سيدي أيها الإمام الشيرازي .. جمعنا
الله وإياك في جنان الله مع العترة الطاهرة
عام مضى على رحيلك سيدي أيها الإمام
السيد الشيرازي العظيم افتقدنا فيها طلعتك البهية وابتسامتك التي لم
تغب عنك يوماً برغم الجراح التي حملها قلبك الطاهر المليء بالآلام
والهموم على حال أمة رسول الله (ص) وما وصلت إليه، عامٌ افتقدناك
وافتقدتك الأمة الإسلامية أيها العظيم الذي حمل كل هموم الأمة وسار
بها نحو مسار إسلامي محمدي أصيل في سبيل إقامة حكومة إسلامية عالمية
واحدة، وكما قال استاذنا السيد مصطفى نصر الله فمعك كانت
البداية وشرطنا في البقاء إلى ما لا نهاية معك نخوض خلالها كل أبعاد
الظاهرة الشيرازية في فكرها وممارستها وفلسفتها في التعبير عن
الإسلام وحركته والمرجعية الدينية وأجوائها كما التعبير عن سياسات
واستراتيجيات العمل للإسلام العظيم في كل الأقطار وعلى امتداد كل
الساحات، أبحرنا في مركبك الرباني ننشر فيه دين سيدنا محمد (ص) وأهل
بيته الأطهار وما زلنا أقوى عزيمة وأشد بأساً وأكثر تصميماً
على خوض معركة الإعلام الإسلامي الملتزم، فمعك كانت البداية أيها
الإمام الشيرازي الغائب الحاضر والمعلم الممتاز والمرجع الحي والقائد
الشامل، ومعاً مع السيد الصادق سنكمل أطروحة الرائع الراحل
الشيرازي...
لم يغادرنا
الإمام الشيرازي بل نحن الذين أقلعنا إلى كل الفضاءات
التي غادر إليها الإمام، ولن يغيب هذا الرجل عن ذاكرة الأمة وعن
ذاكرة محبيه ما دام خطه ونهجه وامتداده وأصالته مستمرة ومتجددة في
الشقيق المعلم الصادق مع ربه، الأمين على أمته و مدرسته سماحة آية
الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله العالي.
سيدي كنا نحلم بالبدايات وما
زلنا نحلم بالبدايات .. هكذا علمتنا أيها الشيرازي العظيم أن نحلم
دائماً بالبدايات، فانطلقنا معك في مسيرتك النهضوية المباركة والتي
بنت أركانها وقواعدها على اساس الشورى لا الإستبداد، والتعددية لا
الإنفرادية، والأمة الواحدة لا الأمة المتفرقة، والأخوة الإسلامية لا
القوميات والعصبيات، والأخلاق الفاضلة لا الإنحرافات المفسدة، والقيم
الإسلامية العالية لا القيم الغربية والدخيلة علينا.
تعلمنا كل ذلك في مدرستك أيها
الشيرازي العظيم ولا غرابة في ذلك فأنت الذي نهلت من مدرسة جدك
الطاهر محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – والذي كنت دوماً وأبداً
تقول وتردد ( أنا أروح لله وأهل البيت باقون)، تجاوزت مؤلفاتك ألف
ومائتان كتاباً في مختلف المجالات، وكنا نسمعك تقول أنا لم
أصنع شيئاً كل هذا ببركة الله عز وجل وأهل البيت سلام الله عليهم، شل
أصبعك الأوسط من كثرة ما كتبت وألفت وبقيت لآخر لحظات حياتك الشريفة
تكتب وتكتب وتكتب وتحث الآخرين على الكتابة والعمل والطموح للعلى.
كنا نسمع كثيراً عن سيرة رسول
الله (ص) وأهل بيته وكيف عاشوا فكنا نراك النموذج المصغر لهم في هذا
العصر، من خلال زهدك، تقواك، علمك، وكل جوانب حياتك المباركة، كنا
نراك وأنت تتطلع و تنشد الوحدة كل الوحدة للأمة الإسلامية جمعاء سنة
وشيعة كما وحد رسول الله (ص) بين الأوس والخزرج ولكن لم تجد آذاناً
صاغية بل على العكس من ذلك وجدت شعارات براقة خالية من كل تلك
المبادئ الإسلامية ووجدت نفوس ضعيفة تسيطر عليها الشهوات والماديات
وحب المناصب والتصفيق والتهليل والتمجيد، وتسيطر عليها أيضاً
التأثيرات السياسية والحزبية. وقفت صامداً صابراً مظلوماً محتسباً
مجاهداً لله راضياً بقضائه وقدره فتصديت لكل سهام الغدر
لك ولمن نادى بنظرياتك البناءة الإستراتيجية الإيديولوجية التي
رفعتها وأطروحاتك الإسلامية المتجددة والموحدة للأمة الإسلامية
العظيمة المنتشلة لها من بحر التهاوي والتخلف والصراع والتقديس
والذوبان في الأشخاص، رفعت تلك النظريات والتي رفعها من قبلك رسول
الله (ص) كالتعددية والأخلاق الإسلامية والأخوة الإسلامية والسلم
واللاعنف والأمة الواحدة والعدالة والمساواة والشورى تلك الصيغة
الحضارية الراقية الموحدة لكل الأمة المنقذة لها من وحل الجهل
والتخلف والعصبيات الجاهلية، وهاجموك كما هاجموا من قبلك رسول الله
(ص) وعترته الطاهرة – عليهم الصلاة والسلام – عبر المنشورات الرخيصة
والإعلام الكاذب والمصطادين في المياه العكرة من صبية الأحزاب وأبواق
الأنظمة، وانطلى ذلك على أمة تعاني من الجهل والغفلة، فكنت مع كل تلك
الحملة الشرسة صامداً صابراً محتسباً لله لم تلتفت إلى من ظلموك وكنت
قادراً على محوهم من الوجود لو أنك تصديت للرد عليهم، ولكنك كنت
كبيراً واهتممت بالبناء ولم تجعلهم يوقفون مد نظرياتك وأطروحاتك
الرائدة لأنك كنت متمسكاً بالله وأهل البيت الأطهار عليهم الصلاة
والسلام .
لم تأخذك في الله لومة لائم
ولم تحني رأسك إلا لله العزيز الجبار، ونحن اليوم نتطلع باستراتيجية
طموحة ومستقبلية للمضي مع خليفتك ووارثك في المسيرة المباركة
الإمام المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي أدام الله ظله
العالي والذي كان وما زال يقول ويوصينا بـ; لا لليأس، لا
للتحير، نعم للمشكلات.
فمعاً أيها السيد المرجع نسير
في المسيرة المباركة التي ابتدأها أجدادك الطاهرون من السلالة
الشيرازية الطيبة نحو إقامة دولة المليار مسلم الواحدة، تمهيداً
لقيام مولانا بقية الله الأعظم صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين
والسلام عليك أيها الإمام يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث مظلوما
.
|