لا توجد في التاريخ ورقة لحدث حدث لمرة واحدة بل انها مكررة نعم
قد تختلف الاسماء والزمان والمكان الا ان اصل الحدث من ابعاد فكرية
وما يتمخض عنها من نتائج كلها ايجابية حتى وان كانت سلبية لانها
تكون لنا منهل لاستنباط المواعظ منها ونتجنب السلبي ونتمسك
بالايجابي.
وافضل واروع مدرسة تاريخية في الحياة الدنيا هي مدرسة تاريخ اهل
البيت عليهم السلام، وطالما ان حصة تاريخ الحسين عليه السلام عدا
واقعة الطف نوعما شحيحة لهذا خصصت اهتمامي لوريقات التاريخ
الحسينية قبل الطف واستوقفتني احدى الروايات التي لها مداليل كثيرة
ونصها:
البلاذري، عن العتبي: حجب الوليد بن عتبة أهل العراق عن الحسين،
فقال الحسين: يا ظالما لنفسه، عاصيا لربه ! علام تحول بيني وبين
قوم عرفوا من حقي ما جهلته أنت وعمك؟ ! فقال الوليد: ليت حلمنا عنك
لا يدعو جهل غيرنا إليك، فجناية لسانك مغفورة لك ما سكنت يدك فلا
تخطر بها فتخطر بك، ولو علمت ما يكون بعدنا لأحببتنا كما أبغضتنا.
هذا الحدث لو غيرنا الاسماء ووضعنا بدلا عنها صدام والاحتلال
لكانت هي بعينها ومن هذه الرواية تتضح ما يجب ان نكون عليه اتجاه
هذه الاحداث.
بداية الرواية هو منع محبي الحسين عليه السلام من زيارته في
حياته وهذا له مدلولين ان للحسين عليه السلام محبين في العراق وما
يقال ان اهل العراق ذمهم امير المؤمنين عليه السلام هو كلام اوّل
بغير معناه الصحيح والا لما خصصت الرواية محبي الحسين عليه السلام
من العراق.
اضف الى ذلك ان هذا المنع حصل وعلى مر التاريخ بعد استشهاده في
واقعة الطف ابتداء من الخلفاء الامويين ومرورا بالعباسيين وبالامس
صدام المقبور الذي حارب زوار الحسين عليه السلام ايما محاربة ولست
بصدد ذكر القصص والحوادث التي عانى منها زوار ابي عبد الله عليه
السلام فلقد عايشها اهل العراق محبي عليه السلام، واما المحبون
خارج العراق فان صدام هو بعينه الوليد بن عتبة عندما منعهم من
زيارة كربلاء اليس التاريخ هو بعينه يحدث اليوم؟
والالتفاتة الاخرى هو قول الوليد للحسين (ع) ـ فجناية لسانك
مغفورة لك ما سكنت يدك ـ هذا يعني ان الحسين عليه السلام كان
لايسكت على باطل ابدا ولايبخل بمشورة لمن شاره ويحتكر علما علمه له
جده وابوه وكلام سيد الشهداء الذي عبر عنه بالجناية وطالما ان
كلامه عليه السلام هو كلام معصوم اذن هو المعروف وبنظر المنكر
جناية اذن زمن معاوية هو زمن تفشي المنكر.
واما يد الحسين عليه السلام التي ياملون سكونها فهذا يعني ان
قوة الحسين لامصد لها ولا تضرب الا رقاب اهل المنكر فكانوا يعلمون
ما هو عليه الحسين عليه السلام من بطش بالظلمة.
واخر البحث الذي يستحق الوقفة هو قول الوليد للحسين عليه السلام
(ولو علمت ما يكون بعدنا لأحببتنا كما أبغضتنا ) هنا اسئلة واجوبة،
فهل الحسين لا يعلم بما سيكون عليه الحال مستقبلا؟
فلو كان يعلم اذن لسلم امره الى الله عز وجل وترك معاوية يعبث
بالحرث والنسل، واذا كان لايعلم اذن لكان الامام السجاد عليه
السلام تاسف على معاوية وتمنى حكمه على حكم ابنه الفاسق، فلأي
اقتراح نميل؟
اولا ان الحسين عليه السلام يعلم انه ملاحق من قبل بني امية
وانهم يتربصون به لقتله كما قتلوا الحسن عليه السلام كما وانه
عندما استدعاه الوليد نفسه طالبا منه مبايعة يزيد استصحب عليه
السلام معه من مواليه واتفق معهم على اشارة معينة اذا ما حصل له
مكروه، هذا يدل على ان مصيره القتل هو ما يدور في خلده عليه السلام
اضف الى ذلك خروجه من المدينة الى مكة وحتى من مكة خرج قاصدا
الكوفة وليس كربلاء الا ان سير الاحداث جاءت به الى كربلاء وعندما
علم انها كربلاء علم بما نُبأ به.
والجانب الاخر المهم هو لافرق بين ظلم معاوية ويزيد بدليل عدم
ذكر معاوية بالخير من قبل السجاد عليه السلام بل الدعاء عليه وعلى
كل ظالم ظلم الحسين عليه السلام.
واليوم هنالك بعض الشتات عندما تعترضه نائبة يقول كان صدام افضل
وهذا هو اثم يحاسب عليه يوم القيامة.
صفوان الجمال الذي كان يكري جماله لهارون الرشيد لكي يحج، منعه
من ذلك الامام الكاظم عليه السلام فقال صفوان يا بن رسول الله انا
لا اذهب معهم فقال له الامام (ع) اولا تتمنى عودته حتى تاخذ اجرتك
قال نعم فاجابه عليه السلام اذا انك تتمنى سلامة الظالم، ومن يتمنى
هذا فقد حشر في جهنم معه.
فكيف بنا الحال والظالم قد اعدم واقبر وهنالك بعض الجهلة تتاسف
عليه فكيف سيكون مصيرهم يوم القيامة؟
واخر البحث هو علم الوليد بما سيلاقي الحسين (ع) غدا فهذا يدل
على ان المؤامرات كانت تحاك في البيت الاموي حول كيفية التخلص من
الحسين عليه السلام والا كيف علم الوليد بالمكروه الذي سيحل
بالحسين عليه السلام وبعياله؟ |