إستغاثة دولية والأزمة المالية تفاقِم حالة الفقر العالمي

 

شبكة النبأ: وصل العالم في السنوات القليلة الأخيرة الى ما يعبر ويصطلح عليه العلماء والخبراء بحالة الفقر الجماعي التي تهدد تحت ظلها المخيف عشرات الدول الفقيرة، والمليارات من البشر، خاصة في ظل أزمة مالية تعصف بالدول الكبرى، وأزمة رهون وعقارات ومضاربات تقلق الدول الصناعية، لتضيع تحت العجلة العالمية الكبرى مأساة الفقراء.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تعرض الجهود العالمية المبذولة في احتواء شبح الفقر الذي يهيمن على الخارطة الدولية، وتجديد التفاعل مع قضايا الفقراء والإيفاء بالوعود للمساعدات والمساعي المبذولة في احتواء الأزمة:

مليارات الأشخاص في العالم تهددهم الأزمة المالية 

وحذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من ان الازمة المالية تهدد مليارات الاشخاص عبر العالم وخصوصا الاكثر فقرا. وقال بان كي مون لدى افتتاح قمة مكافحة الفقر في مقر الامم المتحدة في نيويورك ان: الأزمة المالية الحالية تهدد معيشة مليارات الاشخاص وخصوصا الاكثر فقرا.

واضاف امام عدد من قادة العالم وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني: انها تزيد في تفاقم الاضرار الناجمة عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية والطاقة.

وتابع، علينا فورا ان نكون في مستوى التحديات. علينا ان نعطي دفعا جديدا للشراكة العالمية من اجل التنمية. بحسب فرانس برس.

وتلاه رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون فقال: مئة سنة فترة طويلة جدا لانتظار عالم عادل.

وتتناول القمة المنعقدة على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة البحث في وسائل مكافحة الفقر في منتصف الطريق قبل موعد 2015 المحدد لبلوغ اهداف الالفية للتنمية. وتهدف الى تقويم التقدم الذي تحقق وتحديد الهفوات واتخاذ خطوات ملموسة لتصحيحها.

وتشتمل القمة على جلسة عامة في مقر الامم المتحدة وحوالى 40 فعالية نظمت في انحاء مدينة نيويورك تتعلق بمواضيع متعلقة باهداف الالفية كمكافحة الملاريا والتربية وحصول الجميع على مياه الشرب والمنشآت الصحية والامن الغذائي ومساواة الجنسين.

ويشارك في القمة اضافة الى براون نظيره الصيني وين جياباو والرئيس البرازيلي لويس ايناسيو "لولا" دا سيلفا والرواندي بول كاغامي ومديرة منظمة الصحة العالمية مارغريت تشان ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك ومؤسس مايكروسوفت بيل غيتس ورئيس نيوز كوربوريشن وحركة "لا ملاريا بعد الان" بيتر تشرنين ومغني فرقة يو تو الناشط في مكافحة الفقر بونو.

وينتظر ان يقر المجتمعون خطة عالمية طموحة لمكافحة الملاريا. وتشمل الخطة على تخصيص عدة مليارات من الدولارات لانقاذ حياة اكثر من اربعة ملايين شخص مع حلول العام 2015.

كما ستعلن مؤسسة بيل وليندا غيتس مبادرة لتطوير لقاح ضد المرض الذي اصاب مليارات البشر ويقضي سنويا على مليون شخص.

الهاوية الأخيرة تنتظر الدول الفقيرة

وحذر روبرت زوليك رئيس البنك الدولي من الضرر الاقتصادي الذي قد يلحق بالدول النامية من جراء الازمة المالية خاصة وأن تلك الدول تعاني بشدة بالفعل من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.

وفي كلمة امام منتدى للاعمال على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة قال زوليك ان كثيرا من الدول النامية تواجه بالفعل ضغطا على موازين المدفوعات نظرا لان الاسعار المرتفعة تؤدي الى تضخم فواتير الواردات. بحسب رويترز.

واضاف: السؤال الان هو ما اذا كانت الاضطرابات المالية الناجمة عن الازمة المالية قد تزج (بتلك الدول) في الهاوية. وتابع بقوله، انني قلق ازاء الاثار المترتبة على هذه الازمة والتي قد تعرض الدول النامية لظروف أشد صعوبة.

وقد أدت الازمة المالية العالمية الى تهاوي الاسواق المالية وتفاقم المخاوف ازاء تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي.

وقال زوليك ان الدول النامية قد تتضرر اذا تراجع الطلب على منتجاتها التصديرية وانخفضت الاستثمارات وتضررت تجارتها.

وفي وقت سابق قدر دومينيك ستراوس كان المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي أن التكلفة الاجمالية للازمة المالية العالمية زادت الى 1.3 تريليون دولار من التقديرات السابقة التي كانت تدور حول تريليون دولار.

ويتوقع الصندوق تباطؤ النمو العالمي في عام 2008 الى نحو ثلاثة بالمئة من خمسة بالمئة في العام الماضي. لكنه يتوقع انتعاش النمو في 2009 الى اربعة بالمئة.

دعوة الزعماء الى إجراءات قوية لمكافحة الفقر

ودعا زعماء دوليون إلى اتخاذ إجراءات أكثر قوة لخفض معدلات الفقر في العالم لكن فرنسا قالت إن الدول الغنية المانحة تواجه الآن أزمة كبيرة في الأسواق المالية.

وحث الامين العام للامم المتحدة بان جي مون الدول على التحلي بالجرأة والسخاء متحدثا في قمة خاصة للدول الاعضاء في الامم المتحدة وعددها 192 ركزت على ما اذا كان العالم سيفي بالهدف الذي حدده لخفض الفقر في العالم الى النصف بحلول عام 2015.

وقال بان انه عندما تتوفر الارادة السياسية والاموال الكافية فان الحرب ضد الفقر والجوع والمرض وانعدام المساواة ستتوج بالنصر. بحسب رويترز.

واضاف قائلا: الازمة المالية الحالية تهدد الحياة الكريمة لمليارات الاشخاص خاصة أفقر الفقراء. هذا يفاقم الضرر الناتج عن الاسعار الاكثر ارتفاعا للاغذية والوقود.

لكن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر قال ان من غير الانصاف التحدث عن الاهداف المتعلقة بالحد من الفقر في الوقت الذي تكافح الدول ازمة ائتمانية.

ومع نمو اقتصادي منخفض جدا او راكد في الدول المتقدمة قال كوشنر ان العالم يحتاج الى وسائل جديدة للتمويل من اجل التنمية.

غير ان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ناشد الدول الغنية ألا تستخدم الازمة المالية الحالية كذريعة للتخلي عن اهداف الحرب ضد الفقر في العالم. وقال: سيكون هذا هو اسوأ وقت للعودة الى الخلف.

وبينما حدث تقدم في بعض الدول فان الامم المتحدة تقول انه لا توجد دولة افريقية واحدة على الطريق للوصول الى كل الاهداف المحددة في اهداف الالفية للتنمية.

وقال بان في وقت سابق ان الحرب ضد الفقر يمكن الانتصار فيها اذا قدمت الدول الغنية حوالي 72 مليار دولار سنويا وحث الدول الغنية على الوفاء بتعهداتها السابقة الخاصة بالمساعدات.

وأبدى رئيس البنك الدولي روبرت زوليك انزعاجه من ان الازمة المالية قد تنتشر بسرعة وتصل الى الدول النامية التي تعاني بالفعل اسعارا مرتفعة للاغذية والوقود.

وقال انه في حين تراجعت بعض اسعار السلع الغذائية الاساسية عن مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في 2007 الا ان سعر الارز ما زال مرتفعا ثلاث مرات عما كان عليه في 2004 كما تضاعف سعر القمح الى المثلين.

واضاف قائلا في مؤتمر صحفي، بصفة عامة فان العالم النامي قدم بعض موارد النمو وسط الاضطراب لكنني الان اشعر بالقلق من ان تأثيرات هذه الازمة الحديثة ستبدأ اصابة بعضهم بشكل أقوى.

وعبر زعماء من الدول النامية عن قلقهم من ان الاهداف المتعلقة بمكافحة الفقر بعيدة المنال في الوقت الذي يواجهون ارتفاع اسعار الغذاء والوقود ودعوا الدول الصناعية الى اتخاذ اجراءات صارمة لضمان عدم انتشار الازمة.

وقال رئيس طاجيكستان امام علي رحمانوف في كلمة في الجمعية العامة للامم المتحدة: نعتقد ان على الدول الكبرى في العالم ان تتحرك بمسؤولية اكبر من اجل تخفيف العواقب الناجمة عن الازمات العالمية المتعلقة بالتمويل والغذاء والطاقة.

مطالبة الأفارقة للدول الغنية بوفائهم بمنح المساعدات

وطالب الزعماء الافارقة الدول الغنية بالوفاء بتعهداتها بشأن المساعدات لمعالجة الجوع والفقر حتى في ظل الازمة المالية التي تهدد بخفض ميزانيات المساعدات في أكبر الدول المانحة.

وقال الرئيس التنزاني ورئيس الاتحاد الافريقي جاكايا كيكويتي متحدثا في اجتماع الامم المتحدة عن احتياجات التنمية في افريقيا انه قلق من ان الازمة المالية قد تتصاعد لكن الدول الغنية تعهدت بمساعدات لافريقيا يتعين عليها الالتزام بها. بحسب رويترز.

وقال كيكويتي في مؤتمر صحفي: نريد من الدول المتقدمة ان تنفذ التزاماتها الاخلاقية فيما يتعلق بمساعدة الفقراء... نريد من الدول المتقدمة ان تنفذ بقية التزاماتها التي لم تف بها.

وقال ان الاموال مطلوبة بشدة في وقت تنمو فيه العديد من الاقتصادات الافريقية بمعدلات سريعة وتحتاج لبناء خطوط مواصلات وزيادة امدادات الكهرباء لتوصيل المنتجات الى الاسواق العالمية. وتابع، عندما تكون هناك ارادة دائما ما يكون هناك سبيل... قد لا تكون هناك حلول سهلة لكني اعتقد أن الولايات المتحدة ستتغلب على الازمة.

وحث بان جي مون الامين العام للامم المتحدة على عمل دولي منسق وحذر من ان افريقيا تتخلف عن تحقيق اهداف خفض معدلات الفقر بحلول عام 2015 في اطار اهداف الالفية للتنمية التي حددها زعماء العالم عام 2000.

وقال بان الذي اختار هدف مكافحة الفقر كموضوع رئيسي لاجتماعات الجمعية العامة التي تضم زعماء 192 دولة عضو في الامم المتحدة ان مساعدة افريقيا تحتاج الى 72 مليار دولار سنويا.

وانفقت الدول الصناعية ما يقدر بنحو 267 مليار دولار العام الماضي على الدعم الزراعي وحده. وتمثل خطة انقاذ قيمتها 700 مليار دولار اعلنتها الحكومة الامريكية لمواجهة الاضطرابات في السوق الامريكية عشرة امثال المساعدات التي طالب بها بان في خطابه.

ودفعت الازمة المالية سعر النفط العالمي للارتفاع بأكثر من 20 بالمئة وهو أكبر ارتفاع في يوم واحد على الاطلاق ليتجاوز سعره 120 دولارا للبرميل يوم الاثنين.

وقال دونالد كابيروكا رئيس البنك الافريقي للتنمية ان التباطؤ في النمو في الدول المتقدمة قد يؤثر على افريقيا خاصة اذا انخفض الطلب على سلعها بدرجة كبيرة.

وقال: هذه الازمة خطيرة لكني بصراحة امل الا تقود الى تراجع في جهود مساعدة الدول النامية لان ذلك سيبعث على الاحباط.

وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان افريقيا وصلت الى نقطة تحول لكن حكوماتها يجب ان تتحسب من التوسع في الاستدانه الامر الذي قد يتطلب المزيد من برامج شطب الديون من جانب الدول الغنية.

وقال ساركوزي، في المستقبل يتعين التحسب من الاستدانة الحكومية السريعة والمكلفة... حتى لا نمهد الطريق اليوم لازمة ديون جديدة في 2030.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/تشرين الأول/2008 - 13/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م