البطاقة الزرقاء للعامِلين المَهَرة.. عملية إفراغ الدول النامية من الخبرات والعقول

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يرى بعض الخبراء أن الازمة الصحية في الدول النامية يفاقمها الغرب حين تخفف الدول من القواعد الصارمة المنظِمة للهجرة، لاستقطاب أطباء وممرضات من دول أقل نموا لتعزيز أنظمتها الصحية المُنهَكة مع توفير الاموال التي تنفق على التدريب الباهظ التكلفة.

فقد حذرت وكالات اغاثة من أن خطة "البطاقة الزرقاء" التي وضعها الاتحاد الاوروبي لاستقطاب مهاجرين مَهَرة مثل العاملين في المستشفيات والتي حصلت على دعم مبدئي من الوزراء ستفاقِم من هجرة العقول التي تستنزف الموارد البشرية بالفعل.

وتتمثل هذه الحالة من خلال العديد من الامثلة في الدول النامية، فحين ازرقَّ لون رضيعها سارعت نيفيثا بيجو بنقله إلى غرفة الطوارئ بأحد مستشفيات الهند، ووقفت ترقبه بلا حول ولا قوة وهو يغيب عن الوعي، لأن الممرضات الموجودات في الخدمة لم تكن لديهن أي فكرة عما يجب فعله.

وفي نهاية المطاف أنقذ طبيب حياة الرضيع لكن الكثير من المرضى ليسوا بمثل حظ هذه الأم في الهند وفي دول نامية أخرى تعني فيها قلة الاطباء والممرضات المدربات غياب يد العون وقت الحاجة.

وقال ازكيل نوكورو المسؤول بمنظمة الصحة العالمية إن "الانظمة الصحية (بالدول النامية) على شفا الانهيار بسبب نقص العاملين المهرة."وأضاف "في بعض الدول تتزايد الوفيات بأمراض يمكن الوقاية منها كما أن متوسط عمر الفرد في انخفاض."

ويرى بعض الخبراء أن الازمة الصحية في الدول النامية يفاقمها الغرب حين تخفف الدول من القواعد الصارمة المنظمة للهجرة لاستقطاب أطباء وممرضات من دول أقل نموا لتعزيز أنظمتها الصحية المنهكة مع توفير الاموال التي تنفق على التدريب الباهظ التكلفة.

وعواقب "هجرة العقول" هذه خطيرة لانها تترك ثغرات في أنظمة الرعاية الصحية بالدول النامية حيث تنتشر أمراض مثل نقص المناعة المكتسب (الايدز) والسل والملاريا ويموت الاطفال يوميا من جراء اصابتهم بالاسهال.

وحذرت وكالات اغاثة من أن خطة البطاقة الزرقاء التي وضعها الاتحاد الاوروبي لاستقطاب مهاجرين مهرة مثل العاملين في المستشفيات والتي حصلت على دعم مبدئي من الوزراء هذا الشهر ستفاقم من هجرة العقول التي تستنزف الموارد البشرية بالفعل.

وافريقيا هي اكثر المناطق تضررا لانها تتحمل عبء ربع أمراض العالم ولا يوجد بها الا ثلاثة في المئة من العاملين في الرعاية الصحية على مستوى العالم. ونادى خبراء دوليون في الامراض في وقت سابق هذا العام باعتبار اغراء الدول المتقدمة العاملين الافارقة في هذا المجال للعمل لديها جريمة دولية.

في شتى أنحاء القارة يترك مرضى الايدز عادة دون رعاية لعدة أيام في عيادات بدائية بها ممرضة وحيدة تعمل اكثر من طاقتها ومعها بضعة مساعدين غير مدربين. أما الاطباء فيزورونها مرة كل بضعة أسابيع.

وقال الدكتور فيلو ليتولا المتخصص في الايدز والسل بدولة ليسوتو بجنوب القارة الافريقية حيث ربع السكان تقريبا مصابون بفيروس الايدز "هناك مستوصف تديره ممرضة تجاوزت السبعين من العمر تتذكر بالكاد ما فعلته مع مريض بالامس...لكنها ما زالت تدير المستوصف لأن ما من أحد يريد العمل هناك."

ويتجلى نقص المسعفين في افريقيا في المناطق التي ينتشر فيها الايدز حيث قلل هذا المرض من أعداد العاملين في قطاع الرعاية الصحية.

ويقول موزيس ماساكوي وهو طبيب يعمل مع منظمة اطباء بلا حدود في مالاوي "الممرضة التي تعتني بأربعمئة مريض تحصل على ثلاثة دولارات في اليوم في مالاوي وهو مبلغ لا يكفي لشراء كيس من الذرة. لهذا يتجه عمال الرعاية الصحية الى الخارج او ينتقلون الى شركات خاصة."

وطالب مسؤولون بمنظمة الصحة العالمية في تقرير صدر في يوليو تموز باستخدام المساعدات الدولية لافريقيا لزيادة رواتب الاطباء وتعزيز التوظيف والتدريب.

كما أشار التقرير الى أن جهود ربط المستشفيات الافريقية بالمعامل والخبراء في الخارج عن طريق شبكة الانترنت والهاتف قد تخفف من ضغوط التكلفة في الدول التي تفتقر الى عمال مهرة.

وفي الهند التي يوجد بها ثالث أعلى عدد لمرضى فيروس (اتش أي في) المسبب لمرض الايدز قد يصطف المرضى في طوابير لايام لاجراء تحاليل والحصول على الدواء في مستشفيات نيودلهي حيث لا يوجد عدد كاف من الاطباء والممرضات لتقديم الرعاية لهم جميعا.

وفي افغانستان لا يستطيع عدد من أكبر المستشفيات العامة تحمل تكلفة مطهر او قفازات مطاطية ولا يجني الاطباء والممرضات ما يكفي لاطعام أسرهم.

وقال طبيب في مستشفى عام في العاصمة كابول طلب عدم نشر اسمه "انا استاذ مساعد وأجني 100 دولار شهريا. هذا لا يكفي لشراء القمح لاسرتي."

وأضاف "رئيس هذا العنبر جاءني وقال لي ان الحياة صعبة وان عليه الذهاب الى مكان اخر مثل باكستان او ايران...الاطباء يمكثون هنا للتدريب فقط. لو لم يكن هناك تدريب لما بقوا ساعة واحدة."

وتستقطب المستشفيات في الخارج او المراكز الطبية الخاصة التي تقدم خدماتها للطبقة المتوسطة الاخذة في النمو في الهند الاطباء والممرضات. ويهجر البعض الطب ويختار العمل في وظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي ينمو بسرعة ويمتاز بارتفاع الاجور.

وتعاني الهند من نقص حاد في العاملين في قطاع الطب ويشمل هذا 600 الف طبيب و200 الف جراح اسنان ومليون ممرضة الى جانب فنيي الاشعة السينية وفنيي الاسنان ومتخصصي العلاج الطبيعي وفنيي المعامل. وهناك ممرضة واحدة لكل الف مريض في الهند مقابل نحو 11 ممرضة لكل الف مريض في اوروبا.

وهذا في دولة تفتخر بصناعة "السياحة الطبية" المزدهرة حيث تجتذب جراحات التجميل منخفضة التكلفة والعمليات الاخرى المرضى من أنحاء العالم. غير أن فقراء ومرضى الهند عادة لا يحصلون على مساعدة طبية على الاطلاق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/تشرين الأول/2008 - 9/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م