اعادة اعمار العراق: إهدار وإخفاقات وفساد تتسبب في فقدان مليارات الدولارات

ضمان الرقابة على منشآت الاشغال العامة الحل الأمثل

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يكشف تقرير صدر مؤخرا عن عدد من العوامل منها، سوء التخطيط والإهمال والفساد، باعتبارها من المسببات التي نهشت برامج إعادة اعمار العراق وتسببت بالتالي في إهدار مليارات الدولارات دون ان تكون هناك اية آليات فعالة لرصد انهاء المشاريع ضمن مقدرات مالية خاضعة للرقابة الحكومية العراقية او الامريكية.

وفي غضون ذلك قال قائد وحدات سلاح المهندسين بالجيش الامريكي في العراق انه يتعين على العراق ضمان المحافظة على منشآت الاشغال العامة المكلفة وتجنب الاخطاء التي شابت الجهود التي دعمتها الولايات المتحدة بمليارات الدولارات من المساعدات الامريكية.

ويذكر التقرير الحكومي الذي أعده المفتش العام الخاص لإعادة أعمار العراقي، ستيوارت بوين، أن المشاريع التمهيدية الضخمة لإعادة بناء العراق تميزت بالإهدار والإخفاقات الناجمة عن "التخطيط الأعمى والمفكك" الذي استبق غزو العراق، وزادهما تدهور الأوضاع الأمنية تعقيداً.

وتساءل بوين، الذي تخوله سلطاته القضائية الإشراف على الأموال التي خصصها الكونغرس الأمريكي، وقدرها 50 مليار دولار لإعمار العراق: "لماذا بدأ تنفيذ مهام إعادة الأعمار بكثافة في غمار أجواء أمنية غير مستقرة."

ويأتي التقرير الأمريكي، تحت عنوان: "الدروس الصعبة: تجربة إعادة بناء العراق"، في أجواء أمنية يسودها الهدوء النسبي في العراق، وإقبال على انتخابات مجالس المحفظات في خطوة تعني قطع العراق أشواطاً واسعة نحو المصالحة السياسية وتحسن أداء قوات الأمن العراقي.

ويلفت التقرير إلى أن الحكومة الأمريكية "لم تكن مستعدة أو حتى قادرة على التجاوب مع المتطلبات المتغيرة على الدوام، لتأمين استقرار العراق."بحسب سي ان ان.

وينتقد التقرير مبادرة الحكومة الأمريكية في بدء مشاريع الإعمار رغم "عدم تأسيسها لبنى تحتية أو امتلاكها الموارد الضرورية لتنفيذ تلك المهام التي بدأتها في منتصف عام 2003."

ويتناول التقرير بالتفصيل كيفية استخدام "بحر من دولارات دافع الضرائب الأمريكي" من منتصف عام 2002 وحتى خريف 2008.

وأورد التقرير أن القوات الأمريكية وعقب الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين "لم تكن مستعدة أو مجهزة للتعامل مع الخطوة التالية: أجواء صراع ما بعد الأزمة الذي مزقه العنف، والتخريب، والجريمة، ومقاومة مسلحة وليدة، ونظام حكومي كان على وشك الانهيار، إلى جانب اقتصاد متدهور أصابه الجمود ثم الشلل.

وتابع:" إدارة البرنامج الأمريكي لإعادة الاعمار أربكته تحديات البناء في منطقة حرب... تخللته الكثير من التغييرات في إستراتيجيات إعادة البناء، وهزات، وعدم تكامل عمل الأجهزة الحكومية الأمريكية المختلفة."

التحقيق مع ضباط أمريكين لـ فساد في إعمار العراق

وقالت صحيفة نيويورك تايمز ان عددا من كبار ضباط الجيش الامريكي اصبحوا هدفا لتحقيق في قضايا فساد تتركز على جهود لاعمار العراق وتبلغ قيمتها 125 مليار دولار.

وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر رفيعة المستوى ان المحققين طلبوا الشهر الماضي الاطلاع على سجلات مصرفية شخصية للكولونيل انتوني بيل الذي كان مسؤولا عن عقد يتعلق باعادة اعمار العراق في عامي 2003 و2004.

وأضافت الصحيفة ان المحققين لا زالوا يحققون في نشاطات الكولونيل رونالد هيرتل من القوات الجوية والذي كان مسؤولا مهما عن التعاقدات في بغداد في 2004. ولم يتضح ما هي الادلة المحددة ضد هذين المسؤولين اللذين ينفيا اي اتهامات لهما بالفساد, طبقا للصحيفة.

الا ان مسؤولين يقولون ان العديد من القضايا الجنائية في السنوات الماضية تشير الى انتشار الفساد في العمليات التي ساعد الرجلان على ادارتها.

وكان تقرير فيدرالي صدر في العام الماضي قد كشف ان سياسة اعادة الاعمار التي اعتمدتها واشنطن في العراق فشلت بسبب الصراع البيروقراطي داخل البنتاجون والجهل بطبيعة المجتمع العراقي.

وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز ان وزارة الدفاع الامريكية اصدرت تقارير مبالغ فيها عن تحقيق تقدم في العراق في محاولة لتغطية الفشل الناتج عن الاخطاء في عملية اعادة الاعمار فور ان بدأت هذه العملية في التباطؤ.

ويكشف التقرير حسب نيويورك تايمز ان الولايات المتحدة وبعد اعوام من بدءها اكبر مشروع اعادة اعمار منذ خطة مارشل لاعادة اعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، اظهرت انها لا تملك السياسات ولا القدرات التقنية ولا الهيكلية التنظيمية لانجاز مشروع بهذا الحجم.

وتابعت الصحيفة نقلا عن التقرير بأن جهود اعادة الاعمار ركزت على إصلاح ما خلفه الغزو الامريكي للعراق من الدمار.

وخلص التقرير الى أن أحد أسباب الفشل هو عدم تكليف هيئة واحدة تكون مسؤولة عن المشروع وتحاسب على اخطائها. كما تطرق التقرير الى دور السياسات الحزبية الامريكية التي انعكست سلبا على اعادة الاعمار.

امريكا: العراق يجب ان يركز على مواصلة اعادة الاعمار

من جهة اخرى قال قائد وحدات سلاح المهندسين بالجيش الامريكي في العراق انه يتعين على العراق ضمان المحافظة على منشآت الاشغال العامة المكلفة وتجنب الاخطاء التي شابت الجهود التي دعمتها الولايات المتحدة بمليارات الدولارات من المساعدات الامريكية.

وقال الميجر جنرال مايكل اير قائد وحدات سلاح المهندسين في العراق ان الجيش الامريكي ركز من جديد على التأكيد على ان يخصص المسؤولون العراقيون من مهندسين ووزراء المزيد من الوقت والاموال للتشغيل والصيانة.

وتخصص الحكومة العراقية الآن اموالا لضمان ان تقدم المنشآت التي تستخدم في توليد الكهرباء ومعالجة المياه أو تقدم الرعاية الصحية الخدمات التي هناك حاجة ماسة اليها.

وقال اير في مقابلة اجريت معه مساء يوم الثلاثاء "انهم يقدمون هذا الالتزام في هذا الشأن."ويجب تدريب العمال لتشغيل معدات باهظة التكاليف كما يجب ان تشمل العقود الضمانات وقطع الغيار.وقال "توجد اشياء لم تكن تحدث في السابق."بحسب رويترز.

ومع تراجع اعمال العنف التي انتشرت في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 يركز العراقيون أكثر من أي وقت مضى على الخدمات الاساسية التي مازال بها نقص رغم جهود الاغاثة واعادة الاعمار الامريكية التي بلغت تكاليفها نحو 50 مليار دولار منذ عام 2003 .

وخلص المفتش العام الامريكي الخاص للعراق في دراسة نشرت هذا الاسبوع الى ان الولايات المتحدة فشلت الى حد كبير في تحقيق الاهداف التي وضعتها بعد الغزو لاعادة بناء منشآت الاشغال العامة العراقية.

ووجد ان الجهود الرامية الى تحسين انتاج الكهرباء والنفط اللذان ربما كانا أهم عوامل التقدم في العراق بعد انخفاض مستوى العنف تراجعت رغم المبالغ الكبيرة التي انفقتها ادارة الرئيس جورج بوش من اموال دافعي الضرائب.

وبينما كانت اعمال العنف تعرقل اعادة الاعمار فان معظم اللوم يقع على سوء تنسيق المشروعات الامريكية والفاقد في نظام التعاقد الامريكي والاحتيال الى حد ما. وفي احدى الحالات تأخر تنفيذ مشروع مياه تكاليفه 32 مليون دولار في غرب العراق عدة سنوات عن الموعد المقرر وارتفعت التكاليف الى ثلاثة امثال ما كان يجب ان تكون.

وهناك مشكلة اخرى ينظر اليها مرة اخرى على انها كانت السبب في فشل العراق في تشغيل وصيانة مشروعات اعادة الاعمار بطريقة مناسبة وبصفة عامة منشات الاشغال العامة المكلفة.

ومثل هذه المشاكل تنسب الى فترة الحكم الطويلة لصدام حسين التي امتدت عدة عقود عندما كانت العقوبات تعني ان الحصول على قطع الغيار لاجراء الاصلاحات غير متاحة وعندما كانت ثقافة الخوف تعني ان يقدم المسؤولون الخدمات مثل الكهرباء بأي ثمن.

وقال ريتشارد هانوك مدير البرنامج بسلاح المهندسين "ما شاهدناه هو انه كان يوجد اتجاه لتشغيل المعدات الى ان تتوقف عن العمل ثم يتم شراء معدات جديدة بدلا من القيام بجهود كبيرة لصيانتها. وهذا من الدروس التي تعلمناها."

وسلاح المهندسين الامريكي الذي منذ ان بدأ العمل في العراق منذ عام 2004 كان يدير مشروعات للبنية الاساسية واعادة الاعمار بلغت تكاليفها سبعة مليارات دولار حول جهوده الآن الى الاشراف على المشروعات الي يمولها العراق بصفة اساسية.

ورغم ذلك فانه حتى عام 2009 فان بغداد لا تحصل على امدادات الكهرباء سوى لبضع ساعات يوميا. وكان انتاج النفط يبلغ 2.58 مليون برميل يوميا قبل الغزو بينما يتراوح الآن بين 2.3 مليون و2.4 مليون برميل يوميا.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 21/شباط/2009 - 25/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م