سيدنا الراحل العظيم :
نحن كما عهدتنا – سيدي – أمة لا تصحو إلا متأخرا ، يفوتها قطار الصباح فتعود
لليلها تلوم غفلتها ، ولكنها لا تلحق بالقطار في الصباح التالي ، وهذا هو
دأبها .
سيدي :
أطللت على هذه الدنيا نقيا أبيض القلب كلبن التين الذي لم يتلوث بالغبار
العقيم ، وحملت قناديلك بزيتها الذي يكاد يضيء لتنير ظلمات بعضها فوق بعض في
ليلنا التائه ، وأمطرت قاحل صحرائنا بغيث بنانك لتعيد للرمل بهجته الأولى
فيتذكر الشيح والعرار والقيصوم .
سيدي :
كأني بك تطل علينا مشفقا من وراء الغيب ، يقال لك ( ادخل الجنة ) فتنظر إلينا
قائلا ( يا ليت قومي يعلمون ) .
سيدي :
أسمع الآن صوتك يتلو علينا الرواية الواردة في البحار ( موتوا قبل أن تموتوا
)
كم نحتاج أن نموت كي ننتبه ، فالناس نيام وإذا ما توا انتبهوا .
فقد كنت طيلة حياتك الشريفة تسعى لتنبيهنا ، وأظنك تصر على مواصلة مشوارك من
قبرك ، فلعل منبر القبر يعزز بلاغة البيان .
سيدي :
أنت عني عن بكائنا ، ولكنا بحاجة للبكاء عليك حتى نغسل مرايا قلوبنا فنبصرك
لأول مرة .
سيدي :
تفرّدتَ حتى في الظلامات واشتهت
بنانك أن تلقى لها من يقدّرُ
وأخفى من العذل المحبون حبهم
وأطنب عذلا مَن معانيك يكفرُ
وكنت كما شاء الإله مباركاً
وكنت كما شاء النبي وحيدرُ
نقيا غمرت الكل حبا وبسمةً
طفوليةً إشراقُها الكونَ يغمر
فلله قلب ينبت النحلَ زهرهُ
ومن تحته تجري بما لذ أنهرُبما لذّ أنهرُ |