التعليم عن طريق الإنترنت يزيل العوائق التي تحول دون استكمال التعليم العالي

الطلبة يقدِّرون عاملَي المرونة وانخفاض التكلفة

 

شبكة النبأ: طبقا لما جاء في تقرير حديث فإن ثلث عدد الدارسين في التعليم العالي بالولايات المتحدة – وإجمالي عددهم 3.9 مليون طالب – كانوا يدرسون مادة واحدة على الأقل عن طريق الإنترنت خلال الموسم الدراسي لخريف العام 2007.

وأشار التقرير إلى أن الطلبة وهيئات التدريس والإداريين في التعليم العالي اتفقوا على أن التعليم عن طريق الإنترنت يقلل إلى حد كبير وربما يزيل تماما العوائق التي تحول دون استكمال التعليم العالي مثل: بُعد المسافة، أو قلة الوقت المتاح، أو تكلفة الانتقال والمواصلات، أو تضارب المواعيد، أو رعاية الأبناء. علاوة على ذلك فإن عددا متزايدا ممن يدرسون في حرم الجامعات يجدون أن الدراسة على الإنترنت يمكن أن تفي باحتياجات محددة لهم وأنها مكملة لدراستهم بالأسلوب التقليدي.

والتقرير الذي صدر بعنوان "السعي نحو تحقيق الهدف: التعليم على الإنترنت في الولايات المتحدة خلال 2008"، والذي دعمته مؤسسة ألفريد بي سلون، وقام على أساس الإجابات التي تلقاها من 2500 كلية وجامعة، خلص إلى أنه لم تظهر أي دلائل تشير إلى أن النمو الكبير والسريع للإقبال على التعليم عبر الإنترنت قد يتباطأ، إذ إن عدد الدارسين على الإنترنت قد نما بمعدل يتجاوز الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأنه ينمو بمعدل سنوي في كل حرم جامعى بنسبة تصل إلى 19.7 في المائة. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

ومن الممكن أن تساهم الدراسة عبر الإنترنت في ازدياد نسبة من يستكملون دراستهم للحصول على مؤهلات جامعية، ونقصان المدة التي يحتاجها الطلبة للحصول على المؤهل الجامعي.

على سبيل المثال، الطالب روبرت شرودر الذي ما زال طالبا منتظما في كلية إيثاكا بنيويورك، يدرس في الوقت نفسه عدة مواد على الإنترنت في كلية أخرى هي كلية ليك كاونتي في إحدى ضواحي شيكاغو.

لقد درس مادتين – هما مبادئ علم التسويق والكتابة في عالم التجارة- وهو يقيم على بعد 20 دقيقة من الحرم الجامعي أثناء الإجازة الصيفية بعد انتهاء السنة الأولى لانتظامه في كلية إيثاكا. ثم درس ثلاث مواد أخرى على الإنترنت – هي مقدمة علم النفس، ومقدمة علم الاجتماع، وعلم الاقتصاد الكلي – أثناء الفصلين الدراسييْن خلال الخريف والصيف بينما كان ما زال منتظما في إيثاكا.

وقال شرودر "لقد كنت مسجلا لدراسة تخصصيْن في آن واحد في كلية إيثاكا – الصحافة ووسائل الإعلام الرياضية – والطريقة الوحيدة التي كانت تمكنني من استكمال التخصصيْن معا وتسمح لي بالدراسة في الخارج، وهو ما كان في مقدمة أولوياتي، هي أن أدرس تلك المواد على الإنترنت. إن المرونة وانخفاض التكلفة كانا يمثلان أهمية كبرى بالنسبة لي."

وعندما ذكر شرودر المرونة وانخفاض التكلفة كسمات تتصف بها الدراسة على الإنترنت، إنما كان يعرب عن اتفاقه مع الغالبية العظمى من الطلبة الدارسين على الإنترنت، الذين يلتحق أكثر من 50% منهم بالكليات الأهلية لدراسة المواد والمناهج الدراسية التي تتيحها تلك الكليات بتكلفة أقل.

والعديد من الطلبة الدارسين على الإنترنت إما يعملون في وظائف مستديمة تشغلهم طوال اليوم، وإما من المنتظمين في الجيش، وإما ممن يتعين عليهم توفير الرعاية لأسرهم، أو أن يكونوا مشغولين بسبب اجتماع كل أو بعض العوامل الثلاثة. وقد أثبتت دراسات سابقة بشكل متكرر أن الوقت والمال هما أكبر العقبات أمام استكمال التعليم العالي.

وطبقا لما ذكره التقرير فإن اتجاه المؤسسات العامة إلى اعتبار أن التعليم على الإنترنت يعد عاملا مهما بالنسبة لاستراتيجياتهم وخططهم على المدى الطويل، آخذ في الزيادة. وأكثر من ثلثي الكليات والجامعات تتفق على وجود منافسة في الوقت الراهن بين الدارسين على الإنترنت. ومعظم المواد والمناهج الدراسية متوفرة الآن على الإنترنت في مجالات مختلفة، ربما باستثناء تخصص واحد هو الهندسة، إذ إن مؤسسات تعليمية محدودة نسبيا تتيح الدراسة فيه على الإنترنت.

وتقول الغالبية العظمى من كبار المسؤولين الأكاديميين في الكليات الأهلية إن هيئات التدريس في كلياتهم تعترف بقيمة ومشروعية التعليم على الإنترنت، بينما يتفق مع هذا الرأي أقل قليلا من خمسي المسؤولين في الكليات التي يبلغ عدد سنوات الدراسة فيها أربع سنوات.

وحسبما قال شرودر فإن المواد التي درسها على الإنترنت قد تفاوتت بشكل ملحوظ من حيث درجة الصعوبة.

وأوضح رأيه بقوله: " إن مادة الكتابة لم تكن صعبة، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى أنها تحتاج للكثير من الإبداع والتفكير الخلاق والجهد الشخصي، وكلها مفاهيم لا تحتاج إلى التواجد في الفصل بالفعل لاكتسابها." ثم أضاف أن القاعدة تنطبق أيضا على مادتيْ علم النفس وعلم الاجتماع، "وهما المادتان اللتان برهنتا على جودتهما للدراسة على الإنترنت." واستطاع شرودر الاستفادة من البرامج المسجلة على اسطوانات مدمجة التي تأتي مع كل كتاب دراسي، بالإضافة إلى الدراسات المنشورة على الإنترنت وكل المواد الأخرى المكملة للدراسة على الإنترنت.

لكن شرودر أشار إلى مواد أخرى وجد صعوبة في دراستها على الإنترنت، حين قال "من ناحية أخرى، وجدت أن التسويق والاقتصاد الكلي (التحليلي) كانت أصعب على الإنترنت. رغم توفر حلقات المناقشة وتوجيه الأسئلة حول المادتين على الإنترنت أيضا. غير أنه في غياب وجود الفصل الدراسي الواقعي كان الأمر متروكا لكل دارس لكي يعتمد على نفسه لاستيعاب بعض المفاهيم والأفكار الصعبة. وأعتقد أن مناهج مثل هذه مما تحتوي على مبادئ وأسس متميزة وقوانين تحكمها الأرقام، تكون بالنسبة للدارس بمفرده أصعب في الاستيعاب من علم الاجتماع مثلا الذي تحكمه أسس وقوانين يمكن تفسيرها وتطبيقها بسهولة على الحياة اليومية لأي شخص."

وتتباين المؤسسات التعليمية التي تتيح الدراسة على الإنترنت من حيث كمية ونوعية المساعدة التي توفرها للدارسين، رغم أن الاتجاه يميل نحو تقديم مزيد من المساعدة. على سبيل المثال، بإمكان الدارس على الإنترنت الاتصال بالمدرسين الخصوصيين الحقيقيين المتوفرين على مدار الساعة من أي كمبيوتر متصل بشبكة الإنترنت إذا كان واحدا من الـ50 ألف دارس المسجلين كدارسين في برنامج"مينيسوتا على الإنترنت". هذا البرنامج يوفر آلاف المناهج الدراسية وأكثر من 200 برنامج للحصول على الدرجات العلمية والشهادات والدبلومات في كل الجامعات والكليات الـ32 الموجودة بولاية مينيسوتا.

وجدير بالذكر أن برنامج "مينيسوتا على الإنترنت" فاز بعدد من الجوائز القومية والعالمية تقديرا لاستخداماته المبتكرة للتكنولوجيا الحديثة من أجل دعم ومساعدة الطلبة، إذ إنه يتيح أمامهم موارد ومصادر كثيرة للمعلومات على الإنترنت، مثل وجود مختبر للتدريب على الكتابة يعمل به محاضرون وموجهون ينتقدون المقالات والموضوعات التي يكتبها الطلبة ثم يعيدونها إليهم في مدة لا تتجاوز 24 ساعة، كما يوجد محاضرون آخرون مستعدون للعمل مع الطلبة على الإنترنت وقتما يشاء الدارس.

وفي تلخيصه لتجربته في الدراسة على الإنترنت قال شرودر إنه استشعر المرونة في استطاعته دراسة المواد على الإنترنت بمعدل السرعة الذي تناسب معه، أكثر مما استشعر ضرورة  تعويض غياب التفاعل في فصل حقيقي. "لقد استطعت الاستفادة من الأوقات التي كانت تخف فيها أعباء الواجبات المطلوبة للمواد التي أدرسها في إيثاكا لاستذكار واستيعاب مجموعة من المواد الأخرى بحيث أتقدم نحو الأمام."

وأشار شرودر إلى أن "توفر المرونة لاستكمال كل مواد المنهج الدراسي حسبما يسمح به وقتي، وعدم تضييع الوقت في الذهاب إلى الفصل كانت عوامل إيجابية كبيرة سمحت لي بدراسة هذا العدد الكبير من المناهج الدراسية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/كانون الثاني/2008 - 23/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م