قضايا لبنانية: الوضع العربي بين الفُكاهة والكوميديا السوداء

إعداد: ميثم العتابي

 

شبكة النبأ: الوضع العربي القائم على المفارقة السياسية، من حيث التعاطي والعمل، والسطحية الخالصة في طريقة التناول والتفاعل مع الآخر، بات اليوم مسرحا للكوميديا السوداء، وبلا مقابل فهو مسرح مجاني متنقل، نجده يوميا على شاشات التلفاز، ولاغرابة ان يكون الوضع اللبناني احد الوجوه الأساسية الحاضرة في لعب دور البطولة، حاله حال العراق وفلسطين، وباقي الدول التي مازالت تكتفي بالإستنكار والتنديد.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على الوضع اللبناني الداخلي القائم، مع عرض لتاجر المخدرات اللبناني، والذي تحول من مُزارع للطماطم الى مُزارع يتفاخر بزراعة الحشيش:

الفكاهة والضحك بين السياسة والصراع اللبناني

تشكل البرامج التلفزيونية الساخرة التي تنتقد الواقع واداء السياسيين بطريقة كاريكاتورية لاذعة متنفسا للبنانيين يحول الازمات والنزاعات المتتالية الى مساحة للضحك.

ففي لبنان حيث تملك غالبية الاحزاب محطاتها التلفزيونية الخاصة تتنقل الشخصيات السياسية بين الشاشات يجسدها ممثلون يتقنون تقليد مظهرها واصواتها وعباراتها وحتى حركاتها العصبية باسلوب هزلي.

وتوسع اطار التقليد التهكمي اخيرا ليتخطى الممثلين الى استخدام الدمى المتحركة في سابقة تذكر بالتقنية المستخدمة في هذا المجال خصوصا في فرنسا. بحسب فرانس برس.

ويقول الكوميدي اللبناني اندريه جدع: من الافضل ان نموت من الضحك على ان نموت بكل بساطة. من الافضل ان ننفجر من الضحك على ان ننفجر من الكبت. منذ عام تقريبا يقدم جدع مع زميله بيار شماسيان وفرقتهما على المحطة اللبنانية للارسال (ال بي سي) برنامجا اطلقوا عليه اسم 14 ع 8.

للوهلة الاولى يوحي اسم البرنامج بان مضمونه يتعلق بنتائج فحص لضغط الدم لكنه في الحقيقة يشير الى فريقي النزاع الاخير في لبنان: قوى 14 اذار التي تمثلها الاكثرية النيابية ويساندها الغرب مع معظم الدول العربية وقوى 8 اذار وحلفائها وتمثلهم الاقلية النيابية التي يقودها حزب الله المدعوم من دمشق وطهران.

من جانبه يستضيف برنامج النشرة ممثلون يقلدون اما شخصية سياسية معروفة او مقدمي نشرات الاخبار لينتقدوا اداءهم باسلوب تهكمي وهو يبث عبر محطة اخبار المستقبل الناطقة باسم تيار يتزعمه النائب سعد الحريري (قوى 14 اذار).

وتقدم محطة او تي في الناطقة باسم تيار النائب ميشال عون المتحالف مع حزب الله برنامج مقلب مرتب وهو برنامج فكاهي يجري عبر الكاميرا الخفية مقالب مع سياسيين ومشاهير.

وتبث محطة تلفزيون الجديد المقربة من قوى 8 اذار برنامج اربت تنحل (اقتربت من الحل). وتفردت محطة ال بي سي اخيرا ببرنامج تجسد ابطاله دمى متحركة ويحمل اسم دمى قراطية في تجزئة ساخرة لكلمة ديموقراطية. ويقول معد البرنامج وصاحبه شربل خليل: لا نضحك ابدا بقدر كاف خصوصا في مواجهة الاوضاع اليائسة.

تقنيات هذا البرنامج تعتمد على 52 دمية تجسد ابرز المسؤولين وهو يشابه البرامج الاخرى في مجال الاغاني النقدية والزجل ... ويتفحص خليل دميتين تجسدان شخصيتين مسيحيتين متخاصمتين: رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع (14 اذار) وزعيم تيار المردة سليمان فرنجية. ويروي بان الدمى تمت صناعتها في فرنسا وان كل واحدة منها تحتاج الى ثلاثة اشخاص لتحريكها. ويؤكد خليل انه لا يستثني اي شخصية لكنه يلتزم بمحظورات القانون اللبناني: رئيس الجمهورية ورجال الدين والقضاة .

وكان شربل خليل خاض العام 2006 تجربة مريرة عندما جسد في احدى حلقات برنامجه السابق بس مات وطن شخصية الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مما اثار استياء انصاره الذين قاموا بحرق الاطارات واقفال الطرقات في بيروت.

ويروي خليل ان النائبة نايلة معوض (قوى 14 اذار) ارملة رئيس الجمهورية السابق رينيه معوض الذي قضى اغتيالا هي الوحيدة التي وجهت الينا لوما عبر شخص ثالث. ففي احد الكليبات تظهر الدمية التي تمثل نايلة معوض وهي ترقص وتتلوى وتغني انا نايلة انا على وقع اغنية انا هيفا انا للمغنية اللبنانية المشهورة هيفاء وهبي. ويلفت خليل الى ان السياسيين يمارسون مدة طويلة نشاطهم مما يجعلنا مضطلعين جيدا على طبعاهم.

ويشير ممثل هزلي طلب عدم الكشف عن هويته الى ان تقليد بعض الشخصيات يكون اسهل من شخصيات اخرى. ويعطي مثالا على ذلك الزعيم الدرزي وليد جنبلاط فحركاته العصبية كما عندما يرفع احد اكتافه ويدير رأسه في الوقت نفسه والجينز الذي يرتديه معظم الاحيان وصلعته مع شعره الطويل كلها تشكل علامات فارقة تسهل تقليده.

اما اندريه جدع فيقول بسخرية مضى على فرقتنا 25 عاما وهي تجدد دائما برامجها خلافا للسياسيين اللبنانيين. ويضيف عندما يغيب احد القادة اما لموت طبيعي او لانه قضى اغتيالا فان نجله او ارملته او شقيقه يكونون دائما جاهزين لخلافته .

لعب الاطفال وانعكاسات السياسية اللبنانية

ويتقدم المسلحون من بين السيارات والعوائق باتجاه مواقع خصومهم، مزودين بأسلحتهم الفردية التي أحسنوا تذخيرها، ويحرصون إستخدام أجهزة الاتصال والإشارات الصوتية واليدوية، وينقضون على مواقع العناصر المناوئة الذين تحصنوا بدورهم خلف بعض الموانع، ليقع تبادل عنيف لإطلاق النيران لا يوفر الأبرياء من المارة.

إنه باختصار مشهد أيام العيد في العديد من شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، حيث قرر الأطفال مواصلة لعبة الكبار التي بدأت قبل أشهر وتستمر ذيولها، رغم المصالحات وأجواء الحوار. بحسب (CNN).

فالبنادق البلاستيكية هي اللعبة الأكثر انتشاراً دون منازع في المدينة اليوم، وخاصة من النوع الذي يطلق كرات صغيرة غير مؤذية في الظاهر، وإن كانت ألوانها الفاقعة عاجزة عن إخفاء الأحقاد التي تملئ القلوب والشوارع.

وتقوم لعبة حرب الأطفال على مجموعات تتوزع وفق الانتماء السكاني للمباني والأحياء، حيث تحرص كل مجموعة على تحديد منطقة نفوذ، وتمنع الآخرين من الاقتراب منها، وإن كلف الأمر تبادل رشقات من الكرات البلاستيكية، ففي نهاية المطاف يبقى الدفاع عن المنطقة هو الأهم.

ويكمن الاختلاف الأساسي بين حرب الأطفال وتلك التي يخوضها الكبار في أن الخسائر لن تتجاوز - لحسن الحظ - صراخ الجيران الذين يبحثون عن لحظات الراحة في الأحياء المزدحمة، أو حصول بعض الخدوش هنا أو هناك، إلى جانب عمليات الأسر التي قد يتعرض لها عدد من المقاتلين غير المحظوظين.

على أن الأسباب التي تقف خلف الحربين تبقى هي ذاتها، فحق الأولوية في الحصول على مكان للعب توازي تسلّم سدة الحكم لدى الأطفال.

أما باحة المبنى الخلفية فتعادل في أهميتها الوطن بأسره بالنسبة لصغار، يغيظهم فقدان مساحات اللهو وسط غابات الباطون.

كما يبرز - ضمن نقاط التشابه أيضاً - إلقاء اللوم دائماً على الطرف الآخر ، حيث يؤكد أحمد، 9 سنوات، الذي امتشق بندقيته البلاستيكية، وتخفّى خلف لثام، أنهم يدافعون عن أنفسهم فقط ، وأن أولاد المبنى الآخر هم من تعرضوا لهم أولاً، كما سبق لهم أن سرقوا كراتهم التي تسقط خلف الجدار الفاصل بين المبنيين.

ولطالما كان السلاح لعبة مفضلة للصغار (وللكبار كذلك) في لبنان، غير أن ألعاب هذا العام حملت من العنف والانتشار ما لفت نظر الكثير من المراقبين، خاصة وأن ذلك يأتي بعد مواجهات مايو/ أيار الماضي التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى في مواجهات بين قوى مؤيدة للحكومة وأخرى معارضة لها، سرعان ما اتخذت طابعاً مذهبياً.

والملاحظ أن ألعاب السلاح ظهرت بكثرة في الأحياء التي شهدت اشتباكات عنيفة وتوتراً أمنياً زائد خلال الأشهر الماضية، بينما تراجع حضورها نسبياً في الأحياء الأخرى، الأمر الذي يظهر انعكاس الوضع الأمني على ذهنية الأطفال ونفسيتهم.

خبيرة التربية، منال بياضو قالت لموقع CNN بالعربية: لا يمكن عزل الأطفال عن محيطهم، فهم يعيدون تكرار ما شهدوه طوال أسابيع من التوتر الأمني، ويقلدون الكبار الذين قاموا بأدوار مماثلة تناقلتها شبكات التلفزة.

ولفتت بياضو إلى أن هذه التصرفات تعكس اضطرابات نفسية لدى الأطفال وشعوراً بالقلق، محذرة من أن هذا السلوك قد يزيد من نزعات العنف والاحتقان لدى صغار السن خلال نضجهم.

تاجر المخدرات في البقاع.. ولا زراعة بديلة

ويجاهر نوح زعيتر اللبناني المطلوب للعدالة بمئات الجرائم بانه يزرع القنب الهندي ويتاجر به لكنه يؤكد ان ذلك لم يكن خيارا بل فرضته الظروف في بلدته الصغيرة الواقعة في شرق لبنان.

ويتنقل زعيتر (37 عاما) الذي يربط شعره الطويل ويرتدي الجينز الضيق وجزمة رعاة البقر الاميركيين في قريته محاطا بحراسه الشخصيين. وهو يعتبر من بين ابرز مزارعي المخدرات والمتاجرين بها البالغ عددهم نحو 50 في منطقة البقاع (شرق) الخارجة معظمها عن سلطة القانون حيث يفلتون من العقاب بشكل شبه تام. بحسب فرانس برس.

ويشكل اسم هذه المنطقة منذ سنوات عدة مرادفا لزراعة المخدرات والاتجار بها. ويضع زعيتر على وسطه مسدسا فيما يحمل حراسه رشاشات حربية او قاذفات صاروخية ويطلقون على انفسهم القابا منها النمر و العقرب و بن لادن .

يقطن زعيتر في بناء واسع شيده في قرية الكنيسة على سفح سلسلة جبال لبنان الغربية التي تفصل منطقة البقاع التي تعتبر معقلا لحزب الله عن منطقة الارز في الشمال. عند المدخل ينتصب برج مراقبة عال ينبه العابرين من عدم الاقتراب.

في باحة المنزل الداخلية تقف عدة سيارات زجاجها قاتم من بينها واحدة من نوع هامر وسيارات رباعية الدفع.

الشرطة لا تعتبره اكبر تاجر مخدرات في لبنان بيد ان زعيتر المسلم الشيعي يتميز عن غيره من التجار بانه اكثر صراحة ولا يشعر بالخجل من الترويج لما يقوم به.

يتحدث زعيتر بصراحة عن نشاطاته غير المشروعة مشددا على انه لم يختر نمط حياته انما الظروف فرضته عليه. ويشدد على استقلاليته مؤكدا انه لا ينتمي الى اي طرف ولا يتمتع بحماية اي تيار سياسي.

يحيط زعيتر نفسه خلال تنقلاته ب14 حارسا مسلحا وهو اب لاربعة اولاد اكبرهم علي واصغرهم غيفارا. ويقول نزرع القنب لان لا خيار اخر عندنا. انه المنتوج الوحيد الذي باستطاعتنا تصريفه.

ويضيف لم تؤمن الدولة زراعات بديلة مدعومة مثل البطاطا او القطن او التبغ لذا فنحن نزرع القنب الذي تستخرج منه حشيشة الكيف.

تصل ارباح زعيتر عندما يكون المحصول جيدا الى مليون ونصف مليون دولار تقريبا. وهو يساعد اهل قريته البالغ عددهم نحو 200 نسمة ويقيمون في منازل لا تتوافر في بعضها المياه او الكهرباء.

ويقول اعتني بهم. اؤمن لهم الخبز والمياه بما ان الدولة عاجزة عن القيام بذلك. ويضيف صحيح انني شخص مطلوب للعدالة واصفا من يلاحقونه ب مجموعة لصوص. ويقول انا اشرف منهم جميعهم .

محمد شماس مزارع من الكنيسة يصف زعيتر بانه شخص كريم ويؤكد ان موقف السلطة منه غير منصف. ويقول يتهمونه بكل امر سيء يقع في المنطقة ولكن لولاه لما تمكن البعض من البقاء احياء.

وازدهرت هذه التجارة خلال الحرب الاهلية (1975-1990) حين كانت سوريا تسيطر على لبنان مع مداخيل تصل الى ملايين الدولارات. وبعد عام 1990 تراجعت هذه الزراعة في اطار الضغوط الدولية التي بذلت للقضاء عليها الممنوعات ثم استعادت بعض نشاطها في العامين الماضيين بسبب حالة عدم الاستقرار الامني والسياسي.

ويعزو المقدم عادل مشموشي رئيس مكتب مكافحة المخدرات ذلك الى الوضع السياسي المهترئ ويقول في السنتين الماضيتين ازداد الانتاج بشكل ملحوظ بسبب الاوضاع .

ويقدر مشموشي مساحة الاراضي التي زرعت هذا العام بالقنب والخشخاش بحوالى 3500 هكتار مربع (حوالى 35 كلم مربع)..

يتراوح سعر الكيلوغرام من حشيشة الكيف بين 300 و400 دولار فيما يتراوح سعر كيلوغرام الهيرويين بين 9 و10 الاف دولار. ويصدر الانتاج الى الخارج او يصرف في السوق المحلية.

ويقول مشموشي لا يمكننا القيام بشيء. قانون العشائر هو السائد في منطقة البقاع والاوضاع السياسية غير مستقرة. لا يمكننا تعريض عناصرنا لخطر .

ويتطلب سرد التهم في حق زعيتر صفحات طوية ومنها تجارة المخدرات وتهريبها سرقة السيارات الارهاب تجارة السلاح ترويج عملات مزورة خطف وحجز حرية... كذلك هو مطلوب من الانتربول.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/تشرين الأول/2008 - 18/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م