ولغزة حديث عراقي

رفعت الواسطي

مشكلتنا في العالم العربي اننا لانقرأ الاحداث جيدا فالعاطفة هي التي تحدد مواقفنا الارتجالية على مستوى الشارع والتناقضات واضحة في خطب قادة الشعوب وهم ايضا لايقرأون الاحداث بحكمة. فالشارع العربي نتاج من يقودونه بعد ان يخططو له وهذه بعض من مصائبنا.

فبلاشك ان ردة الفعل الاسرائيلية مرفوضة ومدانة وهو تصرف بربري من قبل اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كذلك ماقامت به حركة حماس هي افعال بعيدة عن المسؤولية واداء الامانة تجاه المدنيين الفلسطينيين فهم من يدفع ثمن مواقفهم هنا وهناك ومعروف كم هي عدوانية القوة الاسرائيلية حين تضرب العرب  الذين يكتفون بحرق الاعلام الاسرائيلية والامريكية في تظاهرات غاضبة واناشيد حماسية لاتعيد لهم شيئا من حقوق الشعب الفلسطيني الذي لم يذق يوما طعم الامن والسلام على ارضه السليبة.

ومن مهازل العقل العربي مارأينا من ردود افعال الشعوب ووسائل الاعلام لما قام به مراسل قناة البغدادية منتظر الزيدي في المؤتمر الصحفي المشترك للرئيس الامريكي جورج دبليو بوش مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فكأن نصرا للكرامة العربية جاءت من خلال ذلك الفعل الذي لايمت بصلة الى شرف المهنة الصحفية ومفهوم حرية التعبير عن الرأي.

 هذا هو واقع امتنا المتوقع فأمة تعيش تناقضاتها التاريخية المتراكمة لانتوقع منها نتاجا وفعلا حكيما يعيد لها الاعتبار والكرامة المضيعة.

  كان يفترض ان لايوصل قادة حركة حماس الامور الى هذا المنزلق الخطير بعد ان رأوا بداية التحرش الاسرائيلي وجرهم الى افعال بعيدة عن الحكمة من خلال فرض حصار جائر على قطاع غزة  من قبل اسرائيل، ومنذ بدء العمليات العسكرية الاسرائيلية بدأت التناقضات تأتي من قادة العالم العربي والذي يهمني في هذا السياق ماورد في خطاب السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله اللبناني في التجمع التضامني ببيروت يوم الاثنين حينما قال ان المشروع الامريكي الصهيوني لايهتم بحالتنا كيف  لايهتم بعمائمنا ولا بلحانا وصلاتنا وصومنا لايهمهم ان كنا اسلاميين او شيوعيين او بوذيين الذي يهمهم هو رعاية وموافقة الاجندة الامريكية والمشروع الامريكي في المنطقة. وضرب مثالا على ذلك بقوله رئيس الوزراء العراقي ينتمي الى حزب اسلامي ونائبي الرئيس العراقي ينتميان الى التيار الاسلامي ايضا.

 خطورة كلام السيد حسن نصر الله هو في التحريض على الحكومة العراقية وكانه يقول انها حكومة ترعى المشروع الامريكي  وفي نفس الوقت هو يناقض نفسه حيث نجد ايران التي ترفع شعار نصرة المستضعفين ويفترض ان تدافع اولا عن اولئك الذين هم الاقرب اليها عقائديا لكنها تؤوي بعض الحركات الاسلامية التكفيرية والتي اشتركت بقتل العراقيين بسبب انتمائهم الطائفي الشيعي ولايران حلف دفاعي وتنسيق منظم مع سوريا التي تؤوي وتدرب وتمرر الجماعات الارهابية التكفيرية الى داخل الاراضي العراقية حيث ان النسبة الاكبر في دخول الجماعات الارهابية الى العراق تكون قادمة من سوريا.

هاتان الصورتان المتناقضتان تنطبقان على الاجندة والمشروع الايراني في المنطقة فليس المهم ماذا يفعل التكفيري  في العراق ان كان قتل مواطنا مدنيا في كربلاء ام الموصل ام كركوك المهم ان يخلق حالة من عدم الاستقرار في العراق لتبقى ايران تقول هذه هي امريكا لم تجلب للعراق سوى الموت والدمار ولابد لكم من المقاومة ياشعب العراق.

والامر الذي تكشفه حقيقة ايران وخطورتها والاداة المنفذة لها نجد في احدى التقارير الخبرية لقناة العالم عن الوضع في افغانستان  حيث يروج التقرير لقوة حركة طالبان العسكرية الدعائية من قبل قناة العالم ومعروف ان طالبان في حملة واحدة قتلت مايقارب 5000 مواطن افغاني شيعي  في مدينة مزار شريف حين كانت الحركة هي التي تحكم افغانستان.

هذا هو بعض من مغالطات من يتحدثون نيابة عن الاخرين ويتدخلون في شؤون غيرهم كما كان من حديث السيد حسن نصر فليس في المواقف الانسانية انتقائية وان كانوا يقولون ان رسول الله عليه الصلاة والسلام قال من بات ولايهتم بامور المسلمين فليس بمسلم ترى اين كانوا حين قتل علماء العراق وحوصر مراجع العراق وقتل منهم من قبل اجهزة القمع الصدامية؟ واين كانت مواقفهم من اولئك الذين استقبلوهم في بيروت لتقديم الدعم لهم واعني بهم هيئة علماء المسلمين حين كان حارث الضاري رئيسا للهيئة ومعروف عن الضاري تاريخه ومواقفه المؤيدة والحاضنة للجماعات التكفيرية التي تكفر اتباع الشيعة الامامية وتبيح قتلهم.

 للاسف لو ترك امر غزة لاهلها العقلاء بعيدا عن الاجندة الاقليمية السيئة لاستطاعوا اخذ حقوقهم واثبتوا مواقفهم الوطنية لكنها مهزلة العقول في زمن المتناقضات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 31/كانون الثاني/2008 - 3/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م