شبكة النبأ: تقفز مصر حالياً
قفزات هائلة نحو امتلاك قاعدة التكنولوجيا الحديثة، وبالرغم من
نظرة الشباب المصري التي تتهم مناهج التعليم ووسائله في البلد
بالرجعية والتخلف إلا ان صدى هذه المناهج إمتدَّ الى العديد من
الدول في العالم العربي.. على خلفية التعاون المتصاعد الوتيرة بين
المؤسسات المصرية العامة والخاصة مع الدول الغربية في حقل
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
الشباب المصري في العقدين السابقين شهد طفرة حقيقية فى عالم
التكنولوجيا وان كانت اعتمدت فى بدايتها على الجهود الذاتية اكثر
من التسهيلات الحكومية، فنسبة تزيد عن 85% من الشباب المصري وخاصة
الشباب الجامعي يجلس ساعات عديدة يوميا امام الكمبيوتر والشبكة
العنكبوتية ويسعى لمواكبة لغة العصر والسير نحو التكنولوجيا
والتطور معاً، حيث يتم كسر عقدة العالم الثالث والسير نحو العالم
الاول..
لكن السؤال الأهم هو، هل ان استخدام تلك الوسائل يأتي كما يجب
ان يأتي عليه لخدمة المعرفة والانسانية ام انه يؤدي الى الضرر اكثر
من النفع؟
برغم التسهيلات التى تقوم بها الحكومة المصرية الى حد ما،
لتسهيل وصول وسائل التكنولوجيا لكل أسرة ومنزل مصري إلا ان إستياء
الشباب يتصاعد منذ اضراب ( 6 ابريل) الذي أتى احتجاجا على سوء
الخدمات وارتفاع نسبة التضخم وزيادة الاسعار.. وهذا الإستياء جاء
كردة فعل على نظام الرقابة على الانترنت المفروض مؤخرا.. فعند
دخولك الى أي (كوفي نت) تجد المسؤول يطالبك (بالبطاقة الشخصية
وتسجيل بياناتك ومعاد وصولك)، وحجّتهم في ذلك هي متطلبات المصنّفات
المصرية لمحلات الانترنت.
وإن كانت البلاد تعاني من موجة انحلال اخلاقي عند بعض الشباب
فإن الواجب على الحكومة مراقبتهم فى النطاق الادبي وحمايتهم من
الفساد والاباحية وغيرها بدلاً من تشديد السيطرة عليهم فكرياً
وسياسياً.
ومن جهة ثانية فإن تلك الوسائل التكنولوجية قد خَلقتْ فجوة
فكرية عميقة بين الجيلين، جيل الآباء وجيل الابناء، ففي الغالب
يرفض الآباء دخول الانترنت فى بيوتهم وإقتناء ابنائهم لأجهزة
الهاتف النقّال خاصة في مراحل المراهقة. ويرجع ذلك لنظرتهم الى
انها باباً للإنحلال الاخلاقي.
ولكن ذلك لا يمنع من وجود آباء وامهات آخرين يرحبون
بالتكنولوجيا ويجاهدون انفسهم لتعلّمها واقتناءها وتشجيع ابناءهم
للتعلّم من خلالها.
آراء متباينة لكنها متفقة
محمود طلعت 23سنة، موظف حكومي، قال عند سؤاله عن فائدة استخدامه
الانترنت والموبايل وهل وجد انها وسائل جيدة للمعرفة والتقدم، لقد
وفّر استخدام الانترنت والموبايل الكثير من الوقت والمال لي،
فالموبايل الغى المسافات فيما بيني وبين الاخرين ممن احتاجهم في أي
وقت او ظرف، كما ان الانترنت قد جعل وسائل الاعلام كلها، المرئية
والمسموعة والمقروءة فيما بين يدي وفي أي وقت أشاء لذا فإنني
اعتبرها اشياء لاغنى عنها ابداً...
شويكار صبري 40سنة، ربة منزل قالت، لا احب النظرة الرجعية
لاستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، وفي الغالب اشجِّع ابنائي
للتسلّح بالمعرفة ومواكبة العصر، ولكن ذلك لا يعني الافراط او
الفوضى في الاستخدام بل التقنين والمراقبة الواعية من حين لآخر.
واضافت السيدة شويكار، برغم نظرتي المتفائلة تجاه وسائل
التكنولوجيا الحديثة إلا انني أراها تؤثر كثيراً على واجبات الشباب
الدراسية والمنزلية والاجتماعية.. ومن هنا فإن الوعي الأسري هو
الذي يحميهم من مثل تلك الظروف. ويكون فعالاً بصورة كبيرة اذا حدث
دون شعور من قِبَلهم (الشباب) بالمراقبة مراعاةً لمشاعرهم
وخصوصياتهم، لأن المراقبة المشددة قد تقلل ثقتهم بأنفسهم او تجعلهم
يبحثون عن طرق ملتوية او مخفيّة لتحقيق رغباتهم.. وبذلك نكون قد
حافظنا على ابناءنا من فتنة التكنولوجيا الحديثة وفي نفس الوقت
حققنا مواكبتها والسير معها باعتبارها تحصيل حاصل للتقدم والتطور
العالمي.
دكتور ناصر سليمان 45 سنة، جامعة القاهرة قال، وفرتْ لنا
تكنولوجيا الاتصالات الحديثة كنزاً معرفياً متزايد الاهمية وطريقا
لا نهاية له من التحصيل العلمي، واختصرت الكثير من الوقت والجهد،
ولكن لكي نجعلها حقاً كذلك، فعلينا انشاء جيل جديد قوي راغب فى
المعرفة وراغب في التطوير والتحديث.
واضاف د. ناصر، نحن كتربويين وآباء فى المقام الاول علينا
مكافحة تلك الروح الانهزامية التى كبرت في نفوس ابناءنا جراء عقود
الجهل والتخلف والكبت، فعندما تجلس اليوم على جهاز الكمبيوتر تكون
مسؤولاً عمّا تريد، فان اردت المعرفة وجدتها، وان اردت المقامرة
اوالفساد او الإباحية فستجدها ايضاً، فلابد من السعي لتربية جيل
صالح يسعى وراء المفيد..
عاطف النجدي 24 سنة، طالب بكلية الطب جامعة عين شمس قال،
التكنولوجيا الحديثة نعمة ونقمة في آن واحد. وهي سلاح ذو حدين مثل
كثير من الاشياء التى نستخدمها فى حياتنا، فمِنّا من استخدَمَها فى
الابحاث العلمية والاطلاع على الاخبار السياسية وكسب الاصدقاء
والسفر عبر العالم، ومِنّا من يستخدمها لأشياء سيئة لافائدة منها
سوى تضييع الوقت. وعند سؤاله عن نصيحته للشباب في هذا الشأن أجاب
عاطف، اريد ان انصح نفسي اولاً!؟..
بقي أن نقول ان التربية الأسرية السليمة والتركيز التربوي على
الشباب ومساهمة الحكومة فى الحفاظ على مواردها الشبابية من التخلف
والانحراف، وعدم تضييق الخناق على حرياتهم الشخصية والفكرية، هي
السبيل الاكثر وضوحا في متاهات التكنولوجيا الحديثة.. |