أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة

البطالة والحرب في العراق وعلى الإرهاب والصحة والتعليم، الهجرة والنفط

 

شبكة النبأ: تلعب استطلاعات الرأي دوراً محورياً ومؤثراً في الولايات المتحدة الأمريكية. وتكشف متابعة نتائج تلك الاستطلاعات عن مجموعة من الأولويات (المشكلات) التي يري الأمريكيون أن علي الإدارة المقبلة، ديمقراطية كانت أم جمهورية، أن تعمل علي إيجاد حلول لها بالنظر إلي تأثيرها المباشر علي حياتهم. ومن أهم هذه المشكلات: البطالة، والحرب الأمريكية في العراق، والحرب على الإرهاب، الرعاية الصحة، قضية التعليم، الهجرة غير الشرعية، وأخيراً ارتفاع أسعار النفط.

قضية البطالة و عدم توافر فرص عمل

جاءت قضية الاقتصاد وخصوصاً قضية البطالة وخلق وظائف جديدة كأولوية أولي لدي المواطن الأمريكي. وهو ما كشفت عنه استطلاعات الرأي المختلفة التي أُجريت خلال الأشهر الثلاث الماضية. فقد رأي 33%(وهي النسبة الأكبر) من المشاركين في استطلاع رأي أجراه CBS News/New York Times Poll أن قضية الاقتصاد والوظائف تُعد أكثر المشكلات أهمية التي تواجه البلاد اليوم. بحسب موقع تقرير واشنطن.

في حين اعتبر 89 % من المشاركين في استطلاع للرأي قامت به USA Today/Gallup Poll في الفترة من8-10 فبراير 2008 أن تصويتهم سيتأثر بشكل مهم جداً وللغاية Extremely)/(Very Important بموقف المرشح الرئاسي من هذه القضية. وأشار 26% من المشاركين في استطلاع للرأي أُجري بواسطة NBC News/Wall Street Journal Poll أن قضية خلق الوظائف والنمو الاقتصادي ينبغي أن تكون علي "قمة أولويات" الحكومة الفيدرالية.

ولا شك أن نتائج استطلاعات الرأي تُعد انعكاساً لوضع تلك القضية في المجتمع الأمريكي. فقد أشارت ريبيكا إم بلانك Rebecca M. Blank من جامعة ميتشجان ومعهد بروكنجز University of Michigan and Brookings Institution في شهادتها أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة في 7 مارس 2008 إلي مجموعة من المؤشرات الاقتصادية. فذكرت أن "هناك حديث حالي عن الكساد و عن مجموعة من المؤشرات الاقتصادية التي تؤشر إلي تباطؤ اقتصادي". فخلال الربع الأخير من عام 2007 كان الناتج المحلي الإجمالي تحت 1%. كما كانت حركة الائتمان ضعيفة ، حتى بأسعار فائدة أقل.

ومع إشارتها إلي أن معدل البطالة الذي بلغ 4.8 % يُعد منخفضاً، فإنها قالت أن هناك مؤشرات علي أن مشاكل البطالة تعتبر سيئة، ومن هذه المؤشرات: التباطؤ البارز في نمو الوظائف، حيث نمت خلال الفترة من يناير 2007 إلى يناير 2008، بمعدل 0.2 % فقط، وانخفضت الأجور خلال الشهور الستة الماضية، بالإضافة إلى وجود مؤشرات ركود واضحة في سوق العمالة، وأخيراً بلغ معدل البطالة في ولايات مثل ميتشجان 7.6% في أواخر عام 2007، وهناك سبع ولايات لديها معدل بطالة أعلي من 6%.

إنهاء الحرب الأمريكية في العراق

شكلت الحرب في العراق الأولوية الثانية لدي الأمريكيين. فقد اعتبر 20% من المشاركين في استطلاع رأي CBS News/New York Times Poll أن هذه الحرب هي ثاني أكثر القضايا أهمية التي تواجه الولايات المتحدة. واعتبر87 % من المشاركين في استطلاع رأي USA Today/Gallup Poll أن تصويتهم سيتأثر بشكل مهم جداً وللغاية بموقف المرشح الرئاسي من هذه القضية.

ويأتي موقف الأمريكيين من هذه القضية انعكاساً لتداعيات هذه الحرب خاصة ما يتعلق بالخسائر البشرية والتداعيات الاقتصادية. وحسب موقع Anti war الأمريكي فقد بلغ عدد القتلى من الجنود الأمريكيين في العراق منذ بداية الحرب وحتى نهاية نوفمبر 2008 أكثر من 4000 قتيلاً. كما بلغ عدد المصابون رسمياً 29395 مصاباً خلال الفترة ذاتها. ولا شك أن هذه الأرقام تُقلل من شعبية الحرب في العراق، وتدفع الأمريكيين إلي المطالبة بوضع حلول لها خاصة مع بعض التقارير التي تتحدث عن عدم تحقيق نتائج هناك.

فقد كتب جون بودستا John Podestaوراي تكيه Ray Takeyh، ولورانس جيه كورب Lawrence J. Korb في الواشنطن بوست مقالاً بعنوان "A War We Must End" في 26 فبراير الماضي أشاروا فيه إلي فشل خطة فرض القانون في تحقيق الاستقرار وفرض الأمن، بالإضافة إلي عدم قدرة الخطة علي إتاحة الفرصة للحكومة العراقية لإنجاز 18 تشريعياً مهماً اعتبرتها إدارة بوش حيوية من أجل تحقيق المصالحة السياسية.

من ناحية أخري قدر مركز التقديرات الإستراتيجية والميزانية Center For Strategic and Budgetary Assessments التكلفة الكلية للعمليات العسكرية المستمرة في العراق حتى عام 2007 بما بين 835 بليون دولار إلى 1.26 تريليون دولار. وذهب جوزيف ستيجليتز Joseph Stiglitz ،الحائز علي جائزة نوبل في الاقتصاد، بعيداً حين ذكر أن التكلفة الإجمالية للحرب تصل إلي 3 تريليون دولار أو أكثر. وفي مواجهة بعض الانتقادات التي وجهت إليه أكد ستيجليتز أنه استخدم أرقاماً محافظة، وأن التكلفة الكلية في الحقيقة قد ترتفع إلي 5 تريليونات دولار.

كذلك أكد تيد جالن كاربنتر Ted Galen Carpenter في مقال نشر علي موقع معهد كاتو الأمريكي المعنونة بـ" الهروب من الفخ: لماذا يتوجب على الولايات المتحدة ترك العراق" Escaping the Trap: Why the United States Must Leave Iraq" في 14 فبراير 2007، أن البقاء في العراق خطأ قاتل.وأنه حان الوقت للإعتراف بأن المهمة قد فشلت. ومهما كان الثمن الذي سندفعه من أجل الانسحاب من العراق فيجب أن يُحسب بالنظر إلي التكلفة المحتملة في الدم والمال. فيشر إلى فقد الولايات المتحدة جنودها بمعدل أكثر من 800 جندياً سنوياً، والتكلفة المالية تبلغ حوالي 8 بليون دولار شهرياً.

قضية الرعاية الصحية

جاءت قضية الرعاية الصحية في المرتبة الثالثة في أولويات المواطن الأمريكي. فقد أشار استطلاع CBS News/New York Times Poll إلي أن 7% من المشاركين يعتبرون أن هذه القضية تُعد ثالث أهم مشكلة تواجه البلاد اليوم. وأكد 17% من المشاركين في استطلاع رأي NBC News/Wall Street Journal Poll أنها ينبغي أن تكون ثالث أهم أولوية لدي الحكومة الفيدرالية (بعد قضيتي البطالة والحرب في العراق). فقد اعتبر 44% من المشاركين في استطلاع أجري في الفترة من 14-16 يناير الماضي بواسطة Fortune Magazine poll وتولت إدارته Abt SRBI أن موقف المرشح الرئاسي من هذه القضية "مهم للغاية" قيما يتعلق بتصويتهم في الانتخابات.

وفي دلالة واضحة علي خطورة هذه المشكلة كتب الدكتور روبرت إ. موفيت Robert E. Moffit, مقالاً نُشر علي موقع مؤسسة التراث الأمريكية (Heritage Foundation) تحت عنوان"حلول العناية الصحية"Health Car Solutions ، فيقول أنه" لا حاجة إلي القول أن الناس سيعانون ويموتون قبل وقتهم إذا لم يتم إصلاح نظام الرعاية الصحية".

وقد ذكر تقرير أصدره المركز الوطني للإحصائيات الصحية National Center for Health Statistics في ديسمبر الماضي (2007) ونشر علي موقعه الإلكتروني أن واحد من كل خمسة من البالغين أي أكثر من 40 مليون شخص قالوا أنهم لا يحصلون علي الرعاية الصحية التي يحتاجونها. وأن 20% من البالغين لم يحصلوا علي خدمة أو الكثير من الخدمات مثل: الرعاية الطبية، الأدوية، الرعاية الصحية العقلية، رعاية الأسنان، ونظارات العيون. وبالرغم من أن التقرير قد أكد علي حدوث تقدم مهم في الكثير من الأمور الصحية، إلا أنه أظهر أن الحصول علي الرعاية الصحية ما زال قضية تحتاج إلي التحسين.

الحرب على الإرهاب

حظيت قضية محاربة الإرهاب بالمرتبة الرابعة في أولويات الأمريكيين وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي التي سبقت الإشارة إليها. وبالرغم من تراجع نسب لهذه القضية لدي المواطن الأمريكي إلا أن ذلك لا يعني إهمالها خاصة مع وجود درجة ما من التهديد الذي ما زال هذا المواطن يشعر به.

وفي هذا الصدد قام رافائيل إف. بيرل Raphael F. Perl المتخصص في شؤون الإرهاب الخارجي بتقييم استراتيجيات الأمن القومي التي أعلنتها إدارة الرئيس بوش في عامي 2006و2007 في دراسة نشرت علي موقع خدمة أبحاث الكونجرس Congressional Research Service بعنوان National Strategy for Combating Terrorism .Background and Issues for Congress

وحسب بيرل فإن تلك الإستراتيجيات لم تفلح في محاربة الإرهاب بالنظر إلي أن السياسة الأمريكية في العراق، التي جعلت العراق نقطة مركزية رئيسية للنشاط . كما أن استمرار الوضع في التدهور والانزلاق نحو الفوضى سيساعد علي أن تحقق القاعدة نصراً دعائياً وتوسع عملياتها بما يهز المكانة الدولية للولايات المتحدة. وبالإضافة إلي ذلك- يضيف بيرل- فإنه علي عكس ما جاء في هذه الإستراتيجيات فقد أثبتت المجتمعات الفقيرة ذات الخلفيات الإسلامية، في العراق، الضفة الغربية، غزة وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، أنها يمكن أن تكون أرضاً خصبة لتفريخ النشاط الإرهابي، والتجنيد، والدعم.

علاوة علي ذلك فقد فشلت تلك الإستراتيجيات في مخاطبة أهمية التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي كأداة عامة لتخفيض وتيرة الإرهاب. ويستند المنتقدون للاستراتيجيات الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب إلي ما ذكره تقرير مجموعة دراسة العراق عام 2006 حين قال: إن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط ما لم تتعامل مباشرة مع الصراع العربي الإسرائيلي.

قضية الهجرة غير الشرعية

بجانب القضايا السابقة جاءت قضية الهجرة في المرتبة الخامسة لأولويات المواطن الأمريكي وذلك حسبما أوضحت نتائج العديد من اٍستطلاعات الرأي التي أجريت في الأشهر الثلاثة الماضية.

فقد أكد 4% من المشاركين في استطلاع للرأي CBS News/New York Times Poll أن هذه القضية تُعد خامس أهم قضية تواجه الولايات المتحدة اليوم. واعتبر 10% من المشاركين في استطلاع USA Today/Gallup Poll أنها ينبغي أن تكون الأولوية الخامسة للحكومة الفيدرالية.

وحسب دانيال تي جرسوولد Daniel T. Griswold في مقال له نشر علي موقع معهد كاتو، يعيش 12 مليون أجنبي في الولايات المتحدة بدون ترخيص مع زيادة نصف مليون كل سنة. وفي الوقت الذي أخفق فيه الكونجرس في حل تلك المشكلة.

وبصفة عامة فإن هناك مخاوف من الهجرة إلي الولايات المتحدة خاصة مع العبء الذي يشكلونه علي الاقتصاد الأمريكي .فقد كتب أودري سينجر Audrey Singer مقالاًً بعنوان إصلاح سياسات الهجرة الأمريكية: فتح سُبل جديدة للاندماج Reforming U.S. Immigration Policy.Open New Pathways to Integration نشر علي موقع معهد بروكنجز The Brookings Institution قال فيه: أنه بالرغم من أن المهاجرين يُشكلون جزءًا مهماً من الاقتصاد الأمريكي، ويشكلون منفعة صافية، فإن تأثير المهاجرين الغير شرعيين متقلب.

وقد أظهر تحليل حديث لمكتب المراقب العام لحسابات تكساس، يضيف أودري، أن ضرائب الولاية جمعت من المهاجرين الغير موثقين مبلغاً يفوق ما أنفقته الولاية علي الخدمات ـ بما يشمل التعليم، الرعاية الطبية ـ وهو ما يقدر بـ425 مليون دولار. لكن حكومات الولايات واجهت خسارة صافية . فقد تفاوتت التكلفة والمنافع المرتبطة بمهاجرين، وبشكل خاص المهاجرين غير شرعيين، من مكان لآخر. وهذا يفسر، جزئياً، سلسلة السياسات التي تتخذها الولايات التقييدية، خصوصاً في أماكن السكان المهاجرين ذات النمو السريع.

ويري أودري أن الحاجة الحالية لإصلاح الهجرة تجيء في وقت يوجد في الولايات المتحدة مقيمين أجانب أكثر من أي وقت مضى ـ 35.7 مليون- يشكلون حالياً 12 بالمائة من السكان و حوالي ثلث هذا المجموع غير قانوني، وينمو العدد بنحو 500.000 شخص كل سنة منذ عام 2000. ويشكل هؤلاء المهاجرون ـ غير الشرعيين، غير المصرح لهم، الذين لا يحملون وثائق ـ موضوع نقاش محتدم حول تكلفتهم، ومساهماتهم، ومستقبلهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/كانون الثاني/2008 - 28/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م