ضعف الإقتصاد الأمريكي والنتائج السلبية على المؤسسات الخيرية

شبكة النبأ: جاءت عواقب عاصفة تراجع الاقتصاد الامريكي حتى على الجمعيات الخيرية التي تساهم في انقاذ المجتمع، فالمتبرِّع حوّلَ رصيده المتبرَّع به الى نفسه في حال وجد نفسه بسبب تدنّي الدخل وارتفاع الاسعار اكثر حاجة من المتبرع له، وبهذا تراجعت عمليات الإحسان، فألحقت ضرراً بالغاً في القطاعات التي تأوي الأيتام والأرامل والعجزة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ساعد مأوى (نيوهاوس) في كانساس سيتي الاف النساء ممن تعرضن لانتهاكات وأطفالهن على مدار الاعوام السبعة والثلاثين الماضية. لكن في الشهر الماضي اضطرت النساء الى الانتقال منه وبدأ فريق العاملين البحث عن وظائف جديدة.

السبب بسيط. ففي حين ظلت الحاجة موجودة لم يكن المال موجودا. فالمساهمات الخيرية المتضائلة في ظل تباطؤ الاقتصاد الامريكي على نطاق واسع تعني نقصاً في الموارد وخيارات صعبة للمؤسسات الخيرية في أنحاء البلاد. بحسب موقع تقرير واشنطن.

وتقول ليزلي كابلان رئيسة مأوى نيوهاوس: الناس متمسكون بأموالهم بشدة. وقدرت انخفاض المساهمات الخيرية بنحو 200 الف دولار هذا العام مقارنة بالعام الماضي. وقد سبب هذا صعوبات كبيرة لميزانية المركز التي تبلغ 1.3 مليون دولار.

وأضافت كابلان قائلة عن المتبرعين للمأوى: اذا كنت تدفع أربعة دولارات مقابل جالون للبنزين وأربعة دولارات مقابل جالون للحليب وتسمع أن من المحتمل أن يتم تسريحك من عملك يصيبك الذعر. هذا هو ما نراه.

ومع لجوء الامريكيين الذين يصارعون بطالة متزايدة ومصادرة منازلهم للمؤسسات الخيرية من أجل الحصول على المساعدة تمر تلك المؤسسات نفسها بصعوبات مالية بسبب تناقص التبرعات. وهي مجبرة على زيادة جهود التواصل التي تبذلها وتنظيم عدد اكبر من مناسبات جمع التبرعات والبحث عن متبرعين جدد لتدبير احتياجاتها.

وقالت جوديث ماكنتاير المديرة التنفيذية للاتحاد المسيحي الصناعي في شيكاجو الذي يوفر التدريب المهني والمأوى لنحو 800 مشرد سنويا: نصلي كثيرا في عالم (المؤسسات) التي لا تهدف للربح.

ومضت تقول: الناس الذين كانوا يمنحوننا مبالغ صغيرة 10 او 15 دولارا بدأ هذا يختفي. الناس الذين يملكون أموالا كثيرة ما زالوا قادرين على العطاء لكنهم أكثر انتقائية في منحهم... الوضع يزداد سوءا.

ومنح الامريكيون المؤسسات الخيرية 306 مليارات دولار العام الماضي ويزيد هذا المبلغ عما تم التبرع به عام 2006 بنسبة 3.9 في المئة حسبما ذكر مركز الاحسان بجامعة انديانا. لكن مؤشر التبرع الخيري الخاص بالمركز والذي يقيس احتمالات التبرعات الخيرية انخفض الى 83 على مقياس من مئة منخفضا عن 88 في ديسمبر كانون الاول 2007 وهو أدنى مستوى له منذ عام 2003.

ولاحظ القس سيسيل وليامز أن التبرعات لكنيسة جلايد ميموريال يونايتد ميثوديست في سان فرانسيسكو بدأت في الانخفاض في وقت سابق هذا العام مما أجبره على تقليل عدد الوجبات ورعاية الاطفال والرعاية الصحية المقدمة للفقراء بما يصل الى 15 في المئة. في الوقت نفسه فان الحصول على المساعدات بات اكثر صعوبة.

وقال وليامز: لم يستجب لنا (المانحون) كما يفعلون عادة. كان علينا الاتصال بهم وبعض الناس الذين نعتمد عليهم يقولون انهم لا يستطيعون العمل معنا بعد الان.

وتشير ميليسا تيم المتحدثة باسم جماعة ذا سالفيشن ارمي التي تخدم عشرات الملايين من الامريكيين المعوزين بميزانية قدرها 3.3 مليار دولار الى أن الجماعة شهدت تراجعا في التبرعات في الاشهر الستة او الثمانية الاخيرة وتابعت قائلة: ما سيحدث في عيد الميلاد سينبئنا بالكثير.

ويأتي نحو ثلثي التبرعات الفردية للمؤسسات الخيرية الامريكية من أسر ثرية وهي تلك التي لا يقل دخلها السنوي عن 200 الف دولار او تملك أصولا قيمتها مليون دولار. وفي حين هذه الفئة من الناس أقل تأثرا بضعف الاقتصاد بوجه عام فان هذا الاثر ألحق أضرارا بالمؤسسات الخيرية.

وجعل الحجز على مئات الالاف من المنازل والوظائف المفقودة الى جانب ارتفاع أسعار السلع التي تستخدم في الحياة اليومية من الاقتصاد قضية أساسية في عام يشهد انتخابات رئاسية حيث تعهد المرشح الجمهوري جون مكين ومنافسه الديمقراطي باراك اوباما باصلاح الاقتصاد.

واستضافت ميليسا بيريز من لا هابرا كاليفورنيا طالبا برازيليا العام الماضي تحت رعاية مركز التبادل الثقافي وهو مركز لا يهدف للربح مقره شيكاجو وينظم قيام أسر بتسكين واطعام طلاب أجانب.

وتقول بيريز التي لا تستطيع تحمل تكلفة استضافة طالب مجددا هذا العام لان عمل أسرتها في مجال الصناعة يعاني من مشاكل: كل شيء صعب. تضررنا بشدة. وتعني هذه التجارب أن مركز التبادل الثقافي لم يستطع العثور على عدد كاف من المتطوعين. وليس الافراد هم الذين قلصوا من هباتهم فحسب.

ففي عام 2004 تبرعت شركات امريكية بما قيمته في المتوسط 1.5 في المئة من أرباحها قبل اقتطاع الضرائب لاعمال خيرية لكن مارك شاملي من رابطة محترفي مساهمات الشركات قال ان هذه النسبة تراجعت منذ ذلك الحين لتصل الى 0.7 في المئة.

ومن بين الجماعات الخيرية التي تشعر بالاثر من تراجع اسهامات المانحين من الشركات جماعة بريدجز فور اي جاست كوميونيتي ومقرها سينسناتي وتخدم فقراء المدينة. وتوقعت جمع مبلغ 470 الف دولار من حفل العشاء السنوي الذي أقيم في يونيو حزيران معظمها من المتبرعين من الشركات لكنها لم تجمع الا 350 الف دولار.

ويقول عنايت مالك عضو مجلس ادارة الجماعة: الاعمال ليست جيدة كما كانت وهم يشعرون بالضغط الذي يؤدي الى تراجع في التبرع.

وأعلن بانك اوف امريكا أنه يعتزم التبرع بمليار دولار على مدار العقد القادم محتفظا بمعدله الحالي بغض النظر عن الارباح لكنه يحدد متلقيها بعناية.

وتشير كيري سوليفان من الذراع الخيري لبانك اوف امريكا الى أنه: حين يكون الاقتصاد اكثر هشاشة يجب أن نكون اكثر دقة بشأن احساننا.

وذكرت شبكة يونايتد واي وهي شبكة من 1300 مؤسسة خيرية أن كبار مانحيها لم يتراجعوا عن تعهداتهم لكنها تركز في طلب التبرعات على الصناعات الاقل تضررا.

في الوقت نفسه فان من المتوقع أن المؤسسات الملزمة بالتبرع بخمسة في المئة من قيمة أصولها كل عام سوف تقتصد في الانفاق. وأظهرت دراسة مسحية أجراها مركز فاونديشن الذي يدرس التبرعات الخيرية أن من المتوقع أن تقدم واحدة من كل أربع مؤسسات تبرعات أقل او أصغر حجما بسبب التراجع في عائدات الاستثمار.

وتقول ميليسا بيرمان رئيسة مؤسسة روكفلر فيلانثروبي ادفايزورز الاستشارية التي تساعد الجماعات التي لا تهدف للربح ان الاشهر القليلة القادمة ستكون مقياسا لاثار الاقتصاد على العطاء.

وأضافت، كم ما يمنحه الناس يتوقف على مدى شعورهم بالأمان. أعتقد أننا سنشهد أثراً على التبرّع الشخصي في فصلَي الخريف والشتاء هذا العام وهما اكثر وقتين تعتمد فيهما المنظمات الخيرية على السخاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/تشرين الأول/2008 - 14/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م