الحلاقة من قص الشعر إلى إفراغ الجيوب

تحقيق: هشام البيضاني

 

شبكة النبأ: كان المحل عادياً وكانت التسريحة عادية اكثر ولكن السعر لم يكن عاديا.. هذا ما حدث في إحدى صالونات الحلاقة، سألت الحلاق عن السبب فأجاب قائلا: ارتفاع تكاليف المعيشة والغلاء والبنزين هو السبب، لكنها ومع ذلك لا تبرر هذا الارتفاع الذي اقل ما يقال عنه انه (جنوني)، فعشرة الاف دينار تساوي أكثر من سبعة دولارات وهو مبلغ ليس بالهين، تذكرت حديث صديقي عن زيارته لمصر وحلاقته في صالون كان اقرب للتحفة ومع ذلك كان السعر دولار او اقل، فيا ترى هل هذا الارتفاع مبرر ام هو جشع، وأين دور (نقابات العمال) ومؤسسات المجتمع المدني عن مثل هكذا ظواهر تثقل كاهل المواطن العراقي؟؟ سؤال طرحتهُ على الباحث الاجتماعي عدي جبر فأجابني قائلاً: بعد التغيير حاول الكثيرون التشبه بالدول الغربية من النواحي السلبية طبعا (ففي المانيا سعر الحلاقة يقارب العشرين الف دينار عراقي) من جهة، ومن جهة أخرى هناك ارتفاع في مستوى الدخل للفرد العراقي وصل إلى عشرة اضعاف تقريبا مقارنة بما كان عليه قبل سقوط الصنم، وبالذات الموظفين والمتقاعدين وهم نسبة مؤثرة في المجتمع العراقي بما يشكل شعورا بالغبن لدى العاملين في القطاع الخاص كالحلاقين والخياطين وباقي المهن مما اضطرهم إلى رفع أجورهم بشكل يجعلهم متفوقين على الموظف لأن الحكومة السابقة ولدت انطباعا لدى المجتمع العراقي على (فقر الموظف) لذا يجب ان يبقى هذا (المخلوق) بسيطا واقل منهم على حسب اعتقادهم!!

ولأصحاب الشأن كلمتهم

الحلاق(مؤيد معلة) وهو رجل في نهاية الثلاثينات من عمره يمارس عمله منذ اكثر من عشر سنوات يقول: لم يعد الطعام والملبس من ضرورات الحياة فقط.. لقد خرجنا للحياة للتو، فالسيارة اصبحت مطلوبة ونوعية الاثاث والكومبيوتر وخط الانترنت والموبايل وكارت الشحن والعالم الرقمي ليس مجانياً كما تعلم والحلاق بالتالي هو جزء من المجتمع فنحن اليوم لسنا في (عراق الامس) وبالتاكيد فالعلاقة طردية بين هذه المتطلبات واجورنا.

الراي الاخر كان للسيد اياد الموسوي (صاحب محل حلاقة) والذي قال: الحلاق إنسان يعيش وسط هذا المجتمع ويتأثر بما يطرأ عليه سواء كان ايجابياً أو سلبيا والذي ينعكس على أحوال المهنة فالمعروف عن الحلاقة أنها محل وأدوات بسيطة يستخدمها الحلاق في مزاولة نشاطه أو عمله.

واضاف، لو فرضنا أن الحال هكذا فنحن بحاجة إلى كهرباء هنا الأمر يتطلب شراء مولدة ووقود وما يتبع ذلك كل هذه أسباب وراء ارتفاع أسعار الحلاقة خلال الآونة الأخيرة. واردف قائلا رغم هذه الظروف الا اننا لا نفرض على الزبائن في المحل سعرا محددا فما يهمني هو عودة الزبون مرة اخرى وهذا هو اكبر دليل لاقتناعه بالسعر والحمد لله فان اغلب زبائني يترددون علي منذ زمن بعيد.

اما الحلاق اسعد حيدر الذي يقول مارست المهنة منذ اكثر من عشرة سنوات وليومنا هذا لم اجبر زبون على دفع سعر محدد لاني وببساطة اؤمن بان اجر الحلاقة (اكرامية) يقدرها الزبون والامر برمته متروك له .وانا بطبيعتي لست متشددا في هذا الجانب فاغلب الزبائن هم من اصدقائي وانا اعرف باحوالهم فهناك الميسورين وهناك اصحاب الدخل المحدود وهناك الطلاب الذين غالبا ما يعتمدون على اعانة اهاليهم وبصورة عامة فانا ارفع شعار( ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء).

وهذا لا يعني اني أبرأ ساحة الحلاقين  فهناك صالونات حلاقة تعرف بجشع أصحابها واستغلال الزبائن وتتخذ من زيادة الأسعار في السوق ذريعة إلى مضاعفة أجور الحلاقة.

اردنا ان نتعرف على رأي الزبائن فكانت لنا وقفة مع الشاب عباس عبد النبي قال: نحن عائلة تتكون من ثمانية أخوان منا الموظف والعاطل وجميعنا نقصد محال الحلاقة باستمرار. ولكن في الفترة الأخيرة بدأت أسعار الحلاقة تؤثر سلبا في ميزانية العائلة. وكلنا نعرف تأثيرات الكهرباء والإيجارات على الأسعار ولكن لا يمكن أن تتخذ ذريعة للنيل من الشباب ومضاعفة الأسعار إلى هذه الحدود. لابد أن يكون الارتفاع معقولاً وان يراعي صاحب كل مهنة ضميره عندما يتعامل مع المواطنين في جميع مجالات الحياة.

أما الشاب( مهند حسين مغير) طالب كلية الفنون الجميلة فيقول: معروف أن الشاب يواصل الاهتمام بمظهره بشكل مستمر وخصوصاً شريحة الطلبة. واحد جوانب الاهتمام تتعلق في مسألة الحلاقة والرغبة في الثبات على مستوى معين من الشعر وتسريحة مستقرة تتناسب وميول الشاب. وارتفاع الأسعار جاء ليؤثر سلباً في مواصلة الشاب الحلاقة بالشكل الطبيعي وخصوصا الطلبة كون الوضع المادي العام للعائلة أصبح مرتبكاً ويؤثر في ميزانية الطالب التي تصرف له من ويشكل الخوف من التهديدات والوضع الاقتصادي المتردي عائقاً كبيراً أمام الحلاقين الطموحين الراغبين في الإطلاع على كل جديد في عالم الموضة ومواكبته.، فاحسست ان في كلامه شيء من المنطق وان ارتفاع دخل الفرد بشكل لم يكن خافي على احد ادى الى ارتفاع مثل هذه الاجور ولكن تعود للسؤال اليس من المفروض ان يكون دورا للرقابة على مثل هذه المهنة..

 ورحم الله يوم الاثنين الذي كان في زمن ما عطلة للحلاقين!

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/شباط/2009 - 7/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م