شتاء كابول ساخن بعد النجاح في العراق

هل يحقق اوباما في افغانستان ما أنجزه بوش في العراق؟

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعكف القيادة العسكرية الأمريكية في مرحلة ما بعد بوش على إعادة تقييم شاملة لوضع القوات في أفغانستان، خصوصا بعد تصاعد وتيرة الهجمات التي شنتها قوات طالبان خلال العام الحالي، حيث يجمع المراقبون إن خطورة الموقف بالنسبة إلى القوات الدولية ايساف يحتم على القادة الميدانيين مراجعة شاملة للوضع هناك.

وفي دراسة سرية غير مكتملة عن سياسة واشنطن في أفغانستان أجمعت أجهزة أمنية أمريكية أن الوضع هناك "حرج" الى جانب تراجع الدعم الشعبي للقوات الدولية، وفق مصدر حكومي مطلع.

ووفق CNN)) يعكف الجنرال دوغلاس لوت، مسؤول بارز عن العراق وأفغانستان، بمجلس الأمن القومي الأمريكي، على مراجعة الدراسة منذ 20 سبتمبر/أيلول.

وأجمع مسؤولو 24 جهازاً حكومياً، من المشاركين في الدراسة، على خطورة الوضع في البلاد، التي غزتها الولايات المتحدة في أواخر عام 2001 للإطاحة بنظام طالبان المتشدد.

ويقول القائمون على مراجعة الدراسة إن معدلات العنف ارتفعت في أفغانستان بواقع 543 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية. كما تزايد حجم إنتاج المخدرات هناك بنسبة 100 في المائة.

كما تشير الإحصائيات الرسمية إلى تراجع الدعم الشعبي للقوات الدولية، بقيادة الولايات المتحدة، بنسبة 33 في المائة خلال الأشهر القليلة الماضية.

ويتوقع أن يخلص التقرير إلى افتقار الولايات المتحدة لقوات كافية لزيادة حجم قواتها في أفغانستان، على غرار ما فعلت بالعراق، على ضوء تساؤلات الرئيس المنتخب، باراك أوباما، بشأن ضرورة إرسال قوات إضافية مهمة لأفغانستان، وفق المصدر المسؤول.

وتقول مصادر أمريكية مطلعة إنه حتى في حال سحب أوباما لأعداد كبيرة من القوات الأمريكية في العراق، عند توليه الرئاسة رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وإعادة نشرها مباشرة في أفغانستان، فأن التحرك قد يستغرق ما بين ستة إلى سبعة أشهر، نظراً لتعقيداتً لوجيستية.

وستأتي الخطوة متأخرة جراء تزامنها مع بدء موسم القتال في الربيع، والانتخابات الرئاسية المقررة في أغسطس/آب، مع نهائية ولاية الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.

من جانبه، يعمل قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال ديفيد بتريوس، على مراجعة الأوضاع في أفغانستان.

وساعدت المراجعة التي قام بها بتريوس، الذي تولى منصب القيادة العسكرية التي تشرف على أفغانستان والشرق الأوسط مؤخراً، للعراق عام 2007، على تغيير مسار السياسة الأمريكية هناك.

ومن المتوقع أن يكمل بتريوس دراسته في فبراير/ شباط المقبل.

هذا وقد كشفت المصادر المطلعة على أن محللي القيادة المركزية الأمريكية، وهم من عشرات الخبراء من كافة الأجهزة الحكومية، سيركزون على عدد من المناطق التي قد تكون ساخنة للإدارة الأمريكية المقبلة منها أفغانستان، وباكستان، وإيران.

غيتس: انها حرب الافغان

كما اكد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ضرورة نشر القوات الافغانية في البلاد معتبرا ان النزاع في افغانستان يجب ان يسمى "حربا افغانية لا اميركية او لحلف شمال الاطلسي".

وبعد ان دعا الى توسيع نطاق عمل القوات العسكرية الافغانية قال غيتس "سيكون خطأ فادحا اذا انتهى الامر بتسمية النزاع حربا اميركية. انها حرب الافغان من اجل بلدهم ويجب ان نتأكد من انهم يدركون اننا لسنا هناك لادارة الحرب بل للمساعدة".

وقال ان "ما يريد كل منا رؤيته هو توسيع انتشار القوات العسكرية الافغانية في اسرع وقت لان هذه الحرب يجب ان تكون افغانية لا اميركية ولا حربا للحلف الاطلسي".

وتحدث غيتس عن الفواريق بين الحربين في العراق وافغانستان. وقال ان "هناك حوالى مليون شخص (يخدمون) في قوات الامن المتنوعة في العراق". بحسب فرانس برس.

واضاف "في افغانستان التي يزيد عدد سكانها اربعة ملايين عن سكان العراق ومساحتها اكبر من العراق بمقدار الثلث تضم (قوات الامن) 150 الف رجل".

واضاف "يبقى ان نعرف ما اذا كانت حاجة لمزيد من القوات" بعد ذلك مشيرا الى ان دول عدة في الحلف "عبرت من رغبتها في ارسال مزيد من القوات" الى افغانستان.

وتابع "برأيي نخشى ان لا نحصل على عدد كبير من القوات من جانب حلفائنا" في افغانستان من قبل الحلف الاطلسي.

وذكر غيتس بان المهمة الاولى للجنود الاميركيين الذين ارسلوا الى افغانستان هي تأهيل القوات العسكرية الافغانية لتسريع تطورها.

واكد ان "الحل على الامد الطويل هو انتشار الجيش الافغاني لان هذه الحرب يجب ان تكون افغانية لا حرب الولايات المتحدة ولا حرب الحلف الاطلسي" ضد طالبان.

نجاح القوات في العراق حول وجهة المقاتلين الى افغانستان

ميدانيا قال وزير الدفاع الأفغاني عبدالرحيم واردك : "لقد حوّل الكثير من الإرهابيين، الذين كانوا يمارسون نشاطهم في أماكن أخرى، وجهتهم إلى أفغانستان." بحسب (CNN)

وأضاف الوزير الأفغاني: "إن نجاح قوات التحالف الدولي في العراق، إلى جانب بعض المسائل الأخرى في الدول المجاورة، أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد المقاتلين الأجانب."

وكان قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان قد طالب في وقت سابق من الشهر الجاري بضرورة زيادة أعداد القوات في أفغانستان "في أسرع وقت ممكن."

ففي حديث له في مقر وزارة الدفاع الأمريكية، قال الجنرال ديفيد ماكيرنان إن زيادة القدرات العسكرية في أفغانستان أمر ضروري وذلك بسبب "زيادة أعداد المقاتلين (الأجانب)" القادمين إلى أفغانستان من المناطق القبلية في باكستان حيث ينعدم الأمن والاستقرار.

وكشف قائلاً: "ثمة زيادة جوهرية عما كنا نراه خلال الفترة نفسها من العام الماضي.. إننا نواجه تهديداً قوياً حالياً، وخصوصاً في المناطق الشرقية من أفغانستان.

وقال الجنرال ماكيرنان، الذي يتولى قيادة قوات المساعدة الدولية "إيساف"، وهي القوات الرئيسية التابعة لحلف الأطلسي بأفغانستان إن "هناك حاجة ملحة لزيادة حجم القوات الدولية بأسرع ما في الإمكان."

وأوضح ماكيرنان أن التعزيزات المطلوبة لا يجب أن تقتصر فقط على "قوات المشاة"، وإنما ينبغي أن تتضمن أيضاً "زيادة في عدد المروحيات، وزيادة العمليات الاستخباراتية، وكذلك زيادة الدعم اللوجستي، بالإضافة إلى تعزيز قدرات النقل، وما إلى ذلك."

واتفق وزير الدفاع الأفغاني مع ما قاله المسؤول العسكري الأمريكي، وقال: "ما من شك في أنهم أفضل تجهيزاً وتدريباً من السابق، كما أنهم أكثر تطوراً إلى جانب أن التنسيق فيما بينهم أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً."

ولكنه أضاف أيضاً أنهم "عانوا من خسائر كبيرة في صفوفهم هذا العام."

ودعا ماكيرنان إلى زيادة في أعداد القوات المسلحة بحدود 3500 عنصر من أجل تدريب الجيش والشرطة الأفغانيين، اللذين مازالا تحت الإشراف الأمريكي والدولي.

الامم المتحدة: التمرد في افغانستان ينتشر وزيادة حادة في الهجمات

في نفس السياق أكد مبعوث كبير للامم المتحدة ان التمرد في افغانستان انتشر خارج معاقل طالبان في الجنوب والشرق في حين وصل عدد الهجمات في البلاد لاعلى مستوياته في ستة اعوام. حسب رويترز.

وقال مبعوث الامم المتحدة الخاص لافغانستان كاي ايدي لمجلس الامن "شهدنا في يوليو واغسطس اعلى عدد من الحوادث الامنية منذ 2002." واوضح ان ذلك العدد زاد بنحو 40 في المئة عن نفس الفترة من 2007 .

وقال ايدي ان التمرد انتشر في مناطق غير الجنوب والشرق وامتد الى اقاليم حول كابول. واضاف ان هناك زيادة ايضا في الهجمات على المدنيين ومن بينهم عمال المعونات والاغاثة الانسانية. غير ان ايدي انتقد بشدة ما قال انها تقديرات بالغة التشاؤم للوضع.

وقال "سأحذر بالفعل من البيانات الكئيبة والقاتمة التي شهدناها مؤخرا..كثير منها يذهب فعلا ابعد مما ينبغي."

وفي الجانب الايجابي قال ايدي ان تحسنا حدث في العلاقات بين افغانستان وباكستان المجاورة.

ويقول المسؤولون الافغان والامريكيون ومسؤولو حلف شمال الاطلسي والامم المتحدة ان متشددي طالبان والقاعدة يتحركون عبر حدود افغانستان الطويلة وغير المحكمة مع باكستان. ويقولون ان ذلك يجعل اسلام اباد شريكا رئيسيا اذا اريد الفوز بالحرب ضد التمرد الافغاني.

وسلم السفير الافغاني في الامم المتحدة زاهر تانين بأن الوضح ساء.

وقال للمجلس "رغم العمل الشاق من جانب قوات التحالف الدولية والافغان بالمثل فان الارهاب يبدو في ازدياد مجددا."

واضاف "طالبان تحرق المدارس وتعرقل اعادة الاعمار وتذبح المدنيين. انهم يهاجمون الطرق والمناطق حول كابول ويعرقلون الاغاثة الانسانية الدولية. يزداد استهدافهم للناس العاديين."

لكنه حذر وسائل الاعلام من المبالغة في التشاؤم في تصويرها للوضع في بلاده.

وتابع قائلا "يجب ان نتوخى الحذر فيما نقوله عن افغانستان" مضيفا ان طالبان استغلت "بعض البيانات والتقارير الاخيرة" في محاولة لاقناع الشعب الافغاني بأن عزم المجتمع الدولي يترنح.

وقال تانين "يتعين ان تكون تقديراتنا وتقاريرنا اكثر قوة في تغطية الدمار والوحشية التي تسببها طالبان."

وقال القائد البريطاني البريجادير مارك كارلتون سميث لصحيفة بريطانية في وقت سابق من الشهر الجاري ان الحرب ضد طالبان لا يمكن الفوز بها. وحظيت تصريحاته بتغطية واسعة.

اعمال العنف التي تطال المنظمات الغير حكومية في تزايد 

ميدانيا تبنت حركة طالبان اغتيال بريطانية تعمل لجمعية متخصصة في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة الاثنين في كابول وذلك بعد ان اتهمتها "بالتبشير المسيحي" في الوقت الذي تتعدد فيه الهجمات ضد العاملين الانسانيين في افغانستان.

وقتلت الضحية وهي موظفة في المنظمة غير الحكومية البريطانية "سيرف افغانستان" صباح الاثنين في غرب كابول برصاص رجلين مسلحين كانا على متن دراجة نارية.

وتبنى ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان عملية الاغتيال في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس.

وقال المتحدث "قمنا باغتيال هذه المرأة الاجنبية في كابول ونحن نتحمل مسؤولية ذلك. لقد قتلناها لانها تعمل لحساب منظمة تبشر بالمسيحية في افغانستان".

واوضح زلماي بشاري المتحدث باسم وزارة الداخلية "ان الضحية اصيبت في الصدر والساق". واضاف "لقد توفيت قبل وصول الشرطة ولاذ المهاجمان بالفرار وبدأنا عملية البحث للعثور عليهما". وقال احد المارة "سمعت سبع طلقات وشاهدت جثة امرأة على الرصيف". وذكر شهود ان الضحية كانت تنتقل مشيا كل صباح من منزلها الى مقر المنظمة.

ونادرا ما يتعرض مواطنون اجانب لهجمات في كابول لكن اعمال العنف التي تطال المنظمات غير الحكومية تزايدت منذ مطلع 2008.

وكان مسؤول في شرطة الاقليم نجيب الله سمسور قال ان الضحية جنوب افريقية غير ان السفارة البريطانية في كابول اكدت انها بريطانية. وقالت متحدثة باسم السفارة لوكالة فرانس برس "نؤكد ان الامر يتعلق بوفاة مواطنة بريطانية".

وبين كانون الثاني/يناير وايلول/سبتمبر سجل حوالى 146 حادثا امنيا استهدفت منظمات غير حكومية وكانت من فعل عصابات اجرامية او متمردين مقابل 135 خلال العام 2007 وفق تقرير لمجموعة "افغانستان ان جي اوز سايفتي اوفيس" المتخصصة في امن المنظمات غير الحكومية. وقتل 28 موظفا في منظمات غير حكومية بينهم خمسة اجانب في 2008 وخطف 72 اخرون وفق هذا التقرير.

ولم تعد الهجمات تقتصر على جنوب البلاد وشرقها وهما معقلان تقليديان لحركة طالبان.

ففي 13 آب/اغسطس قتلت ثلاث نساء تعملن في منظمة غير حكومية هن بريطانية كندية وكندية واميركية اصلها من ترينيداد وسائقهن الافغاني في كمين. واعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع على بعد اقل من خمسين كيلومترا عن كابول.

وثلاثة ارباع الهجمات التي وقعت في 2008 نفذتها مجموعات متمردين (طالبان وغيرها) اما البقية فهي من فعل عصابات اجرامية. في 2007 كانت هجمات العصابات الاجرامية اكثر عددا من هجمات المتمردين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/تشرين الثاني/2008 - 11/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م