إطلاق العنان لقدرات الابتكار والاختراع أساس تطور المجتمعات

ديفيد بنساك صاحب 38 اختراعاً يطوف العالم قدحاً للأذهان

 

شبكة النبأ: يشتهر العالم ديفيد بنساك ببراعته في العلوم وحماسه الدائم لابتكار مخترعات جديدة وهو ما يتجلى في كونه صاحب 38 براءة اختراع ودفعه ليكون في عداد أصحاب الملايين.

وبعد أن أمضى 30 عاما في العمل مع شركة (إي آي دو بون دو نيمورز وشركاه) ، قرر أن يقضي الفترة الراهنة من حياته في السفر والترحال داخل الولايات المتحدة وخارجها ليحاضر عن الاختراعات والابتكارات العلمية في الجامعات والمدارس والشركات. وخلال العام المنصرم 2008 أوفده مركز الدراسات المبتكرة والخلاقة في مجال الاقتصاد بجامعة جورج واشنطن ليحاضر في الأردن وتايلاند والبرازيل، وينقل إليهم أفكاره عن إطلاق العنان لقدرات الابتكار والاختراع. ومن المقرر أن يوفده في جولة مماثلة تأخذه إلى الهند والبرازيل ودول أخرى خلال العام الحالي 2009.

أبرز اختراعات العالم ديفيد بنساك نظام لحماية المعلومات على أجهزة وشبكات الكمبيوتر من هجمات القراصنة عبر شبكة الإنترنت. وأطلق على ابتكاره اسم (ذا رابتر) أي الجارح أو الكاسر، لأنه استوحى فكرة اختراعه من رسم كاريكاتوري لصقر جارح كان يقف على فرع شجرة وهو يتضور جوعا وكان التعليق المنشور مع الرسم يقول "لم يعد لدي صبر، إنني سأنقض على أول شئ يتحرك أمامي." وكما شرح في لقائه مع موقع أميركا دوت غوف فإن أي اختراع يظهر حينما يتم تحديد المشكلة، وفي هذه الحالة كانت حماية المعلومات على شبكة الإنترنت. وحينما قفز إلى ذهنه الرسم الكاريكاتوري للصقر الجارح، فإنه تخيل إمكانية وجود برنامج كمبيوتر يستطيع الانقضاض بصورة مستمرة ودائمة على أي بيانات غريبة أو مشكوك فيها وهي في طريقها إلى داخل أو خارج أي جهاز كمبيوتر والقضاء عليها.

كانت هذه هي الفكرة وبعدها أصبح كل شئ سهلا، فقد استطاع العثور على مبرمجين لكتابة برنامج كمبيوتر يؤدي المهمة. وتكريما للفكرة فإنه أطلق على البرنامج اسم (رابتر) أي الكاسر أو الجارح.

وما يفعله العالم والمخترع ديفيد بنساك في محاضراته هو محاولة إثارة روح حب الابتكار بين مستمعيه. وهو يقول لهم إن الابتكار ينبع من ثلاثة مصادر إما الحاجة، أو عدم الرضا، أو حب الاستطلاع. وهذا يتمشى مع القول السائد عن أن الحاجة هي أم الاختراع . وهو يعلمهم ضرورة تحديد المشكلة أولا ثم محاولة إيجاد حل لها. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وهذا ما طبّقه في لقاء مع طلبة كلية (وارتون) للتجارة بمدينة فيلادلفيا. فقد كان في اعتقاد الطلبة أن تكنولوجيا لمس شاشة الكمبيوتر تستطيع تقديم حلول لكل المشاكل، فطلب منهم طرح مشكلة ما زالت تبحث عن حل، فقال أحدهم إن صديقته قررت قطع علاقتها به مساء السبت الماضي، وتساءل إن كانت تكنولوجيا لمس شاشة الكمبيوتر تستطيع حل هذه المشكلة.

عندئذ طلب العالم بنساك من الطلبة قدح زناد أذهانهم والمشاركة في إيجاد حل لمشكلة الحبيب المهجور. وأسفرت المناقشات معهم عن فكرة مبتكرة بعد معرفة سبب الخلاف الذي أدى إلى قطع العلاقات.

كانت المشكلة تتلخص في أن الطالب صاحب المشكلة وصديقته ذهبا لتناول العشاء في مطعم بأحد المراكز التجارية، وكان المطعم مزدحما بالزبائن، مثلما هو الحال في إجازات نهاية الأسبوع وخاصة في مواسم الأعياد. واضطر الطالب وصديقته للوقوف مدة طويلة ليأتي عليهما الدور في دخول المطعم. وخلال فترة الانتظار الطويلة أصيبت الفتاة بانخفاض شديد في سكر الدم مما أدى إلى عصبيتها وبالتالي إلى الخلاف ثم القطيعة.

وكان الحل الذي اهتدى إليه العالم بنساك وطلبة كلية التجارة هو تركيب أكشاك صغيرة في مناطق متفرقة من المراكز التجارية تحتوي على شاشات كمبيوتر متصلة بالمطاعم يتم التعامل معها عن طريق اللمس، ويستطيع الراغبون في ارتياد أي مطعم حجز طاولة في موعد محدد يرغبون تناول الطعام فيه، وتسجيل طلباتهم ودفع الفاتورة مقدما، مما يوفر الكثير من الوقت ويسهل مهمة المطاعم في خدمة الزبائن.

وعن فكرة الأكشاك قال بنساك" إن الأكشاك توفر الوقت وتحقق مكاسب للمطاعم وللمراكز التجارية." فطبقا للأبحاث التي أجراها تستطيع المطاعم باستخدام تلك الأكشاك خدمة عدد من الزبائن يصل إلى ثلاثة أمثال العدد الذي كانت تستطيع خدمته قبل استخدامها. 

كما أنها ستحقق أرباحا للمخترع بنساك وربما لطلبته أيضا. إذ أنه يعتزم أن يتقاضى رسما ضئيلا جدا (25 سنتا) على كل حجز يتم عبر الأكشاك عندما يبدأ استخدامها . لكن هذا الرسم الضئيل سيُجمل في النهاية أرباحا طائلة.

من بين الأساليب التي يستخدمها بنساك لتنشيط أفكاره وتحويلها إلى اختراعات، أنه يكتب كل معلومة يراها أو يسمعها في بطاقات منفردة ويحتفظ بها. ومن آن إلى آخر يراجع تلك البطاقات ويعيد ترتيبها أو يضعها إلى جوار بعضها البعض لينظر ما قد يسفر عنه هذا التجاور.

ويرى بنساك أن هذا الأسلوب مفيد ومثمر. فعلى سبيل المثال كانت لديه بطاقة كتبت عليها عبارة "الجنود ينزفون حتى الموت من الجراح التي تصيبهم بها القذائف في العراق." وعلى بطاقة أخرى: "إن سم إحدى الأفاعي البرازيلية يسبب نزيفا ثم يحدث تجلطا." وجاء الابتكار من الربط بين المعلومتين كما قال بنساك " إذا أصيب شخص بطلق ناري، فلابد من تنظيف الجرح ثم إيقاف النزيف. إذا ربما يكون من المفيد مسح الجرح من الداخل بهذا السم لإغلاقه ووقف النزيف."                                  

وقد نشر العالم المخترع خلال الآونة الأخيرة كتابا بعنوان: "ابتكارات للمستضعفين". وفي هذا الكتاب أعرب عن اعتقاده بأن "قٌوة العقل الكامنة وراء الابتكار تُعتبر شيئا أساسيا ومنطقيا جدا وهي بالتأكيد متأصلة في أي كائن بشري يعيش ويتنفس حاليا."

الولايات المتحدة تتبوأ المرتبة الأولى في مجال الابتكار والإبداع

وأكدت دراسة جديدة أن مركز الصدارة التي تحتله الولايات المتحدة في الابتكار يجعلها في وضع يمكنها من مواجهة التحديات المستقبلية أفضل من أي بلد آخر.

وقد صنف معهد "إنسيد، الذي يُعتبر أبرز المعاهد الاقتصادية الفرنسية، في مؤشر الابتكار العالمي الصادر عنه، الاقتصاد الأميركي على أنه الأفضل من حيث الابتكار والإبداع. وقال الخبير في إينسيد سوميترا دوتا والكاتب في مجلة الأعمال العالمية سايمون كولكين في مقال لهما على شبكة الإنترنت إنه على الرغم من أن استحواذ الولايات المتحدة على مركز الصدارة كان متوقعا، "غير أن هذا القدر الكبير من التقدم الذي حققته لم يكن متوقعا إلى هذا الحد".

واحتلت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة ألمانيا ثم تلتها المملكة المتحدة فاليابان وفرنسا وسويسرا وسنغافورة وكندا وهولندا وهونغ كونغ.

وتعرّف الدراسة الابتكار بأنه "عبارة عن تمازج وتناغم الاختراع مع الإبداع مما يؤدي إلى توليد القيم الاقتصادية والاجتماعية."بحسب موقع امريكا دوت غوف.

ويستند المؤشر على الاعتقاد بأن استعداد وقابلية أي بلد ما لمواجهة التحديات ترتبط ارتباطا مباشرا ووثيقا بقدرة هذا البلد على اعتماد التكنولوجيات المبتكرة والاستفادة منها، وقدرته على تعزيز الإمكانيات البشرية وتحسين القدرات التنفيذية والتنظيمية وتحسين أداء المؤسسات. وهذا ما حدا بمعدي الدراسة إلى تجاوز المعايير التقليدية للابتكار مثل قيمة الإنفاق على الأبحاث والتطوير وعدد براءات الاختراع التي تم تسجيلها. ولكنهم بدلا من ذلك، قاموا بتقييم "الأركان" التي يقوم عليها الابتكار، مثل السياسات، والبنية التحتية وتطور التكنولوجيا وتقدمها، وتوفير المعرفة والتفوق في حلبة المنافسة.

وقالت الدراسة إن الاقتصاد الأميركي يوفر بيئة أفضل للابتكار ويعتبر أكثر فعالية في استغلالها. واستشهد معدو الدراسة بالجامعات ومراكز البحوث الأميركية التي تجتذب أفضل الأشخاص ذكاء وتألقا من جميع كافة العالم وتتوفر لها فرص تمويل فريدة من نوعها وهي عوامل تقول الدراسة إنها تساهم في التفوق والتميز اللذين تتمتع بهما الولايات المتحدة.

وأوضح دوتا وكولكين أن وجود جامعات من الطراز الأول وتوفر التمويل الوفير لا يفسران بمفردهما الصيغة الرابحة. وأضافا "أن الأمر يتطلب ثقافة حافلة بالتنوع والتفاؤل وتقدير الكفاءات بحيث تكون خلفية الفرد أقل أهمية من الرغبة في النجاح."

وشددت الدراسة على أنه على الرغم من بقاء الولايات المتحدة، القطب الأول في العالم في مجال الإبداع، وفي المرتبة الأولى في مجال الابتكار، فإن ذلك لا يعتبر أمرا مفروغا منه، ذلك أن "بعض الدول الآسيوية  جاهزة الآن لكي تعيد تعريف جوانب عديدة للابتكار." فعلى سبيل المثال، طورت كوريا الجنوبية، التي احتلت المرتبة التاسعة عشرة في التصنيف، شبكة إنترنت فائقة السرعة تعتبر الأكثر تقدما من نوعها في العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 28/كانون الثاني/2009 - 1/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م