شبكة النبأ: بعد أن أثارت قوات
الصحوة حفيظة بعض الأطراف السياسية العراقية التي تُشكل على شرعية
هذه القوات وطريقة زجها بين صفوف الجيش لاقت هذه القوات مؤخرا بعد
صدور قرار دمجها في الأجهزة الأمنية قبولاً بين تلك الأطراف لأنها
أصبحت أمراً واقعاً ففرضت وجودها في الساحة العراقية.
ويقدر عدد هذه القوات بمائة الف عنصر والذين يقاتلون تنظيم
القاعدة في العراق، وقد تقرر اعتبارا من الاربعاء المقبل انتقالهم
الى سلطة الحكومة العراقية، بعدما ساعدوا الجيش الاميركي في تحسين
الوضع الامني في البلاد، لكن هذا الانتقال يثير مخاوف عديدة.
وتشمل المرحلة الاولى من انتقال مجالس الصحوة ومعظم عناصرها
متمردون سنّة سابقون شكلوا دعما للجيش الاميركي 54 الف عنصر
ينتشرون في محافظة بغداد.
وستبدأ الحكومة العراقية بدفع رواتب هؤلاء العناصر اعتبارا من
10 تشرين الثاني/نوفمبر بدلاً من الجيش الاميركي الذي انفق حتى
الان 15 مليون دولار شهريا لتسديد تلك الرواتب.
ولاحقا سينتقل عناصر مجالس الصحوة الموزعون في المناطق السنية
الاخرى تدريجا الى سلطة الحكومة العراقية.
وتمكنت مجالس الصحوة من الحاق خسائر كبيرة بتنظيم القاعدة بعدما
شكل اولها في ايلول/سبتمبر 2006 زعماء القبائل السنية في محافظة
الانبار (غرب) ثم انتشرت تدريجا في المناطق الاخرى ذات الغالبية
السنية. بحسب ا ف ب.
وساهم عناصر الصحوة في شكل ملحوظ في التصدي للتنظيم المتطرف ما
ادى الى تراجع العنف في المناطق المذكورة التي شكلت منذ العام 2003
معاقل للمتمردين المناهضين للقوات الاميركية.
ومن بين مئة الف عنصر من مجالس الصحوة ينتشر 54 الفا في بغداد
و29 الفا في المحافظات الشمالية منها صلاح الدين وديالى وكركوك
ونينوى وفق الجيش الاميركي.
وفي المجموع التزمت الحكومة العراقية ضم عشرين في المئة من
عناصر مجالس الصحوة الى قواتها الامنية على ان ينخرط الباقون في
وظائف مدنية في القطاعين العام والخاص.
لكن الشكوك حول ما ستؤول اليه الفئة الثانية يثير مخاوف. وتساءل
ابو صفاء احد قادة الصحوة في حي الاعظمية السني في شمال بغداد
والذي شكل في الماضي معقلا للمتمردين "ماذا سيكون مصير الثمانين في
المئة الباقين؟.
وقال ينبغي حمايتهم لانهم اهداف للقاعدة. نحن نرحب بان نكون مع
الحكومة لكن هذا الامر لا يبدد مخاوف كثيرة.
والواقع ان الحكومة التي يترأسها نوري المالكي لا تزال حذرة
حيال مجالس الصحوة خصوصا ان عناصرها متمردون سنة سابقون قاتلوا في
الماضي الميليشيات الشيعية والقوات العراقية.
واعتبر النائب الكردي محمود عثمان ان "الحكومة الشيعية تنظر الى
عناصر الصحوة كاعداء سياسيين ومقاتلين سنة كانوا في صفوف القاعدة
او مجموعات متمردة اخرى وعليه ينبغي معاقبتهم.
من جهتهم يؤكد المسؤولون الاميركيون انهم سيبذلون ما في وسعهم
لحسن اتمام هذه العملية الانتقالية بدعم منهم.
وفي هذا السياق قال الجنرال جيفري هاموند قائد القوات الاميركية
في بغداد "لقد دفعوا ثمنا باهظا عبر محاربتهم القاعدة الى جانبنا
وسنكون هنا لمواكبتهم".
واذ دعا الحكومة العراقية الى الاحتذاء بالاميركيين اكد ان
العالم باسره يراقب ما ستقوم به (هذه الحكومة) مع عناصر الصحوة
خصوصا في بغداد اولا.
وشدد هاموند على ان العناصر الذين لن يجدوا وظائف قد يعودون
غاضبين الى الشارع" و"قد تجندهم القاعدة مجددا.
بدوره رأى جوست هيلترمان الخبير في شؤون الشرق الاوسط في مجموعة
انترناشونال كرايزس غروب" ان المشكلة لا تكمن في عملية الانتقال
بمقدار ما تتمثل في دمج هؤلاء الرجال في المجتمع المدني.
وقال انها مشكلة قدرات في جانب منها لكنها خصوصا مشكلة ارادة لا
يمكن معالجتها الا بتوافر الثقة. لانه اذا وقعت مواجهة متبادلة (بين
الحكومة وعناصر الصحوة) فان عملية الدمج داخل القوى الامنية او في
وظائف اخرى لن تؤتي نتائج ايجابية".
واضاف في حال كهذه من المرجح جدا ان يعاود عناصر الصحوة
الانضمام الى المتمردين" في محاولة لاستعادة النفوذ السني على
الساحة العراقية.
تصفية قوات الصحوة
من جهة أخرى قالت صحيفة واشنطن بوست Washington Post، ان نقل
مسؤولية جماعات الصحوة في بغداد الى الحكومة العراقية يعد نقطة
تحول للقوات الامريكية ولحلفائها المقاتلين السنة"، مشيرة الى
تزايد القلق في صفوف الاخيرين من تصفيات تنفذها الحكومة بحقهم.
وقالت الصحيفة ، ان امرا واحدا يهيمن على تفكير قادة جماعات
الصحوة، وهي ان في الاسبوع الحالي ستتسلم الحكومة العراقية،
المسؤولية على هذه الجماعات، التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن ابراهيم سليمان الزبيدي، احد قادة جماعات
الصحوة، قوله "انهم سيقتلوننا واحدا تلو الاخر، في اشارة الى
الحكومة العراقية.
ففي مناطق بغداد، كما تذكر الصحيفة، يتحدث قادة الصحوة حاليا عن
هذا التحول بعبارات الخوف، وقد غادر بعضهم بغداد، قائلين انهم
يخشون ان الحكومة الحكومة العراقية ستنفذ ضدهم حملة اعتقالات
جماعية بعد تسلمها المسؤولية، واخرون استخرجوا جوازات سفر ويقولون
انهم سيهربون الى سوريا، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن الملازم اول جوستن جون، وهو قائد فصيل في
الجيش الامريكي، قوله انه يحاول طمأنتهم "فهذا شيء جديد بالنسبة
اليهم وسيتطلب وقتا ليعتادوا عليه.
وتشير الصحيفة الى ان مسؤولي الجيش الامريكي يدركون ان الحكومة
:كانت تشعر بالقلق من انشاء جماعات مسلحة غالبيتها من السنة تحت
سيطرة القوات الامريكية، لذا فهي بصدد اتخاذ خطوات عدة لمنع تفكك
تلك الجماعات بنحو مفاجئ". وينظر مسؤولون امريكيون الى (ابناء
العراق)، وفقا للصحيفة، بوصفهم "عاملا مركزيا في خفض مستويات العنف،
الى جانب الزيادة المؤقتة في القوات الامريكية". فضلا عن وقف اطلاق
النار الذي فرضه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اضافة الى "كبح
عمليات الاغتيالات التي ينفذها متمردون".
وتقول الصحيفة ان وحدة الملازم جون، التابعة للكتيبة الثانية من
فرقة المشاة الرابعة، قد خصصت اموالا تدفعها الى افراد (ابناء
العراق) لمدة 90 يوما في حال عدم دفع الحكومة العراقية مرتباتهم.
ويقول جنود في الجيش الامريكي، كما تروي الصحيفة، انهم "سيكونون
مستعدين لذلك فيما يرتب المسؤولون العراقيون دفع الرواتب خلال
الشهور القليلة الاولى من نقل المسؤولية".
وتضيف الصحيفة قائلة ان الامريكيين "كانوا قد طالبوا الحكومة
العراقية بالامتناع عن القاء القبض على أي احد من المقاتلين السنة،
وغالبيتهم متمردون سابقون، ما لم تصدر السلطات اوامر القاء قبض في
غضون الشهور الستة الماضية، وهذا ما يجعل من الصعب جدا بالنسبة
للحكومة الشيعية القاء القبض على قادة ابناء العراق لافعال
ارتكبوها قبل انضمامهم الى صف القوات الامريكية".
ففي الاسابيع القليلة الماضية، كما تواصل الصحيفة، "بدأ مسؤولون
في الجيش الامريكي بتقليص اعداد (ابناء العراق) من خلال تقديم منح
لهم بصفة مبلغ تقاعد مبكر، وفي الشهر الحالي وحده منحت وحدة
الملازم الاول جون اكثر من 30 منحة تقدر بما يزيد عن 60.000
دولار".
ويقول الكابتن بارسانا ديوكي للصحيفة ان "القضية الكبيرة التي
تعنينا هي ما سيحدث اذا تخلت الحكومة عن الكرة وتوقفت عن دفع رواتب
هؤلاء الرجال،" واضاف "سيكون لديك في هذه الحال اكثر من 400 فرد من
ابناء العراق من دون عمل، من دون راتب، وهذا ما سيكون مشكلة. فهم
مدربون عسكريا ولديهم اسلحة، وسيكونون عاطلين وبايديهم اسلحة، وهم
شباب ولديهم سلسلة قيادة.
واشارت الصحيفة الى ان حي الدورة الذي يقع جنوبي بغداد "يشكل
السنة فيه نسبة 75%، كان احد اكثر المناطق تمزقا وخطرا في العاصمة
منذ وقت مبكر من العام 2007. وكانت اكوام القمامة على جوانب
الشوارع فيها تجعل من الصعب تقريبا كشف قنابل الطريق. والمناطق
التجارية وغالبية الشوارع مغلقة، واحجم الناس عن الذهاب الى
اعمالهم، خشية التعرض لاختطاف، او لانفجار، او لقتل طائفي.
وذكرت الصحيفة ان مجموعات ابناء العراق، التي يطلق عليها ايضا
مجالس الصحوة، ابتدأت في محافظة الانبار في غرب العراق في العام
2006 عندما انضم رجال العشائر الى صف القوات الامريكية لمقاتلة
تنظيم القاعدة في العراق الذي فرض نسخة اسلام متشدد على اهل
المنطقة.
وبعد اليأس من ايجاد حلول للحد من تفشي العنف الذي زعزع بغداد
ومحافظات اخرى في اوائل العام 2007، سعى الجيش الامريكي الى تعميم
نموذج الانبار على مناطق العراق. وتشكلت جماعات صحوة احيانا في
ليلة وضحاها، بخاصة في مناطق تتفشى فيها شبكات متمردين واسلحة
وسلسلة قيادة، بحسب الواشنطن بوست.
وتذكر الصحيفة ان محمد عبد الحسين الكرطاني، وهو قائد مجموعة (ابناء
العراق) في الدورة، كان يدير خلية تابعة لـ(كتائب ثورة العشرين)،
وهي جماعة متمردين تعارض الوجود الامريكي في العراق، وكانت في
تناحر مع خلية القاعدة في الدورة.
وقال السيرجنت براين بايلي ان لكرطاني قرر ان المعركة غير مجدية
ضدنا، وبدلا من الاختباء في الظل، قررت الجماعة الخروج.
وقالت الصحيفة ان الكرطاني هذا، كحال غالبية القادة، يرتدون
ملابس مدنية، والحراس الذي تحت امرته يرتدون زيا جلديا ويحملون
رشاشات AK-47، وغالبية (ابناء العراق) يعملون في الاحياء التي
يسكنونها، ويتقاضون مرتبات تتراوح من 300 الى 500 دولار شهريا.
ويقول اللفتنانت كولونيل براين مولنز، وهو ضابط عمليات اللواء،
"في البداية كان (ابناء العراق) مجرد رجال في زوايا الشوارع،
فاخذنا ندمجهم في البرنامج الامني، فهم يعرفون الاشرار ويعرفون
السكان."
وتعلق الصحيفة بالقول انه "فيما كان العنف ينحسر في العام
الجاري وابتدأ العراقيون يطالبون بسيطرة اكبر على القضايا الامنية،
بدأ المسؤولون الامريكيون ينظرون في سبل تقليص اعداد (ابناء
العراق)".
وفي صيف هذا العام، كما تتابع الصحيفة، تعامل مسؤولون عسكريون
بالوكالة الامريكية للتنمية العالمية U.S. Agency for
International Development، التي تشرف على برامج المساعدات
الانسانية عبر البحار، وسألوها عما اذا كانت ترغب بالاضطلاع
بمسؤولية هذا البرنامج. الا ان النقاشات لم تستمر، طبقا لمسؤول
عسكري امريكي على صلة بهم.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه لانه يناقش قضايا
سرية، ان "الوكالة تمنح التمويل على وفق قيود، ومصطلح (ابناء
العراق) هو اسم مستعار لميليشيا."
ويقول مسؤولون عسكريون امريكيون ان "جعل الجيش العراقي ووحدات
الشرطة يعملون مع جماعات (ابناء العراق) كان في البداية امرا محالا
وما زال الى الان صعبا." وتعهدت الحكومة العراقية، كما تذكر
الصحيفة، بضم 20% على الاقل الى صفوف الجيش والشرطة، ووافقت على
دفع رواتب المتبقين لحين توفير اعمال لهم.
وتقول الصحيفة ان المقدم زيد عايد عبيد الربيعي، احد ابرز قادة
الشرطة الوطنية في الدورة، تحدث بحرارة عن (ابناء العراق) في
منطقته، قائلا انهم عراقيين، ونحن نفهم بعضنا البعض، ومنذ البداية
كان التعاون بيننا مثمرا للغاية، وما زال كذلك.
الا ان قادة (ابناء العراق)، يقولون ان علاقتهم بقادة الشرطة قد
انبنت تحت ضغط كبير من جانب الامريكيين وما زالت محكومة بعدم ثقة
متبادلة". ويقول زايد صبحي، احد قادة (ابناء العراق)" للواشتطن
بوست "انا اشعر بالاسف لقول ذلك، لكن لا ثقة بيننا.
اما الملازم اول غريغ غارهات، "الذي يشرف على اكثر من 400 عنصر
من (ابناء العراق) في منطقة الدورة، فقال ان افراد المجموعات الذين
يعملون تحت امرته فقدوا الامل، فلا احد منهم قبل في الشرطة الوطنية".
ويضيف "انهم يرون (ابناء العراق) كتنظيم ميت، وقد عانيت مؤخرا من
استقالات قليلة، ولا اعرف ان كانوا فقدوا قناعاتهم او انهم خائفين
من الشرطة الوطنية،" في اشارة الى المجموعة التي يشرف عليها.
وبحسب الجيش الامريكي، كما تقول الصحيفة، فان "ما يزيد عن 54
الفا من (ابناء العراق) في منطقة بغداد، تم تجنيد حوالي 3400 منهم
في قوات الامن العراقية، وعلى الرغم من الشكوك، الا ان الغالبية
العظمى منهم سجلت للحصول على مرتبات من الحكومة العراقية".
وتذكر الصحيفة ان الجنود الامريكيين "يرون في (ابناء العراق)
مصدرا فريدا للمعلومات الاستخبارية، الا ان ما يجعلهم حلفاء مهمين
ـ أي ارتباطاتهم بجماعات التمرد ـ هو ايضا ما يجعل احتمال تفككهم
امرا مقلقا.
وتروي الصحيفة ان "الملازم الاول جون زار الكرطاني ليحصل على
معلومات عن صواريخ كاتيوشا اخطأت هدفها في اصابة القاعدة المتقدمة
في الدورة". وسأل جون الكرطاني "كيف يحدث ان ينطلق صاروخ بهذا
الحجم من المحلة من دون ان يراه (ابناء العراق)؟" وبعد اخذ ورد بين
الكرطاني ومساعديه، "ابلغ المترجم جون بهدوء ان احد ابناء عم
مساعدي الكرطاني ربما يكون هو المتورط في ذلك، فقال جون ابلغه اني
اريد التحدث الى جميع مساعديه، اخبرهم اني ساتي لزيارتهم. وقل ذلك
وانت تغمزهم."
وفي اليوم اللاحق، كما تروي الصحيفة، "رصد احد (ابناء العراق)
رجلين يقومان باشارات على الطريق الرئيسي، فالقت الشرطة القبض على
الرجلين ووجدت منصة مزدوجة صاروخا مربوط بصاعق، واستنتج الجيش
الامريكي لاحقا ان ذلك كان يستهدف الرماة في الاليات الامريكية".
حركة مقاومة سنية جديدة
من جهة أخرى كت روبرت دريفوس موضوعا يتحدث فيه عن بروز حركة
مقاومة سنية جديدة يقول في المقال في لقاء حصري مع مجلة «ذانيش»،
يقول قائد «حركة الصحوة» السنية في بغداد ان من المرجح جدا ان تؤدي
الهجمات التي تشنها قوات الحكومة العراقية والميليشيات المتحالفة
معها ضد زعماء وعناصر الصحوة الى بروز حركة مقاومة سنية جديدة
تستهدف بدورها الجنود الامريكيين والعراقيين وقوات الشرطة. وعرض
هذا القائد الذي يُدعى أبو عزام سيناريو لانفجار جديد في العراق
ينسف الاعتقاد الامريكي السائد بأن زيادة عدد القوات الامريكية في
العراق بين عامي 2007 و2008 هو الذي حقق الاستقرار في هذا البلد
الذي مزقته الحرب.
وقال روبرت دريفوس اكد أبو عزام ان ظهور حركة الصحوة عام 2006
هو الذي ادى لسحق القاعدة في العراق ونشر الامن والنظام في محافظة
الانبار وبغداد على الرغم من نجاح عملية زيادة عدد القوات
الامريكية في اخماد بعض اعنف الاشتباكات الطائفية. غير ان حكومة
نوري المالكي، التي يسيطر عليها الشيعة، تنظر الى حركة الصحوة التي
تتألف من 100 الف مقاتل من السُنة في محافظات الانبار، صلاح الدين
وديالي وفي الضوايح الغربية لبغداد نظرة يشوبها شك عميق لأن هذه
الحركة التي تتولى الحكومة العراقية المسؤولية عنها الآن بدءا من
اكتوبر تتألف من الكثيرين من البعثيين وضباط الجيش السابقين من عهد
نظام صدام حسين ومن تشكيلة من القوميين العلمانيين. كما تتضمن هذه
الحركة، التي يشير الامريكيون اليها باسم «ابناء العراق»، آلاف عدة
من رجال المقاومة العراقية التي نشطت بين عامي 2003 و2007.
وأشار كاتب المقال الى ثمة احتمال خطير لأن يتبدد الهدوء النسبي
القائم في العراق منذ سنة اذا ما دخلت حكومة المالكي وميليشيا لواء
بدر التابع للمجلس الاسلامي الاعلى في العراق والمؤيد لإيران في
صراع مسلح مع قوات الصحوة للسيطرة على بغداد.
لذا، تحاول الولايات المتحدة دفع المالكي الآن لمساندة حركة
الصحوة من خلال تقديم راتب شهري لكل فرد منها يتراوح بين 300 و500
دولار. كما تعهد الضباط الامريكيون في نفس الوقت بضمان استمرار
تمويل هذه القوات السنية، ومنع النظام من شن هجمات عليها أو القيام
بأعمال انتقامية ضدها.
وأضاف الكاتب لكن على الرغم من هذا، ثمة شعور بالقلق واسع
الانتشار لدى السكان السنة بأنهم سيجدون انفسهم وحيدين بالنهاية
لأن واشنطن لن تتخلى عن حكومة بغداد الطائفية والموالية لإيران.
وفي هذه الحالة ربما يتحول الكثيرون من السنة للبحث عن مصدر آخر
غير متوقع كي يقف بجانبهم. هذا المصدر كما يقول مسؤول عراقي سابق
رفيع المستوى هو روسيا، فالروس نشطون جدا الآن اذ هم يتحدثون اليوم
مع عراقيين كثيرين منهم زعماء من المقاومة واعضاء من حركة الصحوة
في دمشق. وما يشجع روسيا على هذا النشاط هو تطلع الكثيرين من
البعثيين وضباط الجيش العراقي السابقين في دمشق وعمان وداخل العراق
نحو روسيا للحصول على المساندة لا سيما ان موسكو تبدو عازمة على
اعادة تأكيد نفسها في الشرق الاوسط.
وفي هذا السياق يقول هذا المسؤول: يعتزم الروس القيام بدور قوي
مع السُنة، ولقد سمعت هذا من اعضاء الصحوة في دمشق وعمان ذكروا
انهم سوف يتجهون للروس اذا ما تخلى الامريكيون عنهم.
يقول أبو عزام، الذي ساعد في تشكيل حركة الصحوة في منطقة بغداد،
ان المئات من مقاتليه تعرضوا للاغتيال على ايدي لواء بدر خلال
الاشهر الماضية. وتلاحظ صحيفة «نيويورك تايمز» ان حكومة المالكي
امرت بإعتقال 650 قياديا من الصحوة في منطقة بغداد اضافة لمئات
آخرين في محافظة ديالي. ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول رفيع عن
لواء بدر يُدعى جلال الدين الصغير قوله: لا تستطيع الدولة قبول
الصحوة، لقد باتت ايامها معدودة.
ويُذكر ان حكومة المالكي كانت قد تعهدت بدمج ما نسبته %20 من
قوات الصحوة في الجيش والشرطة، لكن معظم السنة يرون في هذا التعهد
شيئا لا معنى له يستهدف ارضاء الامريكيين فقط.
حول هذا، يقول احد قادة الصحوة: يقول المالكي للامريكيين ما
يحبون سماعه، وانا اقول لهم دوما ان ما يقوله المالكي لهم ليس سوى
خدعة لكنهم لا يدركون هذا على ما يبدو، انهم ساذجون وهم يعرفون في
نفس الوقت ان المالكي يعمل على نحو وثيق مع الايرانيين، لذا اتساءل
دائما: لماذا يصدقونه ويستمعون له؟
من ناحية اخرى، يقول أبو عزام ان ابقاء ما نسبته 80 بالمائة من
قوات الصحوة خارج قوات الجيش والشرطة يعني انهم سوف يفقدون عملهم
وسوف يشعرون بالتالي بالغضب. كما ان خطة الحكومة لاستخدام %20 من
عناصر قوات الصحوة في مناطق غير مناطقهم هي خطة فاشلة لأن هؤلاء
يعرفون طبيعة احياءهم ويعرفون الكثير حول الموالين للقاعدة
وللمتطرفين السنة. كما ان استبدالهم بوحدات من الجيش العراقي مؤلفة
في معظمها من قوات شيعية هو امر اشبه بالكارثة وربما يؤدي لحرب
اهلية جديدة.
وريجع كاتب المقال الأمور الى قول خبراء الشؤون العراقية في
وشنطن و اعتقادهم بأن الروس لن يؤيدوا على الارجح قيام قوة مقاومة
جديدة في العراق على الرغم من انهم لا يستبعدون مثل هذا الاحتمال
بالكامل. فقد اعلن صلاح مختار، الذي كان مساعدا لطارق عزيز وزير
خارجية العراق سابقا، ان خطوة روسيا الوقائية في جورجيا تنطوي على
مغزى كبير من الناحية الاستراتيجية من حيث توقيتها واهدافها
وتكتيكها، ودعا روسيا للاهتمام بشكل مباشر بالعراق، وقال: يمثل
العراق نقطة ضعف للولايات المتحدة، لذا يمكن دفن المشروع
الاستعماري الامريكي الذي يسيطر على كوكبنا في العراق. ومضى مختار
قائلا: فقط من خلال مساندة المقاومة العراقية الوطنية وتعزيز
قدراتنا العسكرية نستطيع تسريع نهاية الاستعمار الامريكي في العالم.
والامر الاساسي لهزيمة الولايات المتحدة وعزلها هو قيام روسيا بدعم
المقاومة العراقية بشكل مباشر أو غير مباشر، ان العنصر الاساسي
لتحرير العالم من السيطرة الامريكية يكمن في دخول روسيا معركة
العراق.
وأضاف روبرت دريفوس قائلا على الرغم من هذا التحجج الذي ينطوي
على الكثير من المبالغة، من غير المستبعد فعلا ان تفكر روسيا في
مواجهة الولايات المتحدة بالشرق الاوسط بشكل مباشر اكثر، غير ان
مثل هذا الاحتمال يعتمد على حدوث تدهور كبير في العلاقات الروسية -
الامريكية حول جورجيا، ايران وغيرهما من مسائل الخلاف الاخرى.
وثمة احتمال آخر ايضا لأن يكون عملاء الاستخبارات الروسية
يعملون بهدوء مع العراقيين.
لذا، على الرغم من الهدوء الخادع السائد الآن في العراق ما يزال
هذا البلد معرضا لانفجار كبير، ليس فقط لأن الحرب بين السُنة
والشيعة يمكن ان تشتعل من جديد بل لأن هناك مشكلات اخرى خطيرة يمكن
ان تتطور في الشمال وتتعلق بتطلعات الاكراد لتوسيع سيطرتهم على
الارض ورغبتهم في السيطرة ايضا على محافظتي كركوك والتأميم
الغنيتين بالنفط وهو امر يرفضه سُنة وشيعة العراق على حد سواء.
وثمة احتمال ايضا لأن تعود قوات رجل الدين مقتدى الصدر لتأكيد
نفسها من جديد وبدعم ايراني اذا ما استسلم المالكي للمطالب
الامريكية بشأن اتفاقية بقاء القوات الامريكية في العراق وتخلى هذا
البلد عن الكثير من سيادته لقوات الاحتلال.
دمج (الصحوات) وتقرير أيجابي عن
البنتاغون
من جهته قال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، ان
التقرير الفصلي لوزارة الدفاع الأمريكية يحوي نقاطا ايجابية فيما
يتعلق بالتحسن الكبير في الوضع الأمني بالعراق، مثنيا في الوقت
نفسه على دور عناصر الصحوات في اسناد القوات الامنية.
واوضح الدباغ في بيان ، ان التقرير الفصلي لوزارة الدفاع
الأمريكية عن الوضع الأمني في العراق يحوي نقاطاً إيجابية عن تحسنٍ
كبير في الوضع الأمني خلال العام الحالي، رغم إنخفاض عدد القوات
الأمريكية.
واشار الدباغ الى ان هذا التحسن الذي اورده التقرير "يعكس
إستعداداً وقدراتٍ أكبر للقوات الأمنية العراقية والتي تسهم وبصورة
مضطردة باستلام وقيادة الجهد الأمني في العراق ومواجهة المجموعات
الإرهابية والخارجين عن القانون". الذين وصفهم الدباغ بانهم "لا
يزالون يشكلون التهديد الأكبر للوضع الأمني على الرغم من تفكيك
أغلب هذه المجموعات واندحارها أمام جهود رجال الصحوات الأبطال
الذين أسهموا بصورةٍ واضحة في إسناد الجهد الأمني في المناطق التي
كانت تشكل بؤر تواجد هذه المجموعات الإرهابية.بحسب أصوات العراق
وتابع الدباغ قائلا ان الحكومة العراقية تثمن وتقدر هذه الجهود
وتعبر عن إلتزامها بدمج هذه العناصر في الحياة العامة ليسهموا في
بناء العراق.
وشدد الدباغ على ان ما وصفه بالدعم "اللامحدود من المواطنين
للقوات الوطنية العراقية وللحكومة الشرعية المنتخبة، سيعضد الجهود
المتواصلة لمحاصرة والقضاء على مصادر التهديد الأمني وإيجاد حلول
لبعض المسائل التي تنتظر حلولاً سياسية من خلال الجهد السياسي
المتضامن مع الفصائل السياسية".
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قالت في تقرير فصلي
نشر في وقت سابق ان العنف في العراق تراجع بنسبة 77% في العراق
بالمقارنة مع عام 2007.
لكن التقرير اشار الى ان هذا التحسن في الوضع الامني مازال هشا
ويمكن ان يتراجع في ظل وجود عدد من المسائل التي لم تحل ويمكن ان
تؤثر على هذا التقدم، من بينها الانتخابات المقبلة لمجالس
المحافظات وتشكيلة قوات الامن ووضع محافظة كركوك والدعم الايراني
للمجموعات الخاصة.
.................................................................................................................................
- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام
يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال
www.annabaa.org///arch_docu@yahoo.com |