نشطاء يبنون شبكات اجتماعية لمكافحة العنف والتطرف

تسخير الصوت الاجتماعي التطوعي لوقف العنف

 

شبكة النبأ: قرر أوسكار موراليس أن الأمور بلغت معه حداً لا يطاق فبدأ بتأسيس حركة اجتماعية لوقف العنف. وموراليس شأنه شأن كثير من الكولومبيين، كان يتابع الأنباء القائلة في أواخر العام 2007 بأن قوات جيش كولومبيا الثوري المعروفة أيضا باللغة الإسبانية اختصارا بلقب "فارك" ستفرج عن ثلاث رهائن في 24 كانون الأول/ديسمبر. وقالت وسائل الإعلام إنه في حين تم الإفراج عن رهينتين كانت قوات فارك تكذب بالنسبة لمكان الرهينة الثالثة وهو طفل في الثالثة من عمره.

وتبين في ما بعد أن الصبي لم يكن في حوزة فارك، فقد تخلت عنه الجماعة وتركته في رعاية مؤسسة في بوغوتا.

قال موراليس إن ذلك "تسبب في خيبة أمل وغضب شديدين. فقد شعرنا بأن ذلك كان صفعة على وجوهنا وكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير".

ولذا قرر موراليس أن يقوم بعمل ما. قال "شعرت بضرورة عمل شيء ضمن إمكانياتي." وبما أنه كان مستخدما لموقع "فيسبوك دوت كوم" فقد شكل جماعة على موقع الشبكة الأهلية في أوائل شهر كانون الثاني/يناير، 2008، أطلق عليها اسم "مليون صوت ضد فارك." وحث مستخدمي فيسبوك الآخرين على النهوض وإسماع أصواتهم.

وتذكّر موراليس ما كان يفكر به آنذاك وقال "لا يمكن أن نستمر في تحمل الوحشية والأكاذيب وكل هذا الإرهاب."

لم يكن موراليس ليتصور مدى رد الفعل والاستجابة. فطبقا لروايته، لم تكد تمضي 12 ساعة حتى كان هناك 1,500 عضو قد انضموا إلى المجموعة. وفي اليوم التالي كان عدد الأشخاص الذين انضموا قد بلغ 4,000. وفي اليوم الثالث كان عدد المنضمين قد بلغ 10,000.

قال موراليس "وكانت جلسة النقاش مترعة بالأفكار والاقتراحات الداعية إلى تحويل هذه الحركة النامية إلى شيء فعلي" ملموس "ولذا طورنا في اليوم الثالث اقتراحا بالاحتجاج في الشوارع خارج حدود الإنترنت كي نجعل الاحتجاج فعليا." بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وقررت الجماعة أن تمنح نفسها مهلة شهر تعد خلاله وتنظم للاحتجاج. وتطوع نحو خمسة من المحتجين كي يقوموا بمهمة لجنة مركزية تنظيمية. ووجدوا خلال أيام قليلة أن هناك 40 شخصا مستعدون للخدمة كمنسقين في أكثر من 50 مدينة. وكان حجم الجماعة ينمو في تلك الأثناء مسجلا 150,000 عضو.

وعمل موراليس، مبتكر الشبكة، على إنشاء موقع شبكة عنكبوتية مخصصة للمسيرة الاحتجاجية كي تتمكن وسائل الإعلام من الاطلاع على ما تخطط له المجموعة. ثم استخدمت المجموعة أيضا تكنولوجيات أخرى كالمدونات ومجالس النقاش لنشر رسالتها.

على الرغم من أن نمو الحركة نبع أصلا من وسائل الإعلام الجديدة، فقد أدرك موراليس أن وسائل الإعلام التقليدية من صحف وتلفزيون يمكن أن تلعب دورا هاما في نشر الأنباء وإذاعتها في مختلف أنحاء كولومبيا والمجتمع الدولي.

وقال موراليس إن وسائل الإعلام أعجبت "ودهشت لاكتشاف مجموعة من الشباب ممن لا خبرة لهم ولا مصالح أو اهتمامات سياسية يفرضون قيام هذا الاحتجاج." وأضاف قوله إنه "أعجبها أكثر أن ذلك يحدث من خلال فيسبوك والتكنولوجيا."

غير أن أفضل ما يمكن وضعه من خطط لم يكن ليعد موراليس وغيره من المنظمين لما يمكن أن يتوقعوه. فهو يقول "وصلنا إلى 4 شباط/فبراير دون أن نكون على علم أكيد بما سيحدث. فلم تكن لدينا أي وسيلة لتقدير مدى حجم" المسيرة الاحتجاجية.

في ذلك اليوم، خرج 12 مليون شخص في 200 مدينة في 40 بلدا للاحتجاج ضد فارك. ويقول موراليس "لم نصدق هذا التضامن."

أما بالنسبة للاحتجاج وتنظيمه، فيقول موراليس إن الكلمات تعجز عن التعبير عن التجربة "فهي لا توصف." وبصفته المنظم الميداني في بارانكويا، فكّر في أنه سيتزعم قيادة جمهور من 10,000 شخص في 4 شباط/فبراير، إلا أنه قدّر عدد الناس المشاركين بنحو 300,000 شخص. قال "كنت متوتر الأعصاب وشاعرا بالإثارة فعلا لدرجة أنني كنت أصرخ في الميكروفون."

ويضيف موراليس:"عرفنا أن هذا الاحتجاج كله سيكون ضربة كبيرة لفارك بالمعنى السياسي والإيديولوجي. فقبل 4 شباط/فبراير، كانوا في فارك يعتقدون أن لهم تأييدا شعبيا. لكن ما فعلناه أثبت حسابيا أن جماهير كولومبيا لا تؤيد فارك."

أدت المسيرات الاحتجاجية إلى هبوط معنويات الآلاف أو فرارهم من صفوف فارك. ثم جرت مسيرة أخرى في 20 تموز/يوليو، يوم ذكرى استقلال كولومبيا، احتفالا بفك أسر مزيد من الرهائن من حوزة فارك بمن فيهم المرشحة الرئاسية السابقة إنغريد بيتانكور.

تسخير الشبكة الاجتماعية لوقف العنف

والتقى موراليس وأشخاص من 16 منظمة أخرى من المنظمات الدولية التي لها مواقع على شبكة الإنترنت من أجل مكافحة العنف والتطرف وذلك في مؤتمر قمة حلف الحركات الشبابية الذي يعقد في نيويورك لتبادل الخبرات.

وقال جارد كوين، العضو في هيئة موظفي وزيرة الخارجية للتخطيط السياسي والذي كتب كثيرا عن الحركات الشبابية والتكنولوجيا، في دردشة على موقع أميركا دوت غوف إن هدف تحالف حركات الشباب هو دراسة الكيفية التي استطاعت بها جماعات مثل "مليون صوت ضد فارك" أن تستخدم بنجاح حيزها على شبكة الإنترنت كأداة ضد العنف.

وأضاف كوين قائلا "إن أجهزة إعلام شبكة الإنترنت والمحمولة الجوالة والرقمية توفر أدوات يمكن تسخيرها في خدمة حرية التجمع وحرية التعبير. وهي توفر الحرية لتدفق المعلومات والتفكير الحاسم وتتيح الفرص أمام الأفراد كي يتصلوا بمن هم أبعد من دائرة اتصالهم المباشر."

وسيجمع المؤتمر الذي يعقد في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا بين شركاء أميركيين من القطاعين الخاص والعام بما في ذلك وزارة الخارجية وجامعة كولومبيا وفيسبوك وغوغل وشبكة كابل إم تي فيMTV التلفزيونية وإي تي أند تي AT&T للهاتف وهاوكاست ميديا Howcast Media وأكسيس 360 ميديا Access 360 Media

وسينشر على موقع هاوكاست بعد ختام المؤتمر، دليل تستفيد منه الجماعات الأخرى التي تريد بناء حركات لتمكين الشباب ضد العنف وتسخير شبكة الإنترنت لذلك.

وصرح جيمس غلاسمان وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون العامة والدبلوماسية العامة بقوله: "نشعر أن الشبان حول العالم يستخدمون الإنترنت للضغط ضد العنف بأسلوب جديد مستخدمين الشبكة الاجتماعية وجامعين معا مجموعات كبيرة للنقاش وتبادل المعلومات في الأساس." وأضاف غلاسمان قائلا "نعتقد أن التكنولوجيا الموجودة اليوم هي في صالحنا وليست في صالح المتطرفين."

وقد أثبت موراليس و12 مليون شخص آخرين في شباط/فبراير أن أقوى أداة في بعض الأحيان ليست استخدام التكنولويجا لبث الرسالة، بل هي الرسالة نفسها. ويقول موراليس "نحن لسنا جيشا ولا نستعمل أسلحة، فنحن صوت المجتمع ليس إلا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الثاني/2009 - 8/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م