التعداد السكاني بوابة العراق نحو الاستقرار الإداري والحقوقي

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعتمد معظم دول العالم الإحصاء أو التعداد السكاني كإحدى الوسائل المنهجية المهمة في الوصول إلى نتائج دقيقة وصادقة لنفوس السكان وأحوالهم العامة، خصوصا في سياق سعي الحكومات الرامي إلى ترميم وتحسين الأوضاع العامة في البلد وتقويم مدى جودة الخدمات المقدمة لشعوبها وترتيب الحقوق بحسب كثافة السكان.

فقد اعتمدت المعايير الدولية  فترة تمتد عشرة أعوام كحد أقصى لإجراء إحصاء شامل وكامل لإعداد السكان وجمع المعطيات الضرورية عن عدد نفوس الشعب وأحوال أفراده، يشمل  إحصائيات أعداد الذكور والإناث كل على حده ونسب الأعمار والوفيات أيضا.

ولأهمية الأمر أنشئت العديد من دول العالم وكالات مستقلة أو وزارات يقع على عاتقها إجراء الإحصائيات وتقديم البيانات الدقيقة، بعد تأهيل أفرادها وزج الخبراء والمختصين ضمن طواقمها، واعتماد أفضل المعايير المتبعة في استسقاء الحقائق والمعلومات.

لذا اعتمد العراق منذ عام 1957 نظام التعداد السكاني لجمع البيانات الضرورية، ونسب الاعمار والاجناس، دأبت الحكومات المتعاقبة على اجراء هذا المسح كل عشرة اعوام حتى عام 1997 حيث اجري آخر تعداد في البلاد.

لكن بعد مرور خمسة اعوام على انهيار النظام السابق لا تزال الدولة العراقية عاجزة عن اجراء هذا الاحصاء المهم في وقته المحدد عام 2007 متذرعة بالواقع الامني الذي كان سائدا في تلك الفترة، معتمدة من جانب الاخر المسوحات العينية في جمع البيانات والمعلومات الازمة.

حيث يعزو مهدي العلاق الذي يرأس جهاز الاحصاء المركزي العراقي التأخر في انجاز التعداد السكاني في وقته المحدد لمعاناة الجهاز من الوضع الامني خاصة أن عمل الجهاز ميداني.

وفي ظل التفجيرات الضخمة بسيارات ملغومة واطلاق قذائف المورتر التي تهز بغداد يوميا قرر العراق ارجاء تعداد للسكان كان من المقرر اجراؤه عام 2007 وقد تغير الموعد المحدد له ليصبح اكتوبر تشرين الاول 2009.

وقال فريد معتوق كبير خبراء الاحصاء السابق الذي كان يعمل لحساب بيرو ويقدم استشارات لكوزيت في بغداد حاليا في اطار مشروع أمريكي تكلفته 300 مليون دولار امريكي يهدف الى تحسين الادارة العراقية ان الوضع كان خطيرا للغاية بحيث كان من الممكن أن يقتل موظفو جمع بيانات التعداد السكاني.

وذكر معتوق أنه تم تخصيص 100 مليون دولار بالفعل لتعداد السكان الذي يجري العام القادم الذي قد يسلط الضوء على أي الجماعات التي تتمتع بالاغلبية في مناطق ذات حساسية من البلاد مثل مدينة كركوك المتنازع عليها.

واضاف ايضا ان الحكومة بدأت في وقت سابق هذا العام اجراء دراسات مسحية ربع سنوية على 20 الف أسرة سعيا لاعطاء لمحة عن التوظيف والنشاط الاقتصادي وهي واحدة من اكبر الدراسات المسحية من هذا النوع في العالم النامي.

ومن المنتظر صدور دراسة مسحية على الأسر يدعمها البنك الدولي في وقت لاحق هذا العام وستوفر نظرة ثاقبة على الفقر في العراق.

ودعمت الحكومة الامريكية والبنك الدولي ومانحون اخرون جهودا في الاعوام الاخيرة لمساعدة وكالة الاحصاء العراقية وهي الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات (كوزيت) لتحسين الفهم للارقام الحيوية بالبلاد.

ويكتسب هذا أهمية خاصة حيث تلقي الازمة الاقتصادية العالمية التي تنمو بسرعة بظلال قاتمة على أنحاء الشرق الاوسط والعراق الهش.

من جانبهم يرى المختصون في هذا المضمار حاجة العراق الماسة لاجراء التعداد السكاني وجمع البيانات الشاملة لاحوال الشعب والبلاد.

لكن مع الانخفاض الحاد في معدلات العنف وتحول العراق نحو اعادة الاعمار يستغل المسؤولون مجموعة من الارقام اكثر صلة بالحياة اليومية لكنها لا تقل أهمية بأي حال من الاحوال مثل الناتج الاقتصادي والتوظيف وتطعيمات الاطفال وحتى أماكن تواجد سكان العراق.

ويحتاج العراق بسرعة إلى توفير إحصاءات يمكن الاعتماد عليها وفي الوقت المناسب خاصة عن الاقتصاد لجذب الاستثمار واستعادة البنية التحتية وتوسيع نطاق النمو.

بيانات إحصاء عفا عليها الزمن

ويشكو خبراء اقتصاديون من استخدام الحكومة بيانات عفا عليها الزمن لحساب التضخم وهو مجرد عيب واحد، ويعتقد أن تعداد السكان يبلغ نحو 28 مليون نسمة.

حيث يقول جورجي طومسون اراوجو كبير الخبراء الاقتصاديين المسؤول عن العراق بالبنك الدولي انه في السبعينات والثمانينات كان العراق متقدما عن المنحنى في الممارسة الاحصائية. وتغير هذا بعد سنوات من العقوبات والعزلة ابان حكم صدام حسين الحديدي.

ومن المؤكد أن أعمال العنف المدمرة التي يعاني منها العراق منذ عام 2003 أعاقت جمع الحكومة للبيانات الاساسية.

وفي أحدث تقرير تصنيف أصدره البنك الدولي عن طاقة الاحصاء الوطني حصل العراق على 51 نقطة من 100 بين تونجا وساموا. وبالنسبة لدولة متقدمة نسبيا وتحتل موقعا استراتيجيا في الشرق الاوسط وتتمتع بثالث اكبر احتياطي للنفط في العالم ليس هذا جيدا بما فيه الكفاية.

وتأمل واشنطن منذ عام 2003 في مجموعة من الاستثمارات الاجنبية لكنها لم تتحقق بعد. وفي حين يظل الامن بلا شك الهم الاكبر للمستثمرين المحتملين فان توافر بيانات اقتصادية يمكن الاعتماد عليها بدرجة اكبر سيفيد بكل تأكيد.

وقال علي بابان وزير التخطيط العراقي انه لن يأتي مستثمر الى العراق اذا لم تكن لديه أرقام صحيحة ودقيقة.

مضيفا انه ربما تكون هذه المعلومات طريقا بحيث يعلم كل كيان عراقي حجمه وقدرته. معبرا عن اعتقاده بأن هذا جزء من الطريق نحو المصالحة الوطنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 29/تشرين الأول/2008 - 29/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م