
شبكة النبأ: تسعى جمهورية التشيك
لترسيخ وضعها كمركز للبحث العلمي يمكن أن يحافظ على رواج الاقتصاد
حين ترتفع الرواتب بالقدر الكافي لإقناع الشركات الصناعية المستقرة
على نقل الوظائف الى مكان اخر. فعلى مبعدة بضع خطوات من الدير الذي
شهد أبحاث جريجور مندل الرائدة في مجال علم الوراثة قبل نحو 150
عاما يأمل مسؤولون تشيك في رعاية ثورة خاصة بهم في مجال
التكنولوجيا الحيوية من خلال الربط بين الصناعة والتعليم والبنية
التحتية.
والخطة هي تحويل برنو - وهي مدينة يرجع تاريخ انشائها الى القرن
الثالث عشر الميلادي تحولت الى مدينة صناعية ابان الحكم الشيوعي -
الى مركز حديث للتكنولوجيا الحيوية واستقطاب المؤسسات الحريصة على
جذب قوة عاملة تتسم بالبراعة حيث ترفع العملة القوية النفقات
والرواتب على حد سواء.
وقال رومان اونديركا رئيس بلدية برنو لرويترز "نحاول الربط بين
الصناعة والتعليم والبنية التحتية حتى يسهل على الشركات الحضور الى
هنا لخلق مناخ يلائم شركات التكنولوجيا الحيوية على أكمل وجه."
وتوجد في جمهورية التشيك حاليا نحو 60 مؤسسة تعمل في مجال
التكنولوجيا الحيوية ومعظمها قرب برنو والعاصمة براج.
لكن الاساس بالنسبة لبرنو ثاني اكبر مدينة بالبلاد هو شراكة مع
مايو كلينيك الامريكية وهو مركز الابحاث الذي يشتهر بعلاجه حالات
طبية نادرة ومرضى مشهورين بينهم الرئيس الاسبق جورج بوش الاب.
ويقول توماس سيدلاتشيك رئيس قسم الاستراتيجيات الاقتصادية في
بنك التشيك ان الشراكة التي أعلنت عام 2006 ستساعد البلاد في
استغلال نقاط قوتها التاريخية في مجالي الطب والبحث العلمي وعبر عن
أمله في أن تصبح قوة اقليمية وأكثر من مجرد العمالة الرخيصة.
وأضاف سيدلاتشيك المستشار السابق للحكومة أن ترسيخ وضع جمهورية
التشيك كمركز للبحث العلمي يمكن أن يحافظ على رواج الاقتصاد حين
ترتفع الرواتب بالقدر الكافي لاقناع الشركات الصناعية المستقرة هنا
على نقل الوظائف الى مكان اخر.
ومضى يقول "الحكومة تعلق امالها على هذه الشراكة... سيكون رائعا
اذا أصبحت جمهورية التشيك مركزا للابحاث السريرية او أن تكون هي
مستشفى اوروبا."
وعلى مدار العقد الاخير من الزمن كانت الكورونة التشيكية واحدة
من أفضل عملات العالم أداء وقد ساعدها نمو اقتصادي بلغ نحو خمسة في
المئة في العام فضلا عن توقعات المستثمرين أن عائدات الاستثمارات
التشيكية ستضاهي تلك في الدول المجاورة الاكثر ثراء.
وهذا يجعل التجارة في البلاد أعلى تكلفة. لكن الكسندرا
ردويساروفا الرئيس التنفيذي لمؤسسة تشيك انفست التي تشجع الاستثمار
قالت ان مسعى برنو لتشجيع التكنولوجيا الحيوية يظهر أن البلاد
لديها اكثر من مجرد العمالة منخفضة التكلفة لتقدمه.
وأضافت في رسالة بالبريد الالكتروني "نسعى جاهدين لجذب
استثمارات في قطاعات مثل التكنولوجيا الحيوية التي توفر قيمة مضافة
عالية وحيث يقل اغراء المستثمرين بتغيير مواقعهم لدول أرخص الى
الشرق من حدودنا."
والمشروع الذي مقره برنو يقع في منتصف المسافة تقريبا بين براج
وفيينا وهي المرة الاولى التي تتطلع فيها مايو كلينيك الى الخارج
وهو واحد من أربعة مراكز بحثية جديدة يزمع انشاؤها في المدينة.
وقال فيرند سومرز مدير الشؤون الدولية والباحث في مايو كلينيك
إن برنو توفر نطاقا واسعا من الخبرات. وأضاف "مسألة أنها بلدة
جامعية مهمة جدا لانجاح مشروع كهذا للمساعدة في دفع الابداع... كما
أذهلتنا بشدة الخبرات الفنية لاطباء ومهندسي برنو الذين التقيناهم
خلال مجالات تعاون سابقة."
وتعتزم الحكومة استثمار نحو 500 مليون دولار لدعم المشاريع
الاربعة المزمع انشاؤها كما يوجه الاتحاد الاوروبي بعض الاموال
لهذه المشاريع حيث تسعى المدينة الى التنافس بشكل مباشر مع مراكز
للتكنولوجيا الحيوية رسخت أقدامها في هذا المجال منذ فترة طويلة في
كاليفورنيا وأخرى لا زالت تخطو خطواتها الاولى في أنحاء اسيا وكلها
تسعى الى استقطاب صناعة سريعة النمو.
وارتفعت مبيعات التكنولوجيا الحيوية بنسبة 12.5 نقطة مئوية عام
2007 لتصل الى اكثر من 55 مليار دولار وهو ضعف المعدل الذي بلغ 6.4
في المئة الذي شهده سوق الصيدلة العالمي وفقا لشركة اي ام اس هيلث
لابحاث السوق.
وتنطوي خطة برنو ايضا على انشاء مجمع علمي باسم "ميديبارك" في
جامعة ماساريك وهو مركز اقليمي تابع للاتحاد الاوروبي يركز على
التكنولوجيا الحيوية وعملية لتسريع الالكترونات للمساعدة في تطوير
العقاقير.
ولطالما جذبت الاعفاءات الضريبية والرواتب الاقل وخطوط
المواصلات الجيدة التي تربط شرق وغرب اوروبا فضلا عن عدد كبير من
الطلاب الذين يوفرون قوة عاملة بارعة تتحدث الانجليزية شركات تعمل
في قطاع التكنولوجيا مثل أي بي ام وهاني ويل وسيمنز الى برنو.
وقبل عشر سنوات لم يكن للتكنولوجيا الحيوية وجود في شرق ووسط
اوروبا لكن القوة العاملة الماهرة والتكاليف المنخفضة نسبيا ساعدت
في تطور الصناعة في دول مثل جمهورية التشيك والمجر وبولندا.
ويقع مركز الابحاث السريرية الدولي الوليد قرب الدير الذي يرجع
تاريخه الى القرن الرابع عشر حيث بدأت تجارب مندل على النباتات
ثورة علم الوراثة التي منحت العالم عقاقير التكنولوجيا الحيوية
والمحاصيل المعدلة وراثيا.
هناك وضع الراهب الذي يتحدث الالمانية القوانين الاساسية
للوراثة عبر تهجين الاف من نباتات البازلاء.
ومن بين الشخصيات العلمية البارزة المرتبطة بالمدينة ارنست ماخ
الذي أسفر عمله عن أرقام ماخ التي تستخدم في قياس السرعة الفائقة
وفيكتور كابلان مبتكر توربين كابلان المائي.
ويقول مسؤولون ان مركز الابحاث السريرية الدولي سيكون واحدا من
اكبر مشاريع الاتحاد الاوروبي للتكنولوجيا الحيوية والابحاث الطبية
وسيستعرض مشاريع جديدة تهدف الى جذب الباحثين وشركات التكنولوجيا
الحيوية.
ويقول دكتور توماس كارا رئيس المركز والباحث ايضا في مايو
كلينيك في روشستر مينيسوتا "ليس هناك الكثير من المراكز في العالم
التي توفر توليفة من العلوم الاساسية للابحاث الخاصة بالفترة التي
تسبق ظهور الاعراض السريرية وتطوير العقاقير والمعدات والتقنيات."
وأضاف كار أنه حين يكتمل المركز ويعمل بكامل طاقته في عام 2010
سيوفر المعدات والتدريب اللازمين لمساعدة العلماء من أنحاء العالم
على تحويل أفكارهم داخل المعمل بشكل أسرع الى عقاقير وتقنيات
يستطيع الناس استخدامها.
ومن بين المشاريع الحالية للمركز الذي سيركز بالاساس على أمراض
القلب وعلوم المخ والاعصاب وعلم الاورام برنامج كمبيوتر يصف
الادوية بناء على الملف الوراثي للشخص.
وحتى الان نشر باحثون من مايو كلينيك وبرنو 14 بحثا وسجلوا
براءة اختراع ثلاثة أجهزة طبية بينها جهاز لتحسين مراقبة العلاقة
بين المخ والقلب.
وأضاف كارا أن من الاهداف الرئيسية تطوير تقنيات جديدة مثل هذه
واجراء أبحاث طبية مستقلة بدلا من تطوير العقاقير وتوفير موارد
للعلماء للقيام بدراساتهم في برنو ثم العودة الى أوطانهم.
ومضى يقول "ستعمل على أساس نفس المفهوم الذي تعمل به محطة
الفضاء الدولية مما يعني تكييف المركز بناء على احتياجات كل
مشروع... نريد أن نجلب أفضل علماء في العالم الى مكان واحد. نأمل
أن تصبح برنو ذات يوم وادي السليكون للطب والتكنولوجيا الحيوية." |