القنابل اللاصقة وكاتم الصوت أهم آلات الصراع السياسي في العراق

آلة الموت تعيد نشاطها بصورة جديدة

إعداد علي الطالقاني*

 

شبكة النبأ: عودة آلات الموت وبشكل اكثر تطورا ودقة يعيد الى الاذهان اشارات الاقتتال الداخلي الذي كان قريبا جدا من اشعال حرب أهلية كانت يمكن أن تشعل المنطقة.

فما الذي يدفع الأطراف السياسية المتناحرة الذين شاركوا في العملية السياسية أو لم يشاركوا، إلى إثارة الشغب، والعمل على تجديد الأزمات التي تهدد أمن العراق واستقراره.

يمكن وصف هذه الأعمال على أنها شراء قسم من المجاميع مقابل السلطة والمال  مما تحولت هذه المبادرة إلى معركة بين من رضي بالمصالحة وبين من لم يتصالح، لأن مسببات الخلاف الأساسية بقيت هي نفسها. فالخلاف السياسي بين المكونات السياسية لا يزال عميقا، وتعمق أكثر بعد طرح موضوع كركوك والأقليات والفيدرالية، وهو خلاف يهدد الكيان العراقي، ويهدد الدستور ويؤثر على طبيعة السلطة والنظام السياسي.

وجاءت التحليلات لتؤكد صحة هذا القول فقد قالت وكالة اصوات العراق نقلا عن صحيفة ماكلاتشي McClatchy Newspapers الأمريكية، ان الاغتيالات في العراق حلت محل السيارات المفخخة، مشيرة الى ان المخاوف من عمليات الاغتيال باسلحة كاتمة الصوت وقنابل لاصقة تزداد، مع اقتراب موعد الانتخابات.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها، ان مسؤولين امريكيين وعراقيين يشهدون تحولا في العراق من تفجيرات السيارات المفخخة التي تقتل الناس قتلا جماعيا، الى الاغتيالات باستخدام القنابل المغناطيسية (اللاصقة)، والاسلحة الكاتمة الصوت والدراجات المفخخة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، كما تلاحظ الصحيفة، فان بعض المسؤولين يشعرون بالقلق من ان تلك الاغتيالات ستتزايد مع محاولة احزاب سياسية اجتثاث منافسيها.

ونقلت الصحيفة عن الميجر جنرال مايكل اوتس، قائد الفرقة الجبلية العاشرة في الجيش الامريكي التي تتولى الاشراف على غالبية منطقة جنوب العراق، قوله ان “بعض التنظيمات التي تسعى الى السلطة السياسية تلجأ الى الترهيب والعنف، لذا سترون قنابل شخصية تستخدم ضد اعضاء بارزين في احزاب، وانا شخصيا اعتقد اننا سنشهد زيادة طفيفة في هذا النوع من العنف كلما اقتربنا من موعد الانتخابات لان… الطريقة التي يتعامل بها بعض الاشخاص هنا هي اقصاء الاحزاب الاخرى باستخدام العنف.

واشارت الصحيفة الى مقتل نائب بارز يمثل مقتدى الصدر حتفه بالقرب من بيته بانفجار استهدف موكبه، وتوفي النائب صالح العكيلي في احد مستشفيات بغداد متاثرا بجراحه، كما قتل عضو مجلس محافظة كربلاء بقنبلة مغناطيسية وضعت في سيارته، وفي بغداد قتلت قنبلة مغناطيسية رجلا كان يسير بسيارته في منطقة تسوق مزدحمة، حسب ما تذكر الصحيفة.

وتشير الصحيفة الى ان الجنرال ريموند اوديرنو والسفير الامريكي في العراق راين كروكر، قالا في بيان مشترك، ان هذه الجريمة المشينة لم تكن مجرد هجوم على الدكتور صالح العكيلي، بل هي هجوم على المؤسسات الديمقراطية في العراق.

وذكرت الصحيفة انه في الشهر الحالي اعترف اوديرنو بانه يرى تحولا في تكتيكات المسلحين.

وكان اوديرنو صرح لصحيفة يو اس توداي  USA Today ان ما نراه هو تغير في التكتيكات من جانب كل من القاعدة والمجموعات الخاصة، وما تروه هو انهم يمارسون اغتيالات بهدف الترهيب ضد مسؤولي الحكومة العراقية.

واوضحت الصحيفة ان مسؤولين في الجيش الامريكي قالوا انهم شهدوا حوالي 200 هجوم من هذا النمط في العام الحالي، وقال مسؤول عسكري ان على الرغم من ان القنابل التي يسهل صنعها نسبيا، كانت تستخدم منذ العام 2005، الا ان اعدادها قلت كثيرا عما كانت عليه قبل العام الحالي.

واضافت الصحيفة ان على الرغم من ان مسؤولي الجيش الامريكي لا يملكون الا معلومات ضئيلة عن تزايد استخدام الاسلحة كاتمة الصوت، الا ان وزارة الداخلية العراقية قد شهدت تزايدا في استخدام هذا النوع من الاسلحة ضد موظفيها، واخرين. ففي الاسابيع الثلاثة الماضية، بحسب الصحيفة، “قتل ثمانية مسؤولين من وزارة الداخلية او جرحوا بهجمات شنت ضدهم باستخدام اسلحة كاتمة”، حسب ما نقلت الصحيفة عن اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية.

وقالت ميسون الدملوجي، وهي نائبة علمانية اعربت عن حزنها الشديد على مقتل زميلها العكيلي، كما تذكر الصحيفة، اعتقد ان العملية السياسية نفسها هي المستهدفة. فالبعض… لا يريدون ان تمضي العملية السياسية قدما فيستهدفون السياسيين.

وتشير الصحيفة الى ان الشرطة العراقية تقول ان في كل من شهري تموز يوليو واب اغسطس الماضيين اغتيل على الاقل 10 اشخاص، غالبيتهم في بغداد، على يد مسلحين يستخدمون اسلحة كاتمة.

واضاف اللواء خلف، كما تذكر الصحيفة، ان الوزارة لاحظت ارتفاعا طفيفا في استخدام الاسلحة الكاتمة في الاسابيع الثلاثة الماضية، وفي عمليات الاغتيالات بنحو عام في الشهرين الماضيين. وقال خلف ان الوزارة القت القبض على حوالي 112 شخصا مشتبها باستخدامهم اسلحة كاتمة.

وذكر خلف لاحظنا تحولا من الاستهداف الجماعي الى الاستهداف النوعي لاشخاص،” واضاف ان ارتفاع استخدام القنابل المغناطيسية، التي تعرف باسم القنابل اللاصقة، “قد يكون نتيجة لعدم الكشف مزود هذه القنابل.

ونقلت الصحيفة عن مواطنين من منطقة بغداد الجديدة (شرقي بغداد)، قولهم ان رجالا يحملون اسلحة كاتمة الصوت قتلوا حوالي سبعة اشخاص في الشهرين الماضيين، والضحايا جميعهم اما ضباط عراقيون كبار او اعضاء في التيار الصدري، حسب ما أضافوا للصحيفة.

تحديات اثنية

ومع مشكلة القنابل اللاصقة وكاتمات الصوت التي تزيد القلق مع اقتراب الانتخابات، ذكرت إذاعة صوت امريكا VOICE OF AMERICA إن تحديات وصفتها بانها اثنية جدّية بدأت تظهر في العراق، مشيرة الى الجنرال ديفيد بيتريوس قائد القيادة العسكرية الأمريكية السابق رأى ان التقدم الذي تحقق في العراق قد يكون اقل هشاشة واكثر ديمومة مما كان يتوقع قبل ستة شهور مضت.

وأضاف تقرير بيتريوس، الذي نشرته الإذاعة على موقعها الالكتروني، أن التقدم الذي تحقق في العراق قد يكون اقل هشاشة واكثر ديمومة مما كان يتوقع قبل ستة شهور مضت.

ويقول الجنرال بيتريوس، الذي يتولى الان القيادة العسكرية الامريكية المركزية في الشرق الأوسط، ان “التوترات الاثنية في دائرة اهتمام قائد القوات الامريكية السابق في العراق عندما تحدث في واشنطن في مؤسسة هيريتاج Heritage Foundation. وذكر بيتريوس في حديثه ان جملة تحديات ما زالت قائمة في العراق.

لكن الاذاعة تعلق بالقول ان استنتاجات الجنرال هذه تاتي في وقت تحذر فيه تقارير اعلامية من احتمال عودة العنف في البلاد.

ولم تحدد الإذاعة تأريخ صدور تقرير الجنرال بيتريوس؛ الا انها اشارت، كمثال عن التوترات، الى ان تقاريرا من بغداد تقول ان النائب صالح العكيلي، الذي قتل بانفجار قنبلة في منطقة قريبة من بيته، كان معروفا بنهجه السلمي واعتداله على خلاف العديد من عناصر التيار الصدري الذي ينتمي اليه.

وقال بيتريوس “بالتأكيد لا زالت هناك توترات اثنو ـ طائفية، السنة العرب، العرب والاكراد، مجموعة متنوعة من التحديات المختلفة، وقضايا الاقليات، وهلم جرا.

وأضاف “عليهم التعامل مع ذلك، ومع الانتخابات المحلية، ومع ضمان عدد معين من المقاعد لبعض الاقليات ـ وبعدها التعامل مع العودة الممكنة لاكبر مصدرين من مصادر العنف في العراق، المتطرفون السنة من تنظيم القاعدة في العراق وحلفائهم المتطرفون السنة وشركاؤهم.

فصحيفة ماكلاتشي McClatchy newspapers الامريكية، كما تقول الاذاعة، نقلت عن مسؤولين لم تسمهم قولهم ان تقديرات استخبارية وطنية عالية المستوى تحذر من انفجار توترات اثنية وطائفية في العراق تجر موجة  عنف جديدة. وتحدثت الصحيفة، بحسب اذاعة صوت امريكا، عن وثيقة سرية تذكر ان الانجازات التي تحققت على مدى العام الماضي في العراق قد تنقلب.

لكن قادة من ايرلندا وجنوب افريقيا، كما تواصل الاذاعة، الذين دعوا عراقيين الى المشاركة في صياغة عملية سلمية في هلسنكي العام الماضي، يقولون الان  ان مصالحة اثنية امر ممكن. وضرب اولئك القادة امثلة عن كيفية حلهم نزاعاتهم في اجتماعات مع عراقيين عقدت في اوائل العام الحالي.

ماك مهراج، وزير النقل السابق في جنوب افريقيا، قال للجنة رئيسة في مجلس النواب الامريكي، في وقت لم تحدده الاذاعة، انه راى ان العراقيين يريدون اشراكهم في عملية سلمية شبيهة باجتماعات هلسنكي.

وقال مهراج ارى ذلك مهما كمنبر كي يتمكن العراقيون الان من التعبير عن مظالمهم، من اجل ان يتمكن حتى اولئك الذين تبنوا العنف من الجلوس الى الطاولة واخبارنا واخبار انفسهم عن سبب لجوئهم الى العنف.

واختتمت الاذاعة تقريرها بالقول ان المشاركين في هلسنكي ابلغوا اللجنة ان الادارة الامريكية الجدية، بعد انتهاء الانتخابات، ينبغي ان تكون معقتنعة بمواصلة مثل هكذا محادثات. وقالوا ان هذا هو السبيل الوحيد للولايات المتحدة للخروج من العراق من دون ان تخلف ورائها المزيد من العنف الاثني.

والواقع أن الأطراف المتنازعة سوف تحاول تأكيد وجودها في الساحة من خلال الحصول على الأكثرية البرلمانية في الانتخابات المقبلة هذا اذا لم تكن هناك مستحدثات طارئة و غير متوقعة بسبب المشاكل العالقة ربما هذا الطموح قد يكون مستحيلا في ظل الأوضاع القائمة على أساس القناعات المرتبطة بأفكار كل جهة سياسية. فإذا لم يكن هناك حوار عقلائي يؤدي إلى توافقات و حلول استرتيجية ربما يكون هذا الحوار مدخلا للتوافق على المواضيع الخلافية السياسية.

سيناريو انفجار داخلي جديد

من جهة أخرى قالت صحيفة (النيشن) الاميركية، وحسب مانقلته صحيفة "النور العراقية" ان معظم الاحزاب المرتبطة بالصحوات يمكن ان تحصد الاصوات السنّية في الانبار وصلاح الدين وديالى وضواحي بغداد الغربية لتوجه بذلك الضربة القاضية المتوقعة للحزب الاسلامي العراقي الذي كان قد انتخب فقط بـ 2 % من اصوات السنة، حينما قاطع معظم السنة تقريبا انتخابات سنة 2005 .

وكتب (روبرت درايفوس) مقالا في الصحيفة الامريكية يتحدث فيه عن الشيخ علي حاتم السليمان رئيس الجبهة الوطنية لانقاذ العراق: الذي قال نحن نخوض حرب مصير مع الحزب الاسلامي العراقي ، والقاعدة لم تعد تشكل اي خطر على العراق بعد الان وقد انتهت . والخطر الحقيقي هم هؤلاء الذين يحاربوننا باسم الشرعية والدين واقصد الحزب الاسلامي . ولو لم يحصل على الدعم الاميركي ودعم حكومة المالكي فان هذا الحزب – الاسلامي – لم يكن ليصمد في الانبار حتى ليومين.

وأكدت الصحيفة مستدركة ان الاحزاب الموالية للصحوات قلقة بشكل اكبر من تهديدات المالكي وبدر، بالمقارنة مع الحزب الاسلامي العراقي، والذي لا يملك ميليشيا لها اية اهمية. وليست هناك ضمانات بانهم سيقتنعون بالمشاركة في العملية السياسية التي تقيدهم بالانتخابات في الانبار وبعض المعاقل السنية القليلة الاخرى التي تبقيهم الى الان خارج السلطة في بغداد وفي الحكومة المركزية – ولاسيما اذا مورست حملة العنف مباشرة من وحدات من الاستخبارات الايرانية التي تعمل بشكل وثيق مع قوة بدر .

وأضافت الصحيفة ونقلت الصحيفة عن ( ابو عزام )  احد قادة الصحوات في بغداد بان الهجمات التي تقوم بها الحكومة العراقية والميليشيات المتحالفة معها ضد قادة مجالس الصحوات وعناصرها والمسجلين في قوائمها، من المحتمل ان تثير تيارا سنيا مقاوما جديدا، وقوات المقاومة هذه ستقوم بشن هجمات ضد القوات الاميركية وقوات الجيش والشرطة العراقيين . وبحسب – درايفوس – فان (ابو عزام) طرح سيناريو الانفجار الجديد في العراق، الذي من شأنه ان يبدد نتائج زيادة القوات الاميركية التي تفتخر بها ادارة الرئيس الاميركي بوش. وعلى الرغم من نجاح القوات الاميركية الكبير في وقف اكبر اشتباكات طائفية عنيفة، فان قيام مجالس الصحوات في سنة 2006 هي التي سحقت القاعدة في العراق ووفرت الامن في الانبار وبغداد.

وفي الاول من الشهر الحالي، انبرت الحكومة العراقية لتتحمل مسؤولية اكثر من مائة الف عنصر من قوات الصحوة، اكثرهم من السنة في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى ومعظم غربي بغداد، ومنهم العديد من البعثيين السابقين وضباط الجيش العراقي السابق، والكثير من عناصر الصحوة ايضا هم من المتمردين السابقين الذين قاتلوا من سنة 2003 الى سنة 2007. وتنظر حكومة المالكي – بحسب توصيف وتعبير روبرت درايفوس – الى تيار الصحوة بشكوك كبيرة، وبالطبع فان المشاعر متبادلة من الطرف الاخر.

وبحسب درايفوس فان هناك قلقا واسعا في الاوساط السنية بانهم يجب ان يعتمدوا على انفسهم، وبان الولايات المتحدة لن تتنازل عن الحكومة في بغداد على الرغم من نزعتها الطائفية الموالية لايران. وينقل درايفوس عن احد المسؤولين العراقيين السابقين الكبار، ان العديد قد يتحولون بخلاف ذلك الى مصادر لدعم: روسيا. وقال: الروس نشطون جدا، وهم يتحادثون مع العديد من العراقيين ومن بينهم قادة المقاومة وعناصر الصحوات، في دمشق بسوريا. وهم في نقاشات مع البعثيين الكبار. واستنادا الى هذا المسؤول، فان كبار ضباط الجيش البعثيين السابقين واعضاء من الصحوات في دمشق، وعمان وداخل العراق يسعون للحصول على الدعم من روسيا، ولاسيما منذ ان أبدت روسيا نيتها في اعادة تأكيد وجودها في الشرق الاوسط، وقال ذلك المسؤول: النوايا الروسية هي للمجيء بكل قوة للعب مع السنة، وقد سمعت ذلك من عناصر الصحوات في دمشق وعمان يقولون اذا تركنا الاميركيون، فسوف نلجأ الى الروس.

ويقلل الكثير من الخبراء في واشنطن من امكانية واحتمال بان يقدّم الروس دعمهم لقوة المقاومة العراقية الجديدة في العراق، ولكنهم لا يستبعدون ذلك بشكل كامل.

وبرغم كل الأحوال، أن الأيام القادمة ستكون متخمة بالأحداث التي قد تغير مصير بوصلة العراق السياسية سلبا أو إيجابا.

.................................................................................

- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال www.annabaa.org///[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/تشرين الأول/2008 - 21/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م