هيلاري كلينتون.. من السياسات الحزبية الضيقة الى عالم محادثات الاطراف المتعددة

 

شبكة النبأ: قدرة السياسي على الموازنة بين الصراع والحلول الوسط قد تكون رصيداً هاماً في جعبة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية الجديدة وهي تتعامل مع تحديات السياسة الخارجية الامريكية المثبطة للهمم. فحين تولت السيدة الامريكية الاولى السابقة عضو مجلس الشيوخ السابقة منصب كبيرة الدبلوماسيين الامريكيين في الخارجية انتقلت من السياسات الضيقة القاصرة على حزبين الى عالم محادثات الاطراف المتعددة الرحب وان كان الكثير من المهارات مشتركة بين هذا وذاك... مهارة اللكز وأطنان من الصبر والقدرة على ابرام اتفاق.

يقول كينيث شيريل الاستاذ الجامعي بكلية هنتر "لكي تنجح يجب ان يكون السياسيون قادرين وبارتياح شديد على استخدام القوة يعرفون متى يجلسون في أدب ويصغون ومتى يصبح لا وقت للتفاوض."

ويضيف "العملية التشريعية تتطلب الكثير من المساومات والكثير من العمل لتحقيق المصداقية والثقة. وستجد (كلينتون) الكثير من هذا في منصبها الجديد."

كان اختيار الرئيس الامريكي الجديد باراك أوباما لكلينتون منافسته الشرسة خلال الانتخابات الاولية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية وهي شخصية معروفة جدا على مستوى العالم هو عودة الى حقبة سابقة اعتاد فيها الرؤساء اختيار سياسيين كبار لشغل منصب وزير الخارجية.

وخلال العقود القليلة الماضية ذهب هذا المنصب الى محامين وأكاديميين ورجال أعمال وفي حالة كولن باول الى ضابط متقاعد في الجيش. وكان اخر مسؤول منتخب يشغل هذا المنصب هو السناتور السابق ومرشح الرئاسة ايد ماسكي عام 1980 خلال الاشهر الاخيرة من ادارة الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر.

وعمل كلينتون في مجلس الشيوخ حيث كسبت الاحترام حتى من خصومها الجمهوريين لرغبتها في مد يدها لتخطي الحدود الحزبية ووجودها كسيدة أولى في البيت الابيض طوال ثماني سنوات حين لم تكن تغيب عن الاضواء هي وزوجها الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون يعطيها مؤهلات نادرة للمنصب.

كما ان خبرتها على مدى عقود في تنظيم وخوض الحملات الانتخابية بما في ذلك حملتها الانتخابية الساخنة أمام منافسها أوباما التي استمرت 17 شهرا تعطيها قدرة على تحمل الضغوط السياسية التي لا مفر منها في محافل ومناقشات السياسة الخارجية بشأن مناطق مثل الشرق الاوسط. بحسب رويترز.

فأي مبادرة للسلام هناك ستكون موضع تمحيص وتدقيق من جانب الناخبين اليهود في الداخل ناهيك عن الاسرائيليين الذين يجرون انتخاباتهم في العاشر من شهر فبراير شباط القادم ومن جانب العرب في العالم العربي كله.

ويقول دوج شوين المستشار الديمقراطي وخبير استطلاعات الرأي في البيت الابيض خلال ادارة الرئيس الامريكي الاسبق كلينتون عن وزيرة الخارجية الامريكية الجديدة "لديها أفضلية فريدة لفهم المتطلبات السياسية للمنصب. هذه اللمسة السياسية ستفيدها وتفيد الولايات المتحدة." 

كما ان تجاربها الشخصية في الحملات الانتخابية مثل بقائها طوال أشهر تحت المجهر وسفرياتها الطويلة التي تمتد بالايام دون نوم كاف والساعات التي تقضيها في التعامل مع خلافات فريق العاملين معها والتحالفات السياسية المتغيرة كل هذا أفادها في مرحلة التسخين للمنصب.

ويعتبر جورج ميتشل المبعوث الامريكي الجديد للشرق الاوسط والسناتور السابق الذي قاد مفاوضات السلام في ايرلندا الشمالية أحدث نموذج لرجل السياسية الذي تحول الى الدبلوماسية.

ويقول الاكاديمي شيريل "سمعت يوما ميتشل يرجع الفضل في قدرته على الجلوس وسط فترات من الخلافات الشديدة بين طرفي محادثات السلام الايرلندية الى سنوات من المشاركة في المناقشات التشريعية."

وبعد حصولها على موافقة مجلس الشيوخ الامريكي الاسبوع الماضي لشغل منصب وزيرة الخارجية انخرطت كلينتون على الفور في مراجعة واسعة النطاق للسياسة الخارجية الامريكية في المناطق الساخنة من العالم مثل ايران وكوريا الشمالية وأفغانستان معلنة عن دور أكبر للدبلوماسية وعن تطوير السياسة الخارجية الامريكية.

وفي الاحتفالات التي اقيمت في الخارجية الامريكية بمناسبة توليها المنصب والتي أشاعت فيها كلينتون روح الحملات الانتخابية النشطة قالت ان خبرتها السياسية تعطيها القدرة على الاستمتاع بالمناقشات وتفهم وجهة نظر الاخر.. لكن الى حدود.

وقالت كلينتون للعاملين في الوكالة الامريكية للتنمية الدولية في اليوم الثاني لتوليها وزارة الخارجية "ربما لاني ظللت تحت الاضواء وفي عالم السياسة لفترة طويلة الآن أرحب بالنقاش وأحترم الاختلاف."ثم انتظر من الجميع ما دمنا اتخذنا القرار ان يعمل بكل جهده لانجاز العمل."

ويقول محللون ان دائرة اتصالات كلينتون الواسعة وشخصيتها البارزة يمكن ان تساعدها على تعزيز مكانة وزارة الخارجية في الداخل التي خسرت وبشكل متواصل الكثير من نفوذها امام وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) في ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش كما يمكن ان يعطيها ثقلا في المعارك الداخلية لادارة أوباما لصياغة السياسات الامريكية.

ويقول شوين المستشار الديمقراطي ان خبرتها وشهرتها العالمية يمكن ان تفتح لها الابواب في العواصم الاجنبية.

ويضيف "ستفهم الى اي مدى يمكن ان تضغط على الناس وستفهم متطلبات المجتمع الدولي ولانها من ال كلينتون وخاضت الانتخابات الاولية للرئاسة سيعطيها ذلك مكانة وستؤخذ بجدية أكثر من اي وزير خارجية اخر منذ هنري كيسنجر."

سيرة حياة هيلاري رودام كلينتون

في 21 كانون الثاني/يناير، 2009، أقسمت هيلاري رودام كلينتون اليمين الدستورية لتولي منصب وزير الخارجية السابع والستين للولايات المتحدة. وقد انضمت الوزيرة كلينتون الى وزارة الخارجية بعد أن قضت حوالى 4 عقود في الخدمة العامة داعية، ومحامية، والسيدة الأولى لولاية أركنساو والولايات المتحدة، وعضوة في مجلس الشيوخ. بحسب امريكا دوت غوف.

ولدت هيلاري رودام في شيكاغو، بولاية إيلينوي، يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر، 1947، إبنة لدوروثي وهيو رودام. والتحقت بالمدارس الحكومية المحلية قبل أن تتخرج من كلية وليزلي وكلية الحقوق لجامعة ييل حيث تعرفت على بيل كلينتون. وفي العام 1974 إنتقلت هيلاري الى ولاية أركنساو وبعد ذلك بعام إقترنت ببيل كلينتون وأصبحت محامية لامعة وأما مربية لإبنتهما تشيلسي. وشغلت منصب مساعدة أستاذ بكلية الحقوق لجامعة أركنساو بعد أن عملت لتعزيز مكتب المعونات القانونية المحلي. وفي العام 1977 أسند اليها الرئيس الأسبق جيمي كارتر منصبا في مؤسسة الخدمات القانونية الذي ترأسته لاحقا.

وخلال عملها سيدة أولى في ولاية أركنساو (كونها عقيلة حاكم الولاية بيل كلينتون) ترأست هيلاري كلينتون لجنة المعايير التربوية لولاية أركنساو وشاركت في تأسيس جمعية مناصري الأطفال والأسر في ولاية أركنساو، وكانت أيضا عضوا في مجلسي أمناء مستشفى أركنساو للأطفال، وصندوق الدفاع عن الأطفال.

في العام 1992 انتخب زوجها بيل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة، وفي مركزها الجديد السيدة الأولى للبلاد، أصبحت داعية لإصلاح نظام الرعاية الصحية وعملت على العديد من القضايا المتصلة بالأطفال والأسر.

تزعمت هيلاري رودام كلينتون جهودا ناجحة مع كلا الحزبين الرئيسيين في البلاد لتحسين أنظمة تبني وحضانة الأطفال، وتقليص ظاهرة الحمل بين المراهقات، وتوفير الرعاية الصحية لملايين الأطفال من خلال برنامج التأمين الصحي للأطفال. وجالت كلينتون في أكثر من 80 بلدا كممثلة لبلادها فحازت على الإحترام كمناصرة لحقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع الأهلي. وقد ألهم خطابها الشهير في العاصمة الصينية بكين في العام 1995 الذي أعلنت فيه ان "حقوق الإنسان هي أيضا حقوق المرأة وحقوق المرأة هي من حقوق الإنسان" النساء في العالم أجمع وساعد في تمتين الحركة العالمية من أجل حقوق النساء.

وبمعية وزيرة الخارجية آنذاك، مادلين أولبرايت، عملت كلينتون لإطلاق مبادرة "أصوات  الديمقراطية الحيوية" التي أصبحت في يومنا هذا منظمة غير حكومية ما تزال تدرب وتنظم القياديات في العالم قاطبة.

وفي العام 2000 أصبحت هيلاري كلينتون أول سيدة أولى تنتخب عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي، وأول إمرأة تنتخب عضوا في مجلس شيوخ عن ولاية نيويورك. وفي مجلس الشيوخ تقلدت منصب عضو في لجنة القوات المسلحة، وفي لجنة الصحة والتربية والعمل والتقاعد، ولجنة البيئة والأشغال العامة، ولجنة الميزانية واللجنة المختارة للمسنين. كما شغلت منصب مفوضة في لجنة التعاون والأمن في أوروبا.

وبصفتها عضو مجلس شيوخ عملت كلينتون عبر صفوف الحزبين لحشد الدعم لقضايا تهم ناخبيها والبلاد، بما في ذلك زيادة الفرص الإقتصادية والوصول الى رعاية صحية ذات نوعية وفي المتناول. وبعد هجمات 11 إيلول/سبتمبر (2001) الإرهابية أصبحت كلينتون داعية قوية لتمويل إعادة بناء ما خربه الإرهابيون في نيويورك والمشاغل الصحية للمسعفين الذي خاطروا بحياتهم للعمل في موقع الإنفجارات الإرهابية.  كما ناصرت قضية المؤسسة العسكرية للبلاد وناضلت من أجل رعاية ومزايا صحية أفضل لجرحى القوات المسلحة، وقدامى المحاربين وأعضاء الحرس الوطني والإحتياط العسكري. وكانت كلينتون عضو مجلس الشيوخ الوحيدة في لجنة التحول الإستشارية لقيادة أركان القوات المسلحة في وزارة الدفاع.

وفي العام 2006 فازت كلينون ثانية بمقعد مجلس الشيوخ (عن ولاية نيويورك) وسنة 2007 بدأت حملتها التاريخية للفوز برئاسة البلاد. وفي العام 2008 شاركت في الحملة لانتخاب باراك اوباما رئيسا وجو بايدن نائبا للرئيس. وفي تشرين الثاني/نوفمبر رشحها الرئيس المنتخب أوباما لمنصب وزير الخارجية.

وضعت كلينتون عدة مؤلفات تصدرت قائمة أفضل مبيعات الكتب، ومن ضمنها مذكراتها بعنوان التاريخ الحي “Living History” وكتابها الرائد عن الأطفال بعنوان: It Takes A Village. وتقيم هيلاري كلينون وزوجها في مدينة نيويورك.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين 9/شباط/2009 - 13/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م