الهدوء يسود بغداد بعد تمديد الحملة الامنية

(وكالات) - ظلت العاصمة العراقية هادئة يوم الاحد في بداية اسبوع العمل حيث جرى تمديد الحظر المروري حتى يوم الاثنين لتقليل احتمالات وقوع مزيد من العنف.

وحذر وزير الدفاع سعدون الدليمي يوم السبت من خطورة وقوع حرب أهلية بلا نهاية مع استعار اعمال العنف الطائفية بمقتل اكثر من 40 شخصا وتوجيه القيادات الشيعية والسنية لنداءات بوقف حمام الدم المستمر منذ اربعة أيام.

ومع تراجع احتمالات انسحاب القوات الامريكية من العراق في القريب العاجل طلب الرئيس الامريكي جورج بوش من القادة العراقيين العمل سويا لانهاء دائرة العنف التي اعقبت تفجيرا لمزار شيعي يشتبه انه من تنفيذ تنظيم القاعدة.

واجتمع القادة العراقيين وانضم اليهم السفير الامريكي على مدى ثلاثة ايام ثم ظهروا على التلفزيون كي يؤكدوا التزامهم بالجهود التي ترعاها الولايات المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية وللدعوة الى انهاء أعمال العنف الطائفية.

ودعا رئيس الوزراء الشيعي ابراهيم الجعفري الى ان يتحد العراقيون ويحاربون الارهاب. جاء ذلك في مؤتمر صحفي بينما كان يقف بجواره الزعماء الاكراد والعرب السنة.

وقالت مصادر في الجيش إن اعمال العنف التي جرت منذ التفجير الذي دمر قبة المسجد الذهبي في سامراء أدت الى مقتل اكثر من 200 شخص. ولكن وزير الدفاع قال ان الرقم الحقيقي يبلغ نصف ذلك.

بدوره حذر وزير الدفاع العراقي يوم السبت من مخاطر اندلاع حرب اهلية "لن تنتهي ابدا" مع تصاعد حدة العنف الطائفي مجددا يوم السبت ومقتل أكثر من 40 في حين اجتمع زعماء سنة وشيعة في محاولة لوقف اربعة أيام من اراقة الدماء.

ومع اندلاع أسوأ أزمة منذ الغزو الامريكي تهدد خطته لسحب 163 ألف جندي أمريكي من العراق اجرى الرئيس الامريكي جورج بوش سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع زعماء عراقيين من كل الطوائف لحثهم على وقف موجة من الهجمات اشعلها تفجير يشتبه بأن القاعدة نفذته ضد ضريح شيعي يوم الاربعاء.

واجتمع كبار الزعماء العراقيين لاجراء محادثات تستهدف اعادة خطط تشكيل حكومة وحدة وطنية الى مسارها. وأذاع التلفزيون العراقي وقائع الاجتماع الذي حضره السفير الامريكي على الهواء مباشرة في جهود حثيثة لنزع فتيل التوترات الطائفية.

وقال وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي وهو من الاقلية السنية في الحكومة المؤقتة التي يقودها الشيعة في مؤتمر صحفي انه اذا اندلعت حرب اهلية في العراق فلن تنتهي ابدا. واضاف ان الحكومة مستعدة لملء الشوارع بالعربات المدرعة.

وقال قادة انه ليس لدى قوات الامن العراقية البالغ قوامها 232 الف فرد ومدربين على ايدي القوات الامريكية الكثير من الدبابات لكن القوات الامريكية التي تجوب بغداد بمدرعات ثقيلة تقف ايضا على اهبة الاستعداد. وقد تواجه قوات الشرطة الجديدة التي تفتقر للخبرة والجيش العراقي الاختبار في حالة اندلاع اي اشتباك مع الميليشيات التي اختير منها العديد من الاشخاص للانضمام للجيش والشرطة.

وقالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) في تقرير امس الجمعة انه لا توجد وحدات عراقية قادرة على القتال بمفردها ولكن هناك كتائب تضم نحو 40 الف جندي قادرة على تولي دور القيادة في قتال المسلحين بمساعدة امريكية اي بزيادة 50 في المئة عما كانت عليه في الاشهر الثلاثة الماضية.

ودعا الدليمي الى الهدوء وقال ان التقارير بالغت في أعداد القتلى التي قدرها بنحو 119 قتيلا منذ التفجير غير الدموي لقبة المسجد الذهبي في سامراء صباح يوم الاربعاء الماضي. وتقول الشرطة ان اكثر من 200 قتلوا في المدينة والمناطق المحيطة بها.

وعرض أشرف قاضي مبعوث الامم المتحدة تقديم المساعدة لانهاء الازمة.

وقال فريدريك جونز المتحدث باسم مجلس الامن القومي التابع للبيت الابيض ان بوش شدد خلال محادثاته مع سبعة زعماء عراقيين على دعمه لتشكيل حكومة وحدة في العراق واشاد بتعاملهم مع الموقف.

واضاف جونز "شجعهم على مواصلة العمل سويا لاحباط جهود مرتكبي العنف لبث الفرقة بين الطوائف العراقية."

وظهر الرئيس العراقي جلال الطالباني وهو كردي ورئيس الوزراء ابراهيم الجعفري الشيعي على شاشة التلفزيون العراقي وهما يجتمعان مع نحو 25 من زعماء الكتل الثلاث الرئيسية الشيعة والسنة والاكراد.

وقال متحدث باسم الجعفري انهم سيبحثون تشكيل حكومة وحدة وطنية ولكن مسؤولا كبيرا في التكتل السني الرئيسي الذي انسحب من محادثات تشكيل الحكومة التي ترعاها الولايات المتحدة احتجاجا على العنف قال ان المحادثات استهدفت فقط تشكيل لجنة لايجاد سبيل لانهاء موجة العنف الحالية.

وقال السفير الامريكي لدى بغداد زلماي خليل زاد الذي انتقده زعماء شيعة الاسبوع الماضي لضغطه من أجل ضم السنة للحكومة ان تشكيل حكومة وحدة وطنية سيساعد على تجنب خطر حرب أهلية وهو خطر قال انه تقلص يوم السبت.

وأبلغ زاد الصحفيين "مازال الامر يمثل خطرا ... ولكن خطر الانزلاق الى حرب بسبب التفجير تقلص."

وفي مقابلة مطولة مع التلفزيون العراقي طمأن خليل زاد العراقيين بأن واشنطن مستعدة للمساعدة بأي وسيلة. وقال "الولايات المتحدة استثمرت الكثير في العراق. فشل العراق هو فشلنا."

وفي وقت سابق اجتمع معاونون لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مع زعماء دينيين وسياسيين من السنة وأصدروا بيانات مشتركة تحض على وحدة المسلمين. ونفى الصدر أن تكون ميليشيا جيش المهدي ضالعة في الهجمات على مساجد السنة.

وقالت الشرطة انها عثرت على جثث 14 فردا من رجال الكوماندوس التابعين للشرطة قرب مسجد للسنة. وقالت الشرطة ان المسجد تعرض للهجوم خلال الليل على أيدي مسلحين يرتدون الملابس سوداء وهي التي تفضلها بعض الميليشيات الشيعية.

وانفجرت سيارة ملغومة في سوق بمدينة كربلاء في جنوب العراق يوم السبت مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الاقل واصابة 31 اخرين.

وبالقرب من بعقوبة قالت الشرطة ان مسلحين قتلوا 12 شخصا من عائلة واحدة في منزلهم فيما وصفته بانه هجوم طائفي على الشيعة.

وسقطت صواريخ وقذائف هاون على مدينة الصدر الشيعية في شرق بغداد مما اسفر عم مقتل ثلاثة أشخاص في منزل واحد. وقتل ثلاثة اخرون في شمال بغداد بقذيفة مورتر استهدفت فيما يبدو مسجدا سنيا.

وقالت الشرطة ان ثلاثة على الاقل من قوات الامن العراقية قتلوا في هجوم على جنازة أطوار بهجت مراسلة قناة العربية التي قتلت أثناء متابعتها للاحداث في سامراء يوم الاربعاء.

وينفي قادة الميليشيات الشيعية المتنافسة ارسال قوات لمهاجمة اهداف سنية ولكن اظهار القوة يعزز من موقفهم في المحادثات.

ويتجاوز الغضب الشيعي اي استفزازات سبق ان اثارتها هجمات السنة التي قتلت الاف الاشخاص منذ ان اطاحت القوات الامريكية بنظام صدام حسين وتخشى شخصيات كبيرة من ان بعض الشيعة ربما يكفوا عن الاستجابة لنداءات من قادتهم الدينيين للتحلي بضبط النفس.

والقى مسؤولون عراقيون وامريكيون باللوم في الهجوم غير الدموي على المسجد الذهبي في سامراء على القاعدة قائلين انها تريد تخريب مشروع ارساء الديمقراطية في العراق فيما تتهم القاعدة الشيعة بتنفيذ الهجوم لتبرير شن هجمات على السنة.

وفي خارج العراق تسود مشاعر القلق من ان يشعل العنف الطائفي في العراق منطقة الشرق الاوسط باسرها اذا خرج عن نطاق السيطرة.

وقد ادان كبار الزعماء السياسيين بالعراق العنف الطائفي واتفقوا يوم السبت على المضي قدما في الجهود الرامية الى تشكيل حكومة جديدة بعد اجتماع ازمة لانهاء التوترات التي اثارت المخاوف من اندلاع حرب اهلية.

وجاءت المحادثات التي حضرها رئيس الوزراء الشيعي ابراهيم الجعفري والرئيس العراقي الكردي جلال الطالباني وكبار الساسة السنيين والعلمانيين بعد اربعة ايام من اندلاع اسوأ اعمال عنف يشهدها العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.

وقال الجعفري في كلمة اذاعها التلفزيون العراقي على الهواء عقب الاجتماع الذي استغرق ثلاث ساعات ان لدى شعب العراق عدو واحد وهو الارهاب ولا شيء غير الارهاب. واضاف انه ليس هناك سنة ضد شيعة او شيعة ضد سنة.

وقال ان كل الاطراف او معظمها عبرت عن اهمية الاسراع بالعملية السياسية دون اي تأخير.

وحضر ساسة من العرب السنة الذين علقوا مشاركتهم في مفاوضات تشكيل حكومة جديدة الاجتماع الذي حضره ايضا السفير الامريكي لدى العراق زالماي خليل زاد.

وجاء الاجتماع بعد ان اجرى الرئيس الامريكي جورج بوش عدة اتصالات هاتفية يوم السبت مع زعماء عراقيين من جميع الطوائف وحثهم على العمل معا لتهدئة العنف.

وفي وقت سابق عقد زعماء دينيون وسياسيون اصحاب نفوذ من الشيعة والسنة محادثات في بغداد يوم السبت وتعهدوا بتوحيد صفوفهم لوقف العنف الطائفي الذي اسفر عن مقتل 40 عراقيا اخر على الاقل اليوم السبت.

وقال فريدريك جونز المتحدث باسم مجلس الامن القومي التابع للبيت الابيض ان بوش شدد خلال محادثاته مع سبعة زعماء عراقيين على دعمه لتشكيل حكومة وحدة في العراق واشاد بتعاملهم مع الموقف.

واضاف جونز "شجعهم على مواصلة العمل سويا لاحباط جهود مرتكبي العنف لبث الفرقة بين الطوائف العراقية."

وقال الجعفري وقد وقف الى جواره زعماء الاكراد والسنة العرب انهم اتفقوا ايضا على حماية الاضرحة والمساجد ودفع تعويضات والحيلولة دون تكرار اعمال العنف.

وقرروا ايضا تشكيل لجنة تحقيق.

ويحاول الزعماء السياسيون تشكيل حكومة منذ اعلان نتائج انتخابات ديسمبر كانون الاول البرلمانية رسميا في منتصف يناير كانون الثاني.

واندلعت اعمال العنف بعد تفجير مزار شيعي في سامراء شمالي بغداد يوم الاربعاء في هجوم مشتبه به للقاعدة مما اثار موجة من الهجمات الانتقامية ضد المسلمين السنة.

وقتل اكثر من 200 شخص في الصراع الطائفي الذي يهدد امال ادارة بوش بسحب قواتها من العراق.

واجتمع ممثلون للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر مع اعضاء في هيئة علماء المسلمين اكبر هيئة دينية سنية وجبهة التوافق العراقية اكبر تكتل سياسي للسنة عند موقع ضريح سني في بغداد شهد اشتباكات خلال الليل.

وتعهد ممثلو الصدر بوحدة العراق مع هيئة علماء المسلمين وجبهة التوافق العراقية وهي التكتل السني الرئيسي. ويتهم بعض السنة ميليشيا الصدر بمهاجمة مساجد السنة انتقاما للهجوم على المزار الشيعي في سامراء.

واكد ممثلو الصدر مجددا نفيهم قيام ميليشيا جيش المهدي الموالية للصدر بمهاجمة السنة ومساجدهم.

وقال فاضل الشرع رجل الدين الذي مثل الصدر في المحادثات التي جرت في مسجد سني في بغداد انه ما من سبيل لانقسام الشيعة والسنة مهما كانت المؤامرات.

والقى الشرع باللوم على الاحتلال الامريكي للتصرفات التي تهدف الى اذكاء توترات طائفية ودعا الى مغادرة القوات الامريكية للعراق أو وضع جدول زمني للانسحاب.

وفي لفتة رمزية أمسك زعماء الشيعة والسنة بايدي بعضهم البعض ثم أدوا الصلاة بعد المحادثات التي عقدت في مسجد ابو حنيفة الذي شهد أحد الاشتباكات التي جرت خلال الليل.

واحتضن الزعماء بعضهم البعض وهللوا "الله أكبر .. الله أكبر."

شبكة النبأ المعلوماتية الاحد  26  /شباط /2006 -27 /محرم الحرام/1427