غضب وسخط يجتاح العراق بسبب الاعتداء على ضريح العسكريين عليهما السلام

الوكالات: شهد العراق الاربعاء "حرب مساجد" تسبب بها هجوم على مزار ديني شيعي في سامراء شمال بغداد مما ادى الى تدميره جزئيا وتبعته سلسلة اعتداءات على مساجد سنية قتل خلالها ثلاثة ائمة وثلاثة مصلين.

وسارعت السلطات الدينية في الطائفتين الشيعية والسنية الى الدعوة الى التهدئة وتفويت الفرصة على الساعين الى اثارة فتنة طائفية وحرب اهلية.

وذكر مصدر في وزارة الداخلية مساء الاربعاء ان ستة عراقيين سنة قتلوا بينهم ثلاثة ائمة مساجد في بغداد حيث تعرض 27 مسجدا سنيا لهجمات. كما تم خطف احد الائمة واضرمت النار في مسجد.

من ناحية اخرى قتل احد حراس مركز للحزب الاسلامي (سني) في الناصرية (375 كلم جنوب بغداد) الذي تم اضرام النار فيه كما اعلنت الشرطة.

وكان مسؤولون سنة اكدوا وقوع 29 اعتداء على مساجد سنية في عموم العراق بعد الهجوم الذي تعرض له مرقد الامامين الشيعيين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء (120 كلم شمال بغداد) وطالبوا "باعلان حظر التجوال من اجل وقف الفتنة".

وقال طارق الهاشمي الامين العام للحزب الاسلامي العراقي الذي يعد احد اكبر الاحزاب السنية "اننا ندعو الى ضبط النفس في فتنة لا غالب فيها ولا مغلوب". واعتبر ان "هناك مؤامرة دبرت لهذا الشعب المظلوم ولا بد ان يتعاون الجميع للخروج من هذه المحنة" منددا بالاعتداء الذي استهدف المرقد الشيعي في سامراء.

وقالت الشرطة العراقية اليوم الخميس ان 53 شخصا قتلوا في بغداد في الاربع والعشرين ساعة الماضية عقب تفجير مزار شيعي في هجوم أثار أسوأ أعمال عنف طائفية تشهدها البلاد منذ سقوط صدام حسين.

وقال نخلة الحاج مدير الاخبار بقناة العربية التلفزيونية يوم الخميس ان مسلحين خطفوا مراسلة تعمل بالقناة وقتلوها واثنين من طاقمها التلفزيوني في العراق.

وقال الحاج ان قناة العربية التي يقع مقرها في دبي فقدت الاتصال بمراسلتها العراقية أطوار بهجت وثلاثة من طاقم العاملين معها في ساعة متأخرة يوم الاربعاء بعد أن غادروا مدينة سامراء.

وأضاف أنه خلال الكمين الذي نصب لهم تمكن أحد المصورين من الهرب وابلاغ الشرطة.

وقال ان الشرطة عثرت على جثثهم في وقت لاحق وانها الان في مستشفى سامراء.

وفي أكثر الاعمال الانتقامية دموية للهجوم على واحد من أقدس المزارات الشيعية هاجم رجال يرتدون زي الشرطة سجنا في مدينة البصرة الشيعية واقتادوا 12 شخصا يشتبه في انهم متمردون سنة بينهم مصريان وقتلوا 11 منهم.

واستدعى الرئيس العراقي جلال طالباني زعماء من جميع الاطراف الى اجتماع قمة في الساعة 10.30 صباحا (0730 بتوقيت جرينتش) بعد التفجير الذي اثار غضبا بين الغالبية الشيعية فاق الغضب الناجم عن مقتل الوف الاشخاص بأيدي متشددين سنة منذ ان اطاحت القوات الامريكية بحكومة صدام التي هيمن عليها السنة قبل ثلاث سنوات.

وحث الرئيس الامريكي جورج بوش -الذي يضغط قادته العسكريون ودبلوماسيوه على الزعماء الشيعة ليقبلوا السنة في حكومة وحدة وطنية بعد ان شاركوا في انتخابات ديسمبر كانون الاول- العراقيين على تجنب ما وصفه مسؤولون امريكيون وعراقيون بأنه محاولة من جانب تنظيم القاعدة لاشعال حرب أهلية.

وقال بوش في بيان بعد الهجوم الذي وقع فجر الاربعاء ودمر قبة المسجد الذهبي في سامراء وهو من اقدس المزارات لدي الشيعة "الارهابيون في العراق اثبتوا مرة اخرى انهم اعداء كل الاديان والبشرية."

ووصف بوش الهجوم بانه "عمل جبان" وتعهد بان تساعد الولايات المتحدة في تعقب المسؤولين عن التفجير وفي اصلاح المزار.

وقال بوش "العنف سيسهم فقط فيما يسعى الارهابيون الى تحقيقه" بينما يقف 130 الف جندي امريكي لدعم قوات الامن العراقية الجديدة وحفظ النظام.

وقتل شرطي يحرس مسجدا سنيا في مدينة الديوانية الشيعية الجنوبية في هجوم شنه متشددون شيعة. ويوجد ثلاثة من رجال الدين السنة بين قتلى يوم الاربعاء.

وأعرب مجلس الامن الدولي الذي نادرا ما يجد صوتا مشتركا بشأن العراق منذ الانقسامات المريرة بعد الغزو الامريكي في عام 2003 عن الانزعاج ودعا العراقيين الى الالتفاف وراء حكومة غير طائفية.

وقال مجلس الامن "أعضاء مجلس الامن يتفهمون الغضب الذي سببته الهجمات لكنهم يحثون شعب العراق على تحدي مرتكبيه من خلال اظهار ضبط النفس والوحدة."

وقال محمد طارق الذي كان يقف في طابور طويل خارج متجر خبز في بغداد فيما اسرع السكان الى منازلهم بعد ان اعلنت الحكومة الحداد لمدة ثلاثة ايام مما سيؤدي الى اغلاق المحال "اننا لا نعرف ما الذي يمكن ان يحدث في الايام القليلة القادمة." واضاف "سوف اشتري كل ما يمكنني شراؤه بسبب الموقف الامني."

وتريد واشنطن الاستقرار ليساعدها في اخراج قواتها لكن زعماء الشيعة جددوا انتقاداتهم الحادة لدعوتها لهم باعطاء السنة مناصب رئيسية في الحكومة حيث اتهم احد زعماء الاحزاب السفير الامريكي بتشجيع المهاجمين من خلال تأييد مطالب السنة بنصيب في السلطة هذا الاسبوع.

واتهم طالباني المهاجمين الذين ارتدوا زي الشرطة بمحاولة اخراج محادثات تشكيل حكومة وحدة وطنية عن مسارها قائلا انه يجب العمل سويا ضد مخاطر اندلاع حرب اهلية.

وانتشر افراد ميليشيا جيش المهدي الموالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر متخذين مواقع في بغداد والمدن الشيعية في الجنوب. واشتبكوا في البصرة وفي غيرها من المدن مع السنة فيما قال أحد معاوني الصدر انه اذا لم تكن الحكومة العراقية تؤدي واجبها في الدفاع عن الشعب العراقي فجيش المهدي مستعد لذلك. ولكن الصدر دعا الى الوحدة الوطنية.

وكان المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني دعا الى التهدئة وعدم مهاجمة المساجد السنية حسبما ذكر مسؤول في مكتبه. وقال المسؤول ان "اية الله السيستاني يدعو الى التهدئة وعدم التعرض الى المساجد والمقامات السنية (...) وحرم الاعتداء على المساجد السنية وخاصة مسجدي +ابو حنيفة+ و"الكيلاني" اكبر مسجدين سنيين في بغداد.

وكان المسؤول نفسه قال في وقت سابق ان "اية الله السيستاني اعلن حالة الحداد سبعة ايام وطالب العراقيين بالتظاهر لادانة هذا العمل كل في محافظته".

كما دعا الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر العراقيين الى "ضبط النفس وعدم مهاجمة المساجد السنية" حسبما ذكر التلفزيون العراقي.

من جهته دعا الرئيس العراقي جلال طالباني ديواني الوقفين الشيعي والسني الى اصدار بيان مشترك يستنكران فيه العمل "الارهابي" الذي استهدف مرقد الامامين. وجاءت تصريحات طالباني خلال لقائه رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري ورئيس ديوان الوقف السني بالوكالة اسماعيل علي طه.

واتهم طالباني "التكفيريين" بالوقوف وراء الاعتداء على ضريح الامامين الشيعيين علي الهادي والحسن العسكري من اجل "اثارة الفتنة الطائفية".

وتظاهر عشرات الآلاف من العراقيين في عدد من المدن العراقية للاحتجاج على الاعتداء من مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية شرق بغداد الى الكوت مرورا بالحلة والناصرية وبعقوبة.

وقال محمد ياسين (41 عاما) احد المتظاهرين في بعقوبة ان "ما يحدث هو محاولة لاشعال نار الحرب بين العراقيين وتفرقتهم وسنقف ضد محاولات الاشرار ان شاء الله".

كما تظاهر آلاف من اهالي مدينة سامراء السنية تعبيرا عن احتجاجهم بعد الهجوم الذي ادى الى تدمير جزء كبير من قبة ضريح الامام علي الهادي عاشر الائمة المعصومين لدى الشيعة.

ورفع الاهالي عمامة الامام علي الهادي وسيفه ودرعه التي كانت محفوظة في احد سراديب المرقد وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا امام".

وقال الشيخ احمد ضايع امام وخطيب مسجد الرسالة في سامراء وعضو هيئة علماء المسلمين (السنة) ان "هذا العمل الارهابي الذي استهدف مرقدا مقدسا للمسلمين يهدف الى زرع الفتنة الطائفية بين العراقيين".

وذكر مراسل فرانس برس ان مساجد المدينة السنية بثت عبر مكبرات الصوت "الله اكبر" و"الموت لاميركا" و"اميركا هي من جلب الارهاب الى العراق".

وكان مصدر في شرطة سامراء طلب عدم الكشف عن اسمه ذكر في وقت سابق ان "مسلحين مجهولين اقتحموا صباح اليوم مركز شرطة حماية الضريح وقيدوا عناصر الشرطة الخمسة الموجودين فيه ثم زرعوا عبوتين ناسفتين تحت القبة وقاموا بتفجيرها".

وقال سكان في المدينة ان جزءا من القبة المغطاة بالذهب انهار بعد تفجير العبوتين بفارق ثلاث دقائق بينهما.

واكد مصدر في مكتب ابراهيم الجعفري ان الجهات الامنية العراقية اعتقلت ثلاثة اشخاص يشتبه بتورطهم في الاعتداء ويجري التحقيق معهم حاليا. واوضح ان "عملية الاعتقال تمت بناء على معلومات حول لجوء هؤلاء الى احدى المناطق بعد تنفيذ الاعتداء مباشرة".

ويشكل ضريح الامام علي الهادي (827-868) الذي يضم ضريح الحسن العسكري (845-872) الامام الحادي عشر للشيعة مزارا للشيعة في هذه المدينة التي يشكل السنة غالبية سكانها.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 23  /شباط /2006 -24 /محرم الحرام/1427