
الكتاب: امبراطورية الثروة
المؤلف: جون ستيل جوردن / ترجمة محمد مجد
الدين باكير
الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون
والآداب / الكويت
عدد الصفحات: 247 من القطع المتوسط
عرض: علي حسين عبيد
شبكة النبأ: يبدأ هذا الكتاب بمقدمة
لمؤلفه جون ستيل تحت عنوان مثير هو (السعي نحو السعادة) لكن عنوان
الكتاب يشير كما هو واضح الى مزج بين مصطلحين أحدهما سلطوي والآخر
اقتصادي (إمبراطورية/ الثروة) ويقصد بها الولايات المتحدة الامريكية،
ويقول المؤلف في مقدمة كتابه هذا (إن أكبر نقاط قوة الولايات المتحدة
لا تكمن في المجال العسكري) لافتا بذلك الى مواقع قوة أخرى لدى أمريكا
تكمن في الجانب الاقتصادي الذي يستمد قوته من طبيعة الأرض الخصبة
والانسان الحيوي المتفوق معا، ناهيك عن النظام السياسي القائم على قوة
القانون وسلطته التي تعلو جميع السلطات.
يتكون هذا الكتاب إضافة إلى المقدمة، من جزئين، ويشمل الأول ثلاثة
فصول، وتتصدر الفصل الأول المعنون بـ (الأرض والشعب والقانون) كلمة
القس توماس هوكر التي يقول فيها (فليمضوا إلى فلاة شاسعة وغنية،
وليسيروا في مناكبها، حيث ينالهم النصَب وتقهرهم صعاب لا قبل لهم بها،
قبل أن تؤول إليهم تلك الارض الطيبة التي يعمرها الرخاء وتسيل لبنا
وعسلا).
ويستهل المؤلف هذا الفصل برؤية إبراهام لنكولن التي يقول فيها (ن اي
امة مهما تجاوزت قدراتها مجموع اجزائها هي نتاج عناصر ثلاثة: شعبها
وأرضها وقوانينها).
ويبحث هذا الفصل في طبيعة الارض الامريكية المكتشفة وصلاحيتها للسكن
بخلاف الارض التي ترعرع فيها المستكشفون والمستوطنون الاوربيون اول مرة
ثم يتطرق للمناخ السائد والمكتشفات التي اسهمت في تطوير العالم
كالمطبعة والسفينة الشراعيةالمهيأة للقيام برحلات طويلة عبر المحيط
وتلقى هذه الاكتشافات اهتماما كبيرا من قبل المؤرخين لكن هناك اهتمام
مقارب بالمبتكرات الفكرية.
ويحمل الفصل الثاني عنوان باسم الله والربح، وتطرق المؤلف فيه الى
طبيعة التطور الاقتصادي والمؤشرات التي رافقت هذا التطور في الولايات
المتحدة الامريكية، حيث ناقش عوامل النجاح والفشل والتطور الدراسي في
ولايات دون غيرها واسباب ذلك، وأقرّ المؤلف بأن الفشل الذي تعرض له
المشروع الصناعي الاول في امريكا الشمالية، فيما يتعلق بإنتاج الحديد
شكل القاعدة الفكرية الناجحة لتأسيس مثل هذه المشاريع الاقتصادية
وغيرها من المشاريع الصناعية ذات الربح الوفير.
ويخوض الفصل الثالث الموسوم بـ (الامبراطورية الاطلسية) في طبيعة
التسارع السكاني لملء مساحات الارض الصالحة للولايات الامريكية وتعدد
أوجه الصراع والمنافسة بين هذه الولايات والمجتمعات المتعددة لاسيما
المهاجرون القادمون من افريقيا واوربا الغربية وغيرهما.
ثم نصل الى الجزء الثاني من هذا الكتاب ونطالع كلمة كارل ماركس التي
تصدرت هذا الجزء حيث جاء فيها (يصنع الرجال تأريخهم، لكنهم لا يصنعونه
كما يشتهون؛ لا يصنعونه في ظروف يختارونها بأنفسهم، بل في ظروف تنشأ
مباشرة عن الماضي وتنبثق منه.) ثم نبدأ مع المقدمة التي تحدثت عن مرحلة
تحول الثورة الأمريكية، وطبيعة الصراع الذي خاضته امريكا من اجل طرد
المحتلين البرطانيينن ويرى المؤلف ان هذه الحرب كانت تملك شروط التفوق
الامريكي على البرطاني كونها تجري على الاراضي الامريكية مباشرة مما
اتاح لها شن هجمات مضادة سريعة أما بريطانيا فكان عليها ان تحارب من
مسافة ثلاثة آلاف ميل حيث كانت عكلية الاتصال مع الميدان تستغرق ثلاثة
على الأقل، وبعد ذلك اخذت هذه الحرب طبيعة جديدة ذات صبغة اقتصادية بين
الطرفين.
لنصل الى الفصل الرابع المعنون بـ (صنيعة هاملتون) فنطالع توطئة
المؤلف التي يقول فيها (لا دافع أقوى، في العلاقات الانسانية، من
المصلحة الذاتية) حيث يعرض لطبيعة العلاقات المالية والضرائب وما شابه
وتأثير ذلك في حركة النشاط الاقتصادي. ويقدم لنا الفصل الخامس بعض
الجهود الفردية التي تخوض في بعض الاكتسافات الخاصة بآلات زراعية كآلة
جني القطن وغيرها ثم طبيعة المتغيرات التي اعقبت استقلال امريكا ولجوء
بريطانيا الى الهند كي تحصل على ما تحتاجه من مواد أولية لصناعتها التي
كانت تعتمد على الزراعة الامريكية سابقا.
ونقرأ في الفصل السادس الذي حمل عنوان ( بالكد تتحقق المعجزات) بعض
التبادلات التجارية والاجراءات الخاصة بفرض الضرائب على السلع
والمنتوجات في بعض الولايات الامريكية وآثار ذلك سلبا وإيجابا على
الاقتصاد والحركة الزراعية والصناعية. وفي الفصل السابع الذي حمل عنوان
(صنائع جيفرسون الهدامة) نقرأ عرضا لطبيعة العلاقات المصرفية في امركا
وآثارها الكبيرة على الاقتصاد سلبا وايجابا، ونقرأ ايضا طبيعة الصراعات
الحادة في هذا المجال وانعكاسها على الواقع السياسي والصراعات المالية
التي كانت سائدة بين الولايات الشرقية من جهة والغربية من جهة اخرى،
وحالة الكساد التي اصابت الاقتصاد الامريكي نتيجة لهذه الصراعات بين
الافراد والمؤسسات المصرفية والسياسية. وفي الفصل الثامن نستهل عرض
المؤلف لاكتشاف المحرك البخاري الذي يُقال عنه بأنه اول مصدر للطاقة
المنتجة منذ طواحين الهواء التي ظهرت في بلاد فارسفي القرن السابع،
ويتطرق هذا الفصل الى حنين الناس الى العالم الذي سبق التطور الصناعي
الهائل وسيطرة عصر الآلة علة مقاليد الامور وتفاصيل حياة الناس حيث لجأ
الادباء ومنهم ديكنز الى كتابة النصوص التي تبحث عن العالم المفقود
الذي كان يشيع فيه الامان والطمأنينة وعدم ذكر سكك الحديد والتلغراف في
اعماله على الرغم من انهما تقنيتان طبعتا العالم الاقتصادي السائد في
ذلك الوقت.
اما الفصل التاسع المعنون بـ (قهر المستحيل) فقد وردت فيه كلمة
المؤلف التي يقول فيها (لم نفقد هذا الشعور قط، حتى في احلك الظروف
التي يخبئها المستقبل) وقد خاض في قطاع الاتصالات وتطورها ومساعدتها في
تسريع التطور والازدهار على الرغم من العقبات التي واجهت ذلك، فلقد
أشاعت المعجزات التي تحققت في مجالات التلغراف والسكك الحديد والصحف
والانارة، حسا من التفاؤل والايملن بالتقدم البشري. وفي الفصل العاشر
(الحيتان والخشب والجليد والذهب) وهو الأخير في هذا الكتاب نقرا دور
الواد التي شكلت العنوان في الاقتصاد والتداخلات العديدة التي حصلت
بينها، فيما توصل المؤلف الى ان هناك قوى سياسية ذات مصالح ضيقة كانت
تقسم البلاد (امريكا) الى شطرين شمالي وجنوبي على الرغم من التكامل غير
المسبوق الذي حققه الاقتصاد القومي . وعلى الرغم من ان الاتحاد المريكي
ولد من رحم الثورة،فإن الامة الامريكية لن تتشكل إلاّ على سندان الحرب
الأهلية المروعة.
وختاما يُعدّ هذا الكتاب ملحمة مثيرة ترسم الملامح المميزة للاقتصاد
الأمريكي وقصة إمبراطورية الثروة، حيث أسهم في صنعها الملايين التي لم
يقف بطريقها شيء في سعيها الى تحقيق مصالحها الذاتية في ظل حكم
القانون، وهذا هو أساس الحرية. |