تُعَرّف الدّعاية في علم الاعلام، وعلم الاتصال بأنّها: (الجهود
المقصودة، التي يقوم بها فرد أومجموعة أفراد، لتشكيل مواقف جماعات
أخـرى، أو التحكم فيها أو تغييرها)(تيرنس كوالتر)(المدخل في الاتصال
الجماهيري/د.عصام سليمان موسى). بناءً على هذا التّعريف، لم يُفلح أغلب
المرشحين، من استخدام الدّعاية كفن وكعلم أيضاً، لا من حيث الخطاب
الدعـائي (الرّسالة الدّعائيّة). ولا من حيث المشاريع المطروحة،
باعتبارها أهداف المرشح. ولا من حيث التأثير في آراء الجمهور ومواقفهم
(ردّ فعل الرسالة الدّعائيّة).
إنّ فشل الرّسالة الدّعايّة الانتخابيّة، من الوصول إلى المنتخب،
أدّت إلى عدم خلق قناعات عند الجمهور المخاطب (المتلقي للرّسالة
الدّعائيّة)، وعدم تفاعله معها، فأصبح ردّ فعل الجمهور صفراً. وانعكس
التعبير عن ردّ الفعل الجماهيري، بصورة عدم اكتراث الجمهور، بالخطاب
الموجّه إليه. وتكاد تكون هذه الظّاهرة عامّة في هذا الاتجاه. ويمكن
اجمال بعض أسباب فشل الدّعاية الانتخابيّة بالنقاط التالية:
1. عدم وجود مشروع سياسي واقعي مقنع.
2. غياب الثقة بيّن المرشح والناخب، أمّا بسبب ضغوطات تجربة
الانتخابات السـابقة، أو بسبب عدم نجاح المرشح، في إحراز حالة التواصل
مع الآخرين، وكسب ثقتهم.
3. إنّ أغلب المرشحين، تشابهت وتكررت طروحاتهم بشكل مملّ، مما أدى
إلى تشويش رؤية الناخب، وتشتت أفكاره.
4. أغلب المرشحين، كانوا يطرحون مشاريعَ، قد لا تقوى دوّلة مستقرّة
من تنفيذها، فضلاً عن دوّلة العراق، التي نال أركانها الفساد الإداري
والمالي، بشكل لافت للنظر.
5. يعتقد أغلب المرشحين، أنّ الدّعاية الانتخابيّة، هي مجرد لصق
صورة استعراضيّة لشخص المرشح، مع لافتة جميلة تحمل شعاراً جذّاباً.
6. لم يدرك أغلب المرشحين، أنّ الدّعاية الانتخابيّة، بحاجة إلى وقت
طويل، حتى تستطيع أخذ تأثيرها في أذهان الناس، وكان ينبغي البدء بها
قبل فترة مناسبة.
7. ظهور الأعمّ الأغلب، من المرشحين بوقت واحد على الساحة.
8. لم يتصوّر أغلب المرشحين، أنّ التّعبئة الدّعائيّة لصالحه، تتوقف
بشكل كبير على كبر مساحة الوقت المستغرق، في مخاطبة الجمهور (زمن
التّغذية).
9. يجب أنْ لا يغيب عن أذهاننا، بأنّ غياب المفردة الثقافيّة، من
الخطاب المباشر عند أكثر المرشحين، وكذلك غياب العنصر الخطابي في
طرحهم، افقدهم المعيّة التألق في أعين الجّماهير، أيّ غياب ما يعرف
بالكارازميّة الذاتيّة أو الشخصيّة.
ولغرض التأكد من أنّ أكثر حملات الدّعاية الانتخابيّة كانت فاشلة،
حرصتُ شخصياً بإعداد نموذج (استبيان رأي)، وآليت على نفسي أنْ أذهب
شخصيّاً، بالقرب من أحد المراكز الانتخابيّة، لأسجّل المعلومات
المطلوبة من المنتخبين بصورة مباشرة، إضافة إلى تكليف بعض الأصدقاء
الأعزاء، كلّ حسب منطقته لعمل الشيء نفسه. وبعد جمع نماذج الاستبيان
(الاستطلاع)، ظهرت النتائج التالية:
1. مجموع الأشخاص الذين تمّ استطلاع آراءهم، بلغ (220) شخصاً (116
من الذّكور كانت نسبتهم 52,72% من العيّنة، و104 من الإناث وكانت
نسبتهنّ 47,27% من العيّنة). وكان جميع المستطلع آرائهم، من المشاركين
في التصويت فعلاً (عن طريق التأكّد من وجود الحبر البنفسجي على
أصابعهم).
2. الفئات العمرية للعيّنة العشوائيّة كانت كما يلي:
أ- من عمر (18-30) سنة 93 شخصاً كانت نسبتهم 42,27% من العيّنة.
ب- من عمر (31-50) سنة 82 شخصاً كانت نسبتهم 37,27% من العيّنة.
ج- من عمر (51-70) سنة 43 شخصاً كانت نسبتهم 19,54% من العيّنة.
د- من عمر (71-90) سنة 2 شخص كانت نسبتهم 0,9% من العيّنة.
3. التحصيل الدّراسي للعيّنة العشوائيّة كانت كما يلي:
أ- الدّراسة الابتدائية 44 شخصاً كانت نسبتهم 20% من العيّنة.
ب- الدّراسة المتوسطة 56 شخصاً كانت نسبتهم 25,45% من العيّنة.
ج- الدّراسة الاعداديّة 40 شخصاً كانت نسبتهم 18,18% من العيّنة.
د- الدّراسة الجامعيّة 60 شخصاً كانت نسبتهم 27,27% من العيّنة.
هـ- لا يقرأ ولا يكتب 20 شخصاً كانت نسبتهم 9,0% من العيّنة.
4. نتيجة الاستطلاع:
كانت نتيجة استطلاع آراء المنتَخِبين، مخيّبة جداً. فقد كشفت بيانات
عيّنة الأشخاص المبحوثة، بأنْ لا أحد قد تأثر البتّة، بأيّ دّعاية
انتخابيّة استهدفتهم. وإنّ جميع المنتَخِبين الذين استُقرأت آراؤهم،
كانوا مقررين سلفاً، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، بأنّهم سينتخبون الكيان
(س) والشخص (ص) دون سواهما. ولعمري أنّ الملايين الأربعة والأربعون من
الدّولارات، التي صرفت على الدّعايات الانتخابيّة الفاشلة، (كما قدّرها
بعض المختصّين في مجال الطّباعة/ نقلاً عن إحدى الفضائيات)، لو أنّها
صرفت على أيتام العراق وأرامله، لكان أجدى نفعاً للمرشحين، وأكثر
ثواباً لهم.
* كاتب وباحث عراقي
mj_sunbah@hotmail.com |