كأني بعقارب الساعة وقد عادت بنا إلى حوادث عام 2001 حيث العدوان
الإسرائيلي على قطاع غزة والمدن الفلسطينية الأخرى لأجل إسكات صوت
الانتفاضة الشعبية آنذاك، تلك الانتفاضة التي ولدت من رحم المعاناة
والقهر الذي عاشه ومازال يعيشه الشعب الفلسطيني من خلال عودة
الاعتداءات والقصف المستمر المفرط للقطاع وأهله.
كل هذه الانتهاكات غير الإنسانية جعلتني استحضر مجريات سنين
الانتفاضة التي انطلقت على أثر زيارة قام بها رئيس وزراء الكيان
الصهيوني الأسبق آريل شارون والذي كان وقتها زعيم معارضة إلى المسجد
الأقصى بصحبة عدد كبير من القوات الأمنية الإسرائيلية المدججة بالسلاح،
وقد أدت الزيارة المستفزة للمشاعر إلى إندلاع مواجهات غير متكافئة بين
القوات المحتلة المسلحة بأحدث الأسلحة المتطورة وبين أبناء شعب أعزل
اختار الدفاع عن حرمة المسجد الأقصى المقدس بيد لا تحمل غير بضع حجارة
من ارض السلام فلسطين الصابرة.
شريط حوادث مضى عليه ثمان سنوات يتكرر بذات النسخة ثانية اليوم،
والضحية في كلا المرحلتين وما سبقتهما من المراحل بالتأكيد الناس الذين
تعودوا كما يبدو دفع غالي الأثمان من دماء أبريائهم من اجل الحصول على
حل عادل ومنصف لقضيتهم المشروعة، لا نعتقد أن الشعب الفلسطيني يرغب بأي
حال من الأحوال ومهما تحدثوا باسمه في مواصلة العيش تحت رحمة
الاعتداءات الإسرائيلية وتماديها في فرض سياسة الحصار والتجويع القاسية
عليه، في حين يعيش غيره من شعوب العالم الأمان والحياة الكريمة..
طبعا باستثناء الشعب العراقي المظلوم الذي تكالبت عليه قوى الشر
المجرمة لتسلبه نعمة الأمان وفرحة التخلص من النظام الصدامي الدموي تحت
مسمى المقاومة المزيف.
لقد نسى بعض قادة فلسطين شعبهم وراحوا يتلاعبون بمصيره و بجراحه
النازفة منذ عقود مضت وهم يستسهلون بعقلية الإصرار على العنف تحفيز
الطرف الآخر إسرائيل على الرد الذي ترى فيه كما في كل مرة حقا وواجبا
يلزمها حماية شعبها المختار!، زعماء بعض الفصائل الفلسطينية رضوا
بإراقة دماء أبناء غزة بفرضهم سياسة التعنت والتشبث بالأخطاء ارضاءا
لنزعة حب السلطة وتفريقا للكلمة وتطبيقا لأجندات دول أخرى لم يصل للشعب
الفلسطيني منها غير صدى خطب حماسية رنانة مصحوبة بالمزيد من الشجب
والاستنكار!.
ولا داعي لذكر أمثلة من واقع قادة العرب الذين اعتادوا مشاهدة أشلاء
الأبرياء من على شاشات التلفاز دون أن تحرك فيهم ساكنا! في حين تهتز
لها مشاعر ممثلات هوليود فيعلن شجبهن بمقاطعة متجر مجوهرات لملياردير
يهودي أمريكي نشر لهن صورا لأغراض دعائية بعد أن تبين دعمه المادي
للكيان الصهيوني! مفارقة أليس كذلك؟ |