انتقال القوة من الغرب الى الشرق سيؤدي الى حروب أهلية

انقلاب في الموازين العالمية ونقص مدمِّر بالمياه والغذاء وتصاعد الإرهاب

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: لاتنفك الدرسات والبحوث الحديثة بشأن تحوّل موازين القوة المالية والاقتصادية من الغرب الى الشرق تشكل قلقاً كبيراً لدى صنّاع السياسات العالمية من الدول الكبرى اقتصادياً، بالاضافة الى تحذيرات استثنائية من تزايد الطلب على الموارد المهددة بالنضوب مثل المواد الغذائية والوقود والتنافس في قطاع التكنولوجيا الحديثة وشبح انتشار اسلحة الدمار الشامل. الامر الذي سيخلق ظروفاً ملائمة لاعتداءات ارهابية واسعة النطاق بمواد كيميائية واسلحة بيولوجية وبدرجة اقل نووية.

فقد صرح مدير الاستخبارات الوطنية الامريكية مايكل ماكونيل ان العالم يواجه خطرا متزايدا لنشوء نزاعات في السنوات العشرين او الثلاثين المقبلة بينما تجري عملية انتقال لا سابق لها للثروة والقوة من الغرب الى الشرق.

وتوقع ماكونيل خصوصا تزايد الطلب على الموارد المهددة بالنضوب مثل المواد الغذائية والوقود وتنافسا متزايدا في قطاع التكنولوجيا الحديثة وانتشار اسلحة الدمار الشامل.

وقال ماكونيل ملخصا فكرته امام جمهور من المحترفين في مجال الاستخبارات في ناشفيل (ولاية تينيسي) ان ما اتحدث عنه هو خطر محتمل ومتزايد لحدوث نزاعات. واضاف، حتى 2025، سيكون احتمال وقوع نزاع بين دول وحروب اهلية اكبر.

وتابع ان الظروف في تلك الفترة ستكون ملائمة لاعتداءات ارهابية واسعة النطاق بمواد كيميائية واسلحة بيولوجية وبدرجة اقل نووية.

واشار الى ظهور عالم متعدد الاقطاب في 2025 يشهد صعود الصين والهند والبرازيل التي ستكون اقتصاداتها مطابقة لاقتصادات الدول الصناعية الغربية.

وقال ماكونيل ان انتقال الثروة العالمية والقوة الاقتصادية الجاري حاليا من الغرب الى الشرق لا سابق له في التاريخ الحديث من حيث الحجم والسرعة.

واضاف ان العمليات التوسعية والتنافس العسكري اصبحا اقل احتمالا لكن لا يمكن استبعادهما، كما ان من شأن نضوب النفط ان يولد نزاعات بين الدول. بحسب فرانس برس.

واكد ماكونيل نرى ان هذه التغييرات الكبيرة لن تؤدي الى انهيار كامل للنظام الدولي الحالي لكن السنوات العشرين المقبلة الانتقالية الى نظام جديد محفوفة بالمخاطر ومليئة بالتحديات.

وتابع ان الصين ستمتلك بحلول 2025 على الارجح ثاني اكبر اقتصاد في العالم وستكون قد اصبحت قوة عسكرية كبرى واكبر دولة مستوردة للموارد الطبيعية واكبر دولة مسببة لتلوث العالم.

وقال ان الصين مؤهلة لان يكون لها تأثير على العالم في السنوات العشرين المقبلة اكثر من اي بلد آخر. واضاف ان الهند ستكون ثاني او ثالث اكبر اقتصاد في العالم وستسعى لان تصبح احد اكبر اقطاب هذا العالم الجديد.

واوضح ماكونيل ان روسيا ايضا ستكون في هذه المجموعة لكن فقط اذا وسعت اقتصادها ونوعته وادخلته في الاقتصاد العالمي الشامل.

وقال ان التنافس الاستراتيجي سيتمحور على الارجح حول التجارة والتوزع السكاني والوصول الى الموارد الطبيعية والاستثمارات والتكنولوجيا وسيكون هناك نزاع لتحقيق تفوق تقني يشكل مفتاحا لفرض الهيمنة. وستواجه مناطق في العالم مستقبلا اصعب مع ارتفاع الطلب على المواد الغذائية والمحروقات وموارد اخرى.

واكد ماكونيل ان تقديرات الاستخبارات الامريكية تشير الى ان 1،4 مليار شخص في 36 بلدا سيعانون من نقص المياه للشرب والري.

وقال، الآن فكروا في هذا الامر: 1،4 مليار شخص بدون هذه الضرورات الاساسية سيشكلون مصدر توتر في العالم، توتر سيكون على الهيئات العالمية والدول الاكبر احتواه. واضاف، على اساس هذه التقديرات، يتوقع ان يؤدي التغيير المناخي الى تفاقم نقص الموارد هذا.

واوضح رئيس اجهزة الاستخبارات الامريكية ان نقص المياه سيكون مدمرا لعدد كبير من الدول لأن الزراعة تشكل جزءا كبيرا من اقتصاداتها ولان كثيرين من مواطنيها يعيشون عند الحد الذي يسمح لهم بالبقاء. واكد ماكونيل ان الاقتصاد سيشهد انتقالا من النفط بحلول 2025 الى الغاز الطبيعي والفحم، موضحا ان التقنيات الجديدة والاختراعات يمكن ان تؤمن حلولاً، لكن التقنيات المتوفرة حاليا ليست ملائمة لتحل محل هندسة الطاقة التقليدية على النطاق الواسع المطلوب.

وتابع انه اذا لم تتحسن الفرص الاقتصادية والسياسية فان الوضع في الشرق الاوسط سيشهد تحول التطرف المتنامي وتجنيد الشبان في مجموعات الارهابية. ورأى ماكونيل ان انتشار التكنولوجيا والمعرفة العلمية بحلول 2025 سيضع بعض اخطر قدرات العالم في متناول منظمات ارهابية ايا تكن قضيتها. واضاف ان احد اكبر مصادر قلقنا ما زال ان تتمكن مجموعة ارهابية او اي مجموعة خطيرة اخرى من الحصول على عناصر بيولوجية بدرجة اقل اشعاعية لتحدث اضرارا اكبر من تلك التي نجمت عن اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

ليست أزمة.. فالقادم أعظم

ويحاول الأمريكيون في الوقت الحالي النجاة بأنفسهم من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بهم من كل جانب، وهم يخشون أن اقتصادهم بدأ يدخل في مرحلة كساد فعلي، غير أنهم غير مدركين إلى حقيقة أن الكارثة الاقتصادية الأكبر قادمة!

والكارثة الاقتصادية الأكبر المحتملة ستأتي بعد أن يعتقد الأمريكيون أنهم اجتازوا عنق الزجاجة في الأزمة الاقتصادية الحالية وفق ما يشير محللون اقتصاديون.

فمع دخول القرن الحادي والعشرين، بلغ حجم الدين الأمريكي 5.7 ترليون دولار، ومع اقتراب نهاية "عهد الرئيس جورج بوش"، أي بعد مرور ثماني سنوات فقط على بداية القرن، يمكن القول إن حجم الدين تضاعف تقريباً، ويعود ذلك لأسباب تتعلق بالحروب التي تشنها الولايات المتحدة والاقتطاعات الضريبية وزيادة الإنفاق، التي أضيفت إليها أعباء خطة الإنقاذ المالي الحكومية.

ويصف أحد المحللين الاقتصاديين العام 2008 بأنه "سيء للغاية"، وأسبابه في ذلك هي أن العجز في الموازنة الاتحادية في العام المالي الحالي بلغ 455 مليار دولار، بعد أن كان في العام الماضي 162 ملياراً فقط. بحسب سي ان ان.

والرقم المذكور لا يشمل التكلفة الناجمة عن قانون "الاستقرار الاقتصادي الطارئ" لعام 2008، والذي تقدر تكاليفه بمئات مليارات الدولارات، والتي سيعود بعضها في نهاية المطاف إلى الخزينة الأمريكية، حيث ستستخدم الأموال الداخلة في خطة الإنقاذ المالي لتملك أسهم وعقارات ورهونات وغيرها.

ومع ذلك فكل هذه الحسابات لا تساوي شيئاً مقارنة بالكارثة المالية المحدقة التي ستطيح بالولايات المتحدة الأمريكية.

والكارثة تلك ليست مجرد أمر مستقبلي غامض، فقد بدأت تباشيرها تلوح في الأفق في وقت سابق من العام الحالي، عندما أصبحت المعلمة كاثلين كاسي كيرشلينغ أول أمريكية من جيل الطفرة الاقتصادية تتقاعد من وظيفتها لتبدأ الحصول على مزايا الضمان الاجتماعي. وسيعقب كيرشلينغ 78 مليون أمريكي خلال الأعوام السبعة عشر المقبلة.

والمخصصات المستحقة من الضمان الاجتماعي وكذلك الرعاية الصحية تبدو مخيفة، ذلك أن تكلفة البرامج الحالية لهما، يمكن أن تؤدي إلى إفلاس الولايات المتحدة، وما من حل، مهما كان يبدو قادراً على إنقاذها من هذا المصير حتى الآن.

لقد اقترح البعض اتخاذ إجراءات أقل ثورية للمساعدة في تجاوزها، ومنها، التوفير في الموازنة الذي قد يتراكم جراء إلغاء خطة بوش للخفض الضريبي، وإنهاء حرب العراق أو توسيع الاقتصاد بعد انتهاء مفعول الأزمة الحالية. 

بل وحتى إذا نجح الاقتصاد في تحقيق نمو بنسبة 3.2 في المائة سنوياً، كما حدث في تسعينيات القرن العشرين، إلى جانب الحصول على التوفير في الموازنة الذي أشرنا إليه سابقاً، فإنها لن تتمكن من مواجهة المشكلة المالية الاتحادية المنتظرة.

ويشير بعض الخبراء إلى أن الحل الوحيد يكمن في البدء باللجوء إلى "خيارات قاسية" منذ هذه الأيام لتغيير مجرى الأحداث المستقبلية القاتمة، وإلى أن التأخير سيفاقم من الأزمة.

ويعتقد الخبراء أن الظروف المالية المتدهورة للحكومة الاتحادية في مواجهة تكاليف الرعاية الصحية المتزايدة واستحقاقات التقاعد لجيل الطفرة الاقتصادية يمكن وصفها بأنها "أزمة قروض خارقة"، ستجعل من الأزمة الحالية مجرد "قزم" عند المقارنة بينهما.

ووفقاً لمكتب المحاسبة والمساءلة الاتحادي، تقدر الالتزامات الحكومية غير الممولة للرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وحدهما بنحو 41 ترليون دولار، أي ما يعادل 325 ألف دولار لكل أسرة، وهو مقدار العجز الحالي بين التكاليف المتزايدة لرواتب الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية التي ينبغي دفعها لتلك الأسر خلال السنوات الخمس والسبعين المقبلة.

أما لماذا وصفت بأنها "أزمة قروض خارقة"، فرغم "هولها" فهناك العديد من الأمور المتشابهة مع أزمة القروض الحالية:

أولاً، البرامج الحكومية الفيدرالية تنفذ دون دراسة متأنية خاصة بشأن من سيتحمل العبء النهائي لهذه التكاليف.

ثانياً، إن انعدام الشفافية حول أزمة القروض أدت إلى العديد من المفاجآت الكبيرة والخسائر الهائلة للمستثمرين، و"صندوق الائتمان" الحكومي لا يوفر ضمانة وإنما دين حكومي أكبر.

ثالثاً، وبالطريقة نفسها، سيفشل المديرون في مؤسسات القطاع الخاص في منع أزمة القروض المقبلة كما فشلوا في منع الأزمة الحالية، ذلك أن الكونغرس والإدارة الأمريكية أداروا وجوههم عن التكاليف المتعلقة ببرامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والخفض الضريبي.

ويقول أحد الخبراء الاقتصاديين إن محور تلك الأزمات هو الإخفاق الجماعي للقيادات على التصرف في مواجهة التحديات المعروفة.

واليوم، تتجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو مستويات دين غير مسبوقة وتتجاوز كل الأرقام القياسية المسجلة سابقاً، بل ومن المتوقع أن يرى الأمريكيون ديونها عام 2040 وقد تضاعفت بشكل يفوق ما سجل في نهاية الحرب العالمية الثانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 5/تشرين الثاني/2008 - 5/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م