السلام في الشرق الاوسط: مبدأ حل الدولتين وأولى تحديات اوباما

الهجوم الاسرائيلي سيؤجج التطرف والارهاب في المنطقة

 

شبكة النبأ: اجرى الرئيس الامريكي باراك اوباما اتصالات بعدد من قادة الشرق الاوسط وتعهد لهم بالعمل بصورة فعالة من اجل السلام في المنطقة منذ بداية ولايته، لكن المؤشرات تفيد بأنه اذا كان عند الرئيس الامريكي الجديد أوباما أي خطط لتسريع سعيه لإقرار السلام بين اسرائيل والفلسطينيين فإن الصراع الدامي في غزة سيعطلها على الأرجح. خاصة وأن الاسرائيليين مطمئنون الى ان سياسة الولايات المتحدة لن تتغير في جوهرها أبداً..

وفي اليوم الاول لولايته اجرى اوباما اتصالا هاتفيا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبد الله كما قال غيبس.

واوضح غيبس "انه اغتنم هذه الفرصة في اليوم الاول من توليه مهامه ليؤكد تعهده بانه سيلتزم بصورة فعالة بعملية السلام بين العرب واسرائيل منذ بداية ولايته".

وتابع المتحدث ان الرئيس اجرى اتصالاته ايضا بغية "التعبير عن امله في ان يواصلوا التعاون (مع الولايات المتحدة) وان يحتفظوا بدورهم القيادي" مرددا صدى ما كرره اوباما بخصوص اهمية التحالفات في بناء السلام والامن.

وبعد ان شنت اسرائيل هجومها على قطاع غزة في 27 كانون الاول/ديسمبر ضد حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وعد اوباما بالالتزام دبلوماسيا في الشرق اوسط "فور" تسلمه مهامه في 20 كانون الثاني/يناير.

وقال غيبس ان اوباما اكد "تصميمه على العمل من اجل المساعدة على ترسيخ وقف اطلاق النار من خلال وضع نظام فعال لمكافحة التهريب بغية منع حماس من التسلح من جديد والقيام بالمشاركة مع السلطة الفلسطينية بتوفير جهود لاعادة اعمار كبيرة من اجل الفلسطينيين في غزة".

وكان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينه صرح لوكالة فرانس برس في وقت سابق "ان الرئيس اوباما ابلغ الرئيس عباس ان هذا اول اتصال يجريه مع رئيس اجنبي بعد ساعات من توليه منصب الرئاسة".

واضاف ابو ردينه ان اوباما اكد للرئيس عباس "انه سيعمل وادارته من اجل تحقيق السلام في المنطقة وسيبذل كل جهد ممكن لتحقيق ذلك دون ابطاء وباسرع وقت ممكن".وتابع ابو ردينة ان اوباما قال "انه وادارته سيعملان مع الرئيس عباس كشريك حقيقي للسلام في منطقة الشرق الاوسط ومن اجل بناء المؤسسات الفلسطينية واعادة الاعمار في الاراضي الفلسطينية".

فيما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس "ان الرئيسين اتفقا على العمل سوية وبشكل مشترك من اجل تحقيق السلام دون ابطاء وانه سيستمر بالعمل مع الرئيس عباس كشريك".واوضح عريقات ان الرئيس عباس اكد لاوباما انه سيبذل كل جهد ممكن لتحقيق السلام في عهد ادارته.

بدوره اعتبر امين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه "لم نتوقع سرعة الاتصال من قبل الرئيس اوباما الذي كان المبادر بذلك".

وقال عبد ربه لوكالة فرانس برس "هذا مؤشر واضح ان هناك درجة عالية من الجدية من قبل الرئيس اوباما ولكن يجب ان نرى تطبيقها على الارض خلال الفترة القادمة".

اسرائيل لا تتوقع تغييرا في السياسة الاميركية

وصرح نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون ان اسرائيل لا تتوقع تغييرا في السياسة الاميركية في الشرق الاوسط في عهد الرئيس الجديد باراك اوباما.

وقال رامون في مقابلة مع الاذاعة العامة ان "سياسة الولايات المتحدة لن تتغير في جوهرها بالتأكيد".واضاف ان "هذه السياسة تقوم على مبدأين هما مكافحة الارهاب وضرورة التوصل الى سلام على اساس دولتين".

من جهته ذكر النائب عن حزب الليكود يوفال ستينيتز بتصريحات اوباما خلال حملته الانتخابية حول دعمه لاسرائيل.

وقال "انني واثق بان باراك اوباما سيقيم بعد انتخابات شباط/فبراير (في اسرائيل) علاقات ممتازة مع بنيامين نتانياهو على رأس الدولة بعدما اجرى معه محادثات مثمرة".

واعلن نتانياهو الذي ترجح استطلاعات الرأي ان يكون رئيس الوزراء المقبل ان باراك اوباما يتفهم "يأس" الاسرائيليين.

وقال نتانياهو لاذاعة الجيش الاسرائيلي قبل ساعات من تنصيب اوباما رسميا في واشنطن "تشكل لدي الانطباع بان باراك اوباما يتفهم جيدا يأسنا وضراوة الاعداء الذين نقاتلهم".ويشير زعيم الليكود اكبر احزاب المعارضة اليمينية بكلامه هذا الى حركة حماس.

الشرق الاوسط يرحب بوصول اوباما لكنه ينتظر افعالا

ورحب الشرق الاوسط بتولي الرئيس اوباما مهماته آملا باحراز تقدم في الملفات الساخنة في المنطقة وخصوصا النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين الامر الذي اعتبرته مصر "اولوية".

وقال الرئيس المصري حسني مبارك في رسالة تهنئة لاوباما "اؤكد لكم ان هذه المنطقة تتطلع لتعاملكم منذ اليوم الاول لادارتكم مع القضية الفلسطينية باعتبارها اولوية عاجلة والمفتاح لحل باقي ما يموج به الشرق الاوسط من ازمات صعبة". بحسب فرانس برس.

واعلن اوباما انه سيشكل فريقا يكون مستعدا للتعامل مع عملية السلام في الشرق الاوسط فور توليه مهماته.

من جهتها ابدت اسرائيل اطمئنانها الى استمرار علاقاتها المميزة مع واشنطن وقال نائب رئيس وزرائها حاييم رامون ان "سياسة الولايات المتحدة لن تتغير بالتأكيد".

وشدد على ان "هذه السياسة تقوم على مبدأين: مكافحة الارهاب وضرورة التوصل الى سلام على اساس (وجود) دولتين" اسرائيلية وفلسطينية.

في المقابل اكدت حركة حماس ان اوباما "امام اختبار جديد" في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية مؤكدة انها "ستحكم عليه من خلال سياساته وخطواته العملية على الارض".

وفي خطاب القسم مد اوباما يده الى العالمين العربي والاسلامي متحدثا عن "طريق جديد يستند الى المصلحة والاحترام المتبادلين".

واملت منظمة المؤتمر الاسلامي ان تبدأ ادارة اوباما حوارا "بين الغرب والعالم الاسلامي" مؤكدة انه "لا يمكن فرض السلام الحقيقي".

وفي الخليج كتبت صحيفة "الحياة" العربية ان اوباما "لا يمكن ان يغير حلفه البنيوي مع اسرائيل". لكن صحيفة "سعودي غازيت" املت ان تظهر واشنطن مقاربة "اكثر توازنا واكثر ذكاء" في المنطقة بعد "ثمانية اعوام من التزام اميركي كارثي".

من جهته رأى الكاتب السعودي حسن بن فهد الهويمل ان "السياسة الاميركية ذات ثوابت لا يمكن ان تتبدل بتبدل الرؤساء او الاحزاب".واضاف في مقال في صحيفة "الجزيرة" السعودية ان "تعويل الامة العربية (...) على الرئيس المنتخب تعويل على الوهم ورجم بالغيب والامة العربية المتفائلة الى حد البلاهة ستفاجأ بخيبات امل ذريعة".

الحرب في غزة تُعقّد مُهمة أوباما

اذا كان عند الرئيس الامريكي المنتخب باراك أوباما أي خطط لتسريع سعيه لإقرار السلام بين اسرائيل والفلسطينيين فان الصراع الدامي في غزة سيعطلها على الأرجح.

وحتى قبل الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 22 يوما على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) لم تصل محادثات السلام التي رعتها الولايات المتحدة بين ايهود أولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس الفلسطيني محمود عباس الى شيء.

ولم ينجح الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي انتهت ولايته بعد ان سعى فجأة في أواخر فترتين رئاسيتين استمرتا ثمانية أعوام للتوصل الى اتفاق سلام قبل نهاية العام الماضي في حل أي من القضايا الرئيسية في الصراع الدائر منذ 60 عاما بين شعبين يتنازعان نفس الأرض.

ووسط جو من عدم اليقين السياسي في اسرائيل التي تجري انتخابات برلمانية الشهر القادم لاختيار من يخلف أولمرت الذي تلاحقه فضيحة فساد ونزاع مرير بين الحركة الاسلامية التي تسيطر على غزة منذ عام 2007 وحركة فتح التابعة لعباس الذي يتخذ من الضفة الغربية المحتلة مقرا له شكك كثيرون في قدرة أي جانب على التفاوض على السلام ناهيك عن تحقيقه.

وقال ارون ديفيد ميلر وهو مفاوض امريكي سابق في الشرق الاوسط ومؤلف كتاب صدر حديثا بعنوان "الارض الموعودة جدا" لرويترز في واشنطن "غزة هي (محور) عملية السلام الجديدة. "سيستغرق الأمر أسابيع بل شهور للتعامل مع الابعاد الاقتصادية والامنية والانسانية للمشكلة بما في ذلك التهريب وتبادل السجناء والمعابر الحدودية ووقف لاطلاق النار يمكن ان يستمر."وأضاف "فرص إحياء عملية سلام أوسع تؤدي الى اتفاق لانهاء الصراع تراجعت الى الصفر."

ويتفق المحللون الاسرائيليون بدرجة كبيرة على ان الأجواء قاتمة وقد لا تتحسن حتى بعد إجراء الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية في العاشر من فبراير شباط والتي ستحدد من سيخلف أولمرت هل هي وزيرة الخارجية تسيبي ليفني زعيمة حزب كديما ام بنيامين نتنياهو زعيم الليكود ورئيس الوزراء اليميني الاسبق. بحسب رويترز.

ويقول دوف فيسجلاس المستشار السابق لارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق "عملية السلام أُغلقت لان الممثلين الرئيسيين اولمرت وليفني رحلا. فقد تحولت ليفني الى اليمين وقد يضر حملتها الانتخابية الاستمرار في عملية السلام."اما اذا انتخب نتنياهو فلا أرى فرصة لانعاش عملية السلام على الفور."

جون بولتن: مبدأ قيام دوليتين غير قابل للتطبيق

من جهة ثانية اعتبر السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة جون بولتن ان تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني على اساس مبدأ قيام دولتين غير قابلة للتطبيق مقترحا اعادة الاراضي الفلسطينية الى السيادة المصرية والاردنية.

وكتب بولتن في مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست "لنبدأ بالاقرار بان محاولة اقامة سلطة فلسطينية انطلاقا من منظمة التحرير الفلسطينية القديمة فشلت وان اي حل قائم على دولتين على اساس السلطة ولد ميتا". بحسب فرانس برس.

واعتبر ان حركة حماس "قضت على هذه الفكرة" مضيفا ان "ارهابيين يتلقون تمويلا وامدادات من ايران يسيطرون على غزة" في حين ان "السلطة الفلسطينية هزمت بشكل لا رجوع عنه على الارجح" في اشارة الى سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة. ورأى "من الواضح" ان عملية السلام "لا تحرز تقدما بل ربما تتراجع".

وكتب بولتن الباحث حاليا في مركز الدراسات المحافظ "اميريكان انتربرايز انستيتوت" في واشنطن ان "خارطة الطريق" المدعومة من الامم المتحدة والولايات المتحدة من اجل احلال السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لم تعط نتائج مقنعة.

وتابع "عوضا عن ذلك ينبغي التفكير في مقاربة على اساس ثلاث دول توضع بموجبها غزة مجددا تحت سيطرة مصر فيما تعود الضفة الغربية وفق صيغة معينة تحت السيادة الاردنية".

بلير: المبادرة العربية لم تمُت

ومن جهته اعتبر ممثل اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الاوسط توني بلير ان المبادرة العربية لتحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين "لم تمت" لكنها تتطلب تأكيد جميع الاطراف مبدأ قيام الدولتين. وقال بلير"المبادرة العربية لم تمت الا اذا قتلناها بانفسنا".

وكان الرئيس السوري بشار الاسد اعتبر خلال "قمة غزة" في الدوحة في قطر ان المبادرة العربية "بحكم الميتة". بحسب رويترز.

والمبادرة العربية للسلام عرضتها السعودية خلال قمة بيروت العربية العام 2002 وتم احياؤها في اذار/مارس 2007 خلال قمة الرياض.

وهي تدعو الى تطبيع علاقات الدول العربية مع اسرائيل في مقابل انسحاب الدولة العبرية من كل الاراضي العربية التي تحتلها منذ حزيران/يونيو 1967 واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وتسوية "عادلة ومتفق عليها" لمسألة اللاجئين الفلسطينيين.

واكد بلير في تصريحات له بالرياض الاحد "ان مبادرة السلام العربية لم تمت لكنها تحتاج الى دعم وتاييد من الجانبين العربي والاسرائيلي ومن كافة الاطراف والفصائل التي تشملها هذه المبادرة" واضاف "المبادرة لم تمت الااذا قتلناها نحن بانفسنا".

واعتبر بلير ان وقف اطلاق النار الاحادي الجانب الذي اعلنته اسرائيل في غزة "يعتبر هشا جدا على المدى القصير".

واوضح ان وقف اطلاق النار يمكن ان "يدوم ويستمر اذا تم اعتماد استراتيجية جديدة لاعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الاوسط".

وكان بلير وصل الى الرياض بعد ظهر السبت والتقى لمدة ساعة العاهل السعودي حيث بحث معه في سبل احياء عملية السلام المتعثرة في الشرق الاوسط وكيفية المساعدة فى اعادة اعمار قطاع غزة بعد انسحاب اسرائيل.

وشدد بلير الذي من المقرر ان يلتقي وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قبل ان يغادر الى الامارات على "ضرورة ان تجدد الاطراف المختلفة التزامها بمجمل عملية السلام والقبول باسس الحل وهو مبدا اقامة دولتين مستقلتين فلسطينية واسرائيلية".واشار الى "ان مبدا او حل الدولتين الذي ورد ضمن مبادرة السلام العربية هو نفسه موقف المجتمع الدولي".

الاسد: الهجوم الاسرائيلي سيؤجج التطرف والارهاب في المنطقة

واعتبر الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع محطة "بي بي سي" ان الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة "سيؤجج التطرف والارهاب في العالم العربي والاسلامي".

وقال الاسد في مقابلة اجريت معه في دمشق ان "اثر الحرب اكثر خطورة من الحرب نفسها انه يبذر بذور التطرف والارهاب في المنطقة وفي العالمين العربي والاسلامي". واضاف ان "اليأس يغذي التطرف والتطرف ينتج عنه ارهاب".

واكد الرئيس السوري ان بلاده "تفعل كل ما بوسعها للوصول الى وقف دائم لاطلاق النار" وتعمل مع اخرين ولا سيما فرنسا للوصول الى هذا الهدف. واكد ان حماس وافقت على ضرورة التوصل الى "وقف دائم لاطلاق النار". واضاف "لقد عملنا مع العديد من الدول واهمها فرنسا" مضيفا ان على الاسرائيليين احترام وقف اطلاق النار لكي يتوقف اطلاق الصواريخ على جنوب اسرائيل.

وقال الاسد ان حماس يجب ان تكون طرفا في اي اتفاق سلام واسع بين الفلسطينيين واسرائيل.واضاف "انهم يتمتعون بالنفوذ. وهذا مهم للغاية. ولذلك يجب اشراكهم في اي تحرك والا فانه لن ينجح".

واوضح "لم نتوصل الى سلام بعد والاسرائيليون لم يقدموا شيئا منذ بداية عملية السلام في عام 1991.. وعليه فانه اذا لم تقبل بشروط السلام عليك ان تتوقع مقاومة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/كانون الثاني/2009 - 28/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م