العرّافين وأصحاب الكرامات

بين عَزل الدين لهُم وتقبُّل بعض أفراد المجتمع لأفعالهم

تحقيق: عبد الأمير رويّح

 

شبكة النبأ: كنت أنصت أليها بإمعان مذ بدأت حديثها وهي تكلمني عن صديقتها التي تزوجت بفضل بركات ذلك العرّاف المسن! نعم قصة قد تقترب من الخيال أو أنها مستوحاة من بعض الروايات العالمية لكنها بالنسبة لها حقيقة ملموسة لا يمكن أن يناقشها فيها أحد. فهي من عاشت تفاصيل هذه الحادثة ولمست نتائجها مع أنها كانت قبل خوضها هذه التفاصيل لا تؤمن بمثل هكذا حديث.

ما الذي غيرها إلى حد الإيمان المطلق بكلام أهل البركة كما تسميهم؟. فتعال معنا عزيزي القارئ نتعرف على ماجرى من أحداث كما ترويها لنا المواطنة (أ.ع) حيث تقول: كانت لي صديقة فاتها قطار الزواج فقصدتني كي أذهب معها إلى أحد العرّافين الذي ذاع صيته وانتشرت أفضال بركاته بين الناس!! لعلها تجد عندهُ ماتـُريد. لقد كانت يائسة محتارةٌ بمشاكلها العائلية مستغربة من تأخر قسمتها وعزوف الرجال عن خطبتها مع أنها لا ينقصها شيئ فالمال والجمال والتحصيل العلمي كلها متوفرة. وتكمل محدثتنا قائلة: ذهبتُ معها وأنا من لايعتقد بهذه الخزعبلات والتفاهات ودخلنا في بيت العرّاف، كان بيتاً عادياً ليس فيه مايدل على أن صاحبه يمتهن مهنة الدجل أو الخداع! فلا وجود لما كنت أتصوره في مخيلتي حيث كنت أعتقد أني سأجد الجماجم والآيات أو أني سأجد رجلاَ ملتحياَ يدمدم بما لانعرفه.. كنت أتصور أني سأجد ما نشاهده في الأفلام والمسلسلات. نعم كنت خائفة ومتوترة وكذلك صديقتي.

عند دخولنا المنزل أجلستنا سيدة مسنّة في غرفة وبعد قليل دخل علينا شيخ كبير تجاوز عمره السبعين رجل وقور عليه سيما الخشوع والوقار كان يحمل بيده مسبحة سوداء ولا يفارق لسانه ذكر الصلوات وقراءة الآيات والأدعية.. سلّم علينا وجلس في مكانه المخصص. وبدأ قائلا أنتي يا بنتي وكان يحدثني أنا. أعرفي أن ما أقوم به ليس سحراَ أودجل لذا أتمنى أن تغيري ما في بالك!! وهنا دهشت وتلعثمت في الحديث ولم أجد ما أقول! كيف عرف مافي داخلي مع أني لم أبح به إلى أي أحد حتى رفيقتي التي معي. ثم ساد الصمت المكان لثوان معدودة بدأ بعدها عرّافنا الحديث لصديقتي حيث أخبرها أنها تعاني من وجود أعمال سحر قديمة أثرت وتؤثر عليها وهي من أسباب تأخر زواجها..

ولكنهُ طمئنها بأنهُ شيئ بسيط سيقوم بأزالتة وستُعرف نتائجهُ خلال عدة أيام! وطلب منا إحضار بعض الأشياء الخاصة مثل (البخور وماء الورد وقفل حديدي صغير غير مستخدم)..!

وعُدنا في اليوم التالي وأحضرنا ماطلب فبدأ العمل بقراءة الآيات وإشعال البخور وبعد أن أنتهى أخبرها أن تفتح القفل وتعيد أقفاله على ثوبها من الداخل ويجب أن يبقى في مكانه لمدة أسبوع! ويجب أن يفتح من قبل مؤذن أحد المزارات قبل صلاة الظهر من يوم الجمعة!

وتكمل (أع) الحديث، نفذت صديقتي ماطلب منها حتى جاء الطلب الصعب والأخير كيف سنقوم بفتح القفل؟ ولكن شاء الله ما أراد وفتح القفل بحسب ما أمر العرّاف وما هي إلا عدة أيام وبالتحديد أقل من عشرة أيام حتى جاء من يخطب صديقتي ويتزوجا بعد اقل من شهر!!! وهذه القصة التي عاشتها محدثتنا الأولى وأصبحت ممن يعتقدون بالعرّاف وقدراته الخارقة.

بعد هذه القصة التي نتمنى أنها لم تجهد قارئنا والذي سيسافر مع (شبكة النبأ المعلوماتية) في تحقيقها الخاص عما يحمله العرّافين وما يُدعَون بأصحاب الكرامات كما يحلوا للبعض ان يسميهم، أولئك الدجالين والسحرة والمشعوذين عند البعض الاخر.. قصص وحكايات في تحقيقنا هذا يرويها من عاشوا تجربة حقيقية مع هؤلاء الناس فمنهم من آمن ومنهم من كفر بأعمال العرّافين. بالرغم من ان الإسلام الحنيف قد حذّر من ممارسة اعمال السحر والشعوذة والتنجيم وغيرها

فعن تجربته مع العرّاف وكاشِف المَخفي حدثنا السيد (أبو دعاء) قائلا: مررت بتجربة خاصة أجبرتني أن أذهب إلى العراف بعد أن عجزت عن مراجعة الأطباء الذين لم يجدو لحالتي علاج! لذا لجئت لمراجعة شخص روحاني من أهل الله!! وبعد أن ذكرت له مآبي أبتسم وقال لا تخف حالتك بسيطة انشاء الله. أنه نوع من أنواع الجن تلبّسَ بك. وباشر العلاج الذي أستمر أكثر من ساعتين كنت خلالها مستلقياً وأشعر بخدر في جسمي أما هو فقد كان يردد أذكار خاصة وأسماء غريبة مثل ( أهيآ أشرا هيا نمو شلخ وغيرها من التمتمات) عرفت فيما بعد أنها أسماء ملوك الجن الذين أسعتان بهم بعد أن أعد لهم البخور الخاص، كان بين الحين والأخر يصرخ بقوة أخرجوه من جسم فلان بعد ذلك أحسست برعشة وزاد تعرّقي مع العلم أن الحرارة كانت اعتيادية في الغرفة. بعد ذلك أخبرني بنجاح الجلسة وما زلت أشعر ببعض التحسن..! فهل أستطيع أن أنكر ذلك وأنا من عاش هذه التجربة نعم أنها حقيقة أعترف بها ولينكرها من يشاء!!!

السيدة (أم رحيم) زائرة مسنّة تحدثت لـ شبكة النبأ قائلة: أني مؤمنة بوجود السحر والأعمال الشريرة وقد تعرض ولدي رحيم لعمل أفقده صوابه وجعله يتصرف بغرابة، فقد ترك دراسته وعمله وأصبح كالمجنون يصرخ ويكسر الأواني ولا يحترم أحد! هذه الحالة دعتني لمراجعة أحدى العرّافات والتي نسميها (الكشافة) وهي امرأة مبروكة تعرف الخفي الذي يجهله أمثالي! وقد كشفت لي أن أحدى قريباتي لجئت إلى عمل سحر لولدي من أجل أن يتزوج أبنتها لكن هذا العمل لم ينجح وأتى بحالة عكسية؟ وبعد ذلك أعطتني وصفة خاصة وهي عبارة عن مجموعة من الأدعية والأحراز وماء قالت أنه من بئر زمزم! هذا بالإضافة إلى سبع ورقات لا أعرف ما كتب عليها وأمرتني أن يغتسل بمائهن سبعة جَُمع متتالية وسيشفى أنشاء الله!! وقد فعلت ما طلبته مني وتشافا ولدي بفضل بركات تلك السيدة فلكل مرض طبيب ولكل داء دواء.

 أما (محمود) 30 سنة فيروي لنا قصة مرَّ بها رغم أنه لم يذهب إلى أي عرّاف أو قارئ فأل حيث قال لـ شبكة النبأ: انتابتني حالة غريبة بعد زواجي فقد كرهت الدار وجميع أهلي! وكنت أفضل البقاء خارج المنزل حتى لا أواجه المشاكل وقد عزلت فراشي مع أني متزوج حديثاَ! وكنت أسرح بأفكاري كثيراَ لا أحب الحديث مع أحد وأتصور أشياء كثيرة وغريبة! وفي صباح احد الأيام شعرت بشئ غريب افقدني قواي! تقيأت بعده فاضطررت إلى النوم من دون شعور! وعندما أيقضوني أخبرتهم بما جرى فتبسّمت أمي وحَمَدَت الله! وأخبَرتني بأني تعافيت، فقد ذهبت هي هذا الصباح إلى أحدى العرافات وأخبرتها بأني مسحور، وقد قامت بإخراج السحر وأتت به ألي وشاهدته فقد كان مجموعة من(المسامير والشعر والحصى وأشياء أخرى لاأعرفها كانت ذو رائحة نتنة)، أخبرتي أنه كان مدفون في المقبرة! وجلبَتهُ تلك السيدة وهي في مكانها دون أن تتحرك! فلها من يعمل ويخدمها!!! وبعد ذلك تحسنت حالتي ومع أنني لا أؤمن بهذا الشيء فما زلت محتاراً متسائلاًَ عن سبب شعوري الغريب في ذلك اليوم ولماذا تغيّر حالي بعد ذلك.. مازلت محتاراً!!!

كذب المنجِّمون ولو صدقوا..

الدين الإسلامي وضح مؤكداً على حرمة العمل بالسحر والشعوذة في عدة مواضع حيث قال تعالى" ولايفلح الساحر حيث أتى"، وهناك آيات واحاديث شريفة كثيرة تحذّر الناس من العمل بالسحر او مزاولته او طَرق أبوابه بحثا عن حلول لمشاكلهم.

فبالرغم مِن وجود مَن يؤمن بهذه الأعمال فأن هناك من يرفضها ويسخر من مصدقّيها متهماً إياهم بالجنون وعدم الأيمان وقد استطلعت (شبكة النبأ) آراء بعض الرافضين لمثل هكذا حالات حيث قال (أبو طارق) الذي لم يخلوا حديثه من العصبية، من الكفر أن نصدق مثل هكذا خرافات أكل عليها الدهر وشرب نحن اليوم في عهد العلم وتقدم لنرى العالم إلى أين وصل وماذا أنتج؟ أما نحن فما زلنا في عصر الكهانة واحترام أصحاب الفكر المنحط من اصحاب البدع والدجل والخزعبلات. وأنا من هنا أتحداهم أن يثبتوا عكس ما أقول؟ أن هؤلاء الزنادقة يخدعون الناس البسطاء ليستولوا على أموالهم وكل من يلجأ لهم متخلف ضعيف العقل هذه وجهة نظري الشخصية وأعتذر عن تلفظ بعض الكلمات التي قد يعتبرها البعض كلمات تجريح لكنها أقل مايجب أن يقال بحق هؤلاء المشعوذين.

(حسن) قال، أنا حاقد على هؤلاء الدجلة أصحاب الفأل والعرافين فهم زنادقة كاذبون لقد خدعوني فقد مررت بحالة نفسية صعبة لجئت خلالها لمراجعة العراف بعد أن أوهموني بأني مسحور أومتبوع كما يسمونه. أي أن هناك نوع من الجن سكن في داخلي، وصدقت ذلك وبقيت أحضر الجلسات وأقدم النذور وأشتري البخور الغالي وكل ما يطلبه العراف من دون فائدة لقد خسرت أموال كثيرة بلا فائدة وكم لمت نفسي لأني وثقت ببعض كلام هؤلاء الدجالين فكل ما يحصلون عليه سحت حرام وادعوا الجميع لعدم تصديقهم ونبذهم واحتقارهم..

نجاح صاحب، شاركنا الحديث قائلا: نعم هناك سحر وهناك جن وهناك سَحَرة منحطين تجردوا من القيم والأخلاق فعصوا الخالق وتبعوا الشيطان الرجيم. نعم هم موجودون هدفهم إيذاء الناس من أجل الحصول على مكاسب زائلة فساء ما يفعلون. أما عن العراف والعرافة وتوصلهم لمعرفة الغيبيات وكشف الأسرار فهذا البهتان بعينه فأن صح أدعاء هؤلاء الجهلة المتخلفون فماذا تركنا للعلماء والعباد المخلصون.؟

 إلى هنا نودع القارئ العزيز تاركين له الحكم والتحليل متأملين أن يشاركنا وجهة نضره بهذا الموضوع داعين للجميع بالحفظ والسلامة..

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/أيلول/2008 - 29/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م