قبيلة اندونيسية تنعم بسلام بعيدا عن الأزمة المالية العالمية

 

شبكة النبأ: على قمة التلال في جاوة الغربية تعيش قبيلة في سلام وهدوء بعيدا عن الازمة المالية العالمية..

قبيلة بدوي التي يقدر عدد أفرادها بين نحو خمسة آلاف وثمانية الاف شخص تعيش في أراضيها على بعد 120 كيلومترا فقط من جاكرتا الا أنه بالرغم من قربها من العاصمة الاندونيسية تبدو معزولة تماما تقريبا عن العالم وتتبع تقاليد معينة تمنع استخدام الصابون وركوب السيارات وحتى ارتداء الاحذية. بحسب رويترز.

ويحدق أفراد القبيلة في دهشة عند سؤالهم عن أحداث العالم الخارجي..

تلعب سالينا وهي أم شابة مع ابنها خارج كوخها في قرية جاجيبوه الصغيرة المطلة على نهر وتقول عندما تسأل عن الازمة العالمية التي أثرت على الروبية الاندونيسية التي خسرت نحو 25 بالمئة من قيمتها العام الحالي "لا أعلم بأي أزمة."

وعلى مساحة 50 كيلومترا مربعا على جبل كيندينج يتمسك أفراد قبيلة بدوي بأسلوب حياتهم المنعزل رغم اغراءات العالم الحديث.

ولا يعلم أحد على وجه الدقة أصلهم.. يعتقد بعض علماء علم الانسان انهم ينحدرون من مملكة باجاجاران الهندوسية في جاوة الغربية حيث احتموا في التلال التي يقيمون بها الآن بعد أن قاوموا اعتناق الاسلام في القرن السادس عشر.

ويتحدث أفراد القبيلة اللغة السندانية القديمة التي يتحدثها كثيرون في هذا الجزء من جاوة الغربية.

وتعتقد قبيلة بدوي التي تمزج الهندوسية القديمة بالروحانيات ان أرضهم (بانسر بومي) هي مركز العالم وأنهم أول ناس على الارض وعليهم اتباع مجموعة صارمة من القواعد للحيلولة دون وقوع كارثة.

ويجري زعماء القبيلة شعائرهم الروحانية في مكان سري يسمى أركا دوماس تحيط به أحجار أثرية غير منحوتة لتهدئة الالهة وأرواح أجدادهم.

وفي الظاهر يبدو أسلوب حياة القبيلة بدائيا الا أن الخبراء الذين درسوا أساليبها في الزراعة يقولون انها تتوافق مع البيئة التي يعيشون فيها.

على سبيل المثال ممنوع استخدام الجرافات المعدنية مما يساعد على الحيلولة دون تآكل التربة عند زراعة نوع جاف من الارز.

ولكن قائمة طويلة من المحرمات تجعل حياتهم تبدو صعبة بشكل غير منطقي.

ومن بين قائمة المحرمات على أفراد القبيلة التعليم والزجاج والخمر والمسامير والأحذية وتحويل مجرى المياه وتربية الحيوانات ذوات الاربع.

وقال العالم بويدهيهارتونو المتخصص في علم الانسان بجامعة اندونيسيا الذي درس قبيلة بدوي لاعوام "لا يحصلون على تعليم. الذهاب للحقل هو التعليم بالنسبة لهم."

ومجتمعهم مقسم الى نطاق خارجي به مجموعة من القرى ونطاق داخلي به ثلاث قرى. وأي فرد من القبيلة يخرق القواعد يجرى نفيه الى النطاق الخارجي.

ويلبس أفراد القبيلة الذين يقيمون في النطاق الداخلي ومجموعهم نحو 800 فرد أو 40 عائلة ملابس بيضاء في حين يلبس سكان النطاق الخارجي ملابس سوداء.

وزيارة القبيلة تتطلب المرور عبر ممرات زلقة شاقة ويسمح للاجانب بزيارة النطاق الخارجي فقط ولكن لبضع ليال محدودة وينامون على حصر من الخيزران في قرى يخيم عليها الظلام ليلا لعدم وجود كهرباء.

ولا يسمح أبدا لغير الاندونيسيين بزيارة القرى الداخلية المقدسة.

والنطاق الخارجي بمثابة منطقة عازلة وأحيانا يقوم شيوخ القبيلة من النطاق الداخلي بزيارات مفاجئة للتأكد من أن زملاءهم في النطاق الخارجي لا يخرقون العديد من القواعد.

وأحيانا يصادرون أجهزة الراديو وأشياء أخرى يعتبرونها من ملوثات العالم الحديث.

ولكن يصعب ابعاد كل الاشياء من العالم الحديث.. في زيارة في الاونة الاخيرة للقبيلة كان بعض أطفال القبيلة تخلوا عن الملابس التقليدية وكان أحدهم يرتدي قميص المنتخب الايطالي لكرة القدم بلونه الازق كما حلت الاموال التي تعد رسميا محرمة محل المقايضة في التعامل مع العالم الخارجي.

ويسافر سكان النطاق الخارجي لبلدات قريبة لبيع العسل وسكر النخيل. ويستخدم المال في شراء السمك المملح وأشياء أخرى لا ينتجونها بأنفسهم.

وقال بويدهيهارتونو الذي طور على مدى السنين ما يصفها "بصداقة ما" مع أفراد القبيلة "حتى في النطاق الداخلي يعرفون المال."

ويبقي بويدهيهارتونو على غرفة خالية في منزله في جاكرتا تحسبا لزيارة أحد من أفراد القبيلة الذين يقومون بزيارات مفاجئة بعد رحلة تستغرق ثلاثة أيام يقومون بها وهم حفاة سيرا على الاقدام اذ لا يسمح لهم باستخدام وسائل المواصلات.

وأجاب ردا على سؤال حول ما اذا كانوا يعرفون أي شيء عن العالم الخارجي قائلا "ليس تماما بالطبع الا اذا حضروا الى منزلي وشاهدوا التلفزيون."

وفي حين أن أفراد القبيلة لا يستخدمون الادوية الحديثة الا أن بويدهيهارتونو قال ان استخدام المضادات الحيوية في العلاج ساعد في زيادة عددهم.

وأضاف أن الخطر الرئيسي الذي يواجهونه هم الناس من خارج القبيلة الذي يحاولون نهب أراضيهم ومحاولات هدايتهم التي تقوم بها بعض الجماعات في المجتمع المحيط بهم.

وسعت السلطات في بعض الاوقات لضم قبيلة بدوي لنسيج المجتمع. عندما حاول الرئيس الاندونيسي السابق سوهارتو تنمية منطقتهم في الثمانينات أرسل أفراد القبيلة مبعوثا لكي يطالب بأن يتركوا وشأنهم.

ووافق سوهارتو الذي كان يضعف أمام الاعتقادات الروحانية في جاوة ومهد الطريق أمام سكان القبيلة لاقامة أعمدة من أجل حماية أراضيهم من المؤثرات الخارجية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/كانون الثاني/2008 - 12/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م