السودان: البشير يتحدّى المحكمة الدولية وأزمة الغذاء تعصف بالسودانيين  

شبكة النبأ: مازالت الكوارث تحيق بالشعب السوداني رغم توافد وتعاقب المنظمات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان ومراقبة التجاوزات، ومن هذا كثير، بيد ان التواجد الدولي اللارسمي هذا لايضمن للشعب السوداني حياته، فإلى الآن مازال التواجد الرسمي شبه غائب هناك، خصوصا بعد الزوبعة لتي أطلقتها المحكمة الدولية في إصدار مذكرة اعتقال ضد البشير وبعض قادته، وترك المسألة معلقة دون تنفيذ.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على اهم المستجدات في شأن القضايا السودانية مع عرض لجواب مهمة عن الحياة الكارثية التي يعيشها الشعب السوداني:

الوضع القاتم لحقوق الإنسان في السودان 

قالت محققة تابعة للامم المتحدة إن وضع حقوق الانسان في السودان قاتم بسبب مقتل المدنيين بايدي قوات الحكومة والمتمردين والاعتقالات القسرية والتعذيب لاسباب سياسية.

وقالت سيما سمر في تقرير قدمته الى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة إن انتهاكات القانون الانساني ترتكب ليس فقط في منطقة دارفور المضطربة غرب السودان ولكن أيضا في مناطق أخرى من البلاد ومن بينها الجنوب. بحسب رويترز.

وكتبت سمر في تقريرها: على الرغم من بعض الخطوات التي اتخذتها حكومة السودان خاصة في مجال اصلاح القوانين الا أن وضع حقوق الانسان على الارض لا يزال قاتما حيث أفاد كثير ممن حاورناهم بحدوث تدهور كامل.

وقالت سمر التي كانت تشغل منصب نائب رئيس الوزراء في أفغانستان إن قوات الحكومة السودانية هاجمت مدنيين برا وجوا في دارفور وإن وقائع أخرى جسيمة شهدها القتال بين جماعات التمرد في دارفور.

ووقعت انتهاكات فادحة لحقوق الانسان أيضا عندما هاجمت احدى جماعات التمرد في دارفور مدينة أم درمان في مايو أيار ونشب قتال في الشهر نفسه بين القوات المسلحة الوطنية السودانية وقوات حكومة جنوب السودان.

وانضمت الحركة الشعبية لتحرير السودان الى حكومة ائتلافية وطنية مع حزب المؤتمر الوطني الذي يسيطر على شمال السودان بموجب اتفاق سلام عام 2005 لانهاء حرب أهلية طويلة لكن العلاقات بين الجانبين لا تزال متأزمة.

وقال تقرير سمر الذي سيناقش في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والمكون من 47 عضوا إنه من الضروري اجراء تحقيقات غير منحازة وشفافة وشاملة في كل مزاعم انتهاكات الحقوق.

وذكرت سمر أن هناك مزاعم واسعة النطاق بحدوث اعتقال واحتجاز قسري وتعذيب وحبس انفرادي وانتهاكات خطيرة للحق في الحصول على محاكمة عادلة منذ بداية العام الحالي.

وقالت سمر إن أحد مخاوفها الرئيسية من الوضع في السودان الذي تولت منصب المحقق الخاص فيه التابع للامم المتحدة منذ عام 2005 هو الافلات من العقوبة أو عدم معاقبة الاشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الخاصة بحقوق الانسان.

البشير يتحدى المحكمة الدولية في زيارته إلى تركيا

قال الرئيس السوداني عمر حسن البشير ان محاولة المحكمة الجنائية الدولية محاكمته بتهمة الابادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب انما عززت موقفه وانه لا يخشى تسليمه. بحسب رويترز.

وكان المدعي العام للمحكمة طلب الشهر الماضي اصدار أمر اعتقال للبشير بتهم الابادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الانسانية في دارفور.

لكن البشير في أول مقابلة له مع وكالة أنباء عالمية منذ ذلك الحين أبلغ رويترز أن الخطوة تعزز قبضته وأن بلاده ستقاوم قرار المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو.

وقال البشير في اسطنبول ان: قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يقوي بالفعل جبهتنا الداخلية.. الجبهة الداخلية لشعبنا السوداني.. وهذا هو مصدر قوتنا وسوف نحارب تحركاتهم.

وبدا البشير الذي نادرا ما يجري مقابلات هادئا في اليوم الاخير من زيارة مدتها ثلاثة أيام الى تركيا هي الاولى له الى الخارج منذ اعلان المدعي العام. وأثارت الزيارة مزيدا من الشكوك بشأن استعداد الدول الاخرى لاحتجاز البشير حتى في حالة صدور مذكرة اعتقال بحقه.

وتريد الدول الافريقية والعربية تعليق تحركات المحكمة خشية أن تزيد صعوبة احلال السلام في دارفور حيث يقول المدعي العام ان أجهزة الدولة التابعة للبشير قتلت 35 ألف شخص بالاضافة الى ما لا يقل عن 100 ألف اخرين بشكل غير مباشر.

وأبدت الصين الحليف الوثيق للسودان البلد المنتج للنفط قلقا هي الاخرى من محاولة تقديم البشير للمحاكمة.

والبشير أول رئيس دولة لايزال في السلطة تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية. ولم تصدق تركيا عضو حلف شمال الاطلسي على معاهدة تشكيل المحكمة لكنها تتعرض لضغوط لاقرارها كبلد يطمح الى عضوية الاتحاد الاوروبي.

وقال البشير انه سيواصل السفر الى الخارج ولا يخشى السير على خطى زعماء ألقي القبض عليهم ووجهت لهم اتهامات من قبل محاكم دولية أخرى مثل رادوفان كارادزيتش زعيم صرب البوسنة المتهم ببارتكاب جرائم حرب والرئيس الليبيري السابق تشارلز تيلور.

وقال البشير باسما: اننا واثقون جدا من جبهتنا الداخلية ولا نبالي بالسوابق التي أحدثها تقديم هؤلاء الى المحكمة. وأضاف، لسنا قلقين بشأن السفر. نحن لدينا علاقات طيبة مع عدد من البلدان التي ليس لها علاقات مع المحكمة الجنائية الدولية.

ويقدر خبراء دوليون أن الحرب في منطقة دارفور بغرب السودان أودت بحياة نحو 200 ألف شخص وشردت 2.5 مليون من ديارهم منذ رفع متمردون معظمهم من غير العرب السلاح في وجه الحكومة عام 2003.

واستبعد البشير فكرة اتخاذ أي اجراء لتسليم مسؤولين سودانيين اخرين تتهمهم المحكمة بارتكاب جرائم حرب أو التنحي اذا واجه أمر اعتقال.

وقال: لسنا بصدد اتخاذ أي قرارات فيما يتعلق بتحركات المحكمة الجنائية الدولية. لا نهتم بقرار المحكمة. انه في النهاية قرار الشعب السوداني في الانتخابات القادمة.

وكانت المحكمة اصدرت العام الماضي لائحة اتهام بارتكاب جرائم حرب ضد وزير الدولة للشؤون الانسانية أحمد هارون وقائد ميليشيا هو علي كشيب لكن السودان قال انهما لن يسلما للمحكامة.

ويعتزم السودان اجراء انتخابات عام 2009 بعد اتفاق السلام التاريخي عام 2005 الذي أنهى الحرب الاهلية بين الحكومة ومتمردي الجنوب وان كانت الامم المتحدة تبدي شكوكا بشأن اجراء الانتخابات في موعدها.

أهالي قرية سودانية يرفضون مشروع سد مروى على نهر النيل

قال ممثل عن قرويين إن الالاف من أهالي قرى سودانية رفضوا مغادرة منازلهم التي من المفترض أن تغرقها مياه سد قيمته مليارا دولار يهدف الى مضاعفة انتاج الكهرباء في البلاد.

ونزح عشرات الالاف من القرويين بسبب مشروع سد مروى الواقع على نهر النيل وتبنيه الصين. وتشتد الحاجة لهذا السد لتلبية الاحتياجات المتزايدة في الاقتصاد السوداني.

ولكن أهالي القرى في منطقة المناصير التي تبعد 350 كيلومترا شمالي العاصمة الخرطوم قالوا إن المنازل الجديدة التي خصصتها الحكومة لهم تبعد كثيرا عن النهر ولن يتحصلوا على المياه اللازمة لهم للحفاظ على زراعتهم. بحسب رويترز.

وقال رشيد طه عضو لجنة تمثل المتأثرين في المناصير وقد حضر للخرطوم لعرض قضيتهم: هذه منطقتنا ولا نريد تركها.

وأضاف أن الاهالي يؤيدون مشروع السد ووقعوا على اتفاق مع الحكومة قبل 18 شهرا لبناء منازل جديدة ولكن تلك المنازل التي عرضت عليهم ليست ما كانوا يريدونه. وتابع أن 70 في المئة من الاسر البالغ عددها 18 ألفا في تلك المنطقة تأثرت بالمشروع.

والسد الذي مولت الحكومة 40 في المئة منه والباقي من صناديق عربية وقروض من الصين مصمم كي تبلغ قدرته 1250 ميجاوات. ويهدف الى تخفيف فترة انقطاع الكهرباء في الخرطوم والسماح بوصول الكهرباء الى مناطق جديدة.

واشتكى الاهالي من أن التعويض عن الانتقال لم يكن كافيا في بلاد يشعر فيها الناس على الاطراف بالاهمال من جانب الحكومة المركزية. وفي بعض الاحيان حمل الاهالي السلاح.

ووقعت في الماضي اشتباكات بين القرويين والسلطات بسبب مروى ولكن معظم الناس انتقلوا الان وقبلوا التعويض الذي عرضته الحكومة.

واتهم طه السلطات باغلاق بوابات السد وقال ان 25 من نحو 200 قرية في المناصير دمرت جراء مياه الفيضانات نتيجة لذلك. وأضاف هناك الاف العائلات التي تعيش في خيام لا مكان لديها تذهب اليه.

وتخضع زيارة المنطقة بصورة مشددة لوحدة تنفيذ السدود التي لها قناة اتصال مباشرة مع الرئاسة السودانية.

تقرير الأمم المتحدة عن أزمة الغذاء وموت الأطفال جوعاً

قالت منظمات تابعة للأمم المتحدة ان 69 طفلا على الأقل لاقوا حتفهم بسبب سوء التغذية والمرض بعد ان جرفت الفيضانات المحاصيل في قرى منعزلة في جنوب شرق السودان خلال الأسابيع الأخيرة.

وأضافت المنظمات ان الطرق المسدودة ونقص وسائل النقل الجوي يحولان دون وصول حصص الطواريء الى بعض الأماكن في المنطقة. بحسب رويترز.

ويخشى موظفو الإغاثة على مصير القرويين في منطقة الكرمك بولاية النيل الأزرق حيث عاد الالاف من اللاجئين السابقين الى منازلهم في الشهور القلائل الأخيرة بعد سنوات قضوها في المنفى عبر الحدود في اثيوبيا. وقالت المنظمات ان بعض القرى النائية لا يستطيع موظفو الاغاثة الوصول اليها وانها مهددة بشكل اكبر.

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان القرويين في المنظقة استنفدوا أغذية طواريء تكفي لستة اشهر اعطيت لهم عندما وصلوا الى بلليلا وقرى مجاورة في أوائل العام الحالي.

وقالت متحدثة باسم المفوضية: توجد أزمة أغذية الآن. وكان المحصول سيئا وارتفعت اسعار الاغذية في السوق ارتفاعا شديدا. وجرف الفيضان البذور التي كانت في الحقول.

وقال برنامج الأغذية العالمي ان لديه أغذية طواريء تكفي لشهر واحد لهذه المنطقة لكن الفيضان أغلق الطرق ولم يحصل البرنامج على وسيلة للنقل الجوي لتوصيل المعونات.

وكان القرويون الذين فروا هربا من أكثر من عقدين من الحرب بين الشمال والجنوب في السودان يعودون ببطء الى المنطقة بعد اتفاق السلام لعام 2005 لكن لم تشهد المنطقة أي تنمية تذكر في السنوات الثلاث التي مضت.

وقال تقرير لبعثة الأمم المتحدة في السودان اطلعت عليه رويترز ان منظمة الصحة العالمية أرسلت فريقا الى بلليلا في الشهر الحالي لانشاء عيادة صحية وتقييم الموقف.

وقال تقرير الأمم المتحدة: النتائج مثيرة للقلق. واستنفد العائدون حصصهم من الأغذية التي كانت تكفي لستة أشهر منذ بضعة شهور وليس لديهم أغذية كافية منذ ذلك الوقت.

وقال التقرير ان 48 طفلا لاقوا حتفهم في قرية جندي و21 آخرين في بورفا في شهري اغسطس اب وسبتمبر ايلول واعمارهم تتراوح بين عام واحد وستة أعوام. وتوفوا بسبب سوء التغذية والإصابة بالاسهال والملاريا.

كما قال التقرير ان نصف سكان القرى وعددهم 1200 تقريبا يحتاجون الى علاج طبي وهو وضع من المرجح ان يكون مماثلا لما في المناطق الأخرى النائية من الكرمك.

وتعرض السودان الذي يمر حاليا بمنتصف موسم الامطار السنوي لسلسلة من الفيضانات والسيول في الأسابيع الأخيرة لكن مفوضية اللاجئين قالت ان الاحتياجات ماسة بشكل خاص في ولاية النيل الازرق بسبب بعد القرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/تشرين الأول/2008 - 7/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م