وتيرة العنف المتصاعدة ضد التلاميذ هل هي ازمة عالمية؟

 

شبكة النبأ: من المتفق عليه ان جميع النشاطات البشرية ستنطوي اثناء تطبيقها على جوانب ايجابية وسلبية، ومن هذه النشاطات عملية التعليم التي تحظى بأهمية عالمية كبرى بين الامم والشعوب كونها تشكل النشاط الاساس في تطوير التفكير والسلوك البشريين، غير انها تضم بين طياتها وجهاً آخر مضاد لوجهها الايجابي ويتمثل ذلك بأعمال العنف التي يتعرض لها التلاميذ من المعلمين والمدرسين وكل وفق حالته النفسية وقدراته التعليمية وسماته الشخصية بصورة عامة.

ولكي نقدم صورة واضحة للجانب السلبي من عملية التعليم، فقد حكمت مؤخرا محكمة جنايات الإسكندرية بمصر، على المدرس المتهم بقتل تلميذه، بالسجن المشدد ‏6‏ سنوات، وأحالت الدعوى المدنية التي أقامها والد الطفل بتعويض مليون جنيه للمحكمة المدنية المختصة.

وكان المدرّس بحسب قناة النيل المصرية، قد ضرب التلميذ إسلام عمرو بدر البالغ من العمر (11 عاماً)، اثناء تدريسه للمادة المقررة، وكان الضرب ذا طابع عنيف أدى إلى وفاة التلميذ المذكور وقد أحالت النيابة المصرية المدرّس المذكور إلى المحاكمة بتهمة "ارتكاب ضرب أفضى إلى موت."

وقد اثارت هذه الحادثة جدلاً واسعاً في الصحافة المصرية، وردود فعل غاضبة وسط المجتمع المصري، وأعادت إلى الواجهة النقاش حول واقع التعليم في مصر. بحسب رويترز.

وقد لفظ التلميذ أنفاسه الأخيرة إثر هبوط في القلب في مستشفى بالإسكندرية بعد أن فقد الوعي. وذكر أحد الشهود للمحكمة أن الطفل المتوفى كان يعاني من كسر في أربعة من ضلوعه، وقد أدين المدرس بالقتل غير العمد حيث قال: إنه كان يهدف إلى تأديب التلميذ وليس إلى قتله، في حين قال والد الطفل القتيل إنه كان ينبغي محاكمة اشخاص آخرين إلى جانب المدرس. وأضاف: "إن أول المتهمين هو وزير التعليم، اذ كيف يسمح لشاب يافع أن يدرّس أطفالاً."

وتشهد الصفوف في المدارس العمومية في مصر اكتظاظا يتراوح معدله ما بين 60 و100 طفل في الفصل الواحد، يشرف عليه في الغالب الأعم مدرسون شبان لا يملكون تجربة كافية ولا الوسائل الضرورية.

وتقودنا هذه الحادثة الى واقع التعليم في العراق وما قد يتعرض له التلاميذ من حوادث مقاربة للحادثة أعلاه، غير ان الاهم في هذا الجانب هو دراسة الاسباب التي تقف وراء هذه الاعمال العنيفة ضد التلاميذ.

فقد ذهب كثير من المختصين الى ان ثمة عوامل تدعم اساليب العنف في العملية التعليمية ومنها غياب القدرات التدريسية لدى بعض المعلمين والمدرسين، كذلك افتقارهم الى الخبرات العملية في هذا الجانب، ناهيك عن الزحمة العالية للطلاب في الصف الواحد في كثير من مدارسنا، فقد تكون سعة الصف ثلاثين طالبا فقط لنجد ان هذا العدد يتضاعف فيصل الى 60 طالبا الامر الذي يقود الى فشل التدريسي في توصيل مادته الى هذا العدد الكبير من التلاميذ كذلك فشله في السيطرة على اجواء الدرس بسبب كثرة العدد، مضافا الى ذلك اسباب كثيرة ومتعددة. ومنها ذلك على سبيل المثال كما حدث في بعض الولايات الامريكية حيث تفشي العنف ضد التلاميذ تحت دافع عنصري وما الى ذلك:

المعلمون في امريكا يضرِبون آلاف الطلاب

وفجّر تقرير أصدرته مؤسسات حقوقية، بينها هيومان رايتس ووتش، قنبلة من العيار الثقيل في بنية النظام التربوي في الولايات المتحدة، حيث تحدث عن انتشار واسع لمعاقبة الطلاب جسدياً عبر العنف والضرب، مع بروز معايير عنصرية واضحة.

وكشف التقرير أن  200 ألف تلميذ في المدارس الحكومية الأمريكية تعرضوا للمعاقبة بالضرب خلال عامي 2006 و2007، وأن عدد الفتيات السود اللواتي ضربن فاق عدد الفتيات البيض بمعدل الضعف، وعانى أصحاب الإعاقات والحاجات الخاصة من عنف أساتذتهم بشكل مفرط. بحسب سي ان ان.

وقال التقرير إن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و13 عاماً في ولايتي تكساس وميسيسيبي عرضة بشكل دائم للعقاب الجسدي، حتى بسبب هفوات صغيرة.

وأشار التقرير إلى أن العقاب الجسدي للطلاب أمر مشروع بموجب القانون في 21 ولاية أمريكية، وغالباً ما يأخذ ذلك شكل الضرب باستخدام العصا بشكل متكرر على الأرداف.

وقالت آليس فارمر، الناشطة في اتحاد الحقوق المدنية الأمريكي وهيومان رايتس ووتش: "تحتاج كل مدرسة حكومية إلى نظام عقابي، لكن الضرب يعلّم على العنف ولا يوقف السلوك السيئ للطلاب."

وجاء في هذا التقرير: ان الضرب يضر بالتعليم، ولا يمكنه كبح خلل السلوك المستقبلي للأولاد، بل قد يساعد على تفاقمه." وكشف التقرير عن وجود أبعاد عنصرية لبعض ممارسات العقاب الجسدي.

ولعل أخطر ما أشار إليه التقرير هو تعرض الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات إلى نسب مرتفعة للغاية من العنف، فقد كانوا ضحية 18.4 في المائة من عمليات العقاب الجسدي في ولاية تكساس، رغم أنهم لا يشكلون أكثر من 10.7 في المائة من إجمالي الطلاب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 18/كانون الثاني/2009 - 20/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م