رغم مشاعر العداء للقوات الامريكية في العراق الا ان وجودهم مطلوب

 

(رويترز) - ان كانت هناك رغبة وحيدة تجمع بين زعماء العراق المنقسمين بشدة فهي رحيل القوات الامريكية حتى بالرغم من اقرارهم بأن الامريكيين المسلحين تسليحا عاليا هم وحدهم القوة القادرة على ان تحول دون قيام حرب أهلية في العراق.

ونظرا لضعف قوات الامن العراقية التي تلقت تدريبا أمريكيا وما يشوب ولاء بعض أفرادها لفصائل مختلفة وتصاعد أعمال العنف بين السنة والشيعة يقول كثيرون ان وجود القوات الامريكية ضروري لمنع المزيد من اراقة الدماء في العراق.

وقال جوست هيلترمان وهو مدير مشروع في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "ينظر للامريكيين على أنهم القوة المحتلة ذات أهداف طويلة المدى للسيطرة على النفط.

"ولكن في الوقت ذاته فانهم يقومون بدور مهم لانهم يحولون بالفعل بين الميليشيات التي تحاول كل منها الفتك بالاخرى."

وأشعل تفجير لضريح شيعي يوم الاربعاء موجة من الهجمات بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية مما أسفر عن سقوط 200 قتيل وايقاع الضرر بكثير من المساجد مما أثار مخاوف من احتمال انزلاق العراق الى حرب أهلية.

وفي تجمع حاشد نظم في البصرة أمس قال رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي أصبح صوته مسموعا في التحالف الشيعي الحاكم الذي يعاني من انقسامات أيضا "ان ما نريده ليس اخراج السفير الامريكي بل نريد اخراج المحتل او على الاقل جدولة الاحتلال.. اذا خرج السفير واذا لم يخرج ماذا سيفيد العراق.. اقطع رأس الافعى."

وبالرغم من أن الزعماء العراقيين يرفضون الوجود العسكري الامريكي قال هيلترمان انهم يدركون أيضا قدرة الامريكيين على كبح جماح العنف.

وأعلن رئيس الوزراء الشيعي ابراهيم الجعفري أكثر من مرة ان الوقت لم يحن بعد لرحيل القوات الامريكية عن العراق.

ومضى هيلترمان يقول "يقول الزعماء العراقيون انهم يريدون رحيل الامريكيين ولكنهم لا يريدون حدوث ذلك في واقع الامر. يحتاج الشيعة للامريكيين لابقائهم في السلطة ويحتاج السنة الامريكيين لانهم خائفون من ايران."

وأعمال العنف التي أعقبت الهجوم الذي لم يسفر عن سقوط ضحايا ولكن كانت له اهمية رمزية كبيرة على مرقد الامام علي الهادي والامام حسن العسكري على أيدي مقاتلين من القاعدة تقوض فيما يبدو امال واشنطن في سحب قواتها من العراق.

ويتعرض الرئيس الامريكي جورج بوش لضغوط سياسية في الداخل لخفض حجم القوات وأدت أحدث أعمال عنف بين الشيعة والسنة الى وقوف القوات الامريكية وقوامها 136 ألفا محاصرة في الوسط نظرا لمشاعر العداء التي يكنها لها السنة والشيعة على السواء.

وحذر وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي من احتمال قيام "حرب أهلية" لن تنتهي وهدد بنزول الدبابات الى الشوارع ان لزم الامر للحد من العنف.

ولكن وزارة الدفاع الامريكية قالت في تقرير الى الكونجرس يوم الجمعة ان الحكومة العراقية لا تملك عددا كافيا من الدبابات ويتوفر لها أكثر من 200 ألف جندي تلقوا تدريبا أمريكيا. كما أنه لا توجد أي وحدة عراقية قادرة على الاعتماد على نفسها في القتال.

وشكك المحللون بالفعل في مدى قدرة قوات الامن العراقية على الاعتماد على نفسها دون عون من القوات الامريكية.

وفي الوقت الذي يتنافس فيه زعماء سياسيون ودينيون في العراق على السلطة في عراق ما بعد الرئيس السابق صدام حسين زادت مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة.

وفي دلالة على تزايد الصدام بين واشنطن والحكومة التي يقودها الشيعة اتهم عبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق المبعوث الامريكي زلماي خليل زاد بتشجيع المسلحين السنة من خلال تصريحاته المطالبة بضرورة ضم سنة وأقليات أخرى في الحكومة.

ومن جانبهم طالب زعماء سياسيون من السنة قاطعوا المحادثات التي تدعمها الولايات المتحدة حول تشكيل حكومة وحدة طنية بعد اتهام زعماء الشيعة باذكاء الهجمات الانتقامية صراحة بانسحاب القوات الامريكية.

ولكن حتى صالح المطلك وهو متشدد يرأس جبهة الحوار الوطني يقول انه لا يريدهم الرحيل في الوقت الراهن.

وأردف قائلا انهم طالبوا بانسحاب الامريكيين وما زالوا يطالبون بهذا ولكن اذا كان الامريكيون يرغبون في الانسحاب فلابد أن يصححوا الاخطاء التي ارتكبوها في العراق.

وفي تقرير الى الكونجرس قال بيتر رودمان مساعد وزير الدفاع لشؤون الامن الدولي ان القوات الامريكية بدأت تسلم للقوات العراقية المزيد من المسؤوليات "حتى يمكن أن تصبح قوات الائتلاف أقل ظهورا وأقل عرضة للخطر."

وأردف قائلا "الامر يتعلق بالانقسام الذي يعاني منه الرأي العام العراقي بصفة عامة.. من الواضح أنهم لا يريدون وجود أجانب في بلادهم ولكنهم لا يريدوننا أن نرحل بعد لانهم يعلمون أنهم ليسوا مستعدين."

وتابع "المسألة لا تتعلق بما اذا كانوا يحبونا. ما نريده منهم هو الالتزام بمستقبلهم السياسي ومؤسساتهم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء  28  /شباط /2006 -29 /محرم الحرام/1427