
شبكة النبأ: عدة قضايا مهمة تنتظر
الرئيس الامريكي الجديد، ومن هذه الأمور مسألة صناعة الإيثانول،
وعلاقته الكامنة بظاهرة الاحتباس الحراري مثلا، أو مدى علاقته
المباشرة بإرتفاع أسعار الغذاء والمحصول الزراعي العالمي أو
الامريكي. وهل من الممكن ان يوفر الطاقة البديلة للطاقة التي ينظر
إليها أغلب المحللين السياسيين على أنها بدأت استعداداتها متجهة
صوب النضوب.
(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على أهم
المشاكل والمعوقات التي تواجه مؤيدي وانصار صناعة الإيثانول، ومدى
العقبات الاقتصادية منها او السياسية:
بين الاستثمار الاقتصادي والرأي السياسي
الامريكي
للوقود آثار بسيطة على غازات الدفيئة، أو على اعتماد الولايات
المتحدة على النفط الأجنبي، على الرغم من الإعانات المقدمة من
دافعي الضرائب المقدرة بنحو 80 مليار دولار التي من المفترض أن
تعالج هاتين القضيتين.
وأعطت الأزمة المالية العالمية ذخيرة جديدة للنقاد الذين يقولون
إن الولايات المتحدة لم تعد تستطيع تحمل مثل ذلك السخاء الحكومي،
ولا توجد فترة من الهدوء في الجلبة بشأن الاتهامات الموجهة إلى
الوقود الإحيائي لأنه يتحمل مسؤولية مفاقمة الجوع العالمي.
حيث يقول السيناتور تشاك غراسلي، وهو أحد أقوى الداعمين لهذا
الوقود الذي يشغل أعداداً هائلة من الناس والشركات في ولايته الأم
التي تزرع الذرة، أيوا: يحاول الجميع أن ينتقد الإيثانول.
مع ذلك، فإن الثقل السياسي، ومن جانب الشركات، الذي يقف خلف
الصناعة هائل للغاية، بحيث إن مغامراً شجاعاً فقط سوف يراهن على
زوالها قريباً.
ريك بيري، الحاكم الجمهوري لولاية تكساس حاول إقناع إدارة
الرئيس جورج دبليو بوش بأن تتجاهل مؤقتاً أحد أكبر البنود الرئيسية
في هيكل الإيثانول: المتطلب الذي تم إدخاله في 2005 لكي تمزج مصافي
تكرير النفط المليارات من غالونات الإيثانول مع البنزين. وسوف يعمل
التوجيه تدريجياً على التوسع من الهدف المتمثل في 7.5 مليار غالون
في 2012، إلى 36 مليار غالون بحلول 2022.
ورفضت وكالة حماية البيئة طلب بيري، وقالت إنه لا يوجد أي دليل
على أن التوجيهات المتعلقة بالإيثانول تضر بالاقتصاد. ومن الصعب
أيضاً تخيل أن يقوم الكونغرس بإلغاء التوجيهات المتعلقة بالإيثانول،
في الوقت الذي يتزايد فيه الدعم الشعبي لمصادر الطاقة البديلة.
إن أفراد مجموعات الضغط الذين يعملون على قضية الإيثانول، مثل
سكوت فابر من اتحاد شركات تصنيع مواد البقالة Grocery
Manufacturers Association، يقولون إن الكونغرس منقسم إلى ثلاثة
معسكرات تقريباً فيما يتعلق بالإيثانول.
ويصر مؤيدو الإيثانول في الكونغرس على أن المزايا التي تقدمها
الصناعة للبلدات الزراعية المناضلة تفوق التكلفة التي يتكبدها
دافعو الضرائب. ويقول توم داشل، الزعيم السابق للأغلبية
الديمقراطية في مجلس النواب: هناك بيوت جديدة يتم بناؤها، ويبدو
قطاع التجزئة نشيطاً للغاية، كما أن الناس متحمسون، وفخورون بحقيقة
أنهم يملكون مصنعاً للإيثانول.
حيث يعتقد البعض، مثل السيناتور كاي بيلي هتشنسون من ولاية
تكساس، أنه يجب تجميد التوجيهات وإعادة هيكلتها، بينما يعتقد آخرون
أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تسعى إلى تكنولوجيات قوية من
الجيل التالي، مثل إيثانول السليولوز، الذي يستغل العشب والأوراق
وليس لب الذرة فقط. ويقف معسكر ثالث من ممثلي الزراعة في الدولة
خلف التوجيهات القائمة مباشرة.
ومع ذلك، فثمة سبب مهم للفزع في الصناعة: الدعوات المتزايدة
لإزالة التعرفات الجمركية التي أبقت منتجاً كبيراً آخر في العالم
للإيثانول، البرازيل، بعيداً عن سوق الولايات المتحدة.
سوف تتلقى مصافي تكرير النفط الأمريكية التي تمزج الإيثانول مع
البنزين كوبونات خصماً ضريبياً بقيمة 45 سنتاً لكل غالون، بانخفاض
عن المبلغ السابق المتمثل في 51 سنتاً، غير أن الإيثانول الأجنبي
يخضع لتعرفة جمركية مقدارها 54 سنتاً.
وتقول شركات تصنيع الأغذية إن السماح بدخول الإيثانول البرازيلي
من شأنه أن يساعد في انخفاض أسعار البنزين الأمريكي، ويسهم في
المحافظة على البيئة. ويتم إنتاج الإيثانول بتخمير السكر وتحويله
إلى كحول. ويستخرج الإيثانول البرازيلي من قصب السكر، الذي يتضمن
كمية أكبر من السكر لكل وحدة وزن مقارنة بالذرة. ومن الأسهل أيضاً
استخراجه مقارنة بالسكر المستخرج من لب الذرة، الأمر الذي يجعل
الإيثانول المستخرج من السكر أكثر كفاءة.
بينما يقول فابر، من مجموعة شركات تصنيع مواد البقالة: إن سبب
وضع التعرفة الجمركية تبخر ولم يعد موجوداً. ويدفع المواطن
الأمريكي أربعة دولارات عند المضخمة، ومن السخف أننا لا نفعل كل ما
في وسعنا لجلب الإيثانول الذي تبلغ تكلفته دولارين إلى السوق،
والذي يعتبر أيضاً أفضل للبيئة على نحو مهم.
كما يقول معارضو الإيثانول إن إلغاء التعرفة الجمركية على
المصادر الأجنبية للإيثانول سوف تعني في واقع الأمر، أن الولايات
المتحدة تساعد البلدان الأخرى بالسماح لها بالاستفادة من كوبونات
الخصم الضريبي التي تبلغ 45 سنتاً لكل غالون.
اما روبرت دينين، من اتحاد مصادر الوقود المتجددة يقول: تنفق
هذه الدولة 700 مليار دولار على الطاقة المستوردة. وهذا نقل للثروة
لا يمكن فهمه. والإيثانول هو الأمر الوحيد الذي بين أيدينا اليوم
الذي من شأنه أن يخفف هذا الاستنزاف.
وفي الأجل الأطول، يأمل مؤيدو الإيثانول أن تعمل التحسينات التي
تجرى على الجينات الوراثية للذرة، والتقدم الحاصل في الاستغلال
التجاري لتكنولوجيات إيثانول السليولوز، التي تستغل فضلات المواد،
وليس مخزون الغذاء لإنتاج الوقود، على تقديم الحجج بشأن دور
الإيثانول في الجدل القائم حول ارتفاع أسعار الغذاء. وتعتبر
مونسانتو، ودو بونت، من بين الشركات التي تعمل على أنواع جديدة من
الذرة التي لديها إمكانية تخفيض الأسعار، عن طريق زيادة كميات
الذرة التي يمكن جنيها من فدان واحد بشكل دراماتيكي.
جدل حول الأسئلة الكبيرة المحيطة
بالإيثانول
هل هو المسؤول عن الأسعار الأعلى للغذاء؟ الإيثانول ومصادر
الوقود الإحيائي الأخرى هي المسؤولة عن 75 في المائة من الزيادة في
أسعار الغذاء؟...أم عن نسبة 3 في المائة فقط.
إن الفرق المذهل بين التقديرين، النسبة الأعلى بحسب تقدير
اقتصادي زراعي بارز في البنك الدولي، والنسبة الأدنى بحسب تقدير
البيت الأبيض؛ يؤكد على الانقسام العميق بشأن ما إذا كان الوقود
الإحيائي زاد الطلب على الذرة والمحاصيل الأخرى لدرجة كبيرة، بحيث
أنه أصبح السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الغذاء التي نشهدها في شتى
أرجاء العالم في الشهور الـ 18 الماضية.
وبناءً عليه، فمن هو المحق؟ إن الأمر يعتمد على أية أسعار غذاء
يتم قياسها: أسعار التجزئة، أم البيع الشامل.
حيث يميل مؤيدو الإيثانول إلى التركيز على أسعار التجزئة، لأنها
لم ترتفع بسرعة ارتفاع أسعار البيع الشامل نفسها، التي ارتفعت بشكل
دراماتيكي للغاية.
وسبب هذا التباين هو أن السلع الغذائية تمثل جزءاً فقط من
الأسعار النهائية التي يدفعها المستهلكون في البلدان الغنية.
في الولايات المتحدة على سبيل المثال، فإن نسبة 19 في المائة
فقط من تكلفة التجزئة للأغذية ترتبط بالسلع الزراعية، بينما تمثل
تكاليف العمالة 38 في المائة، والإعلانات 12 في المائة، والطاقة
7.5 في المائة.
وبناءً عليه، ففي حين أن سعر عبوة الكورنفليكس يمكن أن يكون
ازداد فعلياً، إلا أن تكلفة الذرة في كل رقاقة لن تكون بالضرورة
السبب الرئيسي في الزيادة.
حيث يصر بوب دينين، رئيس اتحاد مصادر الوقود المتجددة، على أن
ما كان يدفع أسعار الغذاء إلى أعلى هو أسعار الطاقة المرتفعة بشكل
صاروخي.
ففي البلدان النامية على أية حال، يمكن أن يشكل الغذاء قرابة 80
في المائة من التكلفة الإجمالية لسعر التجزئة، لنفرض على سبيل
المثال، لكيس من الذرة المباع في السوق الرخيصة في أديس أبابا.
ورغم ذلك، تستنتج معظم الدراسات الآن، أنه على الرغم من أن
الوقود الإحيائي ليس السبب الوحيد لارتفاع أسعار الغذاء، إلا أنه
يمثل عاملاً كبيراً.
إذ تقول حالياً منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة،
التي كانت مترددة بشأن الجدل حول الأغذية مقابل الوقود، إن الوقود
الإحيائي يساهم في وجود أسعار أعلى للسلع الزراعية بشكل عام،
وللموارد المستخدمة لإنتاجها.
وعندما طلب جورج دابليو بوش، الرئيس، في 2006، بأن تتوقف
الولايات المتحدة عن كونها مدمنة على النفط من أجزاء غير مستقرة
من العالم مثل الشرق الأوسط، كان عدد قليل من الناس أكثر سعادة من
صناعة الإيثانول التي تعتمد على الذرة.
كانت واحدة من الحجج الرئيسية للمدافعين عنها أن الوقود يمكن أن
يصبح بديلاً محلياً للنفط الأجنبي، واليوم يختار الأمريكيون شراء
وقود أقل من السعودية والبلدان الأجنبية الأخرى، لكن ليس واضحاً
إذا كان الإيثانول السبب الرئيسي وراء التخفيض.
وواردات الدولة النفطية الصافية سوف تهبط في هذه السنة إلى 9.64
مليون برميل في اليوم، من عشرة مليارات برميل في 2007، وهي أدنى
كمية خلال خمس سنوات، حسبما تقول التكهنات من وزارة الطاقة
الأمريكية.
وجاء الهبوط نتيجة نشاط اقتصادي أقل وتقليل السائقين من استخدام
السيارات، في استجابة لأسعار النفط القياسية أكثر منه نتيجة
الإيثانول، الذي يشكل أقل من 6 في المائة من اجمالي استهلاك
البنزين في أمريكا.
غازات الاحتباس الحراري وعلاقتها
بالإيثانول
ودأب أنصار البيئة على دعم أنواع الوقود الإحيائي، مثل إيثانول
الذرة، كطريقة لتخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من السيارات،
إلى أن تورطت أنواع هذا الوقود في الكلفة المتزيدة لأسعار الغذاء.
لكن هل يؤدي استخدام الإيثانول إلى تخفيض في انبعاثات غازات
الاحتباس الحراري؟ والجواب: ليس دائماً.
ونظرياً، يتوجب على استخدام المزروعات كوقود أن ينتج كمية من
ثاني أكسيد الكربون أقل من أنواع الوقود الأحفوري، فالنباتات تمتص
ثاني أكسيد الكربون، وهي تنمو، وهو غاز يتم إطلاقه عند حرق الوقود،
الأمر الذي يجعل أنواع الوقود محايدة في إنتاج ثاني أكسيد الكربون
طوال حياتها.
لكن من ناحية عملية فإن القضية المتمثلة فيما إذا كان الإيثانول
ينتج ثاني أكسيد كربون، أقل أو أكثر من الوقود الأحفوري تتعلق
بكيفية إنتاج الإيثانول فبعض طرق الإنتاج غير كفؤة أبداً، حتى أن
حرق الإيثانول في السيارات قد يكون مساهماً جوهرياً في انبعاثات
غازات الاحتباس الحراري، وبالتالي في التغير المناخي.
وتقدر وزارة الطاقة الأمريكية أن استخدام الإيثانول ينتج من
ثاني أكسيد ما معدله نحو 20 في المائة، أقل مما تنتجه أنواع الوقود
الأحفوري. وإذا أصبحت طرق الإنتاج أكثر كفاءة، فإن ذلك الرقم يمكن
أن يرتفع إلى نحو 20 في المائة، حسبما تقول الوزارة.
وجزء من المشكلة يتمثل في أن طرق الإنتاج الأمريكي غير كفؤة
نسبياً، فالبرازيل، على سبيل المثال، تعمل على إنتاج أنواع الوقود
الإحيائي من قصب السكر، منذ عقود وعمليات الإنتاج لديها هي الأكفأ
في العالم، حيث تقلص ما تنتجه من غازات الاحتباس الحراري بأكثر من
ثلثي ما ينتجه البنزين.
وبعض مصانع توليد الإيثانول من الذرة في أمريكا، تستخدم
الكهرباء التي تولدها محطات الطاقة العاملة على الفحم، والانبعاثات
من مثل هذه المحطات أعلى بكثير من مصادر الطاقة الأخرى. |