استفحلت الحملة الانتخابية في الأيام الأخيرة استفحالاً مشهوداً من
علاماته البارزة امتلاء الشوارع بالصور واللافتات بصورة عشوائية وغير
حضارية تنم عن واقعنا البائس وتعكس وعينا المتردي، فكم من مدرسة تغيرت
ملامحها ومعالمها بسبب هذه الملصقات وكم من بناية حكومية أو مؤسسة عامة
صارت لا تُعرف للناظرين.
وفي ظل هذه الفوضى والعشوائية غرق المواطن البسيط الطامح إلى رؤية
مدنا اكثر نظافة، --إن لم نقل- أستغرق في دوامة من الحيرة والتردد أي
القوائم يختار، وهي قوائم لا تحصى، وأي شخص ينتخب وهم أكثر من صورهم
المعروضة حتى بات هذا المواطن لا ينظر للأمر بجدية مع خطورة الموقف
وحساسية اللحظة مما جعله يلعن ( الديمقراطية) في سره هذه الديمقراطية
التي أباحت لكل من (هب ودب) أن يطمع في امتطاء المنصب ولو اتخذ من
اكتاف البسطاء معبرا له وجسرا...!
لقد تداخلت الامور وتشابكت على هذه المواطن وتعقدت بعد أن امتلأت
جيوبه وحقائبه وغرف منزله بمختلف أصناف وأحجام الدعايات الانتخابية
وكلها لا تدعي وصلاً بالعراق فحسب بل تدعي الموت فيه حباً.
وإغاثة لهذا المواطن المكروب بحيرته ألا يجوز لنا أن نتساءل على
لسانه: أما يتوجب على الحكومة وعلى المؤسسات القائمة على رعاية
الانتخابات أن تضع مجموعة من المعايير الثابتة والمحددة والواضحة التي
يراعى من خلالها مجموعة أمور تشتمل على ما يأتي على سبيل المثال:
·العمر، فالدول المتقدمة أغلب كادرها السياسي من الكهول الذين
تجاوزا عقدهم الرابع واختمرت تجاربهم الحياتية لخدمة الأوطان لا
كمرشحينا الذين لا يصل الكثير منهم إلى عقدهم الثالث ولم تحنكه التجارب
والأيام بل يرى في المنصب وسيلة للثراء الفاحش والسريع ليس إلا.
· المستوى العلمي، فالمجتمع يحتاج أكثر ما يحتاج من أبنائه إلى
الطبقة المتعلمة التي تعي المسؤولية التاريخية لبناء هذا البلد الذي
حطمته الحروب وأنهكته الديون مع الاشارة مقدماً بأن الشخصية الإنسانية
شيء والعلم شيء أخر، ولكن هذا لا يعني أبداً أن العلم لا يتدخل في بناء
الشخصية وتحديد مسارات الوعي والنضوج لديها، وهذا ما يدعونا إلى تبني
معياراً ثالثاً هو:
· تميز الشخصية ونجاحها، ويتحقق ذلك من خلال نجاح هذه الشخصية
اجتماعياً، مع الاخذ بالاعتبار ضرورة خضوعها لاختبارات الكفاءة التي
يجب أن يتجاوزها المرشح وهي اختبارات يجب ان تكون متنوعة فالنجاح
الاجتماعي وحده لا يكفي، فالمطربون ولاعبوا كرة القدم والممثلون،
ناجحون اجتماعياً وقد يحققون فوزاً ساحقاً في ظل مجتمعات العالم الثالث
ولكن هذا لا يعني أنهم ناجحون إدارياً وقيادياً... |