شبكة النبأ: يبدو ان الطمع للمخطط
الصهيوني يتجاوز قدرة التفكير البسيط للساسة المنغلقون على موائدهم
الكلامية، ذلك ان ما يصل إليه اليهود من التفكير في ضرب المناطق الاكثر
حساسية والعمل وفق نظرية فرّق تسد، هي من صميم سياستهم العميقة، كما
نرى في مخططاتهم المستقبلية لجزية سيناء المصرية.
بعد أن شهدت شبه جزيرة سيناء المصرية في السنوات السابقة تفجيرات في
عدة مناطق وفي حين تشهد في الاونة الاخيرة توترات بين مواطنيها
والاجهزة الامنية تشدد كاتبة مصرية على أن اسرائيل ما زالت مصدر الخطر
الاكبر على سيناء التي يطلقون عليها فلسطين المصرية التي يراها
الاسرائليون جزءا من اسرائيل. بحسب رويترز.
وتقول ألفت أحمد الخشاب ان سيناء التي استولت عليها اسرائيل في حرب
يونيو حزيران 1967 تمثل جزءا من هدف اسرائيل التوسعي حيث تمتاز سيناء
بموقع استراتيجي بين قارتي آسيا وافريقيا فمن الغرب تحدها قناة السويس
وفي أقصى الجنوب الشرقي منطقة حساسة حيث تتقارب مع حدود أربع دول، في
اشارة الى مصر والسعودية والاردن وفلسطين التاريخية.
وتستشهد في كتابها (تاريخ تطور حدود مصر الشرقية وتأثيره على الامن
القومي المصري 1892-1988) على أهمية سيناء بأنه باحتلالها عام 1967
استطاعت اسرائيل احتلال الضفة الغربية والقدس (الشرقية الفسلطينية)
وهضبة الجولان (السورية) المنيعة. هناك علاقة تبادلية بين سلامة مصر
الاقليمية وسلامة الاراضي العربية المجاورة لاسرائيل.
وتمكن فلسطينيون من قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل من كسر بوابة معبر
رفح واقتحموا الحدود المصرية في يناير كانون الاول 2008. وفي تلك
الفترة نبه بعض المراقبين منهم الكاتب المصري محمد حسنين هيكل الى أن
اسرائيل تروج أن مواطني منطقة العريش الواقعة في شمالي سيناء من أصل
غير مصري كما تسعى لتوطين الفلسطينيين في سيناء.
ويتناول الكتاب تاريخ الحدود بين مصر وفلسطين التاريخية تحت
الانتداب البريطاني عبر نحو مئة عام وأربع حروب ومفاوضات اخرها تخص
نقطة طابا الحدودية المطلة على خليج العقبة حيث أعلن عام 1988 حكم
قضائي نهائي ملزم بأحقية مصر التاريخية والجغرافية والقانونية لها.
وتعلق المؤلفة أن طابا احدى جولات الصراع العربي الاسرائيلي ولكنها لن
تكون الاخيرة.
وصدر الكتاب في القاهرة عن (دار الشروق) ويقع في 533 صفحة كبيرة
القطع. وقال المؤرخ المصري يونان لبيب رزق (1933-2008) في مقدمته ان
الحدود الشرقية لمصر ظلت مصدر الخطر الاكبر والدائم على الامن القومي
لمصر محذرا من التعامل مع اسرائيل في كل ما يتعلق بشبه الجزيرة.
وتثبت ألفت الخشاب مقولة أول رئيس وزراء لاسرائيل دافيد بن جوريون:
ان حدود اسرائيل حيث يصل السلاح الاسرائيلي. كما تسجل أيضا أن رئيسة
الوزراء السابقة جولدا مائير أعلنت عام 1971 أن الحدود الدولية
لاسرائيل تتحدد حيث يتوطن اليهود وترى المؤلفة أن التوسع الاسرائيلي
يهدف الى زحزحة الحدود الشرقية لمصر وخلق واقع جغرافي وديموجرافي جديد.
وتقول: لا بد أن نعي (نحن المصريين) وندرك جيدا أن لدى الشعب
الاسرائيلي قناعة قومية بأن شبه جزيرة سيناء جزء من اسرائيل وقدرها أن
تضم الى أرض اسرائيل. ان هذه العقيدة راسخة وأكيدة في الوجدان والفكر
وليست مجرد تهديدات وهي تحتل أولوية كبيرة لدى الرأي العام الاسرائيلي.
وترى أن اسرائيل بحكم بنية مجتمعها تعاني عدة أزمات في مقدمتها أزمة
الهوية والازمة الامنية: حيث ترى اسرائيل أنه كلما تفاقمت الازمات داخل
اسرائيل اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا فان الحل يكمن في اعلان
الحرب... المجتمع الاسرائيلي الاستيطاني مليء بالتناقضات والصراعات
التي تجعل من الحرب فرصة للتوافق.
وكان باحثون وسياسيون قد سجلوا أطماع الحركة الصهيوينة في سيناء منذ
بدايات القرن العشرين.
فالمؤرخ الشامي نعوم شقير (1864-1922) الذي كان يعمل في قلم
المخابرات البريطانية في مصر قال قبل نحو 90 عاما في كتابه (تاريخ سينا
القديم والحديث وجغرافيتها) ان بعض رجال الجمعية الصهيونية حضروا الى
رفح واشتروا من أهلها بعض الاراضي بقصد تأسيس مستعمرة لهم هناك كما جاء
مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل (1860-1904) الى القاهرة في ذلك
الوقت بعد أن أصدر عام 1895 كتابه (الدولة اليهودية) وطالب أغنياء
اليهود في مصر بمساعدته في الحصول على موافقة الخديو عباس حلمي الثاني
(1892-1914) على منح سيناء وطنا قوميا لليهود.
وتشدد ألفت الخشاب على أن "التهديد الحقيقي الذي يواجه الحدود
الشرقية المصرية هو وجود اسرائيل نفسها ككيان غريب وسط المنطقة العربية
المتصلة جغرافيا وككيان له طموحات توسعية اقليمية مضيفة أنه كلما تخاذل
العرب ازدادت قوة اسرائيل التي كان من المفترض وفق قرار 181 أن تكون في
مساحة جغرافية محدودة ومحاصرة في اشارة الى قرار مجلس الامن الدولي عام
1947 الذي نص على تقسيم فلسطين بين العرب واليهود على أن تظل القدس
منطقة دولية. |