وهل بعد ذلك من عذر؟

محمود الموسوي

اقتحام، وتعبئة، وتفجير .. ومن قبل كانت المساجد والأبرياء في كل مكان تفجّر على مرأى من العالم ومسمع، و قد اجتهد البعض من أنصار السكوت على الاعتداءات وتبريرها لأولئك القتلة وسفاكي الدماء، لكي يحصلوا لهم على منفذ تبرير، أو استبعاد أي أيدي طائفية بغيضة لم تفهم من الدين إلا رسمه، فهل بعد هذا الإعتداء الآثم من عذر وتبرير؟

شخصياً أقول إن إدانة الفاعلين تحصيل حاصل، فهم من قبل معروفون من خطابهم و أفعالهم أنهم من سلالة يزيد ابن معاوية الذي قتل أهل بيت النبوة وموضع الرسالة وقطّعهم ورفع روؤسهم على الرماح، فلا فرق أبداً بين ذاك و هؤلاء، فهي مدرسة سفك وفساد في الأرض واحدة، تجتمع على بغض أهل البيت (عليهم السلام) وتكنّ لهم الأحقاد منذ ذلك الزمن، إلا أن ما ينبغي أن يؤكّد على إدانته هم أولئك التبريريون، الذي تنتفض عروقهم عندما يسمعون أن الفكر الحسيني مازال قائماً، وأن النهج اليزيدي مازال قائماً أيضاً، فليس عندي من شكّ ولو بمقدار رأس إبرة في بحر من أن الذين ينفّذون تلك الإعتداءات تجاه أضرحة أهل البيت (عليهم السلام) وضدّ شيعتهم ومواليهم هم من أنصار يزيد و هم من كل حدب ينسلون، إلا أن ما قد يلحق بهم عملاً وصفة هم أولئك التبريريون من الكتّاب و المتصدين على المنابر، و السياسيين، فمن أحب عمل قوم حشر معهم، هذه المقولة تبعث في نفس كل مدّع لحب أهل البيت (عليهم السلام) زوراً وكذباً الإستنفار، فيفضحه قلمه ولسانه بتبرير بائس، لا يزيده ذلك إلا انتماءً لضغمة يزيد بن معاوية الفاسق.

وهل تفجير قبّة شريفة من قباب مشاهد أهل البيت (عليهم السلام) كما حدث في سامراء من اعتداء على ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هل يعدّ هذا عملاً وطنياً لتحرير البلاد ؟! وهل سنتكلّف التحليل فنلقي مسئولية هذا العمل على الأمريكان، وإن كانوا من المستفيدين ؟!، إلى متى سيتم الإستخفاف بالعقول، والحقيقة فإن كل من يتكلّف تبريراً لليّ الحقائق، فإنما يستخفّ بعقله هو، فالناس أكثر وعياً من أن تمر عليهم هرطقات الكتبة وبائعي الحديث.

إن هذا الحادث المؤلم الذي طال مقدسات المسلمين من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، لا ينبغي أن يمرّ مرور الكرام، فمن لا يدين هذه الأفعال الشائنة صراحة، كيف يمكن أن تتكوّن معه حالة تعاون واحترام، فينبغي أن يعلوا خطاب الإدانة من غير الشيعة كبراءة منهم لمثل هذه الأعمال، ولكي لا يؤسّسوا لثقافة الإعتداء والقتل ضد الآخر، وعليهم أن لا يتبعوا خطوات التبرير، فهي أشدّ أثراً في تمادي مثل وهؤلاء الإرهابيين.

كما أن على مستلمي السلطة في العراق أن يجعلوا حماية الأضرحة وأمن الزوّار من أولوياتهم، فهي ليست ملكاً للعراق وحده، بل هي مقدّسات الملايين من المسلمين ومهوى أفئدتهم، كما أن هذا الأمر ينبغي أن يؤسس لشرط قبول ودخول في أي تشكيل حكومي في العراق، وهو أن يتبرأ الداخلون صراحة من أولئك، بل ويعملوا على مقاومتهم وكفّ أذاهم، فلا ينبغي أن تمر هذه الحادثة دون تأثير في التفكير السياسي، والتفكير الإجتماعي، والثقافي، لكي يأخذ من لطّخت يده بهذا الإعتداء درساً كبيراً بأن السحر انقلب على الساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى، تماماً كما كان يزيد يظن بأن بقتله الإمام الحسين سينهي المدّ الحسيني وفكر أهل بيت النبوّة، إلا أنه كان مخطئاً، فما زاد القتل والظلم إلا إصراراً على هذا النهج وعمقاً لهذا التفكير وسعة لمعسكر الإمام الحسين (عليه السلام).

 www.mosawy.org

شبكة النبأ المعلوماتية الاحد  26  /شباط /2006 -27 /محرم الحرام/1427