باكستان: نَسخ تجربة تسليح القبائل في العراق

العسكر والميليشيا في مواجهة الارهاب

 

شبكة النبأ: في خطوات من شأنها ان تكون تغيير شامل في استراتيجية العمل العسكري العالمي ضد خطر الارهاب، تقوم الإدارات ومنظومات الاستخبارات العالمية بمواجهة خطر الارهاب وعلى جميع الاصعدة، فالخطوة الجديدة هو في طريقة الجيش القبلي او ما يطلق عليه في الباكستان العسكر وميليشيا القبائل، ومثلما يكون الامر في العراق من أبناء الصحوة الذين هم وغيرهم كثير سواء في العراق او الباكستان او في افغانستان يشتركون في قضية واحدة وهدف معين، وهو مقاومة وطرد معاقل الارهاب، في اليوم الذي كانوا فيه يمدونه بكل ما يحتاج، بيد انهم انتبهوا في نهاية المطاف الى قضية مهمة، ألا وهي ماهي القضية التي يقاتلون لأجلها؟

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على المحاور التي استحدثت في مقارعة معاقل الارهاب في الباكستان، وكيفية تطور الميليشيا القبلية ومنظومة العسكر الدفاعية:

العسكر والميليشيات القبلية في مواجهة الإرهاب

تشجع السلطات الباكستانية رجال قبائل البشتون على الحدود الافغانية على احياء الميليشيات التقليدية لمواجهة التشدد الاسلامي المتزايد لكن محللين يخشون من أن هذه الخطوة قد تأتي برد فعل عكسي اذا لم يتم التعامل معها كما يجب.

وبموجب عرف يرجع الى قرون مضت تشكل قبائل البشتون ميليشيات تعرف بالعسكر في مناطقها التي تتمتع بشبه حكم ذاتي لمكافحة العصابات الاجرامية وتطبيق الاعراف القبلية.

وتقع باكستان حليف الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة ومقاتلي حركة طالبان تحت ضغط أمريكي هائل للقضاء على مقاتلي طالبان والقاعدة المسؤولين عن اشعال العنف في أفغانستان وباكستان. بحسب رويترز.

وأرسل الجيش الباكستاني اكثر من 80 الف جندي الى أراضي البشتون بشمال غرب البلاد فضلا عن الحدود الافغانية وشن هجمات في منطقتين في اغسطس آب.

وتسعى السلطات الآن الى مقاربة مع رجال القبائل المستقلين والذين يحملون السلاح كرمز للشرف ليجمعوا العسكر من أجل تعزيز جهود الجيش.

وقال ميان افتخار حسين وزير اعلام الاقليم الحدودي الشمالي الغربي: الآن نهض البشتون أنفسهم ضد هؤلاء الذين حولوا حياتهم الى جحيم.

وأضاف، لا يمكن أن يواجه تهديد المسلحين دون دعم الناس. يجب أن ينظم هؤلاء الناس ونحن ندعم أي خطوة من هذا النوع.

وتشبه استراتيجية دعم الميليشيات القبلية لطرد المسلحين مجالس الصحوة بالعراق حيث نهض رجال قبائل سنة ضد مقاتلي القاعدة وطردوهم من أحيائهم بغير مساعدة من الجيش الامريكي.

وصرح مسؤولون في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) بأن ضباطا بالجيش الامريكي أيدوا منذ بعض الوقت وضع خطة مماثلة لباكستان. وقال مسؤول بارز بالجيش: هذا المفهوم محل ترحيب.

وجرى الشهر الماضي تنظيم العسكر وقوامهم نحو ثلاثة الاف رجل في منطقة باجور وهي ملاذ للمتشددين أطلقت قوات الامن فيه عملية كبيرة في أغسطس آب.

وبدأ العسكر التحرك ضد المسلحين في وقت سابق هذا الشهر حيث هدموا منازل الكثير من المسلحين بما في ذلك منزل مولوي عمر المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية.

وقال مالك باشا زين وهو شيخ قبيلة موال للحكومة ان العديد من المناطق تم اخلاؤها من المسلحين.

ويجري تشكيل جماعات مماثلة في منطقتي اوراكزاي ودارا ادم خيل القبليتين فضلا عن وادي سوات الى الشمال الغربي من باكستان حيث تقاتل قوات الامن مسلحين موالين لرجل دين يسير على نهج حركة طالبان.

ويقول محللون ان الميليشيات قد تنجح في طرد المسلحين في بعض المناطق لكن هناك مجازفة بأن تتحول الى جيوش خاصة.

وقال رحيم الله يوسف ضاي وهو رئيس تحرير صحيفة وخبير في شؤون البشتون: اذا طرد هؤلاء العسكر المسلحين فلا بأس لكن ليس هناك ضمان بأن العسكر لن يخرجوا عن نطاق السيطرة ويتحولوا الى ميليشيات خاصة تابعة لشيوخ القبائل.

وأضاف أن الجماعات الاسلامية المتشددة جرى تكوينها وتسليحها بطريقة مماثلة ابان الجهاد الذي دعمته الولايات المتحدة ضد المحتلين السوفيت في افغانستان في الثمانينيات.

وساهم ذلك الدعم في ظهور تنظيم القاعدة وجماعات شبيهة به عقدت العزم الآن على محاربة الغرب واسقاط الحكومة الباكستانية.

بعد تفجير الانتحاري الطالباني القبائل الباكستانية تثأر لنفسها

قال سكان ان رجال قبائل باكستانيين غاضبين تبادلوا اطلاق النار مع متشددي حركة طالبان وهدموا منازلهم في المنطقة القبلية بشمال غرب البلاد بعد مقتل 30 شخصا على الاقل في هجوم انتحاري بسيارة ملغومة. وذكرت قنوات تلفزيونية أن عدد القتلى يصل الى 70 قتيلا.

وقاد المفجر سيارته المحملة بالمتفجرات صوب اجتماع مجلس قبلي بمنطقة أوراكضاي القبلية يوم الجمعة حيث كان مئات من رجال القبائل يبحثون خطة تساندها الحكومة لتشكيل ميليشيا قبلية لطرد المتشددين من المنطقة. بحسب رويترز.

وتعتبر المناطق الباكستانية على الحدود الافغانية ملاذا امنا لمتشددي تنظيم القاعدة وحركة طالبان وتتعرض الحكومة لضغط كبير من الولايات المتحدة للقيام بتحرك صارم لوقف تدفق المتشددين من افغانستان.

وقال نور زاد اوراكضاي المقيم بمنطقة خاديزاي حيث وقع الهجوم لرويترز بالهاتف: الجميع غاضب ومنزعج هنا. هاجم رجال القبائل منازل طالبان في خاديزاي بعد التفجير. دمر منزلان. واضاف: وقع تبادل لاطلاق النار خلال الليل. وما زال دائرا.

واكد اطباء ومسؤولون ان 30 شخصا على الاقل قتلوا لكنهم قالوا ان عدد القتلى قد يزيد اذ ان كثيرا من نحو مئة مصاب في حالة خطيرة.

وقال نعيم تنوير وهو مسؤول اداري كبير في اوراكضاي: جثث كثيرة لا تزال مجهولة الهوية وهناك جثث كثيرة اخذها الاقارب. نحاول حصر العدد الدقيق للقتلى.

يأتي الهجوم في اوراكضاي بعد يوم واحد من تفجير انتحاري داخل مقر للشرطة عليه حراسة مشددة في العاصمة اسلام أباد اصيب فيه ثمانية من رجال الشرطة.

واوراكضاي اكثر المناطق القبلية الباكستانية السبع التي تتمتع بحكم شبه ذاتي هدوءا كما أنه على عكس معظم بقية المناطق القبلية لا يحد افغانستان.

وكان المتشددون اطلقوا موجة جديدة من العنف في باكستان في الشهور الاخيرة بعدما شن الجيش هجمات كبيرة ضدهم في مناطق شمال غرب البلاد الوعرة ومن بينها باجور وسوات.

ودفع التهديد المتصاعد للمتشددين الحكومة الى عقد جلسة مشتركة مغلقة لمجلسي البرلمان للاستماع لتقرير من مسؤولي الاستخبارات عن الامن الداخلي.

التأكيد على زيادة الاستثمار في المناطق المضطربة

نقلت وسائل الاعلام الرسمية الصينية عن الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري قوله ان اسلام اباد تريد اجراء محادثات مع الادارة الامريكية المقبلة بشأن تعزيز الاستثمار في المناطق الحدودية التي تعاني من اعمال عنف من جانب الاسلاميين المتشددين.

وتوترت علاقات باكستان مع الولايات المتحدة بعد ان شنت القوات الامريكية في افغانستان هجمات عبر الحدود على اهداف للقاعدة وطالبان في باكستان.

وتريد واشنطن ان توقف باكستان تدفق المتشددين بحرية من ولاياتها الحدودية التي ينعدم فيها القانون تقريبا الى افغانستان للانضمام الى مقاتلي طالبان ولكن اسلام اباد قلقة من اثارة رد فعل عنيف.

ونقلت صحيفة تشاينا ديلي الرسمية عن زرداري قوله ان اسلام اباد ستشجع الاستثمار في المناطق المضطربة وتحاول الحصول على مزيد من المعاملة التفضيلية لمنتجاتها في الاسواق الامريكية. واختتم زارداري زيارة استمرت اربعة ايام للصين.

وقال زرداري: اننا نتطلع الى اجراء حوار عندما تتولى الادارة الامريكية الجديدة السلطة. وسنعمل بشكل حازم للتوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة من اجل تلك المناطق.

وترفض باكستان شن هجمات عسكرية اجنبية على اراضيها قائلة انها لا تنتهك سيادتها فحسب ولكنها غير مثمرة ايضا وتزيد التأييد للمتشددين في بلد يعارض فيه كثيرون دعم الولايات المتحدة.

تأكيد الجيش على تصفية واسعة للمقاتلين المتطرفين

اكد الجيش الباكستاني مقتل اكثر من 1500 مقاتل اسلامي و73 عسكريا في الحملة العسكرية التي يشنها ضد مقاتلي طالبان المرتبطين بتنظيم القاعدة منذ آب/اغسطس في منطقة باجور القبلية الحدودية مع افغانستان.

وقال الجنرال طارق خان قائد القوات شبه العسكرية ان اكثر من 1500 متطرف قتلوا منذ بدء الحملة مؤكدا في الوقت عينه ان الجيش بحاجة الى بضعة اشهر للقضاء على تمرد المتطرفين الاسلاميين. بحسب فرانس برس.

واكد الجنرال خان خلال مؤتمر صحافي عقده في خار كبرى مدن باجور ان هذه العملية العسكرية الواسعة النطاق التي انطلقت مطلع آب/اغسطس مكنت الجيش من بسط سيطرته على مدينة لوازام الاستراتيجية التي تمر بها جميع الطرقات التي يستخدمها المتمردون للحصول على الامدادات.

واوضح المسؤول العسكري ان 42 جنديا و31 عنصرا من القوات شبه العسكرية قتلوا خلال هذه المعارك التي تم خلالها ايضا اعتقال اكثر من 300 مقاتل اجنبي غالبيتهم من الافغان الاوزبك والطاجيك.

واكد خان ان مدينة لوازام التي سيطر عليها المتمردون مطلع آب/اغسطس استعادها الجيش بعد مقاومة ضارية.

ومنذ مطلع آب/اغسطس يشن الجيش الباكستاني عملية واسعة النطاق في باجور احدى المناطق القبلية الواقعة في شمال غرب البلاد عند الحدود مع افغانستان غير المضبوطة باحكام.

وبحسب الادارة الاميركية فان هذه المناطق القبلية اصبحت ملاذا آمنا لحركة طالبان الافغانية منذ اطاح بنظامها في افغانستان تحالف دولي بقيادة اميركية نهاية 2001 وكذلك الامر بالنسبة الى تنظيم القاعدة حليف طالبان الافغانية والذي تدعمه ايضا حركة طالبان الباكستانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/تشرين الثاني/2008 - 7/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م