تداعيات الازمة المالية: رغم هَول الخسائر ظهور شرائح مستفيدة

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: رغم ان الازمة المالية العالمية قد ألقت بظلالها القاتمة على اغلب انحاء العالم إلا انها كشفت عن امكانية رواج مهن واستفادة شرائح معينة كسراً للقاعدة التي تقول بأن الازمة المالية خانِقة لكافة التوجهات الاقتصادية العالمية على المستويين الفردي والجماعي..

فحين عثرت دورية الحدود الامريكية على مجموعة من المهاجرين الصينيين غير الشرعيين في جنوب اريزونا أواخر الشهر الماضي كان التحدي الذي واجه الضباط الذين ألقوا القبض عليهم هو كيف يتحدثون اليهم.

وقال مايك رايلي الضابط بدورية الحدود عن المهاجرين الثمانية الذين اعتقلوا في 24 نوفمبر تشرين الثاني قرب بلدة ساسابي الحدودية "كضابط انا لا أتحدث الصينية وبالتالي هذا صعب للغاية. عادة تكون الكلمة الوحيدة التي يفهمونها هي (باسبورت) او جواز السفر."

وعلى غرار عدد متزايد من الزبائن - من وكالات تطبيق القانون والمحاكم الامريكية الى المستشفيات ومؤسسات الخدمات المالية - سعت الوكالة الى الحصول على خدمات للترجمة للمساعدة في أن يسمع صوتها وسط الضجة في عالم تتعدد فيه اللغات بشكل متزايد.

ولكسر حاجز عدم الفهم أجرى الضباط الذين كانوا يتعاملون مع الرعايا الصينيين اتصالا بمؤسسة لانجويدج لاين سيرفيسيز وهي كبرى عدة مؤسسات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها وتقدم خدمات الترجمة حسب الطلب اما عبر الهاتف او في الموقع على مدار الساعة. بحسب تقرير لرويترز.

ويعمل 5200 مترجم لحساب المؤسسة التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها ويتحدثون 176 لغة من اللغات الشائعة نسبيا كالاسبانية والصينية والكورية والروسية والبولندية والفيتنامية الى عدة لهجات غير معروفة تتحدثها بعض القبائل الافريقية وحتى قرويين من قبائل المايا المكسيكية.

وتساعد المؤسسة العملاء في تقييم اي لغة يتحدثها الفرد بسرعة اما بالاستعانة بعامل هاتف مدرب او بطاقات هوية لغوية. وكثيرا ما تتمكن لانجويدج لاين ومؤسسات أخرى منافسة من وضع مترجم على الهاتف في أقل من دقيقة ليبدأ الناس في الحديث.

وقال رايلي "علينا أن نفتح قضية ويجب ان نعرف كيف وصلوا الى الولايات المتحدة ونحتاج مترجما من أجل هذا."

وتتزايد حاجة الاشخاص الى أن تفهم لغاتهم بالولايات المتحدة. ويشير مكتب التعداد الامريكي الى أنه كان هناك نحو 54.4 مليون نسمة او نحو واحد من كل خمسة من اجمالي عدد السكان يتحدثون لغة غير الانجليزية في منازلهم العام الماضي مرتفعا عن 47 مليون نسمة عام 2000.

وكل 19 ثانية يصل شخص يحتاج الى مساعدة لغوية في مكان ما من الولايات المتحدة مما يمثل تحديا للمهنيين كضباط الشرطة والاطباء والصيادلة على مستوى البلاد.

وقال لويس بروفينزانو رئيس مؤسسة لانجويدج لاين انه "كثيرا ما تمثل مسألة أن يتم فهم المرء الفرق بين الحياة والموت."

وبعيدا عن مؤسسة لانجويدج لاين توفر مؤسسات أخرى مقرها الولايات المتحدة مثل كومجاب وسيراكوم ونتوورك اومني ترجمة تتبعية اما في الموقع او من خلال مكالمة هاتفية بتكلفة تتراوح بين دولار ودولارين للدقيقة.

وفي حين يوجد بقوات الشرطة والمستشفيات في العديد من المدن الكبيرة موظفون يتحدثون الاسبانية - والتي يتحدث بها في المنازل اكثر من 32 مليون أمريكي - يستخدم كثيرون خدمات الترجمة من أجل الدعم في غير أوقات العمل الرسمية او للتحدث مع أشخاص ينتمون الى جماعات تتكلم لغات أقل انتشارا.

وفي احدى الوقائع اتصل مسؤولو الجمارك بمطار سولت ليك سيتي بمؤسسة كومجاب لمساعدتهم في التحدث مع أسرة لاجئة وصلت من الصومال عند منتصف الليل. وعلى الرغم من الساعة المتأخرة أرسلت المؤسسة مترجما يتحدث لغة الماي ماي الى الموقع في غضون دقائق.

اما بالنسبة للمرضى العرب والصينيين والسكان الاصليين لامريكا في مجتمعهم المحلي فيستعين العاملون الطبيون في احدى مستشفيات منطقة فينكس بمترجمي لانجويدج لاين بشكل يومي للمساعدة في تدوين تاريخ المرض وكتابة ملاحظات عن الاعراض وشرح جرعات العلاج للمرضى باستخدام هواتف مزودة بسماعتين حتى يضمنوا الا يسقط شيء أثناء الترجمة.

وقالت ساندي كيمينو المتحدثة باسم مركز بانر ثاندربيرد الطبي في جلينديل بأريزونا "سلامة المريض هي اولويتنا... سماع لغة مريحة ويمكن فهمها. هذا الشعور بالسكينة لا يقدر بثمن في أزمة تتطلب رعاية صحية."

وتشير التقديرات الديموجرافية المستقبلية الى أن الاقليات - المصنفة على أنها هؤلاء الذين ينتمون الى أي عرق خلاف البيض من أصحاب العرق الواحد من غير الاصول اللاتينية - سيصبحون الاغلبية في الولايات المتحدة بحلول عام 2050 مما يخلق مجتمعا اكثر تنوعا وتعددا للغات.

وربما ليس من الغريب أن تسير أمور مؤسسات خدمات الترجمة على نحو جيد في هذا الوقت الذي يشهد تدفقا على الرغم من الكساد العالمي الذي سبب فقد الكثير من الوظائف والحجز على عدد كبير من المنازل الى جانب أزمة القروض الائتمانية.

وقدرت رابطة المترجمين الامريكية قيمة الخدمات اللغوية بالولايات المتحدة بمبلغ 14 مليار دولار عام 2008 وتتوقع أن تشهد زيادة سنوية بقيمة 15 في المئة بسبب الطلب من القطاعين الحكومي والخاص.

وفي حين لا تنشر مؤسسات الخدمات اللغوية الخاصة أرباحها فانها تشارك الرابطة في نظرتها المتفائلة.

وتقول ليلاني كريج رئيسة مؤسسة كومجاب ومقرها سولت ليك التي تقدر أن الارباح نمت بمقدار يقترب من الخمس في العام المنصرم "نسمع عن الكساد وكيف تتغير الامور وبأمانة شركتنا في نمو."

في الوقت نفسه فان مؤسسة لانجويدج لاين التي أنشأتها شركة ايه تي اند تي الامريكية الكبرى للاتصالات منذ سبعة أعوام ولديها الان 25 الف عميل في الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم تشير الى أن الاعمال "تسير بشكل جيد للغاية" رغم الازمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 28/كانون الثاني/2008 - 29/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م