خفايا المشهد العراقي في الصحف البريطانية

كان للصحف البريطانية آراء مختلفة حول الحادث الاجرامي وهو تفجير القبة الذهبية لضريح الامام علي الهادي في سامراء. والاراء التي تعرضها الصحف البريطانية يمكن ان تكشف الكثير من خفايا المشهد العراقي

وقد اجمعت الصحف البريطانية على ان هذا الحادث يمثل نقطة خطيرة اخرى في المنزلق الذي قد يؤدي الى اندلاع حرب اهلية في العراق.

صحيفة الاندبندنت خصصت كامل صفحتها الاولى لتطورات الوضع في العراق ونشرت صورتين لقبة الامام الهادي قبل تفجيرها وبعده.

وعنونت الصحيفة على صفحتها الاولى "يوم فتحت ابواب الجحيم".

وفي الصفحة الثانية تقرير موسع حول الموضوع جاء عنوانه على الشكل التالي "تدمير اقدس مواقع الشيعة يقرّب العراق من حافة حرب اهلية".

واعتبر التقرير ان الحرب الاهلية اندلعت فعلا من حيث الارقام مشيرا الى ان عددا كبيرا من الجثث التي تصل الى مشارح بغداد (ألف جثة شهريا) هي لاشخاص قتلوا نتيجة عنف طائفي.

وتنقل الصحيفة عن غسان العطية وهو خبير في الشأن العراقي "ان العراق اليوم يشبه الوضع في ألمانيا خلال العشرينات من القرن الماضي، وسوف ينتهي المطاف فيه اما بالتفتت او بقيام حكومة سلطوية".

وتشير الاندبندنت الى ان بعض المواطنين في بغداد اشتروا كميات من الطعام وخزونها في منازلهم تحسبا لما سيأتي بعد اندلاع العنف الطائفي.

وقالت صحيفة الجارديان انه "برغم العنف المتواصل والهجمات المخيفة على المدنيين فان تفجير احد اقدس مزارات المسلمين الشيعة يعتبر من اخطر الاعمال الهادفة الى اثارة الحرب الاهلية".

في افتتاحيتها، قالت الجارديان ان "مصالح الشعب العراقي من كل الفئات تتطلب تجاهل الاستفزاز ومحاولة بناء بلد خارج من حطام الديكتاتورية والاحتلال".

واضافت "ان الذين دمروا النظام العراقي السابق يجدون انفسهم اليوم غير قادرين على السيطرة بسهولة على النظام الجديد ومجبرين على دفع ثمن غال من اجل اعادة تركيب اشلاء البلد مجددا".

وتقول صحيفة الديلي تلجراف في تحليل لها ان زعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي "وضع خطة بسيطة لكنها وحشية: مهاجمة الشيعة واضعافهم والتحريض على حرب طائفية من شأنها جر باقي الدول العربية لدعم السنة".

واستشهدت الصحيفة بمقاطع من رسالة كتبها الزرقاوي الى زعيم القاعدة اسامة بن لادن تدل على رغبة الاول في مهاجمة مقدسات الشيعة.

وتعتبر الصحيفة ان الزرقاوي "يجب ان يكون المشتبه به الاول في هذا الحادث إلا انه نظرا الى تشعب المجموعات المسلحة في العراق، فربما يكون متطرفون آخرون مسؤولين عن هذا الهجوم لاسباب مشابهة".

واشارت الى ان اتباع الزرقاوي خاضوا مواجهات في الفترة الاخيرة مع مسلحين من مجموعات سنية اخرى تجد نفسها على تناقض مع افعال الزرقاوي.

وختمت الصحيفة "اذا، وفقط اذا تمكن الشيعة من كبح جماح غضبهم، فان تدمير القبة الذهبية يمكن ان يكون بداية النهاية للزرقاوي واتباعه".

وترى صحيفة الفاينانشيال تايمز ان تفجر العنف في العراق يكشف ضعف الموقف الأمريكي" على ما يعتبره الكاتب هشاشة موقف الإدارة الأمريكية والذي كشف عنه تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، والذي يكاد يوصلها إلى حرب أهلية بين الشيعة والسنة على خلفية تفجير مرقد سامراء.

واعتبرت صحيفة التايمز أن مراسلة قناة العربية الصحافية أطوار بهجت التي لقيت حتفها، كانت، بسبب هويتها التي تختلط فيها الجذور السنية والشيعية، هدفا مزدوجا للسنة والشيعة.

وتقول الصحيفة: "كانت هناك أسباب عديدة لعدم قتل الصحافية أطوار بهجت، فنصفها سني ونصفها الآخر شيعي، وهي امرأة عراقية تبلغ من العمر 30 عاما، ومن مواليد سامراء، وواحدة من أبرز الصحافيين في قناة العربية التي تتخذ من دبي مقرا لها، إلا أنهم قتلوها. وأطلقوا عليها عياراتهم النارية في في طريق تعلوه الغبار على بعد 10 كيلومتر شمال مسقط رأسها بينما كانت تعد تقريرا لها حول التفجير الذي استهدف ضريحا شيعيا في مدينة سامراء الأربعاء الماضي. "

وأضافت الصحيفة أن المراسلة العراقية وزميليها الآخرين الذين لقيا حتفهما أيضا في الحادث يعتبرون من الضحايا الأوائل لما تعتبره الصحيفة اشتعالا لفتيل مواجهات انتقامية جرت البلاد قاب قوسين أو أدنى من حرب أهلية.

وتقول التايمز إن كونها من أصول شيعية وسنية لم يشفع لها. وتضيف أن الهدنة بين السنة والشيعة " صمدت لمدة ثلاثة أعوام في وجه عمليات التفجير في الأسواق الشعبية والسيارات المفخخة خارج مراكز الشرطة والجثث المتناثرة في الخنادق، وها هي الآن على وشك الانهيار. فقد انتشرت فرق الموت في شوارع بغداد وفي مدن شيعية أخرى تترصد السنة لقتلهم. كما هوجمت العديد من مساجد السنة وقتل أو اختطف بعض أئمتها. وتم تمديد حظر التجول وألغيت أجازات عناصر الشرطة وأفراد الجيش."

وفي مقال للرأي في صحيفة الجارديان كتب سايمون تسدال يقول إنه من غير الواضح ما تنوي الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين تفتقدان للأفكار الجديدة وتواجهان عاصفة من الصعوبات في منطقة الشرق الأوسط، فعله لمواجهة العنف المتصاعد.

ووضع الكاتب تشبيها للاتهامات المتبادلة بين زعماء الطائفتين السنية والشيعية بهجوم قد يشنه بابا الفاتيكان على كبير أساقفة كانتبري في حال وقوع هجوم على كنيسة القديس بطرس.

ويضيف تسدال أن تزامن هذه الأحداث مع الفشل في تشكيل حكومة "وحدة وطنية" يبين تزايد الشروخ بين الطائفتين وفشل الجهود المبذولة للتقريب بينهما.

وحسب الجارديان فإن معظم العراقيين يريدون رحيل القوات الأجنبية. وفيما ينتقد الشيعة الأمريكيين لعدم تمكنهم من حماية سامراء، يتهمهم السنة بنهج سياسة غض الطرف إزاء ميليشيات فرق الموت.

كما أن معنويات الجنود البريطانيين في الحضيض وشكاوى عناصر الجيش العراقي لا تتوقف من أن السيطرة على المدن والأرياف مجرد ضرب من الخيال.

ويخلص المقال الافتتاحي إلى أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي تراجعت شعبيته مع اقتراب موعد الانتخابات، بدأ يقلص من طموحاته في العراق، تماما كما قلص من حجم القوات العاملة هناك.

ولم يعد الحديث الآن عن انتصار وإنما عن "خروج حافظ للكرامة". وحسب كاتب المقال فإن منظري الحرب على العراق وجلب الديمقراطية إلى الشرق الأوسط من المحافظين الجدد تراجعوا فكريا أو نقلوا إلى مناصب أخرى، كما هو الشأن بالنسبة لبول وولفوفيتز وجون بولتون.

وينقل تسدال عن أحد المبعوثين الأمريكيين السابقين إلى المنطقة قوله:" يمكن إرجاع جزء كبير من الفشل في العراق إلى نواقص بوش كزعيم. فقد خاض سياسته في العراق بعجرفة لم تكن تقابلها الإرادة السياسية.

شبكة النبأ المعلوماتية الاحد  26  /شباط /2006 -27 /محرم الحرام/1427