حروب أمريكا: شبح العبوات الناسفة والصدمات تطارد الجنود الامريكيين

اطفال الجنود يعانون مشاكل سلوكية ونموذج العراق لايناسب افغانستان

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: ما بين تأثيرات الحروب التي أمتدت الى عوائلهم لتفرض تغيرات سلوكية على الاطفال وباقي افراد الاسرة، يظل الجنود الامريكيين في افغانستان والعراق تحت رحمة عمليات عسكرية خارجية تقوم بها الولايات المتحدة في كل حين ويتعرضون لمختلف الضغوط الجسدية والنفسية خاصة فيما يتعلق بجهل طبيعة المجتمعات والاراضي التي تتم فيها تلك العمليات، فالعبوات الناسفة التي تعتبر سلاحاً فعالاً جداً ضد العربات المدرعة وغيرها تكلف الولايات المتحدة سنوياً ارواح مئات الجنود ومليارات الدولارات فضلا عن الصدمات النفسية التي تخلفها العمليات الانتحارية والتفجيرات المختلفة.

العبوات الناسفة: كابوس البنتاغون الذي كلّفه مئات الجنود و14 مليار دولار

قطعت عبوة ناسفة أصابت مركبة مدرعة كان يمتطيها الرقيب براين ساريستو في العراق قبل عامين، ساقيه، فارضة عليه التقاعد في مينيسوتا وهو في سنّ الـ45.

غير أنّ هاجس ساريستو الآن لا يتعلق بحياته من دون ساقيه، وإنّما بالرعب الذي يمتلكه عندما يفكّر في آلاف الجنود الصغار الذين يواجهون هذا السلاح "البسيط والفعّال" في العراق وأفغانستان.

وقال ساريستو "الأمر يبدو أصعب بالنسبة إلى الجنود الصغار حيث أنهم يعتقدون أنّهم لا يمتلكون بقية حياتهم."

وتعكس مخاوف ساريستو الخطورة التي تمثلها العبوات الناسفة وغيرها من الأسلحة يدوية الصنع التي تشكّل سلاح المتمردين الرئيسي في حربي العراق وأفغانستان، حيث أدت إلى مصرع وإصابة آلاف الجنود الأمريكيين والمدنيين.

ويقول مسؤولو الجيش الأمريكي إنّ مثل هذه المتفجرات هي "السلاح المفضّل" لدى المتمردين لأنها في الغالب رخيصة وسهلة الصنع ولا يتطلب تفجيرها سوى كبسة زرّ بسيطة عن بعد.

وتعدّ حماية الجنود من هذا النوع من الذخيرة والمتفجرات، الأولوية الرئيسية لدى البنتاغون، ويكفي أنه أنفق 14 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة الماضية لمقاومتها.

بل إنّه أنشأ وكالة لا عمل لها سوى البحث عن أسلوب فعال لصدّ هذا السلاح "الفتاك" تدعى "منظمة هزم المتفجرات."بحسب سي ان ان.

وحققت هذه الوكالة بعضا من النجاح، وفق تقرير حديث، لكنّ المسلحين مازالوا ينجحون في قتل وإصابة الجنود الأمريكيين باستخدام ورغم أنّ المتحدثة باسم الوكالة، إيرين سميث، أشارت إلى تضاؤل في أعداد الهجمات بهذه الوسيلة في العراق، إلا أنها أوضحت أنّ استخدامها تزايد في الجبهة الأخرى في أفغانستان.

وحاليا تحصي الوكالة نحو 1400 هجوم بهذه المتفجرات في العراق وأفغانستان ونحو 350 آخر في أنحاء أخرى من العالم وهو ما يشير إلى استمرار المسلحين في استخدام هذه الوسيلة. وأضافت "نحن في حرب طويلة يعتبر فيها العدوّ المتفجرات سلاحه المفضل."

وطوّرت الوكالة أجهزة صدّ إلكترونية ميدانية تمنع إشارة الزناد من الوصول إلى المتفجرات، وفق تقرير للكونغرس الذي أضاف أنه تمّ أيضا توفير مركبات مدرعة بشكل أفضل.

الصدمات الجنسية تصيب 15% من المحاربين الأمريكيين القدامى

وقال باحثون ان حوالي 15 بالمئة من المحاربين السابقين في العراق وأفغانستان الذين يسعون للحصول على رعاية طبية من الادارة الامريكية لشؤون المحاربين القدامى عانوا صدمة جنسية تتراوح بين التحرش والاغتصاب.

وخلص التقرير الذي أصدرته ادارة شؤون المحاربين القدامى الى أن هؤلاء المحاربين بحاجة لخدمات الصحة العقلية بما يماثل مرة ونصف حاجة المحاربين القدامى الاخرين.

وقالت راشيل كيمرلنج من المركز القومي لاضطراب الضغط بعد الاصابة National Center for Posttraumatic Stress Disorder في نظام بالو التو للرعاية الصحية التابع لادارة شؤون المحاربين القدامى في كاليفورنيا "اننا في الواقع نرصد رجالا ونساء يبدو أن لديهم حاجة شديدة لخدمات الصحة العقلية."

وتثير الدراسة - التي عرضت خلال اجتماع للاتحاد الامريكي للصحة العامة في سان دييجو - تساؤلات عديدة.

وقالت كيمرلنج في مقابلة عبر الهاتف ان مصطلح "الصدمة الجنسية العسكرية" يغطي نطاقا من الاحداث تتراوح من اقامة علاقة جنسية بالاكراه الى الاغتصاب الصريح أو التهديد والمقدمات الجنسية غير المرحب بها.

وقالت كيمرلنج انه بالنسبة لاهدافها من غير الضروري معرفة أي نوع من الصدمة الجنسية وقعت. ولم تحدد دراستها كذلك توقيت حدوث الصدمة. بحسب رويترز.

وقالت "اذا فكرت بالخدمة العسكرية حيث تعيش وتعمل على درجة عالية من القرب مع نفس الاشخاص حتى اذا لم يكن اعتداء جنسيا.. من المرجح أن يكون التحرش الجنسي الحاد مماثلا في صدمته."

ولا تغطي الدراسة المجندين والمجندات في الخدمة حيث أن خدمات ادارة شؤون المحاربين القدامى متاحة فقط للمحاربين السابقين الذين اعفوا من الخدمة.

وقالت متحدثة باسم ادارة شؤون المحاربين القدامى ان حوالي 40 بالمئة من كل المحاربين الذين اعفوا من الخدمة وخدموا في العراق وأفغانستان سعوا للحصول على رعاية طبية من نوع ما من ادارة شؤون المحاربين القدامى التي لديها برنامج وقاية عالمي للصدمات الجنسية العسكرية.

اطفال الجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان يعانون مشاكل سلوكية

من جهة ثانية قال باحثون أمريكيون إن الحربين في العراق وأفغانستان لم تعودا عصيبتين على القوات الأمريكية التي ترسل للقتال هناك فقط بل وعلى أطفالهم الذين يتركونهم وراءهم أيضا.

ووفقا للدراسة التي أعلنت نتائجها فان الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات وأرسل أي من والديهما إلى أي من الحربين يظهرون مشاكل سلوكية أكثر مثل العدوانية بصورة تفوق اقرانهم الذين يخدم والديهم في الجيش بدون المشاركة في الحربين.

ويوجد ما يزيد على مليوني طفل أمريكي ارسل أحد والديهم إلى القتال في العراق منذ عام 2003 أو إلى أفغانستان منذ عام 2001. بحسب سي ان ان.

وقالت الدكتورة ديبورا فرانك وهي باحثة مشاركة في الدراسة "تتعرض الاسرة باكملها لتغييرات ديناميكية عندما يعيش أحد الوالدين بعيدا لفترة طويلة."

وأضافت فرانك في مقابلة هاتفية "وفي هذه الحالة .. بالاضافة إلى الضغوط المعتادة للانفصال يمكن حتى للاطفال الصغار للغاية أن يشعروا ليس فقط بأن أحد الوالدين ليس موجودا بل بأن شيئا ما رهيبا قد يحدث لهم."

وتتبعت الدراسة التي أجراها فريق من مركز بوسطن الطبي وجامعة بوسطن 169 أسرة لديها أطفال في سن ما قبل الالتحاق بالمدرسة مسجلين في مراكز طبية لرعاية الاطفال تابعة للجيش في 2007 في قاعدة كبيرة لقوات مشاة البحرية رفض الباحثون الكشف عنها.وكان لثلث الاطفال الذين شملتهم الدراسة أحد الوالدين يشارك في الحرب وبلغت نسبة الاباء بينهم 90 بالمئة.

نموذج العراق لا يناسب الحرب في افغانستان

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) ان الطبيعة الجغرافية والاوضاع الاجتماعية الاقتصادية في افغانستان ستجعل من الصعب على الجيش الامريكي ان يطبق هناك نفس السياسات التي ساعدت على الحد من التمرد في العراق.

وقال اريك ادلمان وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات انه حتى في اكثر الفترات عنفا في العراق كان واضحا ان افغانستان ستتطلب اهتماما دوليا أطول امدا من العراق.

وفي اشارة الى الامل في أن يتمكن الجنرال ديفيد بتريوس القائد العام للقوات الامريكية في العراق وافغانستان من تطبيق السياسات التي اجدت نفعا في العراق في كابول قال ادلمان "لن تكون عملية نقل حرفية سهلة."

واضاف للصحفيين انه في تباين مع تمتع العراق بموارد ضخمة من النفط والغاز وحكومة مركزية ونسبة التعليم المرتفعة بين افراد الشعب يسود افغانستان فقر شديد وحكم مركزي غير راسخ تاريخيا ونسبة أمية تبلغ 80 في المئة. بحسب رويترز.

وقال ان التضاريس الوعرة في افغانستان واتخاذ طالبان وجماعات مسلحة اخرى قواعد في المناطق الريفية يشكل أيضا تحديا أكبر من ذلك الذي واجهته القوات الامريكية من التمرد الموجود في المناطق الحضرية الى حد بعيد في العراق.

الشكوك تحيط بأهداف حرب الولايات المتحدة بأفغانستان

أصبحت أهداف حرب الولايات المتحدة في أفغانستان بهزيمة طالبان وتشكيل حكومة مركزية قوية في كابول غير واقعية بشكل متزايد في مواجهة عنف وفساد متزايدين.

وحتى مع بحث ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش والجيش الامريكي عن سبل لتحسين الاستراتيجية يقول محللون ان أفضل وسيلة يستطيع بها رئيس الولايات المتحدة القادم الحد من العنف المتقد هي عن طريق المصالحة السياسية بدعم من الحكومات الاقليمية بما في ذلك ايران والهند.

وقال صمويل برانين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "لا أعتقد أننا نضع توقعات واقعية على الاطلاق. الأمور تسير على نحو سيء في افغانستان منذ عام 2005 وبالتالي نحن نحيد أكثر فاكثر عن اهدافنا فيما يبدو. ربما حان الوقت لنفحصها."بحسب رويترز.

وسيصبح مستقبل السياسة الامريكية في افغانستان في أيدي رئيس جديد عما قريب حيث تصوت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء على ما اذا كانت سترسل الديمقراطي باراك اوباما او الجمهوري جون مكين الى البيت الابيض في يناير كانون الثاني.

وقال المرشحان انهما سيوليان مزيدا من التركيز لهزيمة طالبان وارسال قوات اضافية. وصرح اوباما المتقدم في استطلاعات الرأي بأنه يحبذ ايضا التفاوض مع بعض القبائل الافغانية التي تدعم طالبان حتى الآن.

ويساور برينت سكوكروفت مستشار الامن القومي للرئيس الأسبق جورج بوش الاب القلق بشكل خاص بشأن ضغط الولايات المتحدة من أجل حكومة مركزية قوية في كابول وهو ما يبعد كل البعد عن تاريخ افغانستان من الحكم القبلي.

وأضاف في مقابلة "ما أخشاه هو أنه عبر محاولة تشكيل حكومة مركزية موحدة لن نستطيع النجاح. وفي الاخفاق قد نخفق بشكل كارثي اكثر مما لو حاولنا تشكيل ائتلاف من الجماعات الحاكمة تشوبه العيوب ايا كانت."

100 جنرال أمريكي يدعون لإلغاء سياسة (لا تسأل، لا تقل)

وقّع أكثر من مائة مسؤول عسكري أمريكي سابق بمن فيهم قائد الأكاديمية البحرية الأدميرال المتقاعد تشارلز لارسون، بياناً يدعون فيه إلى إبطال سياسة "لا تسأل، لا تقل" التي أُقرت قانوناً عام 1993  بعد تزايد حدة المعارضة لخطة الرئيس المنتخب حينها بيل كلينتون برفع الحظر العسكري الكامل على الجنود المثليين الذين يخدمون في صفوف القوات الأمريكية، وفق ما أعلنه مركز دراسات متخصص.

وأعلن مركز "بالم" في جامعة كاليفورنيا الاثنين أن الأدميرال المتقاعد على قائمة تضم أكثر من 104 جنرالات متقاعدين في الجيش الأمريكي ممن يطالبون بإبطال هذه السياسة.

وقال المركز الذي وزع البيان الموقع، إنه يتطلع للرئيس المنتخب باراك أوباما لبحث قضية المثليين في الجيش الأمريكي.

ويشير المركز إلى أن الأدميرال لارسون أحد مؤيدي هذه السياسة عند إقرارها بتشريع عام 1993، بدل تفكيره إزاءها، ونقل عنه المركز قوله كما حمل البيان "رُفض طلب العديد من الأشخاص استنادا إلى ذلك" في إشارة إلى ميولهم المثلية. بحسب سي ان ان.

وفي يوليو/ تموز الماضي فكرت لجنة في مجلس النواب بإلغاء القانون وهي المرة الأولى التي ينظر فيها الكونغرس منذ إقراره قبل 15 عاماً.

وخلال جلسة اللجنة النيابية أدلى جنديان سابقان مثليان بشهادتهما هما جوان دورا وآريك ألفا ضد القانون الحالي بحجة أن التحام الوحدة العسكرية لن يتضرر في حال كُشف عن الجنود المثليين علناًً.

غير أن ألين دونلي في مركز الاستعداد العسكري تقول إن السماح بالكشف عن الجنود المثليين في الجيش سيكون مدمرا.

وقالت دونلي "مثل هذه السياسة ستفرض أعباء لا لزوم لها من التوتر الجنسي على الرجال والنساء الذين يخدمون في ظروف عمل فيها ضغوط جمة بعيدا عن الوطن.."

وكان أوباما قد صرح أنه وكرئيس سيسعى إلى إبطال هذه السياسة لكن ليس عبر تمرير أمر تنفيذي كما فعل الرئيس الأسبق هاري ترومان عندما قضى على التفرقة العنصرية في صفوف الخدمة العسكرية عام 1948.

وقال الرئيس المنتخب في مقابلة مع إحدى وسائل الإعلام المعنية بشؤون المثليين في 16 سبتمبر/ أيلول الماضي "لن أقوم بذلك وبهذه الطريقة" في إشارة لخطوة ترومان.

هذا وقد لفت التقرير الصادر عن مركز الدراسات أن اتباع هذه السياسة قد أجبر على مغادرة عناصر موهوبة الخدمة العسكرية كما وضعت قياديين في مراكز ينتهكون فيها القوانين أو يلحقون أضراراً بالوحدة عبر إجبار عناصر مؤهلة بترك الخدمة.

ووجد استطلاع للرأي نفذته صحيفة واشنطن بوست ومحطة ABC مؤخراً أن 75 في المائة من الأفراد المستطلعة آراءهم يؤيدون السماح للمثليين الذين يخدمون في صفوف الجيش الجهر بميولهم، وهي نسبة أعلى من الـ62 في المائة في استطلاع نفذ عام 2001 و44 في المائة سجلت في استطلاع نفذ عام 1993.

ووفق البيان فإن قرابة مليون مثلي من الجنسين خدموا في صفوف الجيش الأمريكي، فيما هناك حالياً 65 ألف مثلي ومثلية في صفوف هذا الجيش.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/كانون الثاني/2008 - 3/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م