عودة الكفاءات بين الاجراءات العملية والدعاية السياسية

الحكومة العراقية مطالبة بخطوات ملموسة

اعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: تأمل العديد من الكفاءات والعقول العراقية التي ابعدتها السياسات السابقة والحروب التي خاضها العراق، بالعودة الطوعية من المهجر وطي صفحة الشتات.

لكن لاتزال الاوضاع في العراق تعاني الاضطرابات والتقلبات السياسية والاقتصادية، الامر الذي تجد فيه تلك الكفاءات المهاجرة عارضا قويا عن عودتهم.

فيما يطالب الاخرون قيام الحكومة العراقية بخطوات ملموسة تؤمن لهم العودة وخدمة بلدهم بسلام.

من جانبها تقوم السلطات العراقية بعدت اجراءات تمهدية لاستقبال وتأمين عودة الكفاءات في اسرع وقت ممكن.

حيث افتتح في بغداد المؤتمر الأول من نوعه للكفاءات العراقية بالمهجر تحت شعار (كفاءات العراق في المهجر تواصل وبناء) بمشاركة 150 شخصية علمية وأكاديمية وفنية

وحضر المؤتمر الذي عقد في فندق الرشيد ببغداد برعاية رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي خالد العطية، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من الوزراء العراقيين كوزير المهجرين والمهاجرين، ووزراء التجارة، والمالية، والصحة.

الحكومة تتكفل الحوافز والتسهيلات

وأكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمة افتتح بها المؤتمر، الذي حضرته أن "الظروف أصبحت مهيأة لعودة النخب والكوادر العراقية للعراق"، واصفا الفترة التي هاجرت فيها هذه النخب "بالسوداء".

وأوضح المالكي خلال فعاليات المؤتمر العالمي الأول للكفاءات والخبرات العراقية في المهجر أن "الذي أخر عودة الخبرات والكفاءات العراقية إلى العراق هي الظروف القاهرة والسوداء التي مرت على البلد" حسب تعبيره.

ودعا رئيس الوزراء الكفاءات العراقية إلى "العودة إلى العراق مجددا وتساهم ببنائه، لأن الأجواء أصبحت مفتوحة لهذه الخبرات لكي تعود"، مشيدا بدور القوات الأمنية التي "تصدت للإرهاب"، وأضاف قائلا "هناك من يحمل السلاح لحماية الوطن من الإرهاب، ومنهم من سيقوم ببناء الوطن".

وفي كلمته خلال المؤتمر قال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي خالد العطية إن "مؤتمر الكفاءات العراقية هو خطوة أولى لمنح دور للكفاءات لبناء وطنها عبر الاستفادة من خبراتها"، مشيرا إلى أن "الحكومة ستقدم كافة الحوافز والتسهيلات لعودة هذه الكفاءات".

 وأوضح العطية أن "المؤتمر سيناقش عدة محاور منها الحوافز والتسهيلات الممكن أن تقدمها الدولة العراقية لتسهيل عودة الكفاءات العراقية المغتربة"، مبينا أن ذلك "يتطلب تشريع قوانين واتخاذ بعض القرارات". بحسب نيوزماتيك.

ولفت العطية إلى أن "المؤتمر سيبحث آليات التواصل مع الكفاءات العراقية وهم خارج العراق والاستفادة من خبراتهم وكذلك وضع قاعدة بيانات حول عدد المغتربين والكفاءات العراقية واختصاصاتها وأماكن تواجدهم  بالعالم"، مشيرا إلى أن المؤتمر الذي يستمر يومين سوف "يصدر مجموعة توصيات ترسل إلى الحكومة لدراستها".

من جانبه، اعتبر الفنان المعروف حمودي الحارثي الذي عرفه العراقيين بمسلسله المشهور الذي أنتج في ستينات القرن الماضي باسم (تحت موس الحلاق) وباسم (عبوسي)، أن "الاستقرار الأمني الذي شهدته العاصمة بغداد دفعني إلى الرجوع مجددا لأرض الوطن"، مؤكدا أن "عشرات الآلاف خارج العراق يودون العودة إلى العراق حال استقر الوضع الأمني بصورة جيدة".

 ولفت الحارثي الذي عاد مؤخرا إلى العراق بعد غياب استمر 12 سنة، وشارك باعمال المؤتمر العالمي الأول للكفاءات والخبرات العراقية في المهجر إلى أن "هناك خبرات عراقية بالخارج رفيعة المستوى فمنهم مدراء مستشفيات ومصانع في أوروبا ودول أخرى ومستعدون لخدمة وطنهم".

وفي السياق نفسه، قال عبد الأمير المختار الذي شغل منصب مدير مدينة  بغداد الطبية وهي من أضخم المؤسسات الطبية في العاصمة بغداد، وعاش 27 سنة خارج العراق إنه عاد إلى العراق مجددا "لأطالب بحل المشاكل التي يتعرض إليها العراقيين بعد عودتهم من المهجر ولأخدم بلدي".

ودعا المختار "الحكومة على تجاوز الروتين والعقبات الحقيقية التي تقف أمام المهجر الذي يعود للعراق"، مطالبا "بسن قوانين تتناسب مع من عاشوا في الغربة".

  وشدد المختار على ضرورة "الاستفادة من الخبرات العراقية بالخارج لبناء الوطن"، وأعرب عن أمله في أن "تكون هناك جدية حقيقية في عقد المؤتمرات التي تدعو إلى عودة المغتربين"، مستدركا القول "لأن المؤتمرات إذا كانت للاستهلاك الإعلامي فستكون كارثة"، على حد تعبيره.

أما حسين رحمة الله الذي كان يشغل منصب أستاذ بدرجة بروفسور في الجامعة التكنولوجية  في بغداد، سافر من العراق عام 1992 في فترة الحصار الاقتصادي، اعتبر أن مشاركته في فعاليات المؤتمر هي لـ"لبناء البلد" حسب تعبيره.

وأوضح رحمة الله بالقول إن "الوضع الذي عاشه العراقيون في الفترة السابقة دفعني أن أكون أحد المشاركين في المؤتمر المستعدين لخدمة البلاد"، مبينا إن ما يحمله من خبرات في مجال التكنولوجيا سيساهم بـ"تطوير المصانع العراقية".

 وأعرب رحمة الله عن أمله في أن "تهيئ الدولة الوسائل التكنولوجية الحديثة من مختبرات ومصانع لدعم الصناعة العراقية"، مؤكد استعداده "لتدريب الكوادر العراقية ونقل الخبرات إلى العراق".

وتعاني الجامعات العراقية منذ سقوط النظام العراقي السابق من قلة عدد الكادر التدريسي فيها بسبب مغادرة أغلب أستاذة الجامعات من ذوي الخبرة إلى خارج العراق، وبلغت تلك المعاناة ذروتها خلال الفترة التي شهد فيها العراق عمليات العنف الطائفي في عامي 2006 و 2007 بعد تعرض عدد غير محدد من أولئك الأساتذة إلى عمليات خطف وقتل.

من جهته، أكد رئيس لجنة المهجرين والمرحلين البرلمانية عبد الخالق زنكنة أن "الحكومة ستسعى إلى تشريع قوانين ووضع حوافز لعودة الكفاءات العلمية والفنية"، مشيرا إلى أن "تشريع هذه القوانين سيكون سريعا لإيجاد حوافز لعودة الراغبين".

 وأوضح زنكنة أن "المؤتمر جزء من السياسية العامة للحكومة لعودة المهجرين"، لافتا إلى "وجود بعض الخبرات من فنانين وتجار ترغب بالعودة للعراق إذا ما توفرت لهم الظروف الملائمة".

 وأشار رئيس لجنة المهجرين إلى أن "الحكومة ستستفيد من بعضهم وهم داخل المهجر من خلال تقديم المشورة العلمية"، مضيفا "سنعطي امتيازات تشريعية لمن يرغب بالعودة للعراق ومن ضمنها إعادتهم للوظيفية واحتساب المدة التي قضوها بالمهجر من ضمن الخدمة الوظيفية".

 بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي الذي شهده العراق من عام 1980 إلى عام 2008 غادرت أغلب الكفاءات والخبرات العلمية إلى بلاد المهجر لتستقر في بلاد أوربية وعربية، حيث قدمت لها وظائف وسكن ما جعلها تستقر في تلك الدول لعقود ثم عاد بعضهم إلى العراق بعد عام 2003 إلا أنهم غادروا مجددا بعد تدهور الوضع الأمني.

التخطيط يسبق العودة

يقول احمد موسى استاذ دراسات التنمية الذي يعيش حاليا في النرويج "سأبحث الامر بهدوء وسأفكر 100 مرة قبل العودة."

وشكا اخرون من نقص المياه والكهرباء.

وقال اياد كوبا استاذ علم الامراض الذي يدرس في دولة الامارات العربية المتحدة "اطمح الى العودة. لكن المشكلة هي (ايجاد) بيئة يمكن ان نعيش فيها."

وتقول الحكومة ان مايصل الى 350 الف عراقي يعيشون في الخارج يحملون مؤهلات جامعية. وهذا ما يشكل نسبة 17 في المئة من مليوني مواطن عراقي فروا عبر البحار في السنوات الاخيرة.

وقال مسؤولون ان حوالي 10 الاف طبيب عراقي يعيشون ويعملون في بريطانيا وحدها. ويقول العراق ان 800 طبيب عادوا من انحاء العالم في العام الحالي.

وقال خالد العطية نائب رئيس البرلمان ان هجرة النخبة واستنزاف العقول تركا الجامعات والمؤسسات الحكومية خالية تقريبا من الكوادر.

واتفق بعض المهنيين على ان هناك شيئا واحدا يمكن ان تفعله السلطات العراقية لاغرائهم بالعودة.

فقد قبلت ماجدة عبد اللطيف الاستاذة الجامعية التي تعيش في الاردن العودة للبلاد قائلة انها تلقت عرضا من وزارة التعليم العالي العراقية للعمل براتب جيد لدرجة لا يمكن مقاومته.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/كانون الثاني/2008 - 28/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م