قتال القاعدة وسياسة الإقصاء عاملان متلازمان مع وجود الأمريكان

علي الطالقاني

لا شك أن تنظيم القاعدة يشكل خطرا أمنيا يتوجب التصدي له بأساليب متجددة، ولكن على من تقع هذه المسؤولية؟ هل يجب التصدي لها عن طريق التسليم لأمريكا بأن تكون هي من يتصدى حتى وأن كان التصدي على حساب الشأن الداخلي للبلد الذي يعاني من تواجد هذا التنظيم ؟ وهل يحق للامريكيين أن يدخلوا أية بلاد كانت القاعدة فيها؟

بعبارة أخرى هل تعتبر القاعدة العدو الأول لأمريكا، فأمريكا التي باتت تتدخل أينما وجد هذا التنظيم وهذا ما نشاهده جليا في باكستان والعراق وأفغانستان ولم يكتف الأمريكيون بالحرب بل مارسوا سياسات متعددة وانتهاكات كبيرة من قبيل العزل والتهميش السياسي بذريعة محاربة الإرهاب غير مبالين لسوء العواقب. فالأمريكيون لا يترددون في إرسال قدراتهم العسكرية من أجل استهداف القاعدة.

من بين هذه الانتهاكات عزل الجنرال برفيز مشرف الذي كان الضحية الأولى للسياسة الأمريكية وكان عبرة لغيره بسبب الولاء المنقوص للامريكيين. مع العلم كان مشرف يمتلك رصيدا في محاربة القاعدة، لكن احد ابرز أسباب سقوطه كان التحالف اللا محدود مع واشنطن على حساب الداخل الباكستاني، وإن كان هذا التحالف ناتج عن ضغوط سياسية وأمنية واقتصادية.

أما في العراق فسمعنا عن تقارير تسربت تشير إلى ثلاث محاور ستتعامل أمريكا من خلالها مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. الذي يشكل جزءا كبيرا من مشروع التصدي لتنظيم القاعدة.

- المحور الأول : الإطاحة بالمالكي عبر البرلمان والمجيء بنائب الرئيس العراقي / عادل عبد المهدي إلى السلطة ؛ لأنها تعتبره أكثر تنفيذا لرغباتها من المالكي ويحظي بدعم رئيس (المجلس الإسلامي الأعلى العراقي) / عبد العزيز الحكيم رغم علاقتهما الجيدة مع إيران .

- المحور الثاني : ممارسة الضغوط على المالكي لتقديم استقالته .. إلا أن هذا الخيار يعتبر أمرا صعبا ؛ وذلك لأنه يقود حكومة منتخبة .

- المحور الثالث : تدبير عملية اغتيال للمالكي بمساعدة المجموعات الإرهابية ، والمجيء بحكومة أكثر تعاملا ورغبة من قبل الأمريكيين. فالمسئولين الأمريكيين صعدوا من إجراءاتهم وجهودهم لإقالة رئيس الوزراء العراقي / نوري المالكي أو اغتياله . على أن هذه المعلومات تسربت من حزب سياسي كردي ..و أن رئيس الحكومة العراقية لا يرغب في رؤية أي جندي أمريكي في العراق بعد 2011.

ومن بين التحليلات لأسباب إقصاء المالكي أو اغتياله تفضيله إقامة علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية قوية مع أمريكا .. إلا أنه لا يطيق تواجد وتغلغل الجيش الأمريكي في العراق.

كذلك بسبب الفتور الذي شهدته العلاقات بين أمريكا والمالكي هذا الفتور  ناجم عن الموقف الصلب الذي يعتمده الأخير في المحادثات الجارية للتوصل إلى عقد اتفاقية أمنية بين واشنطن و بغداد. 

ومن بين الأسباب الأخرى شك الأمريكيين في تعاون رئيس الوزراء العراقي مع أيران للقيام بعمليات عسكرية مشتركة واسعة النطاق في البصرة ومدينة الصدر في بغداد ومحافظة ميسان لطرد القوات الأمريكية من العراق. صحيفة (جولف نيوز) الإماراتية 20 أيلول 2008.

 من هنا كان يتحتم على الأمريكيين أن يفهموا أن هذه الانتهاكات جزء من سياسة فاشلة في قتال القاعدة و يجب أن يوكل هذا القتال إلى العراقيين والأفغانيين أنفسهم وخصوصا على أراضيهم على أن يتعاون الأخيرين مع باقي الدول لمحاربة القاعدة وضمن سياسات منطقية.

الأمريكيون يبحثون عن ولاءات ويعتقدون أن كل من يتصدى للقاعدة هو حليف لهم وكل من لم يعطي موقف تجاهها هو عدو آخر لهم، متناسين أن بعض الدول التي تقاتل تنظيم القاعدة تنطلق من ادراكها لخطورة هذا التنظيم وليس بالضرورة قتال هذه الدول للقاعدة هو بدافع الولاء للأمريكيين لآن أبناء المناطق التي تعاني من الإرهاب كل يدافع عن نفسه ويدافع أحدهم عن الآخر.

وبالرغم من فشل بعض المناطق في التصدي للإرهاب تبقى مناطق أخرى نموذج يحتذى به فالنجاحات في تلك المناطق سببها رجال الأمن الذين عملوا بواجبهم بمهنية و وطنية. وهذا يجب أن يعيه العراقيون والأمريكيون؟

فالأمريكيون ببقائهم قد يعطون تنظيم القاعدة فرصة للتواجد وهذا ما اكده تقرير محذرا من أن تنظيم القاعدة سيحاول استغلال قدرات وإمكانيات عناصر التنظيم في العراق بهدف تنفيذ هجوم ضد القوات الأمريكية.

وتعمل القاعدة على زيادة جهودها من أجل الدخول إلى الولايات المتحدة وشن هجمات جديدة، و أصبح لهذا التنظيم القدرات التي يحتاجها لتنفيذ مثل هذه المهمة.

كما أن القدرات الجديدة لتنظيم القاعدة تشتمل على توفر ملاذ آمن في المناطق الريفية والحدودية. هذا ما أكده مسؤولون في إدارة الرئيس بوش أن تنظيم القاعدة يعيد هيكليته وهو متمسك بمهاجمة الولايات المتحدة.

من هنا يتوجب على الأمريكيين فهم حقيقة مفادها أن هذه الحرب تساعد على انتشار تنظيم القاعدة وعملياتها وهذا ما أثبتته التجربة في العراق وباكستان، و بأن قتال القاعدة وسياسة الإقصاء عاملان متلازمان مع وجود الأمريكان.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22/تشرين الأول/2008 - 22/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م