الصناديق السياديّة: قوة دفع عملاقة لجذب الإستثمارات العالمية نحو الشرق

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: اكتسبت استثمارات متبادلة من جانب الشركات العالمية التي تقيم أعمال مع ما يدعى بالصناديق السياديّة قوة دفع كبيرة في الفترة الأخيرة في دول الخليج، إذ توفِر الاقتصادات المحلية المتصاعدة النمو مجالات استثمار أكثر جاذبية بينما يظل الغرب مكبلاً بأزمة الائتمان وبوادر الركود الاقتصادي. حيث تتميز هذه الصناديق بأنها من المصادر القليلة الباقية القادرة على ضخ أموال جديدة.

وقال بول هومسي الرئيس التنفيذي لشركة كرسنت لادارة الاصول التي تعمل مع صناديق سيادية في الشرق الاوسط "انهم يريدون من هذه المؤسسات ان تشترك في اعمال قائلين نحن سنستثمر لديكم لكن عليكم ان تأتوا الى هنا للمشاركة."

وفي واحدة من هذه الصفقات التي تمت في الفترة الاخيرة دخلت هيئة أبوظبي للاستثمار مداولة في مشروع مشترك يبلغ حجمه ثمانية مليارات دولار مع جنرال الكتريك سيركز في بادئ الامر على تقديم تمويل تجاري في الشرق الاوسط وافريقيا. بحسب رويترز.

وتعتزم الشركتان استثمار نحو 40 مليار دولار في مشروعات تجارة ومشروعات للبنية الاساسية في المنطقة على مدى 18 شهرا. وتعتزمان كذلك اقامة مركز لتكنولوجيا الطاقة غير الملوثة للبيئة في مدينة مصدر وهي مدينة جديدة في أبوظبي.

وتتعهد جنرال الكتريك بتقديم 50 مليون دولار لثاني صندوق للطاقة النظيفة في مصدر وتعتزم مبادلة أن تصبح عاشر أكبر مساهم في جنرال الكتريك بشراء أسهم من السوق.

وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي قالت مبادلة وأم.جي.ام ميراج انهما تخططان لمشروع مشترك لاقامة منتجع في أبوظبي بتكلفة ثلاثة مليارات دولار.

وقال متحدث باسم مبادلة ان الشركة لديها سياسة بعيدة المدى بالسعي لتحقيق عائدات تنافسية للصندوق والمساعدة في تنويع اقتصاد أبوظبي.

وقال المتحدث "ما يحدث بسبب النمو في اقتصاد الامارات واقتصاد أبوظبي بالتحديد هو ان الناس تريد دخول السوق." وأضاف "واهتمامهم بالسوق ونشاطهم ينعكس بالتأكيد على كيفية ابرام الصفقات لكن لا علاقة له بالظرف العام للاقتصاد العالمي."

وتسعى اقتصادات الخليج التي تعتمد تقليديا على انفاق الحكومات لايرادات النفط لتطوير القطاع الخاص لتحقيق توسع ذاتي لا يتعلق بالكامل بالنفط.

والقيام بشكل من اشكال الاستثمارات المتبادلة امر منطقي بالنسبة لشركات أجنبية مثل جنرال الكتريك التي كان الشرق الاوسط محور اهتمامها في السنوات القليلة الماضية.

وقال فيليب فيدر مدير التعاملات الخارجية في العقارات بشركة بول هاستينجز وهي شركة محاماة عالمية انها تتطلع للمنطقة كذلك.

وقال فيدر الذي كان مستشارا لدبي العالمية في مشروعات مشتركة كبرى في أم.جي.ام ميراج العام الماضي ان أبوظبي مثل دبي تتوسع في الدخول في مشروعات عقارية كبيرة.

وتضخمت صناديق الاستثمارات السيادية التي تقدر اصولها بنحو ثلاثة تريليونات دولار في السنوات القليلة الماضية بعد أن بدأت دول مصدرة مثل الصين ودول منتجة للنفط مثل دول الخليج وروسيا في وضع جزء من احتياطياتها في مؤسسات استثمارية.

الصناديق السيادية بالخليج في حالة فتور بعد انهيار ليمان

ودفعت التقلبات التي تشهدها الأسواق المالية الأمريكية هيئات الاستثمار السيادية الكبرى بدول الخليج العربية للامتناع عن محاولة انقاذ أي بنوك غربية متعثرة لكنها أشارت الى زيادة استثماراتها في الداخل لتعزيز بورصات اقليمية تضررت بسبب الاضطرابات المالية العالمية.

وقالت شركة مبادلة للاستثمار المملوكة لحكومة أبوظبي وهي من أكثر المستثمرين نشاطا بالمنطقة ان الوقت غير مناسب للاستثمار. كما صرح مسؤول مقرب من هيئة الاستثمار القطرية بأنها أيضا تتخذ موقف التريث.

وهذه بعض أوضح التصريحات حتى الان التي تشير الى أن هيئات الاستثمار التي تهيمن عليها دول ومن امثلتها هيئة الاستثمار القطرية أو مبادلة أو هيئة أبوظبي للاستثمار أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم لن تهرع لانقاذ بنوك متعثرة. بحسب رويترز.

وقال وليد المهيري الرئيس التنفيذي للعمليات لدى مبادلة لرويترز "لا تتطلع الى مبادلة مع أي من تلك المؤسسات المالية التي تواجه صعوبات. هناك قدر كبير من التقلب وليس هذا هو أفضل الاوقات للاستثمار." وأضاف "في الوقت الراهن سننتظر ونتريث مثلما سيفعل بعض الاخرين."

وقدم بنك ليمان براذرز يوم الاثنين طلبا لاشهار الافلاس ليصبح ثاني بنك استثمار كبير بالولايات المتحدة يسقط ضحية للازمة بعدما أيدت الحكومة الامريكية بيع بنك بير ستيرنز لبنك جي.بي مورجان في مارس اذار بثمن بخس.

وخسرت هيئات استثمار سيادية مليارات الدولارات ضختها في بنوك غربية في صورة زيادة طارئة في راس المال في مطلع العام الحالي وفي العام الماضي.

واستثمرت الهئية العامة للاستثمار الكويتية خمسة مليارات دولار في بنكي ميريل لينش وسيتي جروب الامريكيين لكنها تعرضت لانتقادات من جانب نواب البرلمان الكويتي بعدما انخفضت اسهم البنكين منذ ذلك الحين. ووافق ميريل لينش يوم الاثنين على استحواذ بنك اوف أمريكا عليه.

وامتنعت الهيئة الكويتية عن التعليق بشأن الازمة الحالية لكنها قالت انها ستزيد استثماراتها في الصناديق الاستثمارية باسواق الاسهم المحلية للمساهمة في رفع أسعار الاسهم الاخذة في التراجع.

وقالت (كونا) "أعلنت الهيئة العامة للاستثمار أنها قررت زيادة مساهمتها في الصناديق الاستثمارية في السوق المحلي ودراسة فرص استثمارية أخرى."

وفي نوفمبر تشرين الثاني أنجزت هيئة أبوظبي للاستثمار اتفاقا لشراء حصة تبلغ قيمتها 7.5 مليار دولار في سيتي جروب بينما اشترت هيئة الاستثمار القطرية في سبتمبر ايلول الماضي 20 بالمئة من بورصة لندن. وتملك الهيئة القطرية حوالي اثنين بالمئة في كريدي سويس.

الصناديق السيادية في الشرق الاوسط تتطلع لأسواقها المحلية

ستحبط الشركات الغربية المتعطشة للرؤوس الاموال والتي تنتظر الفارس العربي الذي سيأتي لانقاذها اذ ان صناديق ادارة الثروات السيادية في الشرق الاوسط حولت اهتمامها ومليارات الدولارات إلى الداخل.

وهبطت اسعار الاسهم في دول الخليج العربية في الاسابيع القليلة الماضية وسط انتشار المخاوف من ازمة الائتمان. وتصاعدت التوترات في القطاع المالي ففتح بنك الامارات المركزي تسهيلا تمويليا طارئا لمنع توقف الاقراض. بحسب رويترز.

وحتى بعض من أكبر الشركات وأهمها شهدت اسهمها تهبط إلى ادنى مستوياتها على الاطلاق مثل شركة موانيء دبي العالمية رابع أكبر شركة ناقلات في العالم التي هبطت اسهمها بنسبة 43 بالمئة حتى الآن هذا العام على الرغم من نمو أعمالها.

ونتيجة لذلك ازدهرت أكبر الصناديق السيادية التي يقدر حجمه بتريليونات الدولارات في سوقها المحلية وقالت ان لديها أموالا لا حصر لها لانفاقها على دعم الاسهم الضعيفة.

وقال بدر السعد العضو المنتدب في هيئة الاستثمار الكويتية هذا الاسبوع ان الصناديق ليست مسؤولة عن انقاذ البنوك الاجنبية اذ ان لديها مسؤوليات اجتماعية واقتصادية تجاه بلادها.

ويتحدث سعد عن جزء كبير من قطاع الصناديق السيادية التي شهدت تراجع اسعار الاسهم في دول الخليج العربية إلى أدنى مستوياتها في 16 شهرا في الاسابيع القليلة الماضية على الرغم من النمو القوي الذي ضمنته صادرات الطاقة.

وقالت هيئة الاستثمار الكويتية وهي واحدة من أكبر الصناديق السيادية ان لديها أموالا لا حصر لها يمكنها استثمارها في الداخل حيث يزدهر النمو الاقتصادي لكنها ستكون انتقائية بدرجة كبيرة في استثماراتها في الولايات المتحدة وأوروبا اللتين تقتربان من الكساد.

وفي حين يكاد النمو في الغرب ان يتوقف فان اقتصادات دول الخليج المصدرة للنفط تنمو مدعومة بارتفاع أسعار النفط الى خمسة أمثالها منذ عام 2002. وأزمة الائتمان لن تمر دون ان تلحظ بل من المرجح ان تترك اثرا وليس انهيارا كاملا.

ويقول اقتصاديون إن الحجم المجمع لاقتصادات دول الخليج العربية من المقرر ان يرتفع بمقدار الثلث الى أكثر من تريليون دولار هذا العام متجاوزا الهند بنمو في الناتج المحلي الاجمالي في كل دولة يتراوح بين 5.7 و10.9 بالمئة.

وتعثرت بنوك الاستثمار ذات الانشطة المتطورة في وول ستريت في بعض الادوات المعقدة لكن بنوك الخليج في أغلبها أصغر وأقل تطورا من ان تتعرض لمثل هذه المشكلات.

ويتوقع مسؤولون عن الاستثمار مثل فرح فستق مسؤولة الاستثمار في اي.ان.جي اينفستمنت ماندجمنت في الشرق الاوسط ان تساعد المشتريات المحلية من جانب الصناديق السيادية في رفع اسعار الاسهم في الشرق الاوسط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/أيلول/2008 - 28/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م