (ع) يعلم أيضاً أنه (لا تزر وازرةٌ وزر
أخرى)...
إن (محمد بن مقلاص) هو الذي اقترف ذنباً،
حين لبّى باسم الإمام الصادق (ع).
الله سبحانه وتعالى يعلم أن الإمام الصادق
(ع) هو ذلك الإمام الذي حين يريد أن يقول (لبّيك) يضطرب، وترتعد
فرائصه، ولا يسعفه لسانه في قولها، لأنه يعلم أنه يتكلم مع الله
عز وجل.. أما نحن فنقول (لبيك) فوراً، لأننا لا نعرف تمام معناها،
غير أن الإمام الصادق (ع) يعلم تماما ما تعني كلمة (لبيك).
ولعل البعض ممن كانوا حاضرين عند الإمام
(ع) تعجبوا، مثلي أنا وإياكم، من استغفاره وتضرعه على هذا النحو،
وتصرفه بهذا الشكل. يقول الإمام (ع) لزيد النرسي – وهو راوي
الحديث - : ما استغفاري وتضرعي لله سبحانه وتعالى إلا (لأستقر في
قبري) (مستدرك الوسائل: ج9، ص198)؛ أي لأطمئن في قبري.
فهل يُحتمل أن يُسأل الإمام الصادق (ع) في
القبر: لماذا قلت ذلك؟ بالطبع، كلاّ، والإمام (ع) نفسه يعلم أنه
لن يسأل هذا السؤال؛ فما ما معنى قوله (ع): (لأستقر في قبري)؟!
بعض الناس زعموا أيضاً أن السيد المسيح
(ع)، هو الله، والقرآن الكريم يشير إلى أنه في يوم القيامة، وفي
ساحة العدالة الإلهية الواسعة، يُسأل السيد المسيح (ع) في حضور
الخلائق: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمّي إلهين من دون الله) سورة
المائدة / آية 116.
إن الله تعالى يعلم أن عيسى (ع) لم يقل
ذلك، ولعل الله عز وجل يريد أن يدين أولئك الذين زعموا تلك
المزاعم الباطلة لأغراضٍ وأمراضٍ في نفوسهم.
قال بعض العلماء: قد يكون معنى تألم
الإمام الصادق (ع) من عمل (محمد بن مقلاص)، واستغفاره وتضرعه إلى
الله، ومعنى قوله (لأستقر في قبري) هو: أنا أستغفر وأتضرع إلى
الله، حتى لا يُقال لي في قبري: أأنت الذي قلت لمحمد بن مقلاص،
لبّي باسمي؟ فالإمام (ع) لم يرد أن يُسأل مجرد سؤال عن ذلك؛ لأنه
يشقّ عليه أن يوجه له مثل هذا السؤال..
فلا معنى لهذا الكلام غير المناسب،
والمبالغ فيه، الذي يُنسب للأئمة المعصومين (ع).. هذا النوع من
الكلام يؤذي المعصومين (ع)، فهم الذين قالوا: (نزِّلونا عن
الربوبية) (اللمعة البيضاء: ص64).
إن الإفراط بالوصف، والمبالغة في الكلام،
ليس هو الطريق لمعرفة الإمام المعصوم (ع)؛ مثل هذا الأسلوب ممكن
أن يؤدي بصاحبه إلى أن يلعنه المعصومون (ع)، ممكن أن يلعن الإمام
الحجة (عج) ذلك الشخص الذي يجعل الإمام المعصوم (ع) في منزلةٍ
فوق منزلته الواقعية.
إن الصفات الربوبية، هي الصفات الخاصة
بالله تعالى وحده، والأسماء الإلهية الحسنى تتعلق بذات الله
المقدسة وحسب.
قال الإمام (ع): (يهلك فيَّ إثنان: محبّ
غال، ومبغض قال) (بحار الأنوار: ج5، ص285).
صونوا الشباب.. هذا واجب الآباء والأمهات،
والأعمام والأخوال.. واجب الأقارب، وهو واجب الشباب المتدين أيضاً.
اهتموا وروجوا للمجالس الدينية، ومجالس
أهل البيت (ع)، ومجالس القرآن، الكراسات الدينية، تعريف أصول
الدين وفروعه، تعريف المعاد والآخرة، تعريف الله الكبير المتعال..
لتنتقل الاعتقادات الصحيحة إلى الأولاد والبنات.
أي شاب تعرفونه، حافظوا عليه – من أي طريق
صحيح -، تحدثوا معه بأساليب لينة مسالمة، وعاودوا الحديث معه مرة
بعد مرة.. وإذا تحدثتم مع شابٍ لعشر مرات، ولم ينجذب إليكم،
حدثوه للمرة الحادية عشرة، وإلى المرة العشرين وهكذا.. المهم ألا
تيأسوا؛ لأنه كلما ضاع شابٌ، كلما تغير تاريخ بعينه.. وكلما آمن
شاب وصار معتقداً حقاً، فمن الممكن أن يهتدي بواسطته، في
المستقبل، آلاف الشباب.
هنا أؤكد على توصيتين:-
الأولى: أقيموا مجالس أسبوعية باسم الإمام
الحسين (ع)، في بيوتكم.
الثانية: الشباب.. الشباب.. الشباب..
صونوا هؤلاء، واحفظوا عقائدهم..
أتمنى، ببركة رسول الله (ص) وأهل بيت
العصمة والطهارة (ع)، أن تُقبل أعمالكم جميعاً، وتُثبّت في صحائف
حسانتكم، وأن توفقوا جميعاً في العمل بهاتين الوصيتين..
- وصلى الله على محمد وآله الطاهرين -
*
المتن الكامل لكلمة سماحة المرجع الديني الكبير آية الله
العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف) أمام جمعٍ
من كبير من الجماهير بتاريخ 28 صفر عام 1423هـ في ذكرى وفاة رسول
الله (ص).
تحرير النص: شبكة النبأ المعلوماتية |