
شبكة النبأ: بعد مصادقة البرلمان
العراقي وتمرير الاتفاقية الامنية، باتت الملامح القانونية للقوات
العسكرية المتواجدة في العراق تنكشف معالمها، خصوصا بعد إنقضاء
الفترة الزمنية الخاصة لوصاية الامم المتحدة ، وإنتهاء هذه الفترة
بنهاية العام الحالي 2008، حيث سيتعين على القوات التي تريد البقاء
في العراق، لممارسة مهام تدريبيه منها أو مساندة، الحصول على
اتفاقية خاصة مع السلطات العراقية، وبخلافه سيكون وجودها غير
قانوني، وهذا ربما يربك عمل بعض القوات المتواجدة منها القوات
البريطانية التي لم تصل إلى إتفاق معين مع الحكومة العراقية، حول
بقاء قواتها، من عدمه، أما بقية القوات الدولية المشاركة في
العراق، فقد بدأت بالمغادرة الفعلية، قبيل هذا الوقت.
(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على أصداء
الاتفاقية الامنية وإنعكاساتها من الوجهة العسكرية، وحسب التحليل
الخاص ببعض الصحف الغربية:
هل تحل الاتفاقية محل وصاية الامم المتحدة، وهل تربك العمل
الامريكي؟!
تناولت صحيفة نيو يورك تايمز The New York Times في تقرير لها
الاتفاقيتين بين الولايات المتحدة والعراق من وجهة نظر المصالح
الأمريكية قائلة إنهما سينهيان الحرب في العراق، إلا أن غموض
شروطهما يعرقل إمكانية إنسحاب سلس من العراق ويترك مجالا لإدارة
اوباما للتصرف حسب رؤيتها في الوقت نفسه.
وقالت نيو يورك تايمز إن الاتفاقيات الأمنية بين العراق
والولايات المتحدة: تشكل بداية نهاية الحرب، مشيرة إلى أنه على
الرغم من أنها مجرد بداية إلا أن شروطها تخلق شكوكا قد تعطل
إنسحابا سلسا للقوات الأمريكية من العراق. بحسب أصوات العراق.
فالاتفاقيتان ضمن الاطار الاستراتيجي واسع النطاق والاتفاقية
الأمنية الأكثر تفصيلا التي أقرها البرلمان العراقي، تحددان موعدا
نهائيا انتظره منتقدو الحرب طويلا، بحسب الصحيفة، وتابعت: أن هاتين
الاتفاقيتين تتطلبان إنسحاب القوات الأمريكية كلها من العراق في
مدة لا تتجاوز 31 من كانون الأول ديسمبر 2011، إلا أنهما لا
تتضمنان جدولا زمنيا للإنسحابات، وأنهما نظريا تضيفان ثلاث سنوات
إلى حرب مر عليها خمس سنوات ونصف، حسب ما ترى الصحيفة.
وكان مجلس النواب العراقي أقر عصر الخميس 27 تشرين الثاني
نوفمبر، اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، بين
العراق والولايات المتحدة، بأغلبية كبيرة منهيا بذلك جدلا سياسيا
واسعا شهدته الساحة العراقية منذ أشهر.
وتشير نيو يورك تايمز إلى أن الولايات المتحدة وافقت على إزالة
جميع القوات القتالية من المدن العراقية والأقضية بنهاية حزيران
يونيو المقبل، على الرغم من أن الاتفاقيتين تلتزمان الصمت حيال ما
تعنيه عبارة القوات القتالية ومتى ستغادر بالضبط. وتبين أن هذه
القرارات تركت للجنة تنسيق عمليات مشتركة، التي هي هيئة تتكون من
أمريكيين وعراقيين قد تواجه تعقيدات بسبب تكوينها.
وتوضح الصحيفة أن هذه اللجنة ستتمتع بسلطة الموافقة على
العمليات الأمريكية، واستخدام قواعد ومنشآت، واعتقال عراقيين على
يد قوات أمريكية، وتتابع بل أنها، وفي حالات نادرة كما يبدو؛
ستحاكم جنود أمريكيين متهمين بجرائم خطرة مع سبق الاصرار والتعمد
ترتكب خارج المهام وخارج القواعد.
وأن هذه اللجنة ستواجه بالطبع ظروفا تربك التعاون بل وربما تقود
إلى صراع، كما ترى الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن ترافيس شارب، وهو محلل في شؤون الدفاع في
(المجلس من أجل عالم ممكن العيش)، قوله إن: علامات الاستفهام بشأن
الاتفاقية تتعلق بحرية عمل القوات الأمريكية، وغموض الالتزامات
الأمنية وحماية الأصول العراقية.
ويعارض (المجلس من أجل عالم ممكن العيش) الحرب، إلا أنه يقول
إنه: أعرب عن دعمه للاتفاقيتين مع العراق. والسبب هو أن غموض بعض
العبارات والتعاريف يعطي الرئيس المنتخب باراك اوباما مرونة لا بأس
بها لتنفيذ وعود حملته الانتخابية في إنهاء الحرب، بحسب الصحيفة.
وتجد الصحيفة أن دعم معارضي الحرب للاتفاقيتين نصر للرئيس بوش،
وإن كان ذلك الدعم متباينا، وتبين: كما أنه أيضا دفاع عن إصرار
اوباما في وضع جدول زمني للإنسحاب يضطر الامريكيين والعراقيين
للتأمل في عهد بلا وجود لقوات أجنبية تحتل البلد.
وتشير الصحيفة إلى أن قادة أمريكيين بدأوا بالفعل يفكرون بكيفية
تسريع إنسحاب قوات قتالية في موعد قريب من رؤية اوباما أكثر مما
كان يبدو ممكنا قبل عام مضى، لكن الصحيفة ترى أنه في الوقت نفسه،
فان الاتفاقيتين تتركان مجالا للإبقاء على قوة أكبر مما تصورها
أنصار اوباما، بوجود عشرات الالاف من القوات الأمريكية التي تتولى
مهام تدريب وأدوار عمليات دعم أخرى على الأقل في الوقت الحاضر.
وتذكر الصحيفة أن بروك اندرسون، وهي مستشار سياسي ومتحدثة باسم
فريق اوباما الإنتقالي رحبت بموافقة العراق على الاتفاقيات، قائلة
إن فريق اوباما كان يأمل رؤية هذا التقدم في إيجاد ظروف للوجود
الأمريكي في العراق إلى ما بعد إنتهاء وصاية الأمم المتحدة بنهاية
العام الحالي.
والسبب في اعتبار الاتفاقيات نصرا لبوش هو أن إدارته قد تفاوضت
بفاعلية من أجل إنهاء حرب مكلفة ولا تحظى بشعبية، حسب ما تذكر
الصحيفة.
وتقول الصحيفة إن مع تناقص شهور مدة رئاسته، خفض بوش من معارضته
لأية مواعيد نهائية للإنسحاب الأمريكي، كما كان يحث اوباما في
حملته التجريبية، ووافق على مطالب العراقيين في أن يكون لهم كلمة
تكبر بإطراد في حكم بلادهم في هذه الأثناء.
وأشارت نيو يورك تايمز إلى أن المتحدث باسم بوش، غوردون جوندرو،
قال في بيان له يصف فيه الاتفاقيتين كبرهان على نجاح إسترتيجية
الرئيس، إن بالنظر إلى كانون الثاني يناير 2007، شهدنا الآن تقدما
لا يصدق في القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، لدرجة أن تحسن
الظروف سمح لنا بالتوصل إلى هذه الاتفاقية الثنائية مع عراق ذي
سيادة يحل مشكلاته بعملية سياسية، وليس بالبنادق والقنابل.
إلا أن التنازلات التي قبلت بها إدارة بوش لسيادة العراق، كما
تذكر الصحيفة، أثارت مخاوف ديمقراطيين بارزين في الكونغرس، من
بينهم السيناتور كارل ليفن، رئيس لجنة الخدمة العسكرية، ونظيره في
مجلس النواب ايك سكيلتون.
لكن أي إنسحاب من العراق كان سيرافقه حتما تاكيدات قوية للسيادة
العراقية، وبالتالي مدة انتقالية غير مؤكدة سيتم فيها نقل حقيقي
لسيطرة العمليات من الجيش الأمريكي إلى الجيش العراقي، حسب ما ترى
الصحيفة.
إذ تذكر الصحيفة أن المادة 9 من الاتفاقية الأمنية مثلا تعطي
العراق السيطرة على مجاله الجوي للمرة الأولى منذ بدء الحرب، إلا
أن هذه المادة تمضي لتشير إلى أن العراق قد يطلب دعما مؤقتا من
الولايات المتحدة.
ويبقى من غير الواضح، حسب تحليل الصحيفة، حجم القوات الأمريكية
المتوقع بقاؤها من الآن وحتى الموعد النهائي للإنسحاب، وما إذا كان
سيبقى منها عدد معين بعد ذلك. لكن الشيء الواضح هو أن ذلك يبدأ في
الأول من كانون الثاني يناير، عندما تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ،
وستنفذ القوات الأمريكية عملياتها تحت قيود كبيرة، كما تذكر
الصحيفة.
وتواصل الصحيفة تحليلها بالقول أن تاريخ هذه الحرب يشير إلى أن
الإنجازات الأمنية قابلة للإرتداد، وتتابع ومهما حققت المصالحة
السياسية إلا أنها شهدت تفجر أعمال عنف، وبأن القوات الأمريكية
ستواصل لبعض الوقت مراقبة الخليط الأثني والطائفي الذي من الممكن
أن يعود بسرعة إلى حرب أهلية.
ووجدت الصحيفة أنه كجزء من الجهود الرامية إلى الفوز بموافقة
البرلمان العراقي، وافقت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على عقد
استفتاء وطني العام المقبل على الاتفاقيات. والتصويت ضدها من
المؤكد أنه سيضع القوات الأمريكية في متاهة قانونية بخاصة من دون
وجود وصاية من الأمم المتحدة التي كانت الاتفاقية تهدف إلى أن تحل
محلها بنهاية العام الحالي.
ونقلت الصحيفة عن بيان صدر عن شبكة الأمن الوطني، وهي مجموعة
سياسية تتألف في غالبيتها من الديمقراطيين الذين وجهوا انتقادات
حادة لسياسات الرئيس بوش، أن من الواضح أن إدارة بوش ستخلف لإدارة
اوباما وضعا مرتبكا ومعقدا وغير مستقر في العراق. إلا أن الصحيفة
تضيف أن إدارة بوش “قد تركت أيضا لاوباما مخرجا من هذا الوضع.
قوة المتعاقدين المزدهرة وتلاشي قوات
التحالف في العراق
ذكرت صحيفة تايمز The Times البريطانية في تقرير لها أن التحالف
الدولي في العراق في طريقه إلى الزوال بنهاية العام الجاري، مبينة
أنه في مقابل ذلك هناك قوة مزدهرة ما تزال كبيرة تتمثل بآلاف
المتعاقدين الخاصين من بلدان نامية.
وقالت الصحيفة إن تحالف الإرادة الذي شكله الرئيس بوش بصدد
التلاشي من العراق بنهاية العام الجاري بانسحاب 13 بلدا من بينها
بلدان تستعد لسحب قواتها مثل كوريا الجنوبية واليابان ومولدوفا
وتونجا. بحسب أصوات العراق.
وذكرت محطة Fox 59 الإخبارية الأمريكية أن اليابان بصدد إنهاء
عملياتها في الدعم الجوي اللوجستي في العراق بنهاية العام الحالي،
على إثر تحسن الوضع الأمني وخطوات باتجاه الديمقراطية في العراق.
وكانت اليابان نشرت حوالي 600 عسكري في مدينة السماوة، جنوبي
العراق، في مهمة إنسانية بدأت من العام 2004 وانتهت في العام 2006،
لتتحول عملياتها إلى مجال الدعم اللوجستي الجوي في العراق في العام
2006.
وأضافت أن بريطانيا واستراليا ورومانيا واستونيا والسلفادور هي
البلدان الوحيدة، إلى جانب الولايات المتحدة، التي تخطط للبقاء بعد
انتهاء صلاحية وصاية الأمم المتحدة، في 31 من كانون الأول ديسمبر
المقبل، التي تخول قواتها التواجد في العراق.
واستدركت التايمز: لكن لا يزال على لندن التوصل إلى اتفاق مع
بغداد للإبقاء على قواتها التي يبلغ حجمها 4.100 عسكري في العراق
حتى العام الجديد. مبينة أنه في حال الفشل في التوصل إلى اتفاق في
وقت معين، فان القوات البريطانية ستفتقر إلى الغطاء القانوني
وعليها مغادرة البلد، كما ذكرت الصحيفة.
وبهذا الشأن قال البريغاديير جنرال نيكولاس ماتيرن، نائب القائد
العام للقوات متعددة الجنسيات في العراق، التي تشرف على شركاء
الجيش الأمريكي في التحالف، للصحيفة: نحن ماضون إلى توديع 13 بلدا
في غضون اسبوعين ونصف.
وأضاف ماتيرن: لقد بدأنا مع 35 بلدا لكنها كانت تتضاءل
باستمرار، واعتبارا من كانون الأول ديسمبر المقبل ستنخفض أعدادها
كثيرا، كما بينت التايمز.
وأشارت الصحيفة إلى أن حفل وداع سيجري لـ 76 جنديا مقدونيا،
وذكرت أنه من المقرر أن يتم توديع 86 عسكريا من البوسنة والهرسك،
وتابعت ومن المقرر إجراء حفل ثالث لقوة كوريا الجنوبية. وهناك
مجموعة أخرى تسير على خطاها من بينها البانيا، وأذربيجان، وجمهورية
التشيك، والدنمارك، وليتوانيا، وأوكرانيا.
وبينت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء
البريطاني توني بلير بذلا جهودا كبيرة في بناء تحالف في مرحلة
الاستعداد لغزو العراق في محاولة لخلق وجه دولي في مقابل ما كان
يتحول بسرعة إلى حرب لا تحظى بشعبية. وتابعت: لكن قائمة المشاركين
في التحالف تعرضت للازدراء لفشلها في ضم عدد كبير من الدول القوية،
إلى جانب المشاركين الكبيرين الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتتطرق الصحيفة إلى أن أعداد القوات الأجنبية في العراق في إطار
القوات المتعددة الجنسيات، قائلة إن حجم القوات الخارجة من العراق
يتراوح بين أربعة ليتوانيين إلى 300 كوري جنوبي. وذكرت أن الكثير
من البلدان خفضت من حجم وجودها على مدى السنوات الخمس الماضية،
لكنها كانت دائما جزء من انتشار القوات الأمريكية، التي وقفت الآن
عند 146 ألف عسكري.
فبلغاريا، التي بقي من قواتها 150 عسكريا فقط؛ كما تقول
الصحيفة، كان لديها قوات في جنوب بغداد منذ حزيران يونيو 2003،
تشارك في عمليات متنوعة، من بينها دوريات وواجبات حراسة. وقد قتل
13 جنديا منهم وجرح 81 منذ ذلك الوقت.
وأعرب اللفتنانت كولونيل من القوة البلغارية في العراق للصحيفة،
فاليري كوليف، عن اعتقاده: أننا أسهمنا إلى حد ما في تحقيق استقرار
البلد.
وتستعد بلغاريا أيضا لسحب قوتها في الشهر المقبل، وهذه خطوة
تثير مشاعر مختلطة لدى الضابط البلغاري حيث يقول: لن أنسى أبدا
صداقاتي مع جنود رومانيين، وأوكرانيين، وبولنديين، وأمريكيين،
وتابع كنا معا في ظروف خطرة واحتفلنا بلحظات جيدة معا، كما أوردت
التايمز.
أما الميجر ماريو ايرنيستو ارغيويتا من السلفادور، التي كان
لديها 200 عسكري يعملون بمشاريع إنسانية في محافظة واسط، فيعتقد أن
الجهود التي بذلتها وحدتهم الصغيرة كان لها تأثير، كما قال
للصحيفة.
وأضاف ارغيويتا للتايمز: ليس مهما كم يكون عددنا، بل الجزء
الأكثر أهمية هو الفرق الذي نحدثه، ليس للبلاد كلها إنما للشخص
الذي نساعده.
وذكرت الصحيفة أن السلفادور من بين بلدان التحالف الأربعة،
باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا، التي دعيت للبقاء في العراق
بعد العام الحالي.
وتنقل الصحيفة عن موفق الربيعي، مستشار الأمن الوطني العراقي
قوله إن: الولايات المتحدة تداولت مع حكومة العراق طالبة النظر في
الطلب من بلدان قليلة، غير المملكة المتحدة، بالاستمرار بتوفير بعض
القوات المتخصصة بمهام غير قتالية بعد 31 من كانون الأول ديسمبر
المقبل، وأضاف: وبعد النظر في هذا الطلب، وافق رئيس الوزراء ودعيت
تلك البلدان للبقاء لمساعدتنا، على حد ما ذكرت الصحيفة.
وكشف الصحيفة عن اتفاقيات رسمية ستبرم مع السلفادور، واستراليا،
ورومانيا، واستونيا، بعد أن تصبح اتفاقية سحب القوات الأجنبية،
التي صدقها البرلمان العراقي، قانونا نافذ المفعول.
وخارج إطار التحالف، كما أضافت الصحيفة، يحاول الناتو، الذي
يحتفظ بـ 200 عسكري من 15 بلدا في العراق، وضع اللمسات الأخيرة على
اتفاق مع بغداد لمواصلة مهمته التدريبية في البلد إلى ما بعد نهاية
العام الحالي. بالإضافة إلى ذلك، فان للأمم المتحدة عددا من
العسكريين في العراق من فيجي.
وتختتم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أنه في حين أن التحالف في
طور الانحلال، هناك قوة أخرى ما تزال مزدهرة في البلد وتتمثل بآلاف
المتعاقدين الخاصين من بلدان نامية من قبيل بيرو، وأوغندا،
والفيليبين، وبنغلادش. |